الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 03:13 مـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : تسليم ليبيا.. للإخوان وتركيا.. تحت إشراف الأمم المتحدة!!

الأموال

مطلوب.. تدخل عربى عاجل لدعم (الشرق) ووقف مسلسل التنازلات
الربط والتزامن بين المسارين السياسى والعسكرى.. ضمانة حتمية لتسوية متوازنة

إلي كل من يهمه الأمر.. مايجرى فى ليبيا هذه الأيام خطر كبير على الأمن القومى المصرى والتونسى والجزائرى.. وعلى أمن شرق البحر المتوسط كله.. فتحت ضغوط أمريكية هائلة فى الكواليس، دخلت ستار مما يسمى بالشرعية الدولية، وبعثت الأمم المتحدة بقيادة الدبلوماسية الأمريكية ستيفانى ويليامز يجرى تسليم ليبيا خطوة وراء أخرى إلى جماعة «الإخوان المسلمين» المسيطرة على حكومة «الوفاق» فى طرابلس.. وحلفائها من الميليشيات الإرهابية.. ومن خلفهم نظام إردوغان وقوات الاحتلال التركى فى غرب ليبيا.. تحت إشراف أمريكى فعلى، هدفه إعادة رسم خريطة النفوذ الاستراتيجى فى شرق البحر المتوسط.
وتجرى تصفية المكاسب العسكرية والاستراتيجية التى حققتها قوات الشرق الليبى (الجيش الوطنى الليبى بقيادة حفتر).. بدعم كبير من مصر وعدد من القوى العربية والدولية.. وإجبار (الشرق) على التخلى عن أوراقه التفاوضية ومناطق سيطرته بخطوات سريعة متتالية لصالح (الغرب) المتحالف مع تركيا وقواتها الغازية.. مقابل ما يزعم أنها «تسوية سياسية» تكشف كل يوم عن سراب، وعن عملية خداع كبرى لإسباغ «الشرعية الدولية» على الغزو التركى والإرهابى لليبيا.
وتتفجر كل يوم فضائح جديدة تحيط بما يسمى بالتسوية فى ليبيا، كان آخرها ما تكشف من محاولات لرشوة المشاركين فى ملتقى الحوار السياسى الليبى - المنوط به اختيار الهيئات القيادية للسلطة في البلاد - ليعطوا أصواتهم لوزير الداخلية الحالى فتحى الباشأغا - الإخوانى وزعيم الميليشيا التابع لتركيا - ليكون رئيساً لوزراء حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة مقابل (200 ألف دولار) للصوت الواحد.. وتوجيه تهديدات مباشرة بالتصفية لمن يرفض الاستجابة!!
الفضيحة الأخيرة مدعومة بتسجيلات وشهادات حية.. ويجرى حالياً التحقيق فيها من جانب بعثة الأمم المتحدة، بعد أن انتشرت أخبارها على نطاق واسع، بحيث أصبح من المستحيل التغطية عليها.
السرعات المتفاوتة لمسارات التسوية
وأول ما يلفت النظر فى مفاوضات التسوية الجارية فى ليبيا هى السرعات المتفاوتة بين المسارين العسكرى والسياسى، بما يحقق مصالح «الوفاق» وتركيا.. ثم التفاوت فى وتائر تقدم جوانب مختلفة فى المسارين كليهما.
فقد كانت أول خطوة فى العملية الجارية هى رفع الحصار العسكرى لقوات حفتر من حقول البترول، واستئناف ضخ وتصدير الذهب الأسود، دون الحصول على أى تنازل من الجانب (الغربى) مقابل تخلى (الشرق) عن هذه الورقة التفاوضية بالغة الأهمية.. علماً بأن هذه الخطوة تمت تحت ضغط أمريكى معلن.
الخطوة الثانية كانت (اتفاق جنيف) الصادر عن اجتماعات اللجنة العسكرية (5 + 5) والذى يقضى بالانسحاب من خط (سرت - الجفرة) الاستراتيجى، وفتح الطرق الرئيسية فى البلاد (الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطنى).. وإعادة هيكلة قوات «حرس المنشآت النفطية» بحيث تشارك فيه قوات من ميليشيات «الوفاق».
وكل هذه الخطوات تم التسرع فى تنفيذها فوراً.. وتشكيل لجان للإشراف على هذه العملية.. بكل ما تضمنته من تنازلات عن أوراق قوة استراتيجية فى يد (الشرق) دون حتى أى ذكر لانسحاب القوات التركية أو إزالة قواعدها البحرية (فى مصراتة) والجوية (فى الوطية ومعيتيقة) وغيرها.
