الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 02:32 مـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. احمد الملطاوى يكتب : واقع المجتمعات في مشاهد المسلسلات

الأموال

إن الهدف الأول من الدراما التليفزيونية هو الإضاءة على بعض مشكلات وقضايا المجتمع ونقل رسالة مباشرة أو غير مباشرة للمشاهدين ليأخذوا العبرة منها وينقلوها إلى الأجيال القادمة ، بالإضافة إلى التثقيف والإرشاد والوعي والتنمية بكافة أشكالها الثقافية والاجتماعية والسياسية، والاقتصادية والأخلاقية والدينية والفكرية والمساهمة في تحقيق التعليم والتربية.
لكن هناك تساؤلات في أذهان الكثير من الناس حول الدراما التليفزيونية المصرية أين يعيش هؤلاء الأبطال في المسلسلات ؟ أين تحدث هذه المشاهد ؟ لماذا يظهر الرجال بالبلطجة والنفوذ والمال وتجارة الممنوع ؟ ولماذا تظهر المرأة بالسفور والخيانة والغدر والإثارة؟ ولماذا يظهر رجل الدين دائما إرهابيا وقاتلا؟ هل هذه النماذج البشرية موجودة في مجتمعنا ؟ ربما تكون موجودة ولكن أظن أنه وجود نادر وقليل ، ولن تكون هذه النماذج ممثلة لواقع الشعب المصري .
والملاحظ أن مؤلفي الدراما يعتمدون على منهج يقوم على جذب الجمهور وشد انتباهه من خلال تناول موضوعات وقضايا لا تدخل نطاق خبراتهم المباشرة ، بمعنى أنهم لا يعيشونها في الواقع الحي ،وكذلك يركزون على التناقضات الاجتماعية التي يعيشها الجمهور لدرجة أن الجمهور بدأ يحس بأن هناك خلل في منظومة القيم والمبادئ التي يعتقدونها ، في مقدمتها الانحرافات داخل بعض المتدينين فركزوا على السلبيات حتى أوجد ذلك نفورا في التدين ذاته ،وامتد النفور عند البعض إلى قيم الدين ذاتها.
المرأة في المجتمع المصري لم تكن تلك المرأة التي تسيئ إليها الدراما التي تظهرها فقط في مواقف بأنها عديمة الفائدة أو مثال للإغراء والإثارة ، وأغفل دور المرأة المربية المصرية الأصيلة التي ساندت أسرتها أو ربت صغارا بعد أن مات زوجها أو أخرى تسعى لكسب العيش لتطعم صغارها ، أو من كافحت لتتعلم أو من أظهرت القيم والمبادئ حين مرض زوجها وتحملت المسئولية بدلا منه ،أو تلك التي تخلى عنها زوجها وترك لها صغارا، أو من حققت إنجازات عظيما في مجال من مجالات الحياة بالجد والشرف ، أو من تقف بجوار زوجها وتقوم بدور فعال في تربية أولادها وتعليمهم في وقت ينشغل الأب في كسب العيش لهم .
والرجل في المجتمع المصري لم يكن ذلك الرجل الذي وصفته الدراما بأن رجولته مرهونة بقوة ذراعيه والبلطجة أوبحب امرأة أو حمل سلاح أو تجارة الممنوع أو قتل وسرقة ، أو أكل حق أخيه ،يظهر الرجل بالنفوذ والقوة والمال إذا كان منحرفا في عمله وكسب المال و غفلت عن الرجل المصري الذي يتمتع بالأخلاق والتدين بطبعه وسعيه الدائم للعمل وكسب عيشه ، وتأصل العلاقات الطيبة فيه بين أهله وجيرانه وأصدقائه في العمل .
ولم يسلم الشباب والمراهقون من ذلك حيث لم يظهروا في الدراما بشكل الشباب المتحمس الواعي المتقد لصنع مستقبل بالجد والاجتهاد بل ظهروا بالبلطجة والعنف ولم يكن همهم إلا مشكلات عاطفية تبكيهم مثل النساء ولا نغفل أنهم ليسوا على درجة من الوعي تسمح لهم بإدراك واقع المشكلات الاجتماعية، وإدراك ما يمكن أن تؤديه الأعمال الدرامية من مشكلات أسرية، خاصة فيما يتعلق مثلاً بمشكلات العنوسة والطلاق والتفكك الأسري، وأن هناك تقليدا أعمى للشباب لما يرونه وإحساس الشباب بأنه ليس له قيمة أو جدوى في المجتمع وسيطرة روح اليأس والانطوائية وعدم التفاؤل والانتماء والولاء للمجتمع الأسري والمجتمعي.
حتى الأطفال أصبحو يحاكون ما يرونه في ملبسهم ومظهرهم ومالوا إلى العنف وصاروا يرددون عبارات وجمل لا يفهمون معناها وما هي إلا تقليد أعمى بمجرد أنه رأى وشاهد ،ولذا أطالب صناع الدراما بأن يحثوا على القيم والسلوكيات الحميدة كون ذلك جزء أساسي من نهضة المجتمعات، فيجب إبراز الجوانب الجيدة لها خاصة أن الدراما المصرية صناعة عتيدة لديها إرث كبير وضخم من الأعمال الثقافية والاجتماعية والسياسية والفنية والتاريخية .

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE