الأموال
الثلاثاء، 16 أبريل 2024 06:00 صـ
  • hdb
7 شوال 1445
16 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : فى قمة جدة.. ماذا يريد بايدن من دول المنطقة؟

أسامة أيوب
أسامة أيوب


تأتى زيارة الرئيس الأمريكى چو بايدن إلى المنطقة بعد أسبوعين والتى تبدأ بزيارة لإسرائيل ‏والأراضى الفلسطينية ويعقبها عقد قمة مع قادة دول الخليج العربي ومصر والأردن والعراق ‏في السعودية.. تأتى وسط أجواء من الترقب والالتباس والتوتر تخيِّم على ‏الشرق الأوسط، بينما لاتزال الحرب الروسية الأوكرانية مشتعلة بتداعياتها الاقتصادية ‏والغذائية ومن بينها أزمة الطاقة وحيث يصطف الغرب الأوروبى مع أمريكا.. دعمًا عسكريًا ‏وماليًا لأوكرانيا واستهدافًا لحصار روسيا ومحاولة تركيعها‎.‎
ولقد بدا واضحًا أن الرئيس بايدن ومعه رئيس الوزراء جونسون تحديدًا ماضيان قدمًا فى ‏إطالة أمد الحرب والحيلولة دون إيجاد حل سلمى للأزمة عبر مفاوضات دبلوماسية بين ‏موسكو وكييف رغم تصاعد وتيرة الأزمة الاقتصادية التى تواجهها الدول الأوروبية التى ‏يسوقها بايدن ويورطها فى استمرار الحرب مع كلفتها الاقتصادية والمالية الباهظة، إضافة إلى ‏أزمة الطاقة ونقص إمدادات النفط والغاز وعلى النحو الذى يؤثر تأثيرًا سلبيًا على آلياتها ‏الصناعية فى نفس الوقت الذى يتزايد فيه ارتفاع معدلات التضخم على نحو غير مسبوق‎.‎
اللافت كان موقف الرئيس الفرنسى من بين كل المواقف الأوروبية والأمريكية والذى يميل ‏إلى حل الأزمة عبر المفاوضات والحوار، مع ملاحظة رفضه القاطع لإضافة عقوبة أخرى ‏على روسيا بإدراجها ضمن الدول الإرهابية معتبرًا أن ذلك منوط بمحكمة الجنائيات الدولية ‏دون غيرها سواء من جانب أمريكا أو أوروبا‎.‎
ثم إنه ليس سرًا أن فى مقدمة أهداف قمة جدة التى يعقدها بايدن مع قادة المنطقة تأتى ‏قضية النفط بعد أن رفضت السعودية زيادة إنتاجها بعد مطالب متكررة من الرئيس ‏الأمريكى.. رفضت الرياض الاستجابة لها لتعويض النقص فى إمدادات الطاقة بعد الخطر ‏الأمريكى على روسيا، وهو الأمر الذى تسبب فى تعكير مؤقت للعلاقات السعودية الأمريكية‎.‎
‎‎‏<<<‏
الأمر المهم الآخر فى أجندة بايدن المطروحة على قادة المنطقة في قمة جدة وهو السبب ‏الذى دفعه إلى عقدها ولم تقتصر زيارته على السعودية فقط للتفاوض بشأن زيادة إنتاجها من ‏النفط.. هو ما يصفه بأمن المنطقة فى ضوء ما يعتبرها تهديدات إيرانية لإسرائيل «فى المقام ‏الأول» ومعها السعودية ودول الخليج الأخرى‎.‎
وبحسب ما تم من تسريبات قبل الزيارة فإن الإدارة الأمريكية برئاسة بايدن تتجه لإقامة حلف ‏دفاعى عربى إسرائيلى ليكون «ناتو الشرق الأوسط» سواء برضاء البعض وبالضغط على ‏البعض تحت مبرر ضمان أمن الشرق الأوسط، والحقيقة أن هذا المسعى الأمريكى يستهدف ‏فى حقيقة دمج إسرائيل فى دول المنطقة العربية من خلال دمج أمنها مع الأمن الإسرائيلى ‏داخل هذا الحلف المقترح‎.‎
الحقيقة أن هذا الحلف الدفاعى الذى تقترحه أمريكا وتضغط لإقامته يأتى تلبية لمطلب ‏إسرائيلى لمواجهة إيران بالاشتراك مع دول المنطقة وخاصة دول الخليج بزعم أن الخطر ‏الإيرانى يُطال هذه الدول، فى الوقت الذى يرى البعض ويؤكد أن إيران لن تقوم بأى عمل ‏عدائى ضد الخليج على الأقل فى الوقت الراهن، ولذا فإن توريط دول المنطقة والدول ‏الخليجية فى دخول هذا الحلف من شأنه توريطها فى حرب ضد إيران لصالح إسرائيل وعلى ‏النحو الذى يهدِّد بإشعال منطقة الخليج وحيث يكون العرب أول وأكثر الخاسرين‎.‎
‎‎‏<<<‏
ورغم أنه لم تتضح بعد مواقف قادة دول المنطقة والخليج المشاركين فى قمة جدة من هذا ‏الحلف، ومع أن الملك الأردنى عبدالله الثانى عبّر صراحة عن ترحيبه بإقامته.. مستبقًا بذلك ‏انعقاد القمة ومواقف الآخرين، إلا أنه وفقًا للمبادئ الاستراتيجية الثابتة والسابقة منذ عهد ‏الرئيس عبدالناصر برفض الدخول فى أى أحلاف عسكرية منذ «حلف بغداد»، فإنه من ‏المؤكد أن مصر ستكون في مقدمة الرافضين لدخول الحلف وربما من المؤكد سيكون معها ‏سلطنة عمان التى تربطها علاقات جيدة مع إيران، وحيث تقوم سياستها الخارجية على الحياد ‏فى مثل هذه النزاعات الإقليمية، بل إنها تقوم دائمًا بجهود وساطة لتسوية الأزمات‎.‎
وفى هذا السياق وفيما يتعلق بالمخاوف والهواجس السعودية إزاء تهديدات إيرانية جاءت ‏الوساطة التركية بين البلدين، إضافة إلى الوساطة العراقية التى قام بها مؤخرا رئيس الوزراء ‏مصطفى الكاظمى والتى بدا أنها لم تُسفِّر عن تحقيق ملحوظ فى تحسين أجواء التوتر بين ‏البلدين وإن كان من الممكن أن تكون قد أسفرت عن تهدئة مخاوف السعودية‎.‎
‎< < <‎
وفى نفس الوقت فإنه لا يخفى أن زيارة بايدن المقبلة وقمة جدة تأتيان وسط استمرار تعثر ‏التوصل إلى الاتفاق النووى مع إيران أو بالأحرى إلى إحياء الاتفاق السابق الذى انسحب منه ‏الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، وهو الأمر الذى جعل طهران تُصر على أن يتضمن ‏الاتفاق الجديد ضمانات أكيدة تحول بين أى إدارة أمريكية قادمة وإلغائه مرة أخرى، ثم إن ‏انسحاب ترامب من الاتفاق كان مبررًا قانونيًا لإيران بالتوسع فى برنامجها النووى، وهو ‏الأمر الذى يُعقِّد اتمام الاتفاق حالياً.‎
ولعله ليس سرًا أن إسرائيل تقوم بدور تحريضى لعرقلة التوصل إلى الاتفاق، بينما تقوم قطر ‏بدور وساطة للتهدئة وتشجيع الأطراف على اتمام الاتفاق من خلال استضافة مفاوضات غير ‏مباشرة فى الدوحة بين واشنطن وطهران والتى بدأت أولى جلساتها وقت كتابة هذه السطور، ‏مع ملاحظة أن اتمام الاتفاق من شأنه رفع الحظر على إيران، ومن ثمَّ سيكون بإمكانها تصدير ‏نفطها وحيث ستكون واشنطن أول المستفيدين ومعها أوروبا لتعويض النقص فى الإمدادات ‏الروسية‎.‎
‎‎‏<‏‎ < <‎
إن ثمة أجواء من الغموض تخيّم على المنطقة تنطوى على كثير من الالتباس والارتباك تستبق ‏زيارة بايدن الداهمة المقبلة وعلى نحو يثير كثير من الهواجس بشأن مطالب واشنطن من ‏الدول العربية خلال قمة جدة، فى مقدمتها بالضرورة إقامة «ناتو الشرق الأوسط» والتى ‏سيكون من بينها بخلاف زيادة إنتاج النفط السعودى اتخاذ مواقف واضحة إزاء الحرب ‏الروسية الأوكرانية ومن ثمَّ إزاء الصراع الأمريكى الأوروبى مع روسيا‎.‎
ومن الواضح أن مواقف دول المنطقة إزاء تلك الحرب وذلك الصراع هو الحياد باعتبار أنه ‏ليس للعرب ناقة ولا جمل اللهم فيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية وأزمة الغذاء، أما فيما يتعلق ‏بالحلف الدفاعي بين دول المنطقة وإسرائيل ومع أن المواقف جُلها لم تتضح بعد، إلا أنه يتعيّن ‏الانتباه إلى مخاطره إذ سوف يخلط كثيرًا من الأوراق العربية ويعيد ترتيب الأوضاع الأمنية ‏والاستراتيجية فى الشرق الأوسط وعلي نحو لن يكون فى مصلحة الأمن القومى العربى ‏والخليجى أيضًا‎.‎
