الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 12:22 صـ
  • hdb
15 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : 4   أسابيع فاصلة بين رحيل ترامب ورئاسة بايدن

الأموال

جاء إقرار السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ الأمريكي فى كلمته المقتضبة أمام المجلس بخسارة دونالد ترامب للانتخابات وفوز جو بايدن وتأكيده على أن الولايات المتحدة بات لها رئيس منتخب جديد ونائبة رئيس منتخبة بمثابة طي لصفحة الانتخابات وإنهاء الجدل والتشكيك الذى ظل ترامب ولايزال يواصله، خاصة أن هذا الإقرار جاء علي لسان أحد أبرز قيادات الحزب الجمهورى «حزب ترامب».
أهمية إقرار ماكونيل بهزيمة ترامب أنه جاء غداة تصويت أعضاء المجمع الانتخابى في الولايات المتحدة الأمريكية تأكيدًا لفوز بايدن بالرئاسة بحصوله علي ٣٠٦ أصوات من إجمالى أصوات المجمع (٥٣٨) صوتًا وبفارق ٣٦ صوتا من عدد الأصوات التى تحسم الفوز وهو٢٧٠ صوتا.. وهو الرقم الذى يوصف بالرقم الذهبي ومن ثم فإنه بقدر ما حسم المجمع الانتخابى فوز بايدن بقدر ما جاء إقرار ماكونيل اعترافًا بهذا الفوز وحسمًا لموقف الحزب الجمهورى ذاته إزاء تشكيك ترامب.
وفي نفس السياق جاء إعلان النائب الجمهوري من ولاية ميتشجن الانسحاب من الحزب.. احتجاجًا علي ما وصفه استمرار التشكيك فى فوز بايدن بمثابة اعتراف آخر من أحد قيادات الحزب بخسارة مرشحه ترامب، وهو ما يمثل ضربة قوية وفي الصميم لترامب.. رفضًا للتعصب الأعمى والاعتراض على الخيار الديمقراطى..
<<<
المثير هو أنه بعد أن حسم المجمع الانتخابى فوز بايدن وبعد أن أقر بذلك زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ وهنأ بايدن بالفوز، وبعد انسحاب نائب ولاية ميتشجن من الحزب الجمهورى احتجاجًا على التشكيك فى النتيجة، فإن ترامب وبعض مؤيديه يواصلون المناكفات الانتخابية في هذه اللحظة.
واستمرارًا لتلك المناكفات فإن ترامب يراهن.. واهمًا علي تغيير نتيجة الانتخابات من خلال رهانه علي اعتراض النواب والشيوخ الجمهوريين في الكونجرس على التصديق على النتيجة فى جلسة يوم ٦ يناير المقبل المقررة للتصيق على تصويت المجمع الانتخابى، باعتبار أن هذه هى الفرصة الأخيرة والقشة التى يتشبث بها لإنقاذه من الغرق فى بحر الهزيمة المؤكدة.
<<<
والحقيقة هى أن رهان ترامب على جلسة الكونجرس يُعد رهانًا خاسرًا بكل المعايير إذ لن يكون بحضور النواب والشيوخ الجمهوريين حتي وإن كان بعضهم مؤيدًا لموقف ترامب أن يرفضوا التصديق على النتيجة باعتبار أن مثل هذا المسلك يمثل انتهاكًا للديمقراطية وللنظام الانتخابى.. غير مسبوق فى التاريخ السياسى الأمريكى ومن ثم فإنه من غير المتصور حدوثه.
<<<
وعطفًا على إقرار زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ بفوز بايدن.. جاءت مطالبة زعيم الأقلية الديمقراطية للرئيس ترامب بضرورة الاعتراف بخسارته وطى صفحة الانتخابات والإقرار بالأمر الواقع.. ليحذو بذلك حذو ماكونيل ومن ثم إنهاء رئاسته والخروج بشرف وكرامة على حد تعبيره.
<<<
واقع الأمر أن ترامب لم يبق له فى مدة رئاسته سوى شهر واحد غير أنه وبحسب طبيعة شخصيته سوف يستمر فى مناكفاته الانتخابية التى بدأها منذ ٣ نوفمبر الماضى والتى أسفرت عن فشل ذريع فى تغيير النتيجة التى باتت معترف بها من الجميع، وفي كل الأحوال سوف يغادر البيت الأبيض صاغرًا قبل ظهر يوم ٢٠ يناير المقبل.. موعد تنصيب الرئيس المنتخب بايدن رئيسا للولايات المتحدة لمدة أربع سنوات قادمة، غير أن لن يغادر منصبه بشرف وكرامة حسبما نصحه زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ.
<<<
ومع أنه من المؤكد أن الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ سوف يصدق على أصوات المجمع الانتخابي فى جلسة ٦ يناير المقبل، وأن غالبية الجمهوريين فى الكونجرس سوف لا يثيرون أى اعتراضت على النتيجة وتصويت المجمع الانتخابى إلا أنه يبقى من المتوقع أن يُقدم بعض الجمهوريين المؤيدين لموقف ترامب على إثارة بعض المشكلات والاعتراضات ورغم أنهم فى النهاية سوف يصوّتون لصالح فوز بايدن، إلا أن هذا المسلك الذي لن يغيّر من النتيجة سوف يكون من شأنه التشويش والتشكيك فى مصداقية النظام الانتخابى الأمريكى حسبما فعل ترامب.
< < <
الأمر الآخر هو أنه رغم إقرار زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ بفوز بايدن وهو الإقرار الذى سبقه إليه نواب وشيوخ جمهوريون آخرون.. علنا وسرًا، فمن المؤكد أن الحزب الجمهورى يشهد حاليا حالة انقسام حادة علي نحو غير مسبوق مع تباين مواقف قياداته وقواعده إزاء نتيجة الانتخابات وبسببها وبسبب تشكيك ترامب.
من الواضح أن هذا الانقسام داخل الحزب الجمهورى سوف يستمر لفترة طويلة قادمة إلى أن يُدرك أعضاء الحزب وقياداته أن هذا الانقسام هو «الإنجاز» الوحيد الذى حققه ترامب لحزبه الذى رشحه للرئاسة قبل أربع سنوات من خارج الدائرة السياسية ومن خارج المؤسسة، فاستحق أن يوصف بأنه رئيس غير مؤهل لهذا المنصب الرفيع فى أقوى دولة في العالم.
انقسام الحزب الجمهورى ليس فقط ما تسبب فيه ترامب ولكن أيضا انقسام المجمع الانتخابى حسبما تبدّى فى مظاهرات السود قبل عدة شهور ضد عنصرية رجال الشرطة البيض والتى تعاطى معها ترامب بعنصرية أيضا، وحسبما تبدى أيضا مؤخرا فى مظاهرات مؤيديه رفضا لهزيمته واشتباكهم مع رجال الشرطة، ولذا فإذا كان ترامب قد خسر الانتخابات فإن حزبه الجمهورى قد خسر وحدته والأهم أن أمريكا كلها باتت منقسمة أيضًا وخسرت توحُدها.
<<<
وفى نفس الوقت فإنه من الواضح أن ترامب المهزوم «الجريح» لن يتورع خلال الشهر المتبقى له فى الرئاسة من الإقدام على إجراءات وقرارات ثأرية هوجاء.. كان أولها إعلانه عن استقالة وليام بار وزير العدل قبل أعياد الميلاد (ليقضى العيد مع عائلته) بحسب تعبيره وهو تعبير يعكس السخرية والاستهزاء من أحد أعضاء إدارته المقربين بقدر ما يعكس الانتقام الشخصى من الوزير لأنه لم يُلب طلبه فى الحصول من خلال تحقيقات على معلومات تُؤكد حدوث تلاعب فى الانتخابات، حيث أكد الوزير أن التحقيقات لم تتوصل إلى حدوث أى تلاعب أو تزوير.
ورغم إعلان الوزير من أنه استقال بمحض إرادته دون أى ضغوط إلا أنه من المرجح أن ترامب أجبره على الاستقالة أى أنه أقيل، وسواء كانت إقالة أو استقالة فمن المرجح أيضا أنه لن يكون الأخير فى إدارة ترامب الذي سيغادر منصبه قبل ٢٠ يناير.
< < <
أما الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن فقد جاءت أولى كلماته عقب تصويت المجمع الانتخابى وإعلانه رسميا الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة بالغة الذكاء السياسى والاجتماعى فى مخاطبة الأمريكيين وعلى النحو الذى يعكس ويؤكد حنكة سياسية عميقة وخبرة سياسية طويلة ومتراكمة عبر خمسين سنة من العمل العام حسبما تبدى واضحًا عندما قال إن الديمقراطية متجذرة فى أعماق الشعب الأمريكى وأن شعلة الديمقراطية متقدة فى أمريكا منذ زمن بعيد.
بهذه العبارات المؤثرة يُدشن بايدن رئاسته وفوزه.. استنادًا إلى نتيجة الانتخابات وحصوله على أعلى الأصوات فى التصويت الشعبي (أكثر من ٨٠ مليون صوت) وحصوله على ٣٠٦ أصوات في تصويت المجمع الانتخابى، وهو إشارة غير خافية الدلالة إلي أن فوزه بالرئاسة جاء عبر الآليات الديمقراطية فى النظام الانتخابى الأمريكى، ومن ثم فإن فوزه كان خيارًا ديمقراطيا حسبما يعتز الشعب الأمريكي بهذا الخيار.
يبقى أخيرا التوقف أمام حديث المرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة هيلارى كلينتون من النظام الانتخابى الرئاسى فى أمريكا، حيث ترى ضرورة تغييره ليتم الاحتكام فقط إلى التصويت الشعبي العام لانتخاب الرئيس بدلا من النظام الحالى الذى يحتكم فقط إلى أصوات المجمع الانتخابى في كل الولايات، إذ قد يحصل المرشح الخاسر على أعلى الأصوات فى التصويت الشعبي ولكنه يخسر فى تصويت المجمع الانتخابى وهو ما حدث معها شخصيا فى الانتخابات السابقة عام 2016 أمام دونالد ترامب كما حدث أيضا مع المرشح الديمقراطى آل جور أمام جورج بوش الابن.
ورغم أن جو بايدن فاز فى التصويت الشعبى العام وفاز أيضا بأصوات المجمع الانتخابي إلا أن حديث هيلارى وانتقادها للنظام الانتخابى الحالي والذى أفقدها الفوز قبل ٤ سنوات يبدو مقنعًا وله وجاهته من الناحية الديمقراطية حيث كان ولايزال هذا النظام المعقد مثار استغراب خارج أمريكا وأحسبه بدأ يثير الاستغراب والانتقاد داخل أمريكا بعد حديث هيلارى.
< < <
في انتظار جلسة الكونجرس يوم ٦ يناير المقبل للتصديق النهائى علي تصويت المجمع الانتخابى وفوز بايدن وهي جلسة إجرائية وتحصيل حاصل، فإنه لن يبقى لدى ترامب بعدها سوى ١٤ يومًا