الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 01:57 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د .احمد الملطاوى يكتب : وهم الغرور في حب الظهور

الأموال

نشاهد في الآونة الأخيرة من محبي الظهور على صفحات ومواقع الانترنت بنشر محتوى لا يسمن ولا يغني من جوع ، وربما وجدناه يخالف الدين والشرع ومبادئ الأخلاق فنرى رجالا تخلو عن رجولتهم وصاروا كعارضين في سيرك ،وهناك نساء خلعن رداء الحياء وكشفن عوراتهن ، وهناك أطفال تخلوا عن براءتهم وسجيتهم ، وأصبح الحديث في الدين والعلم مباحا لكل من أراد أن يرتدي رداء الشيوخ والعلماء ، ونرى الأدوار فيها تبدلت حتى تاهت في أذهاننا الأسماء .

والغريب أن هذا المحتوى الذي ينشره محبي الشهرة والظهور رغم أنه يخلو من معنى أو قيمة ، بل يفسد أجيالا ، إلا إنه يلاقي إقبالا شديدا لا يمكن أن يتصوره أحد ،وصار هو الأكثر رواجا وانتشارا بين الفئات العمرية من أطفال وشباب وشيوخ ونساء .
إن الشخصيات المريضة بحب الظهور في داخلها رغبة جامحة في لفت انتباه الغير لها لدرجة كبيرة تصل إلى أن يصاب المريض بالهوس في البحث عن إعجاب الآخرين ، وهناك حالات ليس لهم هدف إلا الدعاية لأنفسهم فيخالف المنطق والعقل قولا وفعلا لكي يعرفه الناس وينطبق عليه المقولة الشهيرة ( خالف تعرف ).
إن مرضى محبي الظهور يحاولون جذب الانتباه بالإتيان بالغرائب وإظهار الثقافة لكي يمدحه الناس ويظهر تدينه حتى يحترمه الآخرون ، ويحاول سد النقص عنده بالتصدر في المجالس ، وعلو الصوت في أي مجلس يجلس فيه وإن كان كلامه غالبا ليس في مقامه ،ويردد في كلامه الأنات مثل ( أنا ـ ولي ـ عندي ) .
ويؤكد علماء النفس أن سمة حب الظهور للفت انتباه الآخرين إليه هي حاجة نفسية غريزية لا تختلف عن الحاجات البيولوجية للإنسان مثل حاجة الجسم إلى الطعام والهواء والشراب فنجد مثلا طفلا يكسر أشياء بطريقة العمد وهو حينئذ ليس له هدف إلا جذب الانتباه إليه. والغريب أن هذه الصفحات والمواقع صار الناس ينشرون عبر حساباتهم حالتهم النفسية من حزن أو فرح أو سعادة أو شقاء أو غضب أو حب أو كره ، بل زاد الأمر أن بعض الناس ينشرون حياتهم الشخصية داخل بيوتهم ، فهذا رجل يتغزل في امرأته ، وهذا يهنئ حبيبته ، وهذه امرأة تبارك لزوجها نجاحا أو تشكو منه مرارا ، وغيرها تأخذ أراء الناس في أثاث منزلها ، وهكذا أصبحت البيوت مكشوفة بلا عورة .
وفي كتاب صيد الفوائد تحت عنوان : (الشهرة وحب الظهور يقسمان الظهور) يقول : البحث عن الشهرة خلل في عقيدة التوحيد وانقلاب في مفاهيم الغاية البشرية في الوجود ونكسة في ترتيب الاهتمامات فهي الصورة التطبيقية للرياء المحبط للأعمال في ميزان الشريعة ...أما من اشتهر بالعلم أو الزهد والورع بنية صالحة وعمله خالص لوجه الله فإنه خارج عن هذه الدائرة.
فيجب علينا أن نتقي الله فيما نعمل ، فلا يكون محتوى ما ننشر مخالفا للدين والشرع والأخلاق التي نشأنا عليها ، وأن يكون خالصا لوجه الله والهدف والنية من وراء ما يقدم هو منفعة الناس فإن كان المحتوى مفيدا والنية صالحة ولوجه الله فلا مانع من ذلك ، فهناك من العلماء والدعاة والأدباء والمفكرين مشهورون ولكن لم يكن هدفهم في عملهم البحث عن الشهرة وحب الظهور ولكن كانت غايتهم منفعة البشر ومصالحهم .

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE