د. درويش: الزراعة الذكية رهان مصر لتحقيق الأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد

أكد الدكتور إبراهيم حسيني درويش، أستاذ المحاصيل ووكيل كلية الزراعة السابق بجامعة المنوفية، أن التحديات المائية والغذائية التي تواجهها مصر مع وصول عدد السكان إلى أكثر من 110 ملايين نسمة عام 2025، وتراجع نصيب الفرد من المياه إلى نحو 560 مترًا مكعبًا سنويًا مقارنة بمتوسط الفقر المائي العالمي البالغ 1000 متر مكعب، تجعل من الزراعة الذكية ضرورة استراتيجية لا ترفًا.
مشروع "مستقبل مصر" في قلب الخطة
أوضح درويش أن المشروع القومي "مستقبل مصر للإنتاج الزراعي" يمثل حجر الزاوية في الاستراتيجية الزراعية الحديثة، ويستهدف استصلاح وزراعة 4.5 مليون فدان بحلول 2027، منها نحو 2 مليون فدان تدخل الخدمة فعليًا خلال 2025.
المرحلة الأولى استهلكت استثمارات تقارب 8 مليارات جنيه في البنية التحتية، تضمنت حفر آبار، مد شبكات كهرباء بطول 200 كم، وإنشاء محطات طاقة بقدرة 350 ميجاوات، إضافة إلى طرق داخلية تمتد 500 كم.
المشروع يعتمد على 2600 جهاز ري محوري متطور يتيح زراعة 350 ألف فدان مرتين سنويًا.
يضم محطات معالجة مياه بطاقة 7.5 مليون م³ يوميًا ضمن مشروع الدلتا الجديدة، وشبكة ترع بطول 41 كم لرفع الاستخدام المائي إلى 10 ملايين م³ يوميًا.
كما يجري دمج نظم الري الحديث مع الصوب الزراعية، على غرار مشروع الفيوم الذي يشمل 1800 صوبة على مساحة 16 ألف فدان تقلل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 70%.
قفزة في الصادرات الزراعية
أشار درويش إلى أن صادرات مصر الزراعية سجلت طفرة عام 2024، حيث بلغت 8.6 مليون طن مقارنة بـ 7.4 مليون طن في 2023، بقيمة 4.131 مليار دولار بزيادة 9.3%.
وخلال أول 8 أشهر من موسم 2024/2025، حققت الصادرات 3.2 مليار دولار بزيادة 11% عن العام السابق، فيما ارتفعت الكميات المصدرة إلى 4.9 مليون طن.
حتى سبتمبر 2025، وصلت الصادرات الزراعية المصرية إلى 7.2 مليون طن بزيادة 600 ألف طن عن نفس الفترة من 2024. وجاءت الموالح في الصدارة بـ1.9 مليون طن، تلتها البطاطس (1.3 مليون طن)، ثم البصل (256 ألف طن)، والفاصوليا بأنواعها (231 ألف طن)، إضافة إلى البطاطا (190 ألف طن).
كما ارتفعت صادرات الأغذية المصنعة إلى 6.1 مليار دولار في 2024، بزيادة 21%، تشمل منتجات مثل العصائر والزيوت والدقيق.
التحديات والحلول
لفت درويش إلى أن تكلفة تطبيق أنظمة الزراعة الذكية تصل أحيانًا إلى 100 ألف جنيه للفدان، ما يثقل كاهل صغار المزارعين، حيث لا تتجاوز نسبة من يستخدمون هذه التقنيات حاليًا 10%، بينما تستهدف الدولة رفع النسبة إلى 40% بحلول 2032، بما يعزز الإنتاجية بنسبة تصل إلى 25%.
وأشار إلى أن مصر تسعى لتحقيق اكتفاء ذاتي من القمح بنسبة 70% خلال السنوات المقبلة، غير أن التحدي الأكبر يبقى محدودية الموارد المائية وتداعيات التغير المناخي.
في المقابل، تفتح التكنولوجيا الحديثة – مثل الذكاء الاصطناعي، الاستشعار عن بُعد، وتحليل البيانات – آفاقًا لتقليل الفاقد، والتنبؤ المبكر بالأمراض، وإدارة الموارد المائية بكفاءة أعلى.
ختامًا
أكد درويش أن مشروع "مستقبل مصر" يعكس إرادة الدولة في جعل الزراعة الذكية محورًا رئيسيًا لتحقيق الأمن الغذائي وخفض فاتورة الاستيراد. وأضاف: "الأرقام في 2024–2025 تثبت أننا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن التحدي الحقيقي يكمن في تعميم التكنولوجيا على المزارعين، وتوفير تمويل مستدام يضمن استمرارية التنمية الزراعية كركيزة أساسية لاقتصاد قوي".