‎‎‏<‏‎ < <‎
فى هذه الأجواء يمكن تفسير تلك اللقاءات الثنائية والثلاثية المتكررة والمتلاحقة وما جرى ‏خلالها من مشاورات مكثفة بين قادة المنطقة التى شهدتها العواصم العربية في الفترة الأخيرة ‏وعلي نحو غير مسبوق.. استباقًا لزيارة بايدن وقمة جدة، وحيث بدا واضحًا أنها تستهدف ‏تنسيق المواقف بشأن قضايا المنطقة ومطالب واشنطن التى سيطرحها الرئيس الأمريكى خلال ‏القمة المرتقبة‎.‎
‎‎‏<‏‎ < <‎
ولأن قمة جدة سوف يسبقها بيومين زيارة بايدن لكل من الأراضى الفلسطينية وإسرائيل ‏والاجتماع مع كل من رئيس السلطة محمود عباس «أبومازن» ورئيس الحكومة الإسرائيلية ‏الانتقالية يائير لابيد الذي حل مؤقتاً محل رئيس الحكومة بينيت بعد التوجه نحو حل الكنيست ‏وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، فإنه من غير المتوقع أن تسفر الزيارة عن جديد فى القضية ‏الفلسطينية‎.‎
ولذا فإنه إذا كان بايدن يحمل معه إلى اجتماع قمة جدة طلبات ومقترحات أمريكية محددة، ‏فإنه من المنطقى أن يكون للقادة العرب فى المقابل مطالب أيضًا فى مقدمتها وأهمها ضرورة ‏تسريع حل الصراع الفلسطينى ـ الإسرائيلى تنفيذًا لمقررات ومرجعيات الشرعية الدولية ‏لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية وإقامة الدولة على حدود الرابع من يونيو ‏‏١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، خاصة فى ضوء تصريحات بايدن خلال حملته الانتخابية ‏بالتوجه نحو حل الدولتين وهو ما بدا أنه متقاعس فى السير خطوة واحدة نحو تنفيذ هذا الحل ‏وحيث بدا أنه يسير على خطى ترامب‎!‎
‎‎‏<‏‎ < <‎
وإذا كان الرئيس أبومازن سوف يتحدث مع بايدن حول الممارسات العميقة لقوات الاحتلال ‏الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى ومن بينها الإعدامات الميدانية للشباب الفلسطينى وطرد ‏العائلات من بيوتهم وهدمها لإقامة المستوطنات، والتى كان آخرها اغتيال الإعلامية شيرين ‏أبوعاقلة وحيث لاتزال إسرائيل تتلكأ فى انهاء التحقيقات حول اغتيالها حتى الآن رغم ‏المطالب الأمريكية المتكررة خاصة وأن شيرين تحظى بالجنسية الأمريكية وهو الأمر الذى ‏يؤكد المؤكد من استمرار الانحياز والتواطؤ الأمريكى من جانب كل الإدارات المتعاقبة مع ‏إسرائيل وضد الشعب الفلسطينى، فإنه من المرتقب أن تكون من أهم مطالب القادة العرب من ‏بايدن خلال القمة ضرورة وقف الممارسات الإسرائيلية لحين حل الصراع وإقامة ‏الدولة مع ضرورة توضيح أن الأمن فى الشرق الأوسط وخاصة أمن إسرائيل لن يتحقق دون ‏حل الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية‎.‎
‎‎‏<<<‏
خلاصة القول هى أنه إذا كان بايدن سوف يطرح مطالبه التى يريد من العرب تلبيتها، فإنه ‏فى المقابل على العرب أن يحددوا بكل وضوح وقوة ماذا يريدون من أمريكا والأهم ماذا ‏يريدون من أنفسهم ولأنفسهم فى مواجهة التحديات المشتركة التى تواجههم‎.‎

مصر للطيران
قمة جدة. بايدن . دول المنطقة.
بنك الاسكان
NBE