د.محمود فوزي يكتب :”الولاء المعارض” والسقوط في بئر الخداع التسويقي
الأموالقدمت الدراسة المسحية التي قام بها "Ruoyu Liang" وآخرون؛ في أكتوبر 2019، مصطلحًا جديدًا بأبحاث التسويق والعلاقات العامة، وهو"الولاء المعارض"؛ حيث سعت الدراسة التي تم إجراؤها بالتطبيق علي(512) عضوًا بمجتمع الهواتف الذكية عبر الإنترنت بالصين؛ إلي رصد وتفسير ثمة علاقة بين رأس المال الاجتماعي وبين اتجاهات العملاء نحو المنتجات والعلامات التجارية المسوقة.
وتوصلت نتائج الدراسة إلي وجود علاقة ارتباطية بين محددات رأس المال الاجتماعي (الثقة، الروابط الاجتماعية، اللغة المشتركة) وما يتبعه من تطور للعلاقات وتعزيز التواصل بين العملاء وشركاتهم، وشعورهم بالإشباع والرضا؛ الذي يتحول-تدريجيًا- إلي الولاء للشركة، بل وتبنيهم أيضًا لمفهوم الولاء المعارض Oppositional Loyalty.
ورصدت الدراسة مؤشرات هذا "الولاء المعارض" كشكل مبالغ فيه من ولاء المستهلك الذي يتبني علامة تجارية معينة، و يتعاون مع ذويه من المعجبين بنفس الماركة، للدفاع عن سمعتها، بل وتبني مواقف عدائية وهجومية -علانية- نحو المنافسين، وقد يمارسون معًا سلوكيات تصادمية أو غير أخلاقية نحو الماركات المنافسة؛ كالسخرية والاستهزاء المتعمد من متبني الماركات المنافسة؛ وتزداد هذه الممارسات بصفة خاصة عبر الإنترنت.
وفي محاولة لتحليل المفهوم؛ نجد أنه قد يتسبب في نشوء أزمات اتصالية متعددة قد تعصف بسمعة الشركة نفسها؛ اعتقادًا من المنظمات المنافسة أن هؤلاء المعارضين محرضون من قبل الشركة المنتمين لها، فضلًا عن صعوبة السيطرة علي هذه الأزمة أو الإدراك الدقيق لأبعادها وأطرافها؛ عبر الفضاء الإلكتروني الذي تسيطر عليه خصائص اللاتزامنية، واللامركزية، وتعددية الوسائط الإعلامية.
أما علي الصعيد الأخلاقي فلا مجال لثمة شك أن المفهوم ينطوي علي العديد من الممارسات غير اللائقة؛ كالتهكم، والسخرية، والازدراء، والتسفيه، والامتهان، وغيرها من السلوكيات التي قد تتطور إلي التحرش الإلكتروني، والاختراق و"الهاكرز" لقواعد بيانات ومواقع المنافسين والحسابات الشخصية لعملائهم؛ بل وإفشاء هذه المعلومات؛ كي تتحول لأزمة مزدوجة اتصالية وقانونية في آن واحد!!
بالطبع قد يتفق ويختلف معي باحثون آخرون في محاولة تفسير مفهوم "الولاء المعارض"، وكذلك في محاولات تحليلهمن وجهة نظر علم الاجتماع والنفس؛ للإجابة عن التساؤل الجوهري حول أسباب تحول الولاء الذي يمثل أقصي درجات التأييد لكيان معين إلي سلوكيات عدوانية غير مبررة؛ لتفتح الدراسة مجالًا واسعًا أمام الباحثين وراغبي الاستزادة المعرفية من خضم الأبحاث الإعلامية والتسويقية.