الأموال
الجمعة 19 سبتمبر 2025 09:11 مـ 26 ربيع أول 1447 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي
أسامة ايوب يكتب: القرار الغائب فى البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية د. محمد فراج يكتب : أسعار الدواء.. وصحة المصريين القاهرة تستضيف المؤتمر الدولي لاتحاد المحاسبين العرب تحت شعار ”الاستدامة والشفافية المالية والتحول الرقمي والتنمية الاقتصادية” «شراكات مجتمعية مستدامة» لتحفيز الطلاب على المشاركة في العمل الخيري «أرابكو للتطوير» تطرح مشروع «HubWalk» خلال سيتي سكيب...وتقدم أنظمة سداد مرنة متى بشاي: إسبانيا شريك استراتيجي لمصر.. وزيارة الملك تفتح آفاقًا أوسع للتعاون الاقتصادي نقابة أطباء الجيزة تكرم الدكتور قرني عبد الستار في احتفالية ”يوم الطبيب” 2025 ”البحث عن الثعلب المكار”.. مبادرة أثرية مبتكرة تغرس الانتماء لدى الأجيال الجديدة المطارات المصرية تحصد النصيب الأكبر من جوائز البيئة والاستدامة على مستوى إفريقيا ندوة بعنوان «شراكات مجتمعية مستدامة» لتحفيز الطلاب على المشاركة في العمل الخيري وزيرة التضامن الاجتماعي تصطحب وزير الأسرة والتنمية الاجتماعية بجمهورية سنغافورة في زيارة لمستشفى الناس بيت الزكاة والصدقات يوزع آلاف الحقائب المدرسية على الطلاب الأيتام بالفيوم وبني سويف

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : أسعار الدواء.. وصحة المصريين

د. محمد فراج أبوالنور
د. محمد فراج أبوالنور

أسعار الدواء نار. وقد تزايدت خلال السنوات الأخيرة أضعافا مضاعفة، وتتزايد باستمرار حتى أصبح المواطنون – بمن فيهم أبناء الطبقة الوسطى – يجدون صعوبة بالغة في توفير العلاج، فما بالك بمحدودى الدخل أو من ناحية أخرى وبالرغم من اشتعال الأسعار فقد أصبح مألوفا اختفاء أدوية بالغة الأهمية من الأسواق ولفترات طويلة، ومنها أدوية لعلاج الأورام السرطانية وأمراض القلب والجهاز العصبى والأوعية الدموية والعيون، وغيرها من الأمراض الخطيرة التى يعنى نقصها أو غيابها تعريض حياة الناس لأفدح المخاطر أو حتى موتهم بسبب عدم وجود العلاج، ثم فجأة يظهر الدواء الناقص بعد أن تضاعف سعره! ليتضح أن هناك من يتعمد "تعطيش السوق" ليرفع الأسعار وليقبل الناس صاغرين بالأسعار الجديدة لأن الدواء مسألة حياة أو موت.

أسعار الدواء تحددها عوامل كثيرة متشابكة منها ما هو اقتصادي أو فنى، ولكن لأن الدواء مسألة تتصل بالحياة والموت فإن الدول المتحضرة بما فيها أغنى الدول الرأسمالية تتدخل فى تحديد الأسعار، ولا تتركها لرغبة الشركات المُنتجة في تحقيق أعلى الأرباح بغض النظر عن عواقب ذلك على حياة البشر وحقهم فى الحصول علي العلاج، كما تحرص على فرض رقابة صارمة على شروط إنتاج ومواصفات الدواء حرصا على صحة المواطنين أو على حياتهم فى نهاية المطاف.

الأرقام تكذبهم!

جريدتنا "الأموال" نشرت فى عددها الأخير "الأحد 14 سبتمبر 2025" تقريرا موسعا عن تزايد الضغوط التى تقوم بها شركات الأدوية فى الفترة الأخيرة لمطالبة الدولة بالسماح لها برفع أسعار الأدوية استنادا إلى الارتفاع الحاد فى تكاليف التشغيل والمواد الخام المستوردة بصورة تُعرض الشركات المنتجة للخسائر، أو لتراجع كبير في أرباحها فى حالة استمرار الأسعار الحالية..

والغريب حقا أن نفس التقرير "الأموال- 14 سبتمبر 2025" أورد أرقاما تشير إلى أن شركات عديدة في القطاعين الخاص والعام قد حققت أرباحا هائلة خلال العام الحالى (2025) والعام المالى المنقضى (2024 – 2025) بما يجعل من أى حديث عن الخسائر نوعا من الاستخفاف بعقولنا.

وعلى سبيل المثال فإن شركة ابن سينا فارما قد حققت نموا فى الأرباح بنسبة 75%.. نكرر خمسة وسبعين بالمائة، لتصل أرباحها إلى 389 مليون جنيه.. نكرر ثلاثمائة وتسعة وثمانين مليون جنيه خلال النصف الأول من العام الجارى، أما شركة "راميدا" فقد زادت أرباحها بنسبة 49% لتصل إلى 185 مليون جنيه خلال نفس الفترة.

بينما قفزت أرباح شركة "ممفيس" وهى من شركات القطاع العام بنسبة 127%.. نكرر مائة وسبعة وعشرين بالمائة خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالى المنقضى (2024- 2025) أما شركة القاهرة للأدوية وهى بدورها من شركات قطاع الدولة فقد ارتفعت أرباحها بنسبة 80%.. نكرر ثمانين بالمائة، خلال الفترة نفسها.

وفي المقابل فإن شركة مثل "جلاكسو سيمثكلاين" البريطانية العالمية، قد تراجعت أرباحها بنسبة 30% خلال النصف الأول من عام 2025، ولاحظ أننا نتحدث عن تراجع فى الأرباح وليس عن خسائر. ومع ذلك فإن إيرادات الشركة قد حققت نموا خلال الفترة نفسها (الأموال- 14 سبتمبر 2025) غير أن نتائج أعمال الشركة البريطانية "فرع مصر" يمكن أن تكون راجعة إلى كفاءة إدارتها الدولية أو المحلية أو أى مشكلات مؤقتة فيها.. وهى فى نهاية الأمر رابحة وإن تراجعت أرباحها نسبيا، وبديهى أنه ليس من مهمات الدولة المصرية الحفاظ على مستوى ربحية الشركة البريطانية والذى لا نعرف كم كان مبلغ العام الماضى؟

وأرقام البورصة تكذبهم!

اللافت للنظر أيضا أن تقرير "الأموال" المذكور يُشير –نقلا عن الخبراء– إلى أن أداء قطاع شركات الأدوية فى البورصة قد حقق نموا قويا خلال شهر أغسطس المنقضى بنسبة 8.2% (ثمانية واثنين من عشرة بالمائة) ليحتل رابعا بين أفضل القطاعات، بعد الخدمات التعليمية والمقاولات والسياحة والترفيه على التوالى، ونعتقد أن مثل هذا الأداء لا يمكن أن يحققه قطاع يخسر أو يتعرض لأى احتمال للخسارة.

مدى جدية الأسباب

وفى سياق ضغوطها على الحكومة للموافقة على رفع أسعار الأدوية تسوق الشركات أسبابا في مقدمتها:

1 – ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة

2 – زيادة التضخم

3 – زيادة الأجور وأسعار الكهرباء ومستلزمات الإنتاج

وبالنسبة لارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة، من الضرورى أن نشير إلى أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يشهد فى العام الجارى ثباتا تنافسيا مع ميل إلى الانخفاض، من أكثر من خمسين جنيها إلى أكثر بقليل من ثمانية وأربعين جنيها، وبالتالي فإن تكلفة استيراد المواد الخام تشهد انخفاضا وليس ارتفاعا، وبغرض زيادة أسعار بعض المواد الخام (المادة الفعالة) فى مصادر استيرادها فإن المفروض أن تقتصر زيادة الأسعار على الأدوية التي تدخل هذه المادة الفعالة في تركيبها، وليس المطالبة بزيادة شاملة لأسعار كل الأدوية، بما فى ذلك تلك التى لا تدخل فى صناعتها مواد فعالة مستوردة!

أما بالنسبة للتضخم فإنه يتجه للانخفاض النسبى هذا العام، علمًا بأن الارتفاع الجنونى في أسعار الأدوية هو أحد الأسباب الهامة لزيادة التضخم، فلا ينبغى زيادة الأمر سوءًا برفع أسعار الأدوية أكثر مما هى عليه.

وبالنسبة لزيادة الأجور وارتفاع اسعار الكهرباء فقد يكون هذا سببا يتمتع بدرجة من الجدية، لكن لابد أن نلاحظ حقيقة أن أرباح شركات الأدوية عالية جدا بالرغم من زيادة الأجور والكهرباء (127% - 80%- 75%.. إلخ) ومثل هذه الأرباح تحققت بالرغم من زيادة الأجور والكهرباء، وإذا تقلصت قليلا فإنها ستظل مرتفعة بصورة تزيد علي أغلب القطاعات الاقتصادية، بل وتزيد كثيرًا، وبالتالي فلا مبرر لممارسة الضغوط على الدولة من أجل تحقيق أرباح أكبر من الأرباح الفاحشة التى تحققها شركات الأدوية أصلا، بعد موجات متتالية من رفع الأسعار منذ عام 2015 حتى الآن.

وبديهى أن مسألة أسعار الدواء لها أبعادها الاجتماعية والإنسانية والوطنية والأمنية الأكثر أهمية بكثير من رغبة شركات الأدوية في تحقيق أرباح أكثر فحشا مما تحققه الآن على حساب صحة المصريين وجيوبهم، كما أن اقتصاديات صناعة الدواء وأهميتها بالنسبة للأمن القومى لها أبعاد أكبر بكثير، وسوف تكون لنا عودة إلي هذه القضايا فى أقرب فرصة.