بينما نلاحظ أن الجوانب الخاصة بتفكيك الميليشيات الإرهابية والقبلية والمناطقية، وترحيل المرتزقة الأجانب تتخلف بصورة واضحة للغاية، وهى الميليشيات التى تستند إليها حكومة «الوفاق» الموالية لتركيا، بما فيها الميليشيات «السورية» التى جلبها إردوغان من إدلب وغيرها من مناطق الشمال السورى والتى يبلغ عددها نحو (20 ألف) مرتزق إرهابى.. فلا تزال هناك مناقشات ستطول حول تحديد من هو إرهابى.. ومن هو غير ذلك.. ومن حصل على الجنسية الليبية ومن لم يحصل عليها.. وفى هذا كله مجال لمماطلة لاحدود لها.. وهو أمر تجيده جماعة «الإخوان» وحكومة «الوفاق».
فشل الحوار السياسى
أما (ملتقى الحوار السياسى).. الذى انعقد فى تونس (9 - 15 نوفمبر) والذى اختارت السيدة / ويليامز أعضاءه بمفردها بعيداً عن ممثلى الشعب الليبى - فقد تم تشكيله بأغلبية واضحة من «الإخوان» وحلفائهم.. وانتهت اجتماعاته دون تحقيق أى تقدم جدى فى إنجاز مهامه الأساسية، وأولها تعيين رئيس ونائبى رئيس المجلس الرئاسى - السلطة السيادية العليا - ورئيس الوزراء، ورؤساء الهيئات السيادية.. أما (خارطة الطريق) لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فقد تمخضت عن تحديد موعد للانتخابات (24 ديسمبر 2021) دون تحديد للمرجعية الدستورية الضرورية لإجراء الانتخابات.. ومعروف أن «الوفاق» لديها مشروع دستور يطالب (الشرق) بإدخال تعديلات جوهرية عليه، وهو ما ترفضه طرابلس تماماً.. فعلى أى أساس يمكن إجراء الانتخابات؟؟!! وبفرض أنه تم التوصل إلى اتفاق حول المرجعية الدستورية، فكيف سيتم الاستفتاء على الدستور أو الإعلان الدستورى المرتقب فى ظل أوضاع عدم الاستقرار الأمنى وصراع الميليشيات فى طرابلس ومصراتة؟؟!! مع ملاحظة أن موضوع حل الميليشيات مؤجل.. كما أن صلاحيات الحكومة والمجلس الرئاسى لم يتم الاتفاق عليها بصورة نهائية، وكذلك طريقة التصويت على اختيار شاغلى المناصب العليا.. وهى القضية التى تفجرت حولها قضية الرشوة السابق الحديث عنها..
وهكذا اضطرت السيدة/ ويليامز للإعلان عن أنه «لايزال أمامنا الكثير من العمل».. وبالتالى سيتم استئناف المشاورات عبر الإنترنت بعد أسبوع.. تمهيداً لاستئناف جلسات ملتقى الحوار فى منتصف ديسمبر القادم.. ولا يعلم إلا الله متى يتم حل معضلات الخلاف، وخاصة فى ظل التشكيل الذى يمثل «الإخوان» وحلفاؤهم أغلبية فيه.. بينما يستمر تطبيق الاتفاقات العسكرية التى تمثل مكاسب لاشك فيها لحكومة «الوفاق».. وانسحاب قوات الجيش الوطنى من مواقعها الحاكمة وفتح الطرق الرئيسية ويستمر ضخ البترول.
تعزيز الاحتلال التركى
وبينما ينفذ (الشرق) التزاماته بمقتضى الاتفاقات نجد أن حكومة «الوفاق» مستمرة فى رفضها للمساس باتفاقاتها غير الشرعية مع تركيا.. وتصر على وضعها خارج أى نقاش!! وتستمر قوات الاحتلال التركى فى جلب الأسلحة المتقدمة لقواعدها.
الأكثر من ذلك أنه يجرى التباحث بين طرابلس وأنقرة على اتفاقات اقتصادية ضخمة تضمن لتركيا السيطرة على اتفاقات اقتصادية ضخمة تضمن لتركيا السيطرة على قطاعى الطاقة والبناء فى البلاد.. وعلى تطوير مطار مصراتة لتحويله إلى قاعدة جوية عسكرية، بالاتفاق مع شركة يملكها صهر إردوغان.. كما يجرى الاتفاق على إقامة منظومات للمراقبة الإلكترونية للمطارات والمنشآت الجوية فى البلاد تنفذها شركات تركية يملكها جنرالات سابقون.. وباختصار فإنه يجرى تعزيز واسع النطاق للاحتلال التركى لليبيا.. بما فى ذلك السيطرة على مواردها الاقتصادية بينما يتم إجبار (الشرق) على التنازل عن أوراق قوته العسكرية والتفاوضية واحدة إثر الأخرى، وفى الوقت نفسه تتعثر المفاوضات السياسية، ويستمر فرض الأمر الواقع فى البلاد.
والأكثر من ذلك أن إردوغان يستعد لزيارة طرابلس خلال الأيام المقبلة (لم يتم تحديد موعد الزيادة بصورة نهائية).. بما يمثله ذلك من إهانة واستفزاز للشعب الليبى، وانتهاك لسيادة ليبيا.
التطبيق المتزامن.. ضرورة حتمية
والملاحظ أن هذا كله يتم وسط تغييب متعمد للدول العربية التى يرتبط أمنها القومى عضوياً بالأمن القومى الليبى، وفى مقدمتها مصر - الجار الشرقى لليبيا.. والجزائر، الجار الغربى.. وذلك بذريعة الإشراف الأممى على المفاوضات، وأن الليبيين قادرون على حل مشكلاتهم بأنفسهم «دون تدخل خارجى»!! وكأن الأشقاء والجيران العرب غرباء!! بينما السيدة/ويليامز.. السفيرة الأمريكية ومبعوث الأمم المتحدة (بالنيابة) هى الأقرب إلى الشعب الليبى والوصية عليه!!
والهدف من ذلك كله واضح.. وهو الانفراد بممثلى (الشرق) الليبى، وممارسة أشد الضغوط عليهم لإجبارهم على تقديم تنازلات فى غير صالح بلادهم.. بل ومحاولة شراء أصوات بعضهم.. وتهديد حياة البعض الآخر.
ومحصلة ذلك كله هى فرض «تسوية» تحقق سيطرة «الإخوان» وميليشياتهم، ومن ورائهم الاحتلال التركى.. والأمر المؤكد أن أمريكا - الحاضر الغائب على موائد التفاوض - لا تمارس هذه الضغوط لوجه الله، بل على أساس اتفاقات سرية بينها وبين تركيا، التى لا يمكن أن تمارس كل هذه العربدة فى ليبيا وشرق البحر المتوسط بدون ضوء أخضر أمريكى.
***
وغنى عن البيان أن سيطرة «الإخوان» والميليشيات المتحالفة معهم، وإخضاع ليبيا للاحتلال التركى يعنى بداهة عودتها كمرتع للإرهاب والهجرة غير الشرعية.. كما كانت الحال قبل سيطرة الجيش الوطنى على شرق البلاد ووسطها وجنوبها، وطرد عصابات الإرهابين من هذه المناطق، لتتجمع فى غرب البلاد، أى منطقة سيطرة «الوفاق».
***
ولاشك أن مثل هذا الوضع سيمثل تهديداً خطيراً لكل دول الجوار الليبى، وفى مقدمتها مصر.. وقد رأينا كيف كانت الحال حينما كانت العصابات الإرهابية متمركزة فى شرق ليبيا إلى جوار حدودنا، قبل أن تطردها قوات الجيش الوطنى الليبى.. ومعروف أن تركيا هى الراعى الرسمى لهذه العصابات الإرهابية سواء فى ليبيا، أو سوريا قبل ذلك.. أو فى أذربيجان فى الوقت الحالى.
وهذه الحقيقة الخطيرة لاتشغل بال الولايات المتحدة، مادام الإرهاب بعيداً عن أراضيها، فما يعنيها هو طرد النفوذ الروسى من شرق المتوسط، وإضعاف النفوذ الروسى من شرق المتوسط، وإضعاف النفوذ الأوروبى فى المنطقة لحسابها هى (أمريكا).. وبالتالى فإن حساسيتها ضعيفة جداً تجاه القضايا الأمنية فى المنطقة.. بغض النظر عن الأضرار الفادحة التى يلحقها الإرهاب بأمنها القومى والاستقرار وسلامة الشعوب.
***
وبناء على ذلك كله نعتقد أن الدول العربية المعنية ينبغى أن تسعى بقوة للمشاركة الفاعلة فى الجهود المبذولة حالياً للتسوية فى ليبيا، وفى مقدمة هذه الدول مصر.. لكى يكون انسحاب قوات الغزو التركى، وحل وترحيل الميليشيات الإرهابية والمرتزقة فى مقدمة أهداف التسوية، وحتى لايكون الشرق الليبى وحده فى مواجهة الضغوط الغربية و(الأممية).
***
ويقتضى الأمر أيضاً دعم وتصليب مواقف (الشرق) الليبى للإصرار على المطالبة بالربط والتزامن بين التقدم فى المسارات العسكرية والسياسية.. وعدم تقديم تنازلات عسكرية مجانية، مالم يكن هناك مقابل لها على الصعيد السياسى، وخاصة فيما يتصل بالانسحاب التركى وحل الميليشيات الإرهابية، وترحيل المرتزقة الأجانب عموماً، والإرهابيين منهم خصوصاً، و«السوريين» بصفة أخص.. والواقع أن تحقيق (الربط والتزامن) بين المسارات هو الطريق الوحيد لتحقيق تسوية تتضمن قدراً مقبولاً من التوازن فى أى تسوية ليبية يحافظ على استقلال وسيادة البلاد، وعلى الأمن القومى للدول المجاورة لها، وفى مقدمتها مصر..

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE