خبراء الضرائب: 4 تحديات رئيسية تواجه تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الحديد والصلب

صناعة الحديد والصلب في مصر بين طموحات التحول الإقليمي
كشفت جمعية خبراء الضرائب المصرية عن صدور القرار رقم 127 لسنة 2025 عن وزارة المالية، والذي يتضمن تنظيمًا جديدًا لمعاملات القيمة المضافة في قطاع الحديد والصلب، حيث يُلزم الشركات بفصل الضريبة عن إجمالي الفاتورة وتوريدها مباشرة باسم المورد إلى مصلحة الضرائب.
وبحسب الجمعية، فإن هذا التعديل الإداري يهدف إلى تيسير الإجراءات الضريبية داخل قطاع يُعد من أهم دعائم الاقتصاد الوطني، وسط وجود أربعة عوائق محورية تعرقل طموح تحويل مصر إلى محور صناعي متقدم في إنتاج الحديد والصلب على مستوى المنطقة.
صناعة محورية واستثمارات ضخمة
قال أشرف عبد الغني، الخبير الضريبي ومؤسس الجمعية، إن صناعة الحديد والصلب تمثل عصبًا اقتصاديًا تعتمد عليه قطاعات كبرى مثل التشييد والبنية التحتية والصناعات الهندسية، لما تحققه من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، إلى جانب دورها في تقليل فاتورة الواردات وزيادة حجم الصادرات.
وأشار إلى أن كل وظيفة تُخلق في هذا القطاع تدعم سبع فرص تشغيل في مجالات صناعية أخرى، موضحًا أن إجمالي استثمارات هذا القطاع تجاوزت 600 مليار جنيه.
جذور الصناعة وتطورها
استعرض عبد الغني النشأة التاريخية لصناعة الحديد في مصر، موضحًا أنها بدأت في أربعينيات القرن الماضي من خلال إعادة استخدام مخلفات الحروب، قبل أن تؤسس الدولة أول مصنع متكامل في أواخر الخمسينات، والذي تطوّر لاحقًا في السبعينات إلى مجمع الحديد والصلب الشهير.
ورغم تقلّص دور الدولة الاستثماري في هذا القطاع، لا تزال مصر تحتل موقعًا متقدمًا عالميًا، حيث تأتي في المرتبة العشرين من حيث الإنتاج، وتمتلك حصة تُقدّر بـ30% من إنتاج القارة الأفريقية.
تقسيم هيكلي للمصانع
وأوضح الخبير الضريبي أن قطاع الحديد في مصر ينقسم إلى ثلاثة أنماط من المصانع:
1. المتكاملة: تبدأ من المواد الخام وحتى المنتج النهائي.
2. نصف المتكاملة: تعتمد على صهر الخردة أو الحديد الإسفنجي لإنتاج المنتج النهائي.
3. الدرفلة: تشتري عروق الصلب محليًا أو خارجيًا وتعيد تشكيلها إلى حديد تسليح.
أربعة تحديات رئيسية
وحدد عبد الغني أربعة تحديات جوهرية تعيق الانطلاقة الإقليمية لهذه الصناعة:
1. تكلفة الطاقة: الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي يزيد من تكلفة الإنتاج، ما يضع المصنعين تحت ضغط مالي مستمر.
2. المنتجات المستوردة: تواجه المصانع المحلية منافسة شرسة من الحديد المستورد، خاصة القادم من دول مثل تركيا وأوكرانيا والصين، والذي يُباع بأسعار تقل عن التكلفة الفعلية للإنتاج المحلي، مما يتطلب تدخلات تنظيمية من الدولة.
3. الطاقة الإنتاجية المعطلة: تمتلك مصر قدرة إنتاجية تصل إلى 15 مليون طن سنويًا، بينما لا يتجاوز حجم الطلب المحلي 8 ملايين طن، وهو ما يستدعي تقديم حوافز حقيقية للتصدير لتقليل الفاقد في الإنتاج.
4. العبء الضريبي: يعاني المنتج المحلي من تعدد الرسوم والضرائب المفروضة، إذ تُطبّق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14%، بجانب رسم تنمية الموارد على الحديد المستورد، فضلًا عن ضرائب الأرباح وكسب العمل والدمغة، وهو ما يزيد من تكلفة التشغيل ويحد من القدرة التنافسية.
و رغم التحديات، يرى خبراء الضرائب أن قطاع الحديد والصلب يظل أحد الأركان الاستراتيجية لبناء اقتصاد متماسك وقادر على المنافسة، إذا ما تمّت معالجة العقبات التي تعوقه، وإطلاق سياسات تحفيزية فاعلة تعزز من مكانة مصر كقاعدة صناعية إقليمية قوية.