الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 12:12 صـ
  • hdb
10 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب  يكنب : ولايزال كورونا لغزاً محيراً

الأموال

بينما لايزال وباء كورونا القاتل يواصل تفشيه حيث أصاب أكثر من ١١ مليون إنسان حول العالم وقتل أكثر من نصف مليون آخرين حتى الآن، وبينما لاتزال مراكز الأبحاث وشركات الدواء مساعيها للتوصل إلى عقار شاف وآمن ولقاح واق من الفيروس، فإن أكثر من سبعة مليارات من سكان الأرض لايزالون يواجهون أخطر وباء عرفته البشرية.

< < <

بين الأمل فى التوصل إلى العلاج واللقاح والرجاء فى انحسار الوباء بموت الفيروس ذاته وزواله نهائيًا، فإن العالم سوف يظل إلى أجل غير مسمى حائرا بين إغلاق الحياة وفرض القيود المشددة على حركة الناس والأعمال بهدف إيقاف التفشي المتسارع للوباء وتقليل أعداد الإصابات والوفيات، وبين عودة الحياة الطبيعية للحد من التداعيات الاقتصادية الخطيرة والتى بدا أن خسائرها أكبر من خطر الوباء ذاته!

الحيرة التى تواجهها دول العالم.. شعوباً وحكومات خاصة تلك التى شهدت أكبر عدد من الإصابات والوفيات.. فى أوروبا وأمريكا وأمريكا اللاتينية أنه كلما تم تخفيض القيود عاود الوباء تفشيه بدرجة أكبر، فى نفس الوقت الذى تفرض فيه التداعيات الاقتصادية ضرورة فتح النشاط وحركة الحياة ريثما تعود الحياة إلى طبيعتها مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية لتجنب تزايد الإصابات والوفيات.

< < <

ومع التوجه العالمى العام إلى التعايش مع كورونا، فإن الأمر يبدو شديد الصعوبة والتعقيد، إذ إن ممارسة التعايش لا تعنى بالضرورة ضمان تجنب الإصابة أو حتى تقليل الإصابات والوفيات حسبما حدث فى عدد من الدول وهو الأمر الذى استدعى اضطرار الحكومات إلى إعادة الإغلاق مرة أخرى فى بعض المدن والمناطق التى تجددت فيها الإصابات وبأعداد كبيرة.

اللافت أن تجربة التعايش مع الوباء كشفت عن أن الكثيرين حتى فى الدول التى سجلت أكبر حالات الإصابة والوفيات لا يلتزمون بالجدية والحذر اللازمين، بل إن مواطنى بعض الدول التى لاتزال تفرض القيود يتظاهرون ضد الحكومات لإعادة فتح الحركة.

< <<

وفى نفس الوقت فإن عجز المنظومات الصحية حتى فى الدول الكبرى والمتقدمة علميًا وطبيًا والتى داهمها الوباء على هذا النحو الخطير، بينما لم تكن أغلب الدول غير مستعدة على الإطلاق للتعاطى مع الفيروس.. كان العامل الأكبر فى تزايد حالات الإصابة والوفيات والتى لاتزال مرشحة للتزايد خلال هذه الموجة الأولى والموجات اللاحقة المتوقعة.

وفى نفس الوقت فإنه من غير الممكن إغفال استهانة حكومات الدول الكبرى.. الولايات المتحدة وإيطاليا وبريطانيا.. مثالاً بخطر الجائحة منذ البداية ومن ثم التأخر فى مواجهتها وفرض القيود على الحركة وهو الأمر الذى أسهم بدرجة كبيرة فى تفشى الوباء وانتقاله إلى كل دول العالم.

< < <

وفى هذا السياق.. يظل الاتهام معلقًا فى رقبة الصين التى انطلق منها الفيروس نظرًا لتأخرها فى إبلاغ العالم بالخطر لاتخاذ الإجراءات المبكرة اللازمة لاحتواء انتشاره، ومن ثم فإن الصين مدانة بحسب اتهام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لها وإلى درجة إطلاقه اسم الفيروس الصينى على كورونا، ولعل ذلك هو الأمر الوحيد الذى يمكن الاتفاق فيه مع ترامب من بين مجمل آرائه وسياساته الداخلية والخارجية على حد سواء.

نفس الاتهام يمكن توجيهه أيضًا لمنظمة الصحة العالمية باعتبار أنها استخفت بخطر الفيروس وقللت من خطورة انتشاره وتأخرت كثيرًا فى تحذير دول العالم بخطره، وهو الأمر الذى دفع ترامب إلى اتهامها بالتواطؤ مع الصين، ثم إعلانه الأسبوع الماضى عن قراره بالانسحاب من المنظمة اعتبارا من شهر يوليو من العام المقبل.

< < <

ومتحدثًا عن مصر التى تواجه خطر الوباء منذ شهر مارس الماضى، حيث بادرت الحكومة مبكرًا بإيقاف الدراسة فى المدارس والجامعات وإجراء الامتحانات «أون لاين» باستثناء الثانوية العامة والسنوات النهائية بالجامعات إضافة إلى تقليل أعداد موظفى الجهاز الإدارى فى الدولة والكثير من الجهات والهيئات، فإن متابعة المشهد المصرى وطوال هذه الأشهر تشير إلى انقسام المصريين إلى فريقين فى مواجهة كورونا.. الأول يضم أولئك الذين تعاملوا مع الوباء باستخفاف وتواكل مرفوض إما بسبب قلة الوعى وإما بسبب اضطرارهم إلى الخروج والعمل دون اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وهؤلاء كانت عناية السماء رفيقة بهم وعلى النحو الذى قلل من إصابات الكثيرين منهم.

أما الفريق الثانى فهؤلاء من التزموا بالضوابط والإجراءات الاحترازية والتزموا طوعيًا بتقييد حركتهم وتجنب التجمعات ولذا فإنهم الناجون من كورونا.

لكن يبقى أن فريقًا ثالثًا من المصريين وهم قلة قليلة جدًا.. أغلبهم من كبار السن والمصابين بالضرورة وبحكم الطبيعة بالأمراض المزمنة، وهؤلاء هم الذين بالغوا فى الالتزام بالإجراءات الاحترازية وإلى درجة «الوسوسة» الشديدة وأصابتهم فوبيا كورونا والتزموا بالبقاء فى البيوت، غير أنهم باتوا عرضة للاكتئاب النفسى والتوتر والقلق، وإن كانوا يفضلون الاكتئاب عن الإصابة بالفيروس حتى يظلوا آمنين من ويلات وأعراض المرض اللعين والذى قد يودى بحياتهم فى نهاية الأمر بعد أيام من العذاب.

< < >

المقلق هو أن هذا الفيروس اللعين «كورونا المستجد» لايزال يمثل لغزا محيرا للعلماء، والأكثر إثارة للقلق والفزع أيضًا هو ما أعلنته منظمة الصحة العالمية مؤخرًا عن احتمال انتقال الفيروس عبر الهواء وليس عن طريق رذاذ الفم والأنف فقط وفقًا لما هو معلوم حتى الآن.

< < <

ولأنه لم تحدد أى جهة علمية أو طبية سواء مراكز الأبحاث أو شركات الدواء الكبرى عن أى موعد محدد وقاطع لإنتاج العقار أو اللقاح مع تضارب الأنباء عن أن الأمر قد يستغرق شهورا قليلة وربما أكثر من عام، فإن العالم سوف يظل مهددًا فى مواجهة أخطر وباء شهدته البشرية.. غيّر وجه الحياة فوق كوكب الأرض.. ويبقى «كورونا» لغزًا محيرًا.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE