الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 06:20 صـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : ترامب.. براءة بطعم الإدانة

الأموال

فى محاكمة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى مجلس الشيوخ الأسبوع الماضى سقط الرهان على الديمقراطية الأمريكية إذ بدت هشة وضعيفة على حد تعبير الرئيس جو بايدن تعليقاً على نتيجة تلك المحاكمة وموقف الأعضاء الجمهوريين فى المجلس الذين رفضت غالبيتهم الموافقة على إدانة الرئيس السابق بالتحريض على اقتحام الكونجرس فى السادس من يناير الماضى.

إدانة ترامب كانت تتطلب موافقة ثلثى أعضاء مجلس الشيوخ »٦٧« عضوا على الأقل أى موافقة ١٧ عضوا من الأعضاء الجمهوريين إلى جانب الـ٥٠ عضوا ديمقراطيا ولأنه لم يصوّت بالموافقة سوى ٧ أعضاء جمهوريين فقط، بينما رفض ٤٣ عضوا الموافقة على أن ترامب مذنب ومدان وهم الذين وصفتهم نانسى بيلوسى رئيس مجلس النواب بمجموعة الجبناء.. فقد نجا ترامب وتمت تبرئته وسقط الرهان على الديمقراطية داخل مجلس الشيوخ.

وباستثناء الأعضاء السبعة فإن الحزب الجمهورى سقط أيضا فى اختبار الديمقراطية وحماية الدستور بامتناع أعضائه الثلاثة والأربعين عن إدانة ترامب الذى ضبط متلبسا بالصوت والصورة وخطابه الحماسى التحريضى لأنصاره المتطرفين لاقتحام الكونجرس، ومن ثم فإنهم يعلمون علم اليقين أنه مدان بإثارة الفوضى والإرهاب وهو لايزال فى منصبه الرئاسى.

<<<

المثير أن هؤلاء الأعضاء الجمهوريين كانوا شهوداً على تلك الهجمة الإرهابية التى تعرضوا لها داخل القاعة الرئيسية بالكونجرس وكانوا شهوداً على أنهم تعرضوا للخطر والقتل وكانوا شهوداً على ما جرى فى عملية الاقتحام من تخريب وسرقة واحتلال مكتب رئيس مجلس النواب وأنهم كانوا معرضين للاختطاف أيضاً.

< < <

الأكثر إثارة هو موقف السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ والذى كان زعيم الأغلبية فى الدورة السابقة قبل أن تنحسر أغلبية الحزب إلى ٥٠ عضوا فى الدورة الحالية بالتساوى مع الحزب الديمقراطى والذى صارت له الأغلبية برئاسة كامالا هاريس نائبة الرئيس للمجلس بحكم الدستور.

المثير فى موف ماكونيل أنه أقر أثناء المحاكمة بمسئولية ترامب عن اقتحام الكونجرس وأن الغوغاء الذين اقتحموا الكونجرس ونصبوا المشنقة لنائبه مايك بنس كانوا ينفذون تعليمات رئيسهم التحريضية ورغم ذلك فإنه رفض التصويت لصالح قرار بإدانة ترامب.. مبررا ذلك الموقف المتناقض بأنه يغلب رأى بعض فقهاء الدستور الذين يعتبرون أن تفعيل مادة عزل الرئيس وإدانته لا تنطبق على رئيس غادر منصبه ورغم أن قرار مجلس النواب بالإدانة ثم قبل أن تنتهى ولاية الرئيس السابق إلا أنه استند إلى أن مجلس الشيوخ لم يتسلم القرار إلا بعد مغادرته للبيت الأبيض.

< < <

لقد حاول ميتش ماكونيل بهذا التناقض المثير ما بين إقراره بمسئولية ترامب عما جرى خلال اقتحام الكونجرس من محاولة إعاقة الديمقراطية والاعتداء على الدستور وبين رفضه التصويت لصالح قرار الإدانة.. أن يمسك العصا من المنتصف فى لعبة سياسية يجيدها كسياسى وسيناتور جمهورى وقيادة حزبية عتيدة بحيث يبدو منتقدا لمسلك ترامب وبحيث يبدو في نفس الوقت حامى حمى الحزب الجمهورى دون موافقة على جريمة ترامب، غير أن أغلب الظن أن ذلك الموقف المتناقض قد ينال من مكانته السياسية والحزبية والبرلمانية فى قادم الأيام.

< < <

رغم أن فرص إدانة ترامب كانت ضئيلة وأن تبرئته كانت متوقعة ومرجحة وفقاً لأغلب المحللين السياسيين داخل أمريكا وخارجها رغم قوة أدلة الإدانة التى لا تقبل الشك التى ساقتها لجنة الادعاء من الأعضاء الديمقراطيين ورغم تهافت دفوع فريق الدفاع والتى أثارت سخرية المتابعين فى الجلسة الأولى حيث بدا المحامي متلعثمًا ولا يقول جملة مفيدة مما أثار سخط وغضب ترامب شخصيا وهو يتابع مرافعته، إلا أن نتيجة التصويت بعد المحاكمة كانت صادمة بدرجة كبيرة بعد أن نجح الجمهوريون فى إفشال قرار الإدانة.

< <<

وبصرف النظر عن المبررات التى توزع بها الأعضاء الجمهوريين الـ٤٣ لرفض إدانة ترامب باعتبار أنه لا جدوى من صدور قرار من مجلس الشيوخ بعزل وإدانة رئيس غادر منصبه بالفعل وصار مواطنا عاديا وباعتبار أنه لا دليل مؤكدا على الربط بين خطابه التحريضى وبين اقتحام الغوغاء للكونجرس، وهذا المبرر يبدو بالفعل مثيرا للسخرية إذ إن خطاب التحريض كان واضحا ولا يقبل أى شك خاصة عبارة »سنقاتل« لتغير نتيجة الانتخابات.

إلا أن المبررات الحقيقية لموقف الأعضاء الجمهوريين هو أنهم غلّبوا مصلحة الحزب على احترام الدستور والديمقراطية والنظام السياسى، إذ إن إدانة رئيس جمهورى بانتهاك الديمقراطية والتحريض على الفوضي والعنف بالبلطجة سوف تلحق العار السياسى بالحزب ومن ثم تؤثر كثيراً سلباً على شعبيته لدى ناخبيه ومؤيديه وبما يعنى تقليل فرص نجاح مرشحيه فى المستقبل سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية ولسنوات مقبلة أى أن إدانة ترامب ستكون ضد الحزب الجمهورى فى المجمل ولصالح الحزب الديمقراطى والأهم أن هؤلاء الأعضاء الجمهوريين كانت أعينهم على انتخابات التجديد النصفى لمجلس.

الشيوخ إذا كان رفضهم لإدانة ترامب، حرصاً على مستقبلهم السياسى حيث لا تؤثر موافقتهم على الإدانة على مواقف ناخبيهم إزاءهم.

< < <

وفى نفس الوقت فقد كشف موقف هؤلاء الأعضاء الجمهوريين عن حقيقة بالغة الأهمية والخطورة وهى أن ترامب بسط سيطرته وهيمنته وحضوره الطاغى على الحزب الجمهورى إلى الدرجة التى يخشون معها من أن يعاقبهم فى حالة موافقتهم على إدانته فى تلك المحاكمة حتي لو ظهروا بمظهر الجبناء كما وصفتهم نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب.

< <<

قبل المحاكمة كان ترامب يدرس الخروج من الحزب الجمهورى وتشكيل حزب جديد فى حالة إدانته رغم أن الإدانة كانت تعنى حرمانه من الترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة أو أى انتخابات أخرى أو تولى أى منصب فيدرالى، إلا أنه بعد تبرئته سوف يستمر فى قيادة الحزب والبقاء بقوة فى المشهد السياسى للتشويش على بايدن وإدارته وممارسة دور »خميرة العكننة« استعدادا لخوض الانتخابات القادمة عام ٢٠٢٤.

وفى نفس الوقت فإن ثمة توجهات لانشقاق داخل الحزب الجمهورى لتشكيل حزب يقوده القيادات الكلاسيكية والتقليدية داخل الحزب الجمهورى والمعترضين على ممارسات وسلوكيات ترامب، ومن المفترض أن يكون من بينهم الأعضاء السبعة فى مجلس الشيوخ والذين صوتوا لصالح قرار إدانة ترامب..

يبقي أخيرا.. أنه إذا كان ترامب قد نجا من الإدانة البرلمانية فى مجلس الشيوخ بفارق عشرة أصوات »جمهورية« فإن هذه البراءة السياسية لا تعنى البراءة الجنائية كرئيس حرض على الفوضى والعنف وإعاقة عمل الكونجرس لإعاقة إعلان نتيجة الانتخابات وعلى النحو الذي بدا عدواناً على الديمقراطية وانتهاكاً للدستور ومن ثم فإنها براءة بطعم الإدانة التى قد تلاحقه أمام المحاكم وستظل تلاحقه فى قادم الأيام.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE