الأموال
الخميس، 18 أبريل 2024 10:55 صـ
  • hdb
9 شوال 1445
18 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

مركز الأموال للدراسات

(ملف شامل)..دراسة مصرية للصراع  الصيني – الأمريكي ..الحلقة 3

د.نادية حلمي
د.نادية حلمي

ومن هنا نفهم تحليلياً، تنامى حالة عدم الثقة بين الشركاء الأوروبييين فى مواجهة واشنطن، وهو الأمر الذى قد يؤدى لإفشال الإستراتيجية الأمريكية لتشكيل (نظام عالمى ديمقراطى جديد وفقاً للتصورات الأمريكية)، بعد أن فقدت فيه الولايات المتحدة الأمريكية ثقة حلفائها الديمقراطييين الأوروبييين وحتى دولة نيوزيلندا الأنجلوسكسونية وفرنسا بالطبع، وعمقت من حالة الشك وعدم الثقة فى أى تحالف مستقبلى مع واشنطن.

الديموقراطيات تتحارب

وتلك الحالة تشبه لدى الباحثة المصرية تحليلياً، وترجع بذهنى لنظرية قديمة، تسمى "نظرية الديمقراطيات تحارب بعضها البعض"، حيث أن التحليل السابق يكشف لنا بالدليل أن تحالف أو إتفاقية أوكوس، هو عودة فعلية بنا لنفس المفهوم السابق المعنى ب "إنقسام البلدان الديمقراطية ضد بعضها البعض ومحاربتها لبعض بالبحث عن مصالحها الذاتية وعدم الثقة أو التنسيق المتبادل بينهم كما فى حالة صفقة الغواصات النووية الأسترالية ضد المصالح الفرنسية".

وهنا يأتى الأخطر من وجهة نظرى، بأن تنامى شعور عدم الثقة وعدم الشفافية حيال واشنطن من شركائها الأوروبييين والأنظمة الديمقراطية نفسها، قد يعيق واشنطن نفسها عن عمل أى تحالفات أخرى قادمة فى المستقبل، خاصةً مع القادة الأوروبييين والمفوضية الأوروبية ودولة نيوزيلندا الأنجلوسكسونية، نتيجةً لخيانة واشنطن ثقتهم بنقضها العهود والإتفاقيات الفرنسية مع أستراليا وبريطانيا من أجل مصالح أمريكية ضيقة موجهة بالأساس ضد الصين، وتمثل إعتداءً على السيادة البحرية للمياه الإقليمية لدولة نيوزيلندا، وتناقض إتفاقيات وتحالفات دفاعية موجودة بالأساس، كان لابد من دخول واشنطن لها لتقوية حلفائها، بدلاً من زيادة حالة الإنقسام بإنشاء تحالفات أمريكية دفاعية جديدة.

٢) إتفاقية أوكوس والإنقسام بين (دول الديمقراطيات التكنولوجية والدفاعية ضد واشنطن)، لصالح تقوية التحالفات التكنولوجية والدفاعية الصينية مع أنظمة سياسية موالية لبكين

نتائج أوكوس السلبية

كان من أبرز النتائج السلبية لإتفاقية أوكوس، ما أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الأمريكى (جو بايدن) ذاته، بإعلانه عن تحالف دفاعى جديد بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، موسعاً نطاق تقنية الغواصات الأمريكية العاملة بالدفع النووى لتشمل أستراليا، بالإضافة إلى تحالف (تقنيات الأمن الإلكترونى والذكاء الإصطناعى والقدرات البحرية تحت الماء)، كتحالف أمريكى معلن بين التكنولوجيات الديمقراطية الليبرالية الأمريكية الأسترالية فى مواجهة التكنولوجيات الرقمية الشيوعية الصينية. وهذا ينقلنا لمستوى تحليلى آخر، من خلال:

١) تأكيد الربط بين مفاهيم (التكنولوجيات الديمقراطية والديمقراطيات البحرية فى مواجهة الصين)، وغيرها. وما يؤكد الطرح السابق هو تداول مصطلح جديد على الأذهان قد أثار مخاوف الصين، بخصوص (الديمقراطيات البحرية)، بمعنى أن التحالف الأمريكى فقط تم بين (دول ديمقراطية بحرية تنتهجة الأيديولوجية الليبرالية)، مثلما قسمت واشنطن التكنولوجيا الرقمية إلى (تكنولوجيا ديمقراطية تنتهج النهج الغربى، وتكنولوجيا إستبدادية شيوعية على النهج الصينى)، وذلك بالنسبة للدول التى إستفادت من شبكات الجيل الخامس الصينية.

٢) تعمد واشنطن إدماج "عنصر التكنولوجيا بالدفاع" فى (صفقة الغواصات الأسترالية)، هى رسالة غير مباشرة لواشنطن فى مواجهة التفوق التكنولوجى الدفاعى لبكين، والتى تدفع فى المنطقة المحيطة بالإندو- باسيفيك، بعدد متزايد من الصواريخ الفائقة بسرعات تفوق سرعة الصوت بعدة مرات، والتى تفتقر القدرات العسكرية الأمريكية الراهنة لدفاعات موثوقة حيالها، فضلاً عن قدرات الحرب الإلكترونية الصينية المتقدمة، والموجهة ضد أنظمة (القيادة، السيطرة، الملاحة الأمريكية)، وضد (نظام التموضع العالمى الأمريكى)، إلى جانب تفوق الصين التقنى والتكنولوجى فى مجال إستخدام الأسلحة المتطورة المضادة للأقمار الصناعية للإقلال من الإستعانة بقدرات الإستخبارات والإنذار المبكر لدى القوات الأمريكية.

٣) جاء الرفض الصينى للشراكة الأمنية الأمريكية الجديدة مع أستراليا فى محيطها الإستراتيجى الحيوى، لأنها "صفقة أمريكية أيديولوجية بالأساس"، وتعكس (نفس عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجى الأمريكى ضد الأنظمة والدول المختلفة عنها أيديولوجياً)، مع الإصرار الأمريكى الدائم على نشر قيمها وأيديولوجياتها الليبرالية حول العالم، والتى ثبتت فشلها فى العراق وأفغانستان وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وكافة دول العالم المختلفة فى أنظمتها عما تروج له واشنطن.

٤) أطلقت الصين على العقلية الأمريكية فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، والإندو- باسيفيك، بأنه يعكس حالة من (التحيز الأيديولوجى الأمريكى لصالح دول حليفة لها على حساب القوى الدولية والإقليمية الأخرى بما فيها حلفاء واشنطن نفسها)، وهو ما أتى فى شكل إحتجاج صينى على المستوى الرسمى، عبر دعوة سفارة الصين فى واشنطن، بضرورة تخلى الولايات المتحدة الأمريكية عن (عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجى والصراع والتنافس).

٥) كذلك التحذير الصينى الرسمى إلى الولايات المتحدة الأمريكية بتأسيسها لأشكال من (التكتلات الإقصائية)، وذلك بهدف إستهداف أو إلحاق الضرر بمصالح دول أخرى كالصين.

٦) وأصدر المتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية السيد "تشاو لى جيان" بيان شديد اللهجة إعتبر فيه:

"أن واشنطن ولندن أقدمتا على تصرف غير مسؤول من شأنه أن يقوض الإستقرار الإقليمى والجهود الرامية للحد من الإنتشار النووى، بما يعنيه ذلك من تكثيف سباق التسلح النووى عبر إمداد أستراليا بالتكنولوجيا النووية الضارة بدول الجوار الأخرى كالصين"

٧) وعلى الجانب الآخر، دافعت بريطانيا عبر رئيس وزرائها "بوريس جونسون" عن تحالف أوكوس الدفاعى مع واشنطن فى منطقتى المحيطين الهندى والهادئ والإندو-باسيفيك، وإمداد الولايات المتحدة الأمريكية للجانب الأسترالى بالتكنولوجيا المتقدمة نووياً، وصرح "بوريس جونسون"، مؤكداً:

"أن إقتناء أستراليا للغواصات التى تعمل بالتكنولوجيا النووية المتقدمة يحافظ على الإستقرار الإقليمى فى المنطقة، وأن هذه الخطوة لم تهدف إلى معاداة أى دولة"

٨) تزايدت حالة "الإنقسام الأيديولوجى التكنولوجى الدفاعى والبحرى بين الولايات المتحدة والصين" فى منطقة الإندو-باسيفيك، مع إعتقاد على كافة المستويات فى الصين، بأن "إتفاقية أوكوس الدفاعية"، تعد (تهديداً للوجود الصينى فى مناطق نفوذها)، ومحاولة أمريكية تهدف إلى (تقييد الأيديولوجية الشيوعية الصينية لصالح تعزيز الأفكار والقيم الأمريكية)، والمتمركزة حول الديمقراطية والليبرالية الإقتصادية والسياسية)، والتى لا تناسب الظروف الخاصة بكل دولة على حدة كالصين.

٩) ومن الواضح هنا هذا الإصرار الأمريكى على غلبة (نمط الطابع الأيديولوجى على المنافسة الإستراتيجية بين واشنطن والصين)، بل والصراع الأمريكى ذاته الذى سيمتد إلى كافة الدول المختلفة أيديولوجياً مع القيم الليبرالية الأمريكية خلال الفترة المقبلة فى شكل (صراع أو تنافس أيديولوجى لتقسيم العالم لأنظمة ديمقراطية وأخرى إستبدادية)، وذلك وفقاً للتقسيم الأمريكى ذاته.

١١) ومن المتوقع- كرد فعل على الصفقة الدفاعية الأمريكية الجديدة مع أستراليا- أن تلجأ الصين إلى (توظيف الأداة الإقتصادية فى مواجهة المبادرات الدفاعية الأمريكية)، وذلك بتبنى الصين لأسلوب الصفقات والشراكات والإستثمارات الإقتصادية، وذلك للحيلولة دون إنحياز الدول للجانب الأمريكى فى صراعه مع الجانب الصينى.

١٢) كذلك فإن تعمد واشنطن (إدماج الديمقراطيات البحرية والغربية بنمط التكنولوجيا الرقمية الديمقراطية وفقاً لتوصيف الإدارة الأمريكية الحالية)، عبر تبادل التقنيات الأمريكية المتقدمة مع شبكة حلفائها الديمقراطييين لمواجهة التحديات الأمنية الديمقراطية المشتركة، بحيث تشمل مجالات تعاون أخرى متعددة لمواجهة التحديات الأمنية الناشئة أمام الدول الديمقراطية فى مواجهة الأنظمة الأخرى الإستبدادية وغير الديمقراطية، وفقاً لما تروج له الولايات المتحدة الأمريكية.

١٣) ومن هنا تعمدت واشنطن عقد (صفقات دفاعية وتكنولوجية ديمقراطية أى مع الدول الحليفة لها أيديولوجياً كدول ليبرالية ديمقراطية)، كما حدث مع أستراليا وبريطانيا، عبر التعاون فى عدد المجالات المرتبطة بالدفاع والأمن والتكنولوجيا الديمقراطية، مثل:

(الفضاء الإلكترونى، الذكاء الصناعى، الدفاع السيبرانى، تكنولوجيا القدرات الإضافية تحت سطح البحر)

٤) وهنا نجد تأكيد كافة الأطراف الحليفة لواشنطن ضد الصين، بأن ما يحدث هو (تحالف بين أنظمة ديمقراطية تكنولوجية وعسكرياً ودفاعياً وسياسياً ضد دول غير ديمقراطية)، وهو تقريباً نفس المنحى الذى ذهب إليه قادة الدول الثلاث (الولايات المتحدة الأمريكية، أستراليا، بريطانيا)، عبر التأكيد التام، والتصريح بعد إتمام صفقة أوكوس الدفاعية سوياً:

"بأنه كان من الطبيعى أن تتوج العلاقات التعاونية الدفاعية الممتدة بين دول الديمقراطيات البحرية الثلاث بخطوة تعزز من علاقات الصداقة والثقة التى تجمع بينهم"

تنافس أيديولوجي

١٥) ومن هنا، فالأمر شبيه بلعبة (تنافس أيديولوجى لتقسيم العالم إلى جزأين أو قسمين أو تحالفين ليبرالى ديمقراطى أمريكى، وشيوعى إستبدادى صينى)، وهو أمر تعمد الرئيس "بايدن" بإعلانه ضمنياً بأن الشراكة مع أستراليا ستأخذ نمطين أو شكلين (بحرياً، دفاعياً، تكنولوجياً). وتعمد ربطهم معاً بإسم (الديمقراطية).

١٦) ونفس الأمر السابق ينطبق على إشكالية طرح مفهوم "الديمقراطيات البحرية"، بالإستناد إلى تاريخ دول الأوكوس المشترك كديموقراطيات بحرية، أى كدول تطل على البحار وتنتهج النهج الديمقراطى.

١٧) ونجد أن تخوفات الصين بالأساس تتمحور حول الخوف من (إمتلاك أستراليا على حدودها لغواصات تعمل بالدفع النووى)، ورغبة الصين فى التفرقة ما بين (غواصات تعمل بالدفع النووى، أم صفقة غواصات أمريكية لأستراليا مزودة بالسلاح النووى، والذى حتماً سيكون موجهاً ضد الصين)، وهو ما نفته أستراليا، مؤكدة أنها (تعمل فقط بالدفع النووى وليست مزودة بأى سلاح نووى، وفق التخوفات الصينية).

١٨) وكما نعلم فإن "بايدن" أعلن عدة مرات بأن الإستثمار الأمريكى فى تشكيل تحالفات ضد الصين سواء كانت دفاعية، إقتصادية، أو تكنولوجية بالشراكة والتحالف الأمريكى مع ديمقراطيات متشابهة وفقاً للتعبير الأمريكى فى مواجهة الشيوعية الصينية، وهذا الأمر، يعد هو أكبر مصدر للقوة بالنسبة لواشنطن.

١٩) ومن هنا يمكننا فهم محاولة الولايات المتحدة الأمريكية خنق وإحتواء المحيط الإستراتيجى والحيوى للصين عبر تشكيل تحالفات أمريكية مع دول الجوار الصينى الديمقراطية وفقاً للدعاية الأمريكية، خاصةً وأن هناك تحالف آخر موجه ضد الصين أيضاً من قبل واشنطن هو تحالف "كواد الرباعى"، ومع نية الرئيس الأمريكى "جو بايدن" يوم ٢٤ سبتمبر من عقد إجتماع فى واشنطن، يهدف لتأسيس تأكيد تحالف يضم كل من (أستراليا، الهند، واليابان)، وذلك بهدف أساسى هو (إعادة إطلاق التحالف الرباعى المعروف بإسم "كواد" أو "الحوار الأمنى الرباعى")، والذى يضم تلك الدول الأربعة.

٢٠) ومن هنا نجد أن تحالف أوكوس، فضلاً عن تحالف كواد الرباعى بقيادة واشنطن وحلفائها فى المنطقة المحيطة بالصين، يهدف بالأساس لممارسة ضغوط على أنشطة بكين فى تلك المنطقة، تحت شعار مطاط غير مفهوم تروج له واشنطن وحلفائها يسمى (تحالف دول ديمقراطية)، وهو أمر غير مفهوم من دولة عظمى مثل واشنطن، والتى تهمل إختلاف توجهات وسياسات وأيديولوجيات الدول ولا تتفهم الظروف الخاصة بكل دولة على حدة.

٢١) ومما زاد من مخاوف الصين هو إعلان دول التحالف مع واشنطن بأن (الشركاء الأربعة فى تحالف كواد الرباعى)، عليهم التحالف لتعميق الإلتزام بجعل "منطقة الهند - المحيط الهادئ مفتوحة وحرة".

٢٢) ومن هنا نفهم أن تلك العبارات مجرد عبارات أو أساليب مطاطة تعتمدها واشنطن، كأدوات دبلوماسية تعتمدها واشنطن للتنديد بالتطلعات الإقليمية الصينية فى (منطقتى المحيط الهندى والهادئ وبحر الصين الجنوبى)، ثم ربطها بتطوير منظومة التكنولوجيات الديمقراطية للحلفاء مثل أستراليا.

ومن هنا يتضح لنا بالتحليل، هذا الإتجاه الأساسى لسياسة تحالفات الولايات المتحدة الأمريكية وإعتمادها صيغة أو لفظة "تكنولوجيا ديمقراطية وبحرية ديمقراطية"، وهكذا، لتقسيم العالم إلى جزأين أو جبهتين بالأساس (حلفاء ديمقراطييين مع واشنطن فى مواجهة دول غير ديمقراطية تقودها الصين)، سواء سياسياً، دفاعياً، تكنولوجياً، علمياً.... إلخ.

23- ) إنقسام (تحالف الكواد الرباعى الإقليمى) ضد الصين بقيادة واشنطن، (بتحالف الهند مع فرنسا دفاعياً، وتحالف الهند مع إيران إقتصادياً وإستراتيجياً لصالح الصين) يفشل ويقيد (تحالف الأوكوس) ضد الصين

مصر للطيران
الصين أوكوس أمريكا الصراع العالم البحري
بنك الاسكان
NBE