الأموال
الثلاثاء، 16 أبريل 2024 07:30 صـ
  • hdb
7 شوال 1445
16 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : اغتيال العالم الإيرانى.. لغم إسرائيلى فى أول طريق بايدن الرئاسى

الأموال

بتلقيه أول إحاطة استخباراتية من المخابرات المركزية يوم الاثنين الماضى فإن الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن بات لديه المعلومات المهمة بشأن الأمن القومى قبل تسلمه السلطة رسميًا يوم ٢٠ يناير المقبل ليكون الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة.
هذه الإحاطة الاستخباراتية الأولى التى تلقاها بايدن ونائبته كامالا هاريس والتى سبقها تعاون إدارة الخدمات العامة معه لتسهيل المرحلة الانتقالية تعنى فى واقع الأمر أن عملية نقل السُلطة تجرى بسلاسة وفي المسار الطبيعى وفقًا للدستور والتقاليد والأعراف المتبعة، ومن ثم فإن رئاسة بايدن باتت أمرًا واقعًا وحقيقيًا رغم مشاكسات الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في اللحظات الأخيرة بعد أن تأكدت هزيمته فى الانتخابات التى أكدتها إعادة فرز الأصوات في الولايات التي شكك في نتائجها.
< < <
الرئيس بايدن لم يضيّع وقتًا فى انتظار تصديق المجمع الانتخابى يوم ١٤ ديسمبر الجارى على نتيجة الانتخابات وإعلان فوزه رسميًا، لكنه ماض قُدمًا فى تشكيل إدارته الجديدة بداية من اختيار من سيشغلون المناصب العليا في وزارات الخارجية والدفاع والأمن والاستخبارات والخزانة وكبير موظفى البيت الأبيض وفريق الموظفين والمستشارين، ثم باختياره لأعضاء الفريق الاقتصادى من الخبراء ذوى الكفاءة العالية والخبرات المتراكمة وهم جميعًا من المعروفين في الساحة السياسية ويراهن عليهم وعلى قدرتهم فى مواجهة التحديات الاقتصادية التى تواجه أمريكا خاصة جراء جائحة «كورونا» ومن ثم قُدرتهم على استعادة قوة الاقتصاد ليكون أفضل مما كان عليه بحسب تعبيره.
ومن المعلوم أن المهمة الأولى أمام بايدن وإدارته اعتبارًا من اليوم الأول لتسلمه السُلطة ستكون التصدى لتفشى وباء «كورونا» وفقًا لمعايير وقواعد علمية وطبية بحسب توجهه خاصة مع بدء إنتاج وتوزيع اللقاح على المواطنين الأمريكيين، ولعل من حسن حظه أن يتواكب توزيع اللقاح قبيل أو مع بداية رئاسته.
< < <
الجديد فى تشكيلة إدارة بايدن هو أن فريق البيت الأبيض للاتصالات من السيدات بالكامل وهو ما يحدث للمرة الأولى فى تاريخ الإدارات السابقة، إذ إنه ضمَّ سيدة أو أكثر فى تلك الإدارات، لكن أن يتشكل كله من سيدات فهو ما يُحسب للرئيس بايدن الذى يلقى تقديرًا وإعجابًا بهذا التوجه باعتباره يمثل إنصافًا وتمكينًا للمرأة الأمريكية وبهذا المستوى.
الأمر الآخر الملحوظ وبشكل لافت هو حرص بايدن على أن يكون أعضاء إدارته يمثلون كافة عناصر واتجاهات وأعراق المجتمع الأمريكى حسبما يتضح من استعراض أسماء الشخصيات التى اختارها حتى الآن، وهو ما يؤكد صدق نهجه السياسى الذى أعلنه وأكده مرات عديدة قبل وبعد انتخابه لإنهاء الانقسام فى المجتمع الأمريكى (وهو الانقسام الذى أحدثه ترامب خلال رئاسته( ومن ثم توحيد أمريكا باعتبار أنها باتت تحتاج فعلا إلى التوحد، بحيث لا تكون هناك ولايات حمراء (جمهورية( وولايات زرقاء (ديمقراطية(، ولكن ولايات متحدة أمريكية بحسب تعبيره الذى كرره عدة مرات أيضًا.
< < <
على الصعيد الداخلى يمكن القول إن الرئيس جو بايدن لديه الجهوزية الكاملة والاستعداد الحقيقى والقوى لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية فور تسلمه السلطة وذلك بالنظر إلى تشكيلة إدارته وفرق العمل فى مختلف المجالات، ثم بالنظر أيضًا إلى استناده لخبرة سياسية متراكمة ممتدة لنحو خمسين عامًا سواء فى الكونجرس كعضو بمجلس الشيوخ عدة دورات أو كنائب للرئيس الأسبق باراك أوباما، وهى الخبرات التى تؤكد قدرته على إدارة كافة الملفات والقضايا الداخلية والدولية كرئيس لأكبر وأقوى دولة في العالم ولاتزال القطب العالمى الأوحد حتى الآن.
< < <
ومع ذلك تبقي التحديات الأكبر أمام بايدن هي تلك التى تتعلق بالتعاطى مع الملفات والقضايا الدولية الخارجية والتى يتعين عليه معالجتها بحِكمة وحِنكة مستندة إلى خبرته السياسية الطويلة لترميم كثير من علاقات أمريكا الخارجية التي تصدعت بفعل سياسات وقرارات ترامب.
< <<
وسوف تكون العلاقات الأمريكية- الإيرانية على خلفية الملف النووى أو بالأحرى الاتفاق النووى الذى سبق توقيعه بعد مفاوضات شاقة من جانب واشنطن ودول أوروبية فى عهد الرئيس أوباما ثم انسحب منه لاحقًا الرئيس ترامب بشكل أحادى.. سوف يكون هذا الاتفاق فى مقدمة القضايا الخارجية أمام بايدن والذى بدا أنه يتجه لعودة أمريكا إليه مرة أخرى، باعتباره ضمانة لمنع إيران من التوسع فى برنامجها النووى بعيدًا عن الاستخدام السلمى بحجة انسحاب أمريكا ترامب من الاتفاق واستمرار العقوبات المفروضة على طهران.
وفى هذا السياق يأتى التوجه المرجح للرئيس بايدن نحو العودة إلى الاتفاق مستندًا إلى أهمية وضرورة تهدئة الصراعات الخطيرة ووأد الأطماع والطموحات الإيرانية التى تهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط ومن ثم الأمن الدولى خاصة مع تصاعد العداء الإسرائيلى- الإيرانى والتربُّص المتبادل بينهما.
< < <
غير أن إقدام إسرائيل الأسبوع الماضى علي اغتيال العالم الإيرانى فخرى زاده (المسئول الأول عن البرنامج النووى) سيكون من شأنه إشعال وزيادة وتيرة الصراع فى المنطقة بدرجة خطيرة خاصة بعد أن توعدت إيران برد على هذا الاغتيال (فى الوقت المناسب) وهو ما يعنى قيامها بعملية انتقامية سواء ضد الأهداف الأمريكية أو الإسرائيلية وهو ما دفع تل أبيب إلى تحذير سفاراتها بالخارج بضرورة توخى الحذر.
وفى نفس الوقت فإن اغتيال العالم الإيرانى من شأنه أيضًا تعقيد الملف النووى وبما يُنذر بانهيار الاتفاق خاصة بعد أن صوّت البرلمان الإيرانى على زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، ورغم أن حكومة الرئيس روحانى عارضت هذا القرار البرلماني باعتباره يضر بالمصالح الإيرانية، إلا أنه يبقى أن الاتفاق حتى مع نية بايدن للعودة إليه بات مهددًا بالانهيار.
< < <
ولعله ليس سرًا أن إسرائيل لم تكن لتقدم على اغتيال العالِم النووى الإيرانى إلا بعد ضوء أخضر وربما تحريض من الرئيس ترامب بهدف تعقيد الأزمة بإشعال صراع وحرب إقليمية وعرقلة عودة إدارة بايدن الجديدة للاتفاق.
بل إن ثمة مخاوف وهواجس من إقدام ترامب على توجيه ضربة عسكرية ضد إيران أو أهداف لها فى العراق بهدف تصدير أزمة خطيرة ومعقدة للرئيس بايدن كنوع من الانتقام الشخصى لهزيمته في الانتخابات، ورغم أن الأعراف والتقاليد المتبعة ووفقا للسوابق تحول بين الرئيس المنتهية ولايته وبين الإقدام على مثل هذه الخطوة خلال المرحلة الانتقالية بين مغادرته للسلطة وتسلم الرئيس الجديد لمنصبه إلا أنه مع ترامب يبقى خطر إقدامه على أى خطوة قائمًا، ولكن مع ذلك فإن المؤسسة العسكرية الأمريكية من المرجح أن تسمح له بذلك.
< < <
فى كل الأحوال يبقى الملف النووى الإيرانى والإبقاء على الاتفاق النووى حيًا رغم سعى إسرائيل لإشعال حرب إقليمية.. يبقى اللغم الخطير فى طريق «بايدن» الذى يتعين عليه أن يمنع انفجاره.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE