الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 12:13 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : أسابيع ساخنة في أمريكا

الأموال

أسابيع ساخنة في أمريكا

بدا واضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تبقي فوق سطح صفيح ساخن طوال الأسابيع القادمة وحتى ١٤ ديسمبر المقبل.. موعد تصويت المجمع الانتخابى على فوز بايدن بالرئاسة إلى أن يتم تنصيبه رسميًا فى البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير المقبل ليكون الرئيس الأمريكى السادس والأربعين.
طوال تلك الأسابيع الساخنة وما لم يتوقف ترامب عن اللعب بالنار مثلما يلعب «الجولف» فسوف تعيش أمريكا أيامًا بالغة الصعوبة تخيّم عليها أجواء القلق والفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار خاصة مع استمرار تفشى وباء «كورونا» والزيادة المضطردة فى أعداد الضحايا من المصابين وحالات الوفاة.
< < <
هذه الأجواء العاصفة التى أشاعها وأشعلها الرئيس المنتهية ولايته «دونالد ترامب» برفضه الاعتراف بفوز منافسه «جو بايدن» في الانتخابات الرئاسية الذي تأكد فوزه، وعلي النحو الذي من شأنه تعريض الأمن القومى الأمريكى لخطر داهم.
المثير هو استمرار ترامب في رفض حقيقة أنه خسر الانتخابات، بل الادعاء بأنه الفائز رغم سقوط كل الدعاوى القضائية التي رفعها أمام المحاكم العليا فى الولايات التي يطعن في نتيجتها والتى كان آخرها في ولاية بنسلفانيا، والتي كان محاموه الثلاثة قد انسحبوا منها بعد اقتناعهم بعدم جدواها وانعدام الأدلة التي يمكن الاستناد إليها، وحيث اضطرت حملة ترامب إلى الاستعانة بمحام محلى في اللحظات الأخيرة وحيث جرى تعديل الادعاءات في القضية واختزالها فى ادعاء وحيد وهو السماح للناخبين الديمقراطيين بتصحيح الأخطاء التي كانت قد وقعت فى بطاقات التصويت، وهو الإجراء الذى أقرته المحكمة وفقا لقانون سابق أقره الجمهوريون فى الولاية.
< < <
الأمر المؤكد هو أن ترامب ومعه حملته الانتخابية بات مقرًا بخسارته في الانتخابات، حيث أوشك على الاعتراف علنًا بهزيمته بتلك التغريدة التى قال فيها «إن بايدن فاز» غير أنه استدرك فورًا فى تغريدة تالية بأن بايدن فاز في وسائل الإعلام فقط، ومن الواضح أن هذا التراجع والاستدراك كان بفعل تحريض ونصيحة محاميه الخاص الذى يدفعه دفعًا إلى الاستمرار في رفض الهزيمة.
< < <
ورغم أن عددا كبيرًا من قيادات وأعضاء الحزب الجمهورى يقرون بفوز بايدن وينصحون ترامب بالاعتراف بالهزيمة.. بعضهم علنًا وبعضهم سرا فى الكواليس، فإن فريقًا من الجمهوريين وحملته الانتخابية يدفعونه إلى الاستمرار فى رفض الهزيمة، وهو الأمر الذى يلحق الضرر والإساءة السياسية إلى ترامب شخصيًا بقدر ما يلحق الضرر بالحزب فى المقام الأول باعتبار أن ذلك النهج غير السياسى يمثل انتهاكًا للقيم والتقاليد الديمقراطية الراسخة وطعنًا فى صدقية ونزاهة الانتخابات في أمريكا أمام العالم أجمع الذى ينظر إلى الديمقراطية الأمريكية بإعجاب شديد باعتبارها نموذجا يحتذى به.
< < <
الأخطر فى المشهد السياسى الأمريكى فى سياق تلك الأجواء هو ذلك التصريح الصادم الذى أدلى به سكرتير ولاية جورجيا التى تأكد فوزن بايدن بها وإعلانه أنه تعرض لضغوط شديدة خلال الأيام الأخيرة من زملائه الجمهوريين للعبث ببطاقات التصويت وتغيير نتيجة الانتخابات لصالح ترامب، بل إن تلك الضغوط بلغت درجة تلقيه تهديدات بالقتل!
المفارقة الخطيرة والمشينة فى تلك الضغوط التى تعرض لها سكرتير الولاية أنها تكشف عن محاولة ترامب وحملته الانتخابية لتزوير النتيجة، بينما يدعى ترامب أن الديمقراطيين زوروا النتيجة وسرقوا الانتخابات، وفى نفس الوقت فإن هذه الضغوط على سكرتير ولاية جورجيا تكشف عن أن ترامب الذى يرفض الاعتراف بالهزيمة يسعى بكل الطرق لتزوير النتيجة حتى يفوز ويسرق هو الانتخابات!
< < <
ولعله لا تفسير منطقيًا أو سياسيًا لعناد ترامب وتشبثه الطفولى بالاستمرار فى السلطة والتي كان وصوله إليها قبل أربعة أعوام مفاجأة كبرى صادمة لكل التوقعات والتقديرات والمعايير السياسية باعتباره قادمًا من خارج المؤسسة بل من خارج الدائرة السياسية تمامًا.. لعله لا تفسير سوى أنه يتصرف مثل الطفل المشاكس الذى يظل يصرخ باكيًا عندما يفقد لعبته التى يلهو بها، ولذا فإنه لم يستطع أن يتصرف كرئيس دولة عظمى خسر الانتخابات فى منافسة ديمقراطية غير مُدرك للمسئولية التي يتعين أن يتحلى بها من يشغل منصب الرئاسة بحيث لا يعرّض بلاده وشعبه للفوضى والاضطراب والانقسام.
< < <
ومع أن كل التقديرات تؤكد فوز بايدن ومن ثم رحيل ترامب رغمًا عنه عن البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير المقبل، إلا أنه بدا متمسكًا بممارسة سلطاته الرئاسية حتى آخر يوم وعلى النحو الذي فعله بإقالة وزير الدفاع وتعيين آخر وزيرًا بالوكالة، وهى الإقالة التي وصفها الوزير المقال «إسبر» بأنها تصفية حسابات على خلفية خلافات سابقة، حيث أوضح أنه لم يكن من الذين يقولون للرئيس نعم علي طول الخط.
< < <
وفي نفس السياق يأتى قرار ترامب الذى أعلنه وزير الدفاع بالوكالة بتخفيض أعداد القوات الأمريكية فى كل من العراق وأفغانستان قبل حلول يوم ١٥ يناير المقبل ـ أى قبل خمسة أيام من انتهاء مدة رئاسته ــ وهو ما يعنى أنه متأكد من خروجه من البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير.
هذا القرار قوبل بالرفض من الجمهوريين والديمقراطيين فى مجلس الشيوخ حسبما أعلن زعيم الأغلبية الجمهورية فى المجلس والذي وصف القرار بأنه متعجّل ومن شأنه تعريض الأمن القومى الأمريكى للخطر باعتبار أنه سيكون هدية للتنظيمات الإرهابية والتى ستملأ فراغ خروج القوات الأمريكية، ومن ثم فإنه يعنى تراجعًا عن مواجهة الإرهاب.
< < <
ثم إن ثمة توقعات بإقدام ترامب على اتخاذ قرارات أخرى قبل أن تنتهى مدة رئاسته سواء داخليًا أو خارجيًا، وبالنظر إلى طبيعة شخصيته فإن ثمة توجسات ومخاوف من إقدامه على اتخاذ قرارات خطيرة تستهدف فى حقيقتها إرباك المشهد الأمريكى وأيضا تصدير الأزمات والمشكلات لـ«بايدن» وإدارته الجديدة.
< < <
علي الصعيد الخارجي يبقي التخوف والتوجس من إقدام ترامب على شن ضربات عسكرية فى مقدمتها ضربة عسكرية على منشآت نووية إيرانية حسبما سبق أن ألمح إلى ذلك، ورغم الاستفسارات والمشاورات العسكرية والسياسية بشأن هذه الضربة التى أجراها مع قيادات عسكرية ومستشاريه السياسيين والتى انتهت إلى استبعاد الإقدام على هذه الضربة وحيث باتت أمرًا غير مطروح، إلا أنه من الممكن أن يُقدم على توجيه ضربة إلى حلفاء إيران فى العراق!
< < <
على الجانب الآخر فى المشهد السياسى الأمريكى لايزال الرئيس المنتخب المؤكد فوزه «جو بايدن» يواجه عقبات وعراقيل ممارسة مهامه الانتقالية بحسب الدستور، ورغم امتناعه عن توجيه أى انتقاد مباشر أو صريح إلى ترامب الذى يعرقل تسهيل مهمته ومهمة فريقه الانتقالى على العكس تمامًا من سلوك ترامب العدائى المستمر ضده واتهامه بسرقة الانتخابات.
وفى نفس الوقت فإن بايدن الذى يحتفظ بهدوئه ماض قدمًا في الاستعداد لتسلم السلطة، حيث بدأ في اختيار أعضاء إدارته وفريق المستشارين وموظفى البيت الأبيض، بينما يستعد عمليًا لتنفيذ خطته من خلال فريق الخبراء والعلماء لمواجهة جائحة «كورونا» وهى المواجهة التي يتسبب ترامب في تعطيلها بعرقلته تسهيل المرحلة الانتقالية وحجب المعلومات عن الإدارة الجديدة وعلى النحو الذى يمثل أيضًا تهديدًا للأمن القومى الأمريكى.
< < <
مع نهاية تلك الملهاة الدراماتيكية فى المشهد الأمريكى بنهاية الأسبوع الساخنة المقبلة فإن الولايات المتحدة وللمرة الأولى في تاريخها لن تشهد انتقالا سلسًا للسلطة فى أعقاب الانتخابات الرئاسية التي يرفض ترامب الاعتراف بخسارتها، وربما يصل الأمر إلى درجة امتناعه عن حضور مراسم تنصيب الرئيس الفائز «جو بايدن» فى البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير المقبل.. مسجلا بذلك سابقة سياسية فى انتهاك واضح للقيم والتقاليد الديمقراطية الراسخة.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE