الأموال
الثلاثاء، 23 أبريل 2024 03:09 مـ
  • hdb
14 شوال 1445
23 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: ذهبت 2020 وبقيت كورونا.. وسط تفاؤل حذر وأمان مؤجل

الأموال

سوف تبقى سنة 2020 التى طويت آخر صفحاتها وسقطت آخر أوراقها وانقضت أيامها قبل ساعات غير مأسوف عليها بوصفها سنة كورونا.. واحدة من أسوأ السنوات التى مرت على البشرية فوق كوكب الأرض إن لم تكن الأسوأ على الإطلاق منذ التاريخ المكتوب باعتبار أن الجائحة تفشت فى العالم كله وبين شعوبه جميعاً دون استثناء.

صحيح أن البشرية شهدت سنوات سيئة كثيرة عبر ذلك التاريخ وقد كان بعضها أسوأ من 2020 إما بفعل الحروب الطاحنة أو الكوارث الطبيعية المدمرة وإما بفعل الأوبئة المتعددة والتى كانت أشد شراسة من كورونا والتى راح ضحيتها ملايين البشر، غير أن تداعيات تلك الأحداث والحروب والكوارث والأوبئة كانت محدودة جغرافياً بحدود المناطق والبلدان التى شهدتها فقط.
أما جائحة كورونا فقد تفشت بامتداد العالم وبين كافة شعوبه دون أن تحدها حدود جغرافية بفعل التطور الهائل فى وسائل الاتصال والتنقل فى العصر الحديث وحيث انتقل الفيروس من الصين فى أقصى الشرق إلى غرب وشمال وجنوب الكوكب، ولذا فإن كورونا جعلت سنة 2020 الأسوأ فى تاريخ البشرية.
صحيح أيضاً أن تلك السنة المنقضية شهدت كسابقاتها حروباً إقليمية وتشريداً لشعوب وكوارث طبيعية فى مناطق من العالم.. كانت كفيلة وحدها بأن تجعلها سنة سيئة، لكن تفشى كورونا على ذلك النحو الذى عايشه العالم جعلها الأسوأ بكل المقاييس بعد أن حصد ما يزيد على المليون من الأرواح وأصاب عشرات الملايين فى أقل من عشرة أشهر.
فى نفس الوقت فقد غيرت كورونا شكل الحياة فى العالم وعطلت حركة الناس وأصابت اقتصاديات الدول وفى مقدمتها الدول الكبرى بالكساد والخسائر غير المسبوقة.
<<<
ومع اقتراب 2020 على الرحيل، وبعد أشهر من الانتظار الطويل ظلت خلاله البشرية تترقب نهاية الجائحة.. أملاً فى التوصل إلى علاج ناجع أو لقاح فعال آمن، جاء الإعلان عن أول لقاحين فى أمريكا من إنتاج شركتى فايزر ومودرينا بمثابة تحقق الحلم وتحوله إلى واقع، حيث بدأ العالم يلتقط أنفاسه اللاهثة ويتهيأ للانتصار على كورونا بفعل هذين اللقاحين وغيرهما من اللقاحات البريطانية (أكسفورد) والصينية والتى تم الإعلان عنها.
*
غير أن حلم اللقاح لن يمكن تحقيقه لكل سكان العالم (أكثر من 7 مليارات) قبل عام كامل وربما عامين، إذ لا الطاقة الإنتاجية للشركات المنتجة سوف تفى بإنتاج مليارات اللقاحات فى وقت قريب، ولا إمكانيات الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل تسمح بشراء اللقاحات لكل أفراد شعوبها، ومن ثم فإن عمليات التلقيح سوف تتسم بنوع من الطبقية الدولية إن صح التعبير، إذ ستكون فرصة الوقاية من الفيروس متاحة أولاً لشعوب الدول الكبرى والغنية فقط، ثم يأتى الدول لاحقاً وبعد مرور وقت طويل على الشعوب الفقيرة لتحصل على تبرعات الأغنياء من اللقاحات.
لكن يبقى أن هذا المسلك الطبقى الدولى لن يضمن النجاة للدول الغنية من عودة تفشى الوباء بين شعوبها مرة أخرى، وذلك لسببين: أولهما أن بقاء الفيروس فى الدول الفقيرة سوف يكون من شأنه نقل العدوى إلى الدول الغنية بفعل حركة السفر والتنقل والطيران والسبب الآخر هو أنه لم يتأكد بعد أن هذه اللقاحات ممتدة المفعول، إذ قد لا تزيد فعالية اللقاح على ما بين ستة أشهر أو سنة على الأكثر، ولذا فلا ضمان للقضاء على الفيروس نهائيا ونجاة البشرية سوى تلقيح كل شعوب العالم.
<<<
لذا فإنه من الضروري أن يكون للأمم المتحدة بوصفها المنظمة الدولية المعنية بالأمن والسلم الدوليين دور قوي وفعال في إقرار منظومة صحية عالمية تتعاون فيها الدول الكبرى الغنية مع منظمة الصحة العالمية لإخراج البشرية كلها من نفق خطر كورونا؛ أكبر وأسوأ كارثة صحية تهدد ملايين البشر، سواء بفقدان حياتهم أو بتداعياتها الاقتصادية الكارثية التي إن تحملتها الدول الكبرى بدرجة أو بأخرى فإنها من المؤكد سوف تصيب الشعوب الفقيرة بالمجاعات وأوبئة أخرى غير كورونا.
<<<
وفي نفس السياق فإنه يتعين على الدول الكبرى ومن منطلق إنساني التبرع بتوزيع أكبر قدر من اللقاحات على الشعوب الفقيرة، ثم إنه يتعين أيضا على الشركات العالمية المنتجة للقاحات أن تتيح تركيبة تلك اللقاحات للدول التي لديها مراكز بحوث وشركات دواء قادرة على إنتاج اللقاحات لشعوبها، مع ملاحظة أن حق الملكية الفكرية للشركات المنتجة يسقط بالضرورة في حالات الأوبئة الفتاكة خاصة كورونا.
<<<
ثم إنه حتى مع التوصل إلى اللقاحات، فإن الشعور بالخطر لايزال قائما إذ لم يتم التأكد التام من فعاليتها في الوقاية من الفيروس، في نفس الوقت الذي يشكك فيه البعض في أمانها حتى في الدول الكبرى منتجة اللقاحات وحسبما تبدى في رفض أو تردد الكثير من مواطنيها في التلقيح تشككا في أعراضه الجانبية خاصة أنه لم يمر الوقت الكافي للتحقيق من أمانها وفعاليتها.
<<<
أم المفاجأة الصادمة فهي ما تكشف مؤخراً عن تحور الفيروس وظهور سلالات جديدة بدأت في بريطانيا مما استدعى تعليق أكثر من (٤٠) دولة لرحلاتها الجوية منها وإليها، ومع ظهور سلالات أخرى فإن فيروس كورونا لايزال لغزاً غامضاً ولايزال الانتصار عليه أمراً في علم الغيب أو في غياهب العلم والطب وكل قدرات العصر الحديث التي تقف عاجزة حتى الآن أمام هذا الفيروس المخلوق بالغ الضعف والدقة رغم شراسته.
الأخطر والأسوأ من ذلك كله هو أنه بعدما تزايدت الآمال في قرب انحسار الوباء ونهايته مع نهاية عام ٢٠٢٠، فإذا بالموجة الثانية من تفشي الفيروس التي هبت بضراوة على العالم كله بما فيه منطقتنا العربية تبدد تلك الآمال وعلى النحو الذي تعكسه أعداد المصابين والوفيات والتي تتزايد باستمرار وبما ينذر بخطر داهم.. لا منجاة منه إلا بمزيد من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية والتى من المدهش أنها تراجعت ومازالت تتراجع من جانب بعض الحكومات وكثير من الناس.
<<<
ومتحدثاً عن مصر وبعد الزيادة الهائلة فى أعداد الإصابات والوفيات التى تشهدها البلاد حالياً وبعد الإعلان الرسمى عن أن الأعداد الحقيقية لا تقل عن عشرة أضعاف الأرقام المعلنة.. فإنه بات ضرورياً وملحاً تشديد الإجراءات والتدابير الوقائية والاحترازية بداية من تقليل الأعداد فى الهيئات والجهات والمؤسسات والتجمعات وصولاً ضرورياً إلى تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وأن تكون الدراسة (أون لاين) هى البديل حتى مع الامتحانات، ولعله من نافلة القول التأكيد على المؤكد وهو أن حياة الناس والحفاظ على الأرواح لها الأولوية فوق أى اعتبار آخر.
<<<
لقد خيبت الموجة الثانية شديدة الضراوة من الوباء مع استبعاد حصول كل الناس على اللقاح فى وقت قريب.. كل أمل فى توديع كورونا مع توديع عام 2020.
<<<
ومع استقبال 2021 يبقى التفاؤل الحذر إزاء أمان وفاعلية اللقاحات وقدرتها على تحقيق الوقاية الكاملة من الفيروس، ويبقى الوصول إلى بر الأمان والنجاة لكل شعوب العالم مؤجلاً لحين إشعار آخر خلال العام الحالى وربما للعام الذى يليه أى فى 2022.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE