الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 11:15 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

الإنشاء الدينى.. الفرعونى والقبطى والإسلامى (5)

الأموال

الإنشاد و«الذكر» فى «الحضرة» الصوفية

.. وفى فصل آخر من كتابها تنتقل الكاتبة الصحفية مروة البشير إلى الحديث عن التصوف ونشأة الصوفية باعتبار أنها أسهمت إسهاماً كبيراً فى انتشار وازدهار المديح النبوى والذى هو العمود الفقرى للإنشاد الدينى الذى ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالطرق الصوفية والتى أجمع أهل التحقيق الذين استندت إليهم المؤلفة على أنها نشأت أولاً فى البصرة بالعراق حيث نشأ التصوف على أيدى مؤسسيه الأوائل وفى مقدمتهم إبراهيم بن أدهم وداود بن نصير الطائى ورابعة العدوية والجنيد البغدادى ومعروف الكرخى وغيرهم.

وفى توثيق تاريخى تقول مؤلفة الكتاب إن أول من تكلم بلفظ التصوف من الأئمة والشيوخ كان الإمام أحمد وسفيان الثورى والحسن البصرى، أما أول من عرف باسم صوفى فى الإسلام فكان هاشم الصوفى، ثم شاع اللفظ فى صيغة الجمع وهو الصوفية والمتصوفة.

وبحسب المراجع التاريخية فقد شهد المسلمون فى أواخر عصر التابعين ظهور «أهل الرأى» فى الكوفة بالعراق و«أهل التصوف» فى البصرة، ونقلاً عن المقريزى تقول المؤلفة أن أول دار فى الإسلام للصوفية كانت فى البصرة أيضاً.

أما الطرق الصوفية فإنها جميعها منسوبة إلى أربعة من كبار الأولياء والأئمة وهم: عبدالقادر الجيانى، وأحمد الرفاعى، والسيد أحمد البدوى، وسيدى إبراهيم الدسوقى، ثم تعددت الطرق بتعدد من أخذ منها وعنها مباشرة أو بالوساطة حتى وصلت فروع الطريقة الأحمدية إلى ستة عشر فرعاً.

ولانتساب المؤلفة لعائلة صوفية عريقة باعتبارها كما تقول حفيدة القطب الصوفى الإمام حامد البشير أحد المشايخ الأوائل للطريقة الحافظية الخلوتية، فقد كان ضرورياً من جانبها أن تستعرض نشأة هذه الطريقة التى أسسها جدها الأكبر (جد جدها) الإمام عبدالحافظ على الصعيدى المالكى إمام المذهب المالكى بالأزهر الشريف المتوفى ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان عام 1303 هجرية، والذى يتصل نسبه بالصحابى الجليل عقبة بن عامر.

وعن مؤسس الطريقة تقول المؤلفة إنه أخذ العلم عن العلامة الشيخ البولاقى والشيخ القويسنى والشيخ التميمى المغربى حتى صار شيخ عمود فى الجامع الأزهر يدرس الفقه على مذهب الإمام مالك، بينما أخذ طريقة السادة الخلوتية على يدى الشيخ إسماعيل ضيف الذى أجازه بأخذ العمود والإرشاد، ثم استوطن قرية المحرقة «بمركز العياط» بمحافظة الجيزة (السعودية حالياً) بدعوة من بعض طلابه بالأزهر حيث استجاب لدعوتهم امتثالاً للسنة، فأقام بهذه القرية وأسس طريقته الصوفية فيها والتى انتشرت فى أنحاء مصر وتتركز فى الجيزة وطنطا وسوهاج والمنيا والإسكندرية.

وللإمام عبدالحافظ على شيخ طريقة الحافظية الخلوتية العديد من المؤلفات فى علوم التصوف والبلاغة والتوحيد وهى محفوظة كمخطوطات فى مكتبة الأزهر، أما منهج الحافظية الخلوتية فهو كما تقول المؤلفة منهج الإمام الجنيد البغدادى فى التصوف والذى يقوم على الالتزام بالكتاب والسنة والعمل على نشر الفكر الصوفى الحقيقى والصحيح وتنقيته من المناهج الخاطئة العالقة به.. ومن ثم كان نهج الإمام عبدالحافظ فى تعليم وتربية أبنائه من أهل الطريق أن المراد من سلوك طريق التصوف هو ترقى النفس بالعلاجات التى وضعها الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهى الصيام والقيام وقلة الكلام والشفقة على الأنام والذكر والفكر وأكل الحلال وترك الحرام.

وفى استعراضها لتاريخ مشيخة الطريقة تقول المؤلفة : لقد تولاها بعد الإمام عبدالحافظ على أبناؤه ثم أحفاده.. مشيرة إلى جدها الإمام حامد البشير الذى ألحقه أبوه الإمام أبو الضياء البشير بالأزهر الشريف حتى تخرج فى كلية الشريعة والقانون وصار فقيهاً مالكياً وشيخاً صوفياً.. مشهوداً له بأنه صاحب مكاشفات وكرامات ظاهرة للجميع.. أفنى عمره فى رفع راية آبائه ونشر العلم والطريق والهدى بين الناس حيث تعلم على يديه الكثيرون من مريدى الطريقة أمور دينهم وتاب على يديه خلق كثير، وظل يدعو إلى الله حتى انتقل إلى جوار ربه فى الثامن عشر من شهر فبراير عام 1990 ودفن فى ساحته الكائنة بقرية (برويش) بمركز العياط بمحافظة الجيزة وحيث يتم الاحتفال سنوياً بذكرى مولده فى شهر أبريل من كل عام والذى شهد ميلاده فى عام 1913.

ولم يفت المؤلفة أن تشير إلى أن مشيخة الطريقة قد آلت حالياً إلى أخيها الشيخ أحمد البشير (حيث توفى والده ووالدها فى سن مبكرة عقب وفاة جدهما بأسابيع قليلة).. ولم يفتها أيضاً أن تدعو له : «أدام الله آلاء أنفاسه بيننا«، وهو دعاء كما يتضح ينضح تصوفاً ويعكس الجينات الصوفية الوراثية للمؤلفة.

ثم تنتقل المؤلفة إلى الحديث عن «الحضرة» التى تقول عنها إنها أهم التقاليد الروحية فى الصوفية باعتبارها النظام الجماعى لـ «الذكر» أو«حلقة الذكر» وحيث يعد الذكر وفقاً للمفهوم الصوفى رأس الأعمال الصالحة، إذ إن المقصود منه تزكية الأنفس وتطهير القلوب وإيقاظ اللسان، حيث يرى المتصوفون أن الذاكرة حيث يلهج بذكر الله فإن الله يمده بنور فيزداد إيمانه إيماناً، فيسكن قلبه للحق ويطمئن له، وذلك تصديقاً لقوله تعالى : «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب».

وعن «الحضرة» وما يجرى فيها من إنشاد للشعر الصوفى وقصائد المديح النبوى سواء كان إنشاداً جماعياً أو بالحوار بين المنشد المنفرد وجماعة المنشدين اختارت المؤلفة وعلى سبيل المثال حلقة الذكر فى الحضرة التى تقام فى مسجد الحسين مساء الثلاثاء أسبوعياً بعد صلاة العشاء حيث وصفت بالتفصيل أداء أبناء الطرق الصوفية خلال الحضرة.

والإنشاد فى الحضرة الصوفية يعتمد كما تقول المؤلفة على قصائد منظومة فى الذكر لأقطاب الصوفية مثل ابن الفارض، حيث يعتمد إلقاء هذه القصائد على ألحان موسيقية أغلبها مزيج من المقامات المستخدمة فى أنماط الموسيقى المغربية والأندلسية، وتتعدد الآلات الموسيقية التى تتنوع ما بين آلات وترية وآلات نفخ وآلات النقر.

< < <

وإذا كانت غالبية الطرق الصوفية التى تبيح استخدام الآلات الموسيقية فى الحضرة والإنشاد والمديح تستند فى ذلك إلى تأويل صوفى بحسب ما قاله الشيخ إسماعيل الأنفورى فى كتابه «رسالة فى دوران الصوفية ورقصهم»، (والمقصود بالرقص تمايل الذاكرين فى حلقات الذكر) من أن أصحاب الباطن ينظرون إلى حقيقة كل شىء ويسمعون من كل شىء تسبيح الله وتنزيهه كما قال تعالى: «وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم».

.. غير أن الكاتبة الصحفية مروة البشير مؤلفة الكتاب تشير إلى أن بعض الطرق الصوفية وقفت موقفاً سلبياً من استخدام الآلات الموسيقية فى الحضرة والذكر، حيث استنكفت استخدامها فى أذكارها باعتبار أنها لاتتفق والوقار والخشوع.

وقد فات المؤلفة أن تشير إلى أن «الحافظية الخلوتية».. طريقة أجدادها تعد ـ بحسب علمى ـ فى مقدمة هذه الطرق الصوفية التى ترفض استخدام الآلات الموسيقية فى حضراتها وأذكارها.. حفاظاً على الوقار الصوفى والخشوع لله تعالى.

ـ للحديث بقية ـ

مصر للطيران
المشير طنطاوى

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE