الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 09:04 صـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : أمريكا تتهيأ لرئاسة جو بايدن

الأموال

قُضّى الأمر، وانتهت اللعبة التى طالت لأكثر مما يجب ولثلاثة أسابيع وأربكت المشهد السياسى الأمريكى فى سابقة هى الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية بفعل مماطلات ومشاغبات الرئيس ترامب الذى يرفض الاعتراف بخسارته وفوز بايدن.
لقد بدأ الرئيس المنتخب جو بايدن وقت كتابة هذه السطور مع فريقه الانتقالى، العملية الانتقالية لتسلم السلطة، فى الوقت الذى أوصى فيه الرئيس ترامب رئيسة إدارة الخدمات العامة عبر تغريدة علي تويتر ببدء الإجراءات البروتوكولية المتبعة لعملية نقل السلطة إلى الرئيس المنتخب، وهو الإجراء الذى ظل ممتنعًا عنه منذ تأكيد فوز بايدن، ومن ثم فقد بدا ذلك اعترافًا ضمنيًا ولأول مرة بخسارته رغم أنه لم يعترف صراحة ومازال ماضيًا فى مزاعمه بالفوز!
< < <
اللافت أن يُبرر ذلك الإجراء بأنه «من أجل مصلحة البلاد» وحتى لا تتعرض رئيسة إدارة الخدمات العامة للإساءة والمضايقات هى وعائلتها حسبما قال في نفس التغريدة والتى قال فيها أيضًا إنه أوصى البيت الأبيض بفعل الشىء نفسه!
هذا التبرير من جانب ترامب يعكس فى حقيقة الأمر طبيعة شخصيته، حيث حاول أن يبدو وكأنه يعلى مصلحة أمريكا، ولا يعرقل عملية نقل السلطة حتى يبدو وكأنه الضحية.. ضحية ما يصفها بالمؤامرة وتزوير الانتخابات رغم أنه الفائز!
اللافت أيضًا تصريح رئيس إدارة الخدمات العامة التي أرسلت رسالة إلى فريق بايدن بأنه يمكنهم البدء فورًا فى عملية نقل السلطة والذى جاء فيه أن قرارها لم يأت نتيجة أى ضغوط من أى جهة بما فى ذلك البيت الأبيض والرئيس، وهى بذلك تنفي ما جاء فى تغريدة ترامب بتوصيتها ببدء العملية الانتقالية بسبب ما تعرضت له من مضايقات وإساءة لها ولعائلتها، حيث أوضح أنه لا يريد لها أن تتعرض لتلك الإساءات!
<<<
والسؤال الذى يُثير حيرة ودهشة المراقبين والمحللين السياسيين داخل أمريكا وخارجها هو: لماذا يرفض ترامب الاعتراف بخسارته المحققة بالطعن والتشكيك في نتيجة الانتخابات رغم تيقنه من الهزيمة حتى بدا كرجل مثير للشغب يقذف الناس بالحجارة بحسب تعبير أحد السياسيين الأمريكيين ويصف حكام بعض الولايات بل الولايات ذاتها بالفساد؟!
الإجابة هى أنه أراد إثارة حماس مؤيديه باعتبار أنه حصل على ٧٤ مليون صوت بفارق ٦ ملايين صوت حازها بايدن، وكأنه يريد أن يقول إن ما يقرب من نصف الأمريكيين صوتوا له ومن ثم كان قريبًا من الفوز.. بل إنه الفائز لولا التزوير! والأمر الآخر هو أنه بهذا المسلك يمهّد في حقيقة الأمر لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد ٤ سنوات فى عام ٢٠٢٤.. أو هكذا يُخطط!
< < <
واقع الأمر أنه لم يبق أمام ترامب سوى الرضوخ للحقيقة المؤكدة وهى خسارته الانتخابات بالفعل خاصة بعد توالي تصديق أكبر الولايات المتأرجحة (ميتشجن، بنسلفانيا، جورجيا) على فوز بايدن، وبعد أن تبددت كل أوراق الطعن والمشاكسة وخسارته لكل الدعاوى القضائية، وبعد أن توالى اعتراف قيادات من حزبه الجمهورى بفوز بايدن ومن ثم مطالبته بالرضوخ للنتيجة، بل وصل الأمر إلى قيام زعيم الأغلبية الجمهورية السابق فى مجلس النواب (بول راين) بتهنئة الرئيس بايدن، فى نفس الوقت الذى صرح فيه حاكم ولاية جورجيا (الجمهورى) بعد تصديقه على فوز بايدن في الولاية بأنه ملتزم بهذا التصديق رغم شعوره بخيبة الأمل لهزيمة ترامب، وفوز بايدن باعتبار أن الأرقام لا تكذب على حد تعبيره، مع ملاحظة أن هذا الحاكم كان قد تعرض حسبما صرح سابقًا لضغوط من زملائه الجمهوريين لتغيير النتيجة ووصل الأمر إلى تلقيه تهديدات بالقتل.
< < <
ليست إدارة الخدمات العامة وحدها التى بدأت التعامل مع فريق بايدن لنقل السلطة وتسهيل تلك العملية بتوفير كل الدعم اللوجستى والمعلوماتى بما فى ذلك توفير الأموال اللازمة بحسب القانون للإنفاق علي العملية الانتقالية.
بل لقد بدأت أهم المؤسسات فى التعامل مع بايدن وفريقه الانتقالى وفى مقدمتها وزارة الصحة والبنتاجون (وزارة الدفاع) ووزارة الصحة لإتاحة كل المعلومات بخصوص جائحة كورونا.
كل هذه الإجراءات والتعاون والاتصالات بين فريق بايدن الانتقالى والإدارة الأمريكية لا تخفى دلالتها التى تعنى أن عملية نقل السلطة قد انطلقت بالفعل وأن ترامب سيُغادر البيت الأبيض وأن بايدن هو الرئيس الفائز ساكن البيت الأبيض الجديد.
< < <
مرة أخرى.. قُضّى الأمر وانتهت لعبة ترامب، ولم يبق سوى تصويت المجمع الانتخابى يوم ١٤ ديسمبر المقبل لإعلان فوز بايدن رسميًا برئاسة الولايات المتحدة للسنوات الأربع القادمة.
وبينما يتوارى ترامب من المشهد تدريجيًا فإن بايدن هو المتصدر حاليًا.. يتهيأ لاستلام السلطة بعد أن ظل هادئًا متماسكًا متأكدًا من فوزه.. متجاهلاً كل محاولات ومشاغبات ودعاواه القضائية.
لقد بدأ بايدن ممارسة مهام سلطته بالإعلان عن أهم أعضاء إدارته الجديدة، وباستعراض أسماء من اختارهم فقد بدا ملحوظًا أنهم ممن سبق لهم العمل معه فى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، مما يعنى أنهم ذوو خبرة متراكمة وبينهم تفاهم وتوافق كاملين.
< < <
وفى هذا السياق جاء اختياره لوزير الخارجية «تونى بلينكن» والذى كان يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأسبق جون كيرى، والذى اختاره لشغل منصب المبعوث الرئاسى الخاص بالمناخ ومن المعلوم أن كيرى كان مهندس اتفاقية باريس للمناخ والذى انسحب منها ترامب ومن المقرر أن يعود إليها بايدن.
كما جاء اختياره لسيدة لشغل منصب رئيسة الاستخبارات الداخلية لتكون أول سيدة أمريكية تشغل هذا المنصب.. غير خاف الدلالة إذ جاء متوافقًا ومتماهيًا مع اختياره لنائبته كامالا هاريس كأول سيدة تصل إلى منصب نائب رئيس أمريكا.
كما جاء اختياره لسيدة سوداء لشغل منصب مندوب أمريكا فى مجلس الأمن فى سياق نفس التوجه، ومع أنه سبق لسيدات سوداء شغل المنصب في الإدارات الأمريكية السابقة، إلا أن الجديد هو أنها ستكون أيضًا فى منصب وزير وهو المنصب الذى لم يمنحه ترامب للمندوبة الحالية بالمخالفة للمتبع فى الإدارات السابقة.
استعراض أسماء من اختارهم بايدن حتى الآن ضمن أعضاء إدارته الجديدة يؤكد ما تعهد به من أن إدارته ستكون تمثيلاً لكل المجتمع الأمريكى بكافة أعراقه بمن فيهم اللاتينيون والسود المهاجرين.
< < <
بقراءة المشهد السياسى الأمريكى فى صباح يوم الأربعاء الماضى وقت كتابة هذه السطور.. فإن الولايات المتحدة تترقب بشغف يوم ٢٠ يناير المقبل وتتهيأ لرئاسة جو بايدن الرئيس السادس والأربعين ونائبته كامالا هاريس.
لقد انتهت فعليًا أصعب وأعجب انتخابات رئاسية في تاريخ أمريكا.. انتهت بفوز بايدن المحقق وهزيمة ترامب المؤكدة رغم أنه لم ولن يعترف صراحة بالخسارة، ورغم أنه من المرجح سوف يمتنع عن تهنئة بايدن بل حتى عن حضور مراسم تنصيبه فى البيت الأبيض بالمخالفة للتقاليد الديمقراطية الراسخة والمرعية طوال مائتى سنة.
< < <
إنه من حُسن حظ أمريكا أنها بمؤسساتها وآلياتها الديمقراطية العريقة لم تسمح لترامب بانتهاك القانون والنظام الانتخابى فى نهاية المطاف.
< < <
إذا كان ترامب قد خسر، وإذا كان بايدن قد فاز، فمن المؤكد أن الديمقراطية هى التى انتصرت كما انتصرت دائمًا في أمريكا.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE