الأموال
الخميس، 18 أبريل 2024 08:54 مـ
  • hdb
9 شوال 1445
18 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : فى رمضان الثانى مع كورونا.. الحذر واجب شرعى

الأموال

ساعات قلائل ونستقبل شهر رمضان المعظم، بينما لايزال وباء كورونا يحاصرنا ويحاصر العالم للعام الثانى على التوالى، وعلى نحو أشد من العام السابق مع هجمة الموجة الثالثة من ذلك الفيروس اللعين والتى بدأت فى أوروبا ثم امتدت بالضرورة إلينا فى مصر قبيل حلول الشهر الكريم، ومن ثم فإن المخاوف تتزايد- بل من الضرورة أن تتزايد مع زيادة أعداد الإصابات والوفيات إذا استمر التراخى فى اتباع الاحترازات المعلومة.

ومع التقدير والتبجيل لتراث العادات والتقاليد المصرية في هذا الشهر الكريم والتي تتبدى فى تبادل الدعوات العائلية والأسرية على موائد الإفطار، وحيث تكون فرصة مواتية فى مناسبة روحية دينية للتلاقى العائلى وتقوية صلات الرحم التي تحوُّل مشاغل الحياة دون وصلها في بقية شهور السنة.

.. مع التقدير لتلك التقاليد المصرية الموروثة والحميدة، إلا أن مخاطر تفشى الوباء بدرجة خطيرة هذا العام تقتضى تعليق هذه الزيارات والدعوات.. اتباعًا ضروريًا للإجراءات الوقائية والتي أهمها تجنب التجمعات، إذ إن التجمع العائلى يُعد بيئة تتزايد فيها احتمالات نقل العدوى من أحد أفراد العائلة المصاب إلى العائلة بالكامل.

ومع العلم مسبقا بأن امتناع العائلات والأسر المصرية من تبادل دعوات الإفطار (العزومات) يبدو أمراً ليس سهلاً أو مقبولاً من الكثيرين الذين يعتبرونها مظهراً اجتماعياً يكاد يكون «مقدسًا» كما قال لي أحد الأصدقاء، لأنه تقليد متوارث من غير الممكن إلغاؤه رغم أنف كورونا!!

< < <

المبرر الذى يستند إليه الذين يصرون على تبادل وتكرار الدعوات العائلية هو أنهم يتوكلون على الله، والحقيقة أنهم متواكلون.. غافلون عن الأمر الشرعى القاضي بالأخذ بالأسباب.. أسباب الوقاية من وباء فتاك، إذ إن الأسباب هى يد الرحمن الممدودة للناس فى الأرض، ثم إنهم يغفلون أيضا أو يتغافلون عن المبدأ الإسلامى الشرعى بأنه لا ضرر ولا ضرار كما ورد فى الحديث الشريف.

< <<

وفي نفس الوقت ومع شراسة الموجة الثالثة من الفيروس التي داهمت مصر والعالم فإنه يتعين أن تختفي السهرات والتجمعات الرمضانية في المقاهى والكافيهات وكافة المنشآت السياحية، وهو إجراء يتطلب قرارا رسميا وعلي العكس تماما.. من القرار الحكومى بالسماح بحفلات غنائية في تلك الأماكن والذى يتناقض مع المناشدات الحكومية بتجنب التجمعات! وما ينطبق على المقاهى ينطبق بالضرورة على المحلات التجارية و«المولات» والتى يتدافع إليها المصريون كما اعتادوا فى رمضان وبأعداد أكثر بكثير من بقية أيام السنة، ومن ثم فمن الضرورى تحديد موعب مبكر لإغلاق تلك الأماكن.

< < <

إننى لا أريد أن أنصّب نفسى ناصحًا أو واعظًا عندما أحذّر وأنبّه إلى ضرورة توخى الحذر والتخلي المؤقت عن التقاليد والسلوكيات المعتادة فى رمضان.. تجنبًا لأسباب الإصابة بذلك الفيروس خاصة مع موجته الثالثة الأكثر شراسة والأوسع والأسرع انتشارا والذى لايزال العمل عاجزا عن هزيمته حتى الآن، وحتى اللقاحات التى لم تصل إلى كل دول العالم بل لم تصل إلى كل مواطن الدول المتقدمة والمنتجة فى أوروبا وأمريكا.. حتى اللقاحات ليست كافية للوقاية الكاملة حسبما أكد العلماء، بل إن فعاليتها تستمر لستة أشهر على الأكثر، لذا وجدتنى وبواقع أمانة القلم أن أقول كلمتى لإبراء الذمة نحو أهلى وأصدقائى ومعارفى وكل أهل وطنى.

< < <

أما عن الجانب التعبدى والروحى المندوب دينيا لإحياء ليالى رمضان بالقيام وقراءة القرآن الكريم، فإني لا أتفق مع قرار وزارة الأوقاف بالسماح لإقامة صلاة التراويح فى المساجد حتى لو تم تحديد مدتها بنصف ساعة فقط، وكأن خطر انتقال الفيروس لا يبدأ إلا بعد هذه المدة، رغم أن دقيقة واحدة كافية جدا للعدوي بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من المصلين الحريصين بدافع دينى محمود على حضور التراويح في المساجد وخاصة المساجد الكبري حسبما كنا نشاهد فى السنوات السابقة.

< <<

إن الصحيح إعمالا للمبدأ الإسلامى المستقر «لا ضرر ولا ضرار» هو وقف صلاة التراويح فى المساجد هذا العام أيضا وكما كان مقررا في رمضان العام الماضى، مع ملاحظة أن الفيروس أشد شراسة هذا العام، وأن يكون البديل الشرعى الذى لا غبار عليه هو إقامتها في البيوت.

ثم إن ثمة ملاحظة مهمة بشأن التراويح أحسبها غائبة عن عموم المسلمين والمصريين وهى أن إقامتها فى المساجد ليست من السُنَّة النبوية المشرفة، بل إنه صلى الله عليه وسلم لم يصلّها في مسجده طوال حياته في المدينة، وربما أقامها بالمسجد مرة واحدة بحسب بعض الروايات ومن المعلوم أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو الذى سَنَّ هذه السُنَّة للمرة الأولى وأقام التراويح بالمسجد النبوي، ومن ثم فإن الأصل هو إقامتها فى البيوت شأنها شأن صلاة التهجد وقيام الليل فى كل أيام وشهور السنة، حتى ولو ارتبطت على نحو خاص بشهر رمضان.

< < <

ومع التسليم بأن تعطيل التراويح والمساجد أمر محزن للمسلمين المصريين باعتبارها شعيرة ومظهرًا من مظاهر الاحتفاء بالشهر الكريم، إلا أن الوقاية من الوباء تعد أيضًا واجبا شرعيًا، وضرورة ملحة للحفاظ علي حياة الناس المؤمنين على هذه الحياة والحرص على إبقائها بتجنب إلقائها فى التهلكة، ومن ثم فإن تعريض النفس البشرية لخطر الموت جراء الوباء يُعدّ خروجا على صحيح الدين.

< < <

أما المتزيدون الذين يبدون وكأنهم الأكثر تدينًا والأكثر حرصًا على صلاة التراويح فى المساجد، فإنه مردود عليهم بأن باب التعبد مفتوح علي مصراعيه داخل البيوت بإقامة التراويح والمهم أن يتقبل الله الصيام والصلاة والأهم هو أن الأعمال بالنيّات كما جاء فى الحديث الشريف.

< <<

إن توخى الحذر للوقاية من الإصابة في هذا الشهر الكريم.. واجب شرعى وضرورى.

< < <

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE