الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 02:24 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 د. محمد فراج يكتب : ليبيا .. تسوية فى ظل الاحتلال التركى!! (١)

الأموال

لا تغيب أخبار الصراع الدائر في ليبيا وحولها عن نشرات الأنباء والصفحات الأولى من الصحف في الفترة الأخيرة بصفة خاصة، حيث تجري جهود دولية وإقليمية حثيثة في محاولة للتوصل إلى تسوية لهذا الصراع الممتد مند عشر سنوات.
وبديهى أن تستقطب ليبيا اهتمامًا إقليميًا ودوليًا كبيرًا، فهو بلد يمتلك ثروة ضخمة من النفط والغاز، إذ يصل إنتاجه من البترول في الظروف العادية إلى أكثر من مليونى برميل يوميًا، ومن الغاز الطبيعى إلى حوالى (٤٠٠ مليار قدم مكعب/يوميا) ولديه احتياطيات بترولية تقارب الـ٥٠ مليار برميل واحتياطيات من الغاز تزيد على ٥٠ تريليون قدم مكعب.. ويتسم إنتاجه من البترول والغاز بميزة مهمة هى قربه الشديد من الأسواق الأوروبية.
الأمر الذى لا يقل أهمية هو موقع ليبيا الاستراتيجى المتميز فى منتصف الساحل الشمالى للقارة الإفريقية، حيث تتوسط كلا من مصر وتونس والجزائر.. وتمتد سواحلها لما يقرب من ١٨٠٠ كم فى منتصف البحر المتوسط تقريبا، وفى مواجهة إيطاليا واليونان وفرنسا.. أى الجناح الجنوبى (الأوروبى) لحلف الناتو.. كما تطل بحدود واسعة على الصحراء الأفريقية الكبرى (منطقة الساحل والصحراء) الممتدة جنوبا وغربا حتى سواحل أفريقيا على المحيط الأطلنطى، من نيجيريا جنوبا حتى موريتانيا والمغرب شمالا.. وتبلغ مساحة ليبيا مليونا و٧٥٠ ألف كيلو متر مربع..
لهذا كانت ليبيا دائما ـ بثرواتها الكبيرة وموقعها الاستراتيجى الفريد ـ محطًا لأطماع الدول الكبرى «ولاتزال بالطبع» وهدفًا مهمًا لشركات البترول العالمية العملاقة. وقد كتبنا فى «الأموال» أكثر من مرة عن التنافس بين شركات البترول العالمية حول الثروات النفطية الليبية. ولا يتسع المجال هنا للرجوع إلى هذه المسألة، وحسبنا أن نقول إن شركتى «إينى» الإيطالية و«توتال» الفرنسية العملاقتين تحوزان نصيب الأسد في الاستثمارات النفطية الليبية، مع نصيب أصغر كثيرًا - وغير مرض بالطبع - للشركات الأمريكية، ولشركة «بريتيش بتروليوم» البريطانية.
ومعروف أن إيطاليا كانت قد احتلت ليبيا عام ١٩١١ بعد طرد الاحتلال العثمانى، وواجهت مقاومة شعبية عنيفة ثم اضطرت لإنهاء احتلالها للبلاد بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية بعدة سنوات (١٩٥١) لكن بريطانيا وأمريكا تمكنتا من الحصول على قواعد عسكرية لتعزيز نفوذهما فى منطقة البحر المتوسط والشمال الأفريقى.. حتى تم إجلاء هذه القواعد بعد ثورة «الفاتح من سبتمبر ١٩٦٩» فأجبرت بريطانيا على الانسحاب من (٣ قواعد) فى شرق ليبيا (٢٨ مارس ١٩٧٠) وأجبرت أمريكا على الانسحاب من (٤ قواعد) في المنطقة الغربية فى ١١ يونيو ١٩٧٠ (١١ يونيو ٢٠١٩).
كما حصل الاتحاد السوفيتى على تسهيلات بحرية ـ وليس قواعد ـ فى ليبيا في عهد القذافى، فى سياق تعاون عسكرى واسع وإمدادات سوفيتية بالأسلحة للجيش الليبى.
وباختصار فإن موقع ليبيا الاستراتيجى بالغ الأهمية ظل باستمرار محط أنظار القوى الكبرى، مثلما كانت ثرواتها البترولية هدفًا ثمينًا لتلك القوى ولشركاتها.. وهذا هو الأساس فى ضرب «الناتو» لليبيا عام ٢٠١١، وليس الغيرة «الزائفة» على الديمقراطية، التى ادعتها الدول الغربية الكبرى.
وهذا هو ما يُفسِّر مواقف تلك الدول تجاه ليبيا طوال الوقت، سواء بضربها وهدم الدولة الوطنية فيها.. أو بالتدخل المكثف فى شئونها وتنصيب حكومة مرتبطة بالدول وأجهزة المخابرات الغربية (وتركيا ومخابراتها) على أساس (اتفاق الصخيرات/ ٢٠١٥) ومساندة هذه الدول لحكومة الوفاق فى طرابلس، بالرغم من أن هذه الحكومة تشكلت نتيجة للانقلاب على البرلمان المنتخب، وبالاستفادة من ميليشيات جماعة «الإخوان» الإرهابية التى لم يحصل ممثلوها على أكثر من ٢٣ مقعدًا من ٢٠٠ مقعد برلمانى للانتخابات البرلمانية في يونيو ٢٠١٤.. أى أنها كانت حكومة انقلابية جاءت على جثة الديمقراطية وأجبرت نواب الشعب على مغادرة العاصمة للنجاة بأرواحهم عن حركة اغتيالات واسعة.
ولم يكن خافيًا علي الحكومات وأجهزة المخابرات الغربية علاقة حكومة «الوفاق» الإخوانية بتركيا وبأردوغان «الزعيم الفعلى للتنظيم الدولى للإخوان» والراعى الرسمى للإرهاب الداعشى والقاعدى فى سوريا ومصر وعموم المنطقة».. كما لم يكن خافيًا على تلك الدول والأجهزة أن عصابات «داعش» و«داعش» قد بدأت تنتشر فى ليبيا ومنها إلى بلدان الساحل والصحراء.
كذلك لم يكن خافيًا على الحكومات وأجهزة المخابرات الغربية أن استناد حكومة «الوفاق» إلى الميليشيات الإرهابية والقبلية والمناطقية المتصارعة فيما بينها على النفوذ والمال من شأنه أن يعيق عملية تنظيم الهجرة غير الشرعية من دول الصحراء الأفريقية، عبر ليبيا إلى أوروبا على متن «قوارب الموت».. وأنه يمكن أن يندس بينهم إرهابيون.. فبالنسبة لأوروبا كان الرهان على تشديد الإجراءات الأمنية، وإحباط عمليات الهجرة بالقرب من السواحل الليبية.. وفي المقابل فإن الصفقات التجارية السخية «والفاسدة» مع حكومة طرابلس، بمبالغ خيالية من الاحتياطيات الموروثة عن عهد القذافى، ومن عوائد البترول كانت سببًا كافيًا للتمسك بحكومة «الوفاق» والتغاضى عن سوءاتها ومنحها صك الاعتراف الدولى «الحكومة المعترف بها دوليا».
أما بالنسبة للولايات المتحدة ـ القابعة بعيدًا وراء المحيط ـ فإن الاعتبارات الأمنية في المنطقة لم تكن تشغلها كثيرًا، خاصة أن عبأها يقع على الاتحاد الأوروبى منافسها العتيد.. وكان أهم ما يشغل واشنطن هو ترتيب وضع فى ليبيا وشرق المتوسط لا يتاح فيه موطئ قدم لروسيا، التى يجب أن تظل في حدود سوريا وسواحلها المباشرة.. ولا بأس أيضًا من نشوب منافسة بين تركيا والاتحاد الأوروبى ـ وبخاصة فرنسا.. الشريك المخالف فى الاتحاد ـ حول النفوذ فى ليبيا وشرق المتوسط، يمكن أن تقوم فيها أمريكا بدور الحكم و«الكبير» وتعزِّز نفوذها الذى تقلَّص نسبيًا فى المنطقة.. ومن هنا كان حصول أردوغان على ضوء أخضر أمريكى للعب دور متزايد فى ليبيا. وقد اتضحت هذه السياسة بصورة أكبر أثناء حكم ترامب الذى لم تكن لديه مشكلات جدية مع أردوغان، بخلاف قضية صواريخ (إس ٤٠٠) الروسية، التى لم يكن ترامب يوليها نفس الاهتمام الذى توليه إياها القيادات العسكرية، والذى كان لديه مساحات واسعة للتنسيق والتعاون مع أردوغان فى إدلب وشرق الجزيرة السورية والقوقاز (ضد روسيا.. بل وعلى حساب الأكراد جزئيا) وذلك بخلاف الديمقراطيين الذين يميلون إلى دور أكثر صرامة تجاه أردوغان.


مصر.. كان لها رأى آخر


غير أن مصر كان لها رأى آخر فى الفوضى التى عمت ليبيا وحولتها إلى مرتع للإرهاب بجوار الحدود المصرية. فمعروف أن الإطاحة بحكم «الإخوان» نتيجة لثورة ٣٠ يونيو قد وجهت ضربة قاصمة للمخطط الإرهابى فى المنطقة، الذى تقوده تركيا والذى كان يهدف لتحقيق حلم جنونى مستحيل بإحياء دولة الخلافة المزعومة (التركية) فى المنطقة، بمشاركة فاعلة من جانب التنظيم الدولى للإخوان.. ومن هنا ناصبت أنقرة النظام المصرى الجديد أشد العداء، ودعمت بشدة الأنشطة الإرهابية ضد مصر سواء فى سينا أو فى مدن البلاد والوادى والدلتا.. أو على الحدود الغربية. وتحولت منطقة الحدود الغربية لمصر (المشرق الليبى) إلى مركز للأنشطة المعادية لمصر من إرهاب وتهريب للسلاح، إلى تهريب وتجارة غير مشروعة للسلع من وإلى مصر.. وجاءت المذبحة الإرهابية ضد كمين حرس الحدود فى الفرافرة (صيف ٢٠١٤) لتدق كل أجراس الخطر لدى القوات المسلحة المصرية، ثم جاءت مذبحة الشبان المصريين الأقباط الـ٢١ فى سرت (فبراير ٢٠١٥) بما اتسمت به من وحشية استثنائية ـ ليتضح بما لا يدع مجالا للشك تواطؤ حكومة «الوفاق» مع داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية ضد مصر وشعبها، وجيشها وضرورة تطهير المنطقة الشرقية الليبية من أوكار الإرهاب دفاعا عن الأمن القومى لمصر وحدودها الغربية، وبالتالى ضرورة دعم الجيش الوطنى الليبى الناشئ وقتها «قوات الكرامة» بقيادة اللواء ـ وقتها ـ خليفة حفتر.. الأمر الذى حقق هدفا مشتركا لمصر والأشقاء فى الشرق الليبي فى تطهير المنطقة من الإرهاب، ودعم الشرعية المستندة إلى البرلمان الليبى.
ولقى هذا التوجه المصرى دعمًا من جانب السعودية والإمارات العربية، المضارتين من الأنشطة التوسعية التركية فى الخليج، والدعم التركى - القطرى لأنشطة «الإخوان» الإرهابية فى المنطقة.
ومن ناحية أخرى فقد وجدت روسيا فى التوسع التركى في ليبيا إخلالا غير مقبول بطلاقات القوى فى الشرق الأوسط، وقطعا للطريق عليها لإقامة علاقات متوازنة بهذا البلد وحكومته «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية بحكم القانون فى روسيا، كما أن تركيا تقوم بعدوان واسع النطاق ضد سوريا (خليفة روسيا).. وهى تقوم كذلك بأنشطة مزعزعة للاستقرار فى القوقاز (الحديقة الخلفية لروسيا) ـ ومن الصعب علي موسكو القبول بكل هذا التمدد الاستراتيجى التركى عند حدودها الجنوبية.. أما فرنسا فقد وجدت فى التوسع التركى فى ليبيا إخلالا بعلاقات القوي في البحر المتوسط، وتهديدا لمصالحها البترولية والنفطية فى بلاد المختار.. وكذلك تهديد محتمل لنفوذها التقليدى فى بلدان الساحل والصحراء الناطقة بالفرنسية..
وهكذا بدأ «الشرق» والجيش الوطنى الليبى يجد الدعم المادى والمعنوى من جانب عدد من القوى الإقليمية والدولية المهمة.. وهو ما ساعد على اشتداد عود الجيش الوطنى «حفتر» وتقدمه لتطهير المنطقة الشرقية من البلاد تماما، ثم المنطقة الجنوبية والطريق الساحلى وصولا إلى سرت.. ومنطقة الهلال النفطى ذات الأهمية الاستراتيجية القصوى، بحيث أصبح الجيش الوطنى مُسيطرًا على الغالبية الساحقة من الحقول النفطية في منطقة «الهلال النفطى» وجنوب البلاد.. ليصل بعد ذلك إلى مشارف طرابلس (ابريل ٢٠١٩) ويبدأ في حصارها، فارضًا سيطرته على الجزء الأكبر من ساحة البلاد، وعلى حقول النفط ومتمتعًا بدعم إقليمى ودولى واسع نسبيا.


المجتمع الدولى يتحرك.. أخيرا


هذا الوضع بالتحديد هو ما جعل المجتمع الدولي (الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة) يبدأ فى التحرك سعيًا إلى التسوية وفى الوقت نفسه كانت تركيا تتحرك ـ بضوء أخضر أمريكى ـ لإمداد حكومة «الوفاق» بكميات ضخمة من الأسلحة المتقدمة، وبمستشارين وخبراء عسكريين، وبآلاف من المرتزقة «السوريين» وسط تحذيرات أمريكية لقوات «حفتر» من اقتحام طرابلس.. وبينما كانت الاستعدادات العسكرية التركية تكتمل فى طرابلس ومصراتة وبقية مدن وبلدات المنطقة الغربية، فاجأ أردوغان والسراج العالم بالإعلان عن توقيع اتفاقيتين إحداهما للتعاون العسكرى بين تركيا وحكومة الوفاق، والثانية لتحديد الحدود البحرية.. وقد كتبنا عنهما فى «الأموال» فى حينه (ديسمبر ٢٠١٩) وحسبنا هنا القول بأنهما غير شرعيتين.. كما قامت قوات الوفاق بهجوم مضاد بدعم واسع النطاق من الطائرات بدون طيار التركية «بيرقدار» وانسحبت قوات «حفتر» لمسافات بعيدة عن طرابلس وصولا إلى (خط سرت ـ الجفرة) علمًا بأن المعارك لم تصل إلى هذه المناطق، ولا إلى قاعدة «الوطية» الجوية.. الأمر الذى يشير إلى ضغوط أمريكية فى الكواليس.. كشفت عنها تحركات لقائد قوات «أفريكوم» الأمريكية والسفير الأمريكى فى ليبيا!!
وبالرغم من ذلك فإن خط (سرت ـ الجفرة) ظل مانعا دفاعيا استراتيجيا قويا يحمى منطقة «الهلال النفطى»، كما ظلت حقول الجنوب فى يد قوات «حفتر».. كورقتين تفاوضيتين قويتين للغاية.


مؤتمر برلين


وإزاء هذه الأوضاع العسكرية المتوترة تسارعت الجهود لعقد مؤتمر برلين (يناير ٢٠٢٠) على مستوى القمة بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.. وجاءت مقررت «قمة برلين» لتنص على إعادة توحيد البلاد وضمان استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها وانسحاب جميع القوات الأجنبية (النظامية والمرتزقة منها) وحل الميليشيات ومنع توريد السلاح إليها تنفيذا لقرار مجلس الأمن، وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، لتشكيل هيئات للسلطة الوطنية تعبر عن إرادة الشعب الليبى.
وبالرغم من أن شيئا من هذا كله لم يحدث، فقد مارست الولايات المتحدة ضغوطا شديدة (علنية) على الجيش الوطنى وبرلمان «الشرق» لرفع الحظر عن تصدير البترول الليبي، الأمر الذى يعنى التخلى عن ورقة تفاوضية بالغة الأهمية فى بند الجيش والبرلمان الوطنيين.. وتم الاتفاق على هذا فعلا فى سبتمبر ٢٠٢٠ فيما عُرف بـ«اتفاق حفتر - معيتيق» الذى خفف الحصار المالى والنفطى عن حكومة الوفاق بدرجة كبيرة.


سياحة المفاوضات!!


غير أن شيئا من الأهداف التى حددتها مقررات قمة برلين لم يتحقق، بل يمكن القول إن هذه الأهداف قد ابتعدت أكثر فى غضون السنة المنقضية منذ (القمة) حتى الآن، بالرغم من المفاوضات التى تجرى على مسارات مختلفة سياسية وتشريعية ودستورية واقتصادية وعسكرية.. وفى بلدان متعددة من سويسرا إلى المغرب وتونس ومصر وليبيا نفسها، حتى أصبح ممكنا أن نطلق عليها اسم «سياحة المفاوضات» مختلفة المستويات وأعداد الوفود، التي لم تسفر عن نتيجة جدية حتى الآن.. فالقوات التركية يزداد عددها في البلاد وقد أصبحت تسيطر على عديد من القواعد العسكرية الاستراتيجية فى البلاد «بحرية فى ميناء مصراتة/ وجوية فى (الوطية) ومعيتيقية ومطار مصراتة وغيرها»..
كما جلبت تركيا نحو عشرين ألف مرتزق إرهابى (سورى) من إدلب وغيرها من مناطق الشمال السورى بينهم أكثر من ألفى إرهابى تونسى أغلب الظن أنهم تسربوا بالفعل إلى مناطق النشاط الإرهابى فى جنوب تونس.. ودعا مسئولون أتراك وقطريون حكومة «الوفاق» لمنح الجنسية الليبية لمن يشاء منهم لتوطيد وجودهم فى البلاد!! وتتعامل الحكومة التركية معهم بكل أريحية.. فقد نقلت نحو ألف منهم خلال الشهور القليلة الماضية إلى أذربيجان للقتال ضد أرمينيا.. ثم أعادت بعضهم، وبدأت خلال الأسابيع الأخيرة تجلب مرتزقة من ذوى المهارات القتالية النوعية إلى ليبيا.
أما عن تدفق الأسلحة التركية بمختلف أنواعها على الغرب الليبى، فحدث ولا حرج! سواء كان ذلك يتم عبر جسور جوية من طائرات النقل الثقيل.. أو بالطريق البحرى، وتحت سمع وبصر القوة الأوروبية المنوط بها منع نقل السلاح إلى ليبيا (قوة إيرينى).. وغنى عن البيان أن هذا كله ليس انتهاكًا لمقررات برلين فحسب، بل ولمقررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن في هذا الصدد.


اتفاق جنيف.. حبر على ورق


بعد مناورات ومراوغات طويلة أعقبت «قمة برلين» دون نتيجة تُذكر، بدأت تركيا و«الوفاق» تحشدان قواتهما فى اتجاه «خط سرت ـ الجفرة» وتهددان باقتحامه من أجل تحرير بقية ليبيا!! الأمر الذى دعا مصر إلى حشد قواتها على الحدود الشرقية لليبيا، وأصدر الرئيس السيسى تحذيره الشهير بأن «خط سرت ـ الجفرة.. خط أحمر» محذرًا من أن مصر ستتدخل عسكريا على الفور فى حالة مهاجمة الخط المذكور من جانب القوات التركية وحلفائها.
وتراجعت القوات المذكورة عن تهديداتها بالهجوم.. لكنها لم تكف عن توجيه الحشود إلى أماكن قريبة من الخط الأحمر.. وإزاء هذا التوتر المتصاعد تحركت الجهود الدولية مرة أخرى تحت إشراف الدبلوماسية الأمريكية «ستيفانى ويليامز» المبعوث الدولى إلى ليبيا بالإنابة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار دائم، يفتح الباب أمام جهود التسوية.. وتم بالفعل التوصل إلى «اتفاق جنيف» تحت إشراف السيدة «ويليامز» (٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠) الذى يتضمن ترتيبات لتأكيد وقف إطلاق نار دائم وترحيل المرتزقة الأجانب وحل الميليشيات الإرهابية والقبلية والمناطقية، وإدماجها فى قوات عسكرية وأمنية مشتركة موحدة على النطاق القومي.. وسنوضّح فيما يلى من دراستنا كيف أن شيئا من هذا كله لم يحدث.
غير أن الأمر الخطير حقًا هو أن «اتفاق جنيف» لم يتضمن أى إشارة إلى انسحاب القوات التركية من ليبيا، الأمر الذى يجعل أى اتفاقيات للتسوية تجرى فى ظل استمرار الاحتلال التركى ويتضمن اعترافًا ضمنيًا بشرعية الاحتلال وعلاوة على ذلك حماية ذلك الاحتلال للميليشيات الإرهابية سواء من المرتزقة الإرهابيين أو من الإرهابيين المحليين.. وهو ما ينسف أى تسوية من الأساس..
وللحديث بقية..

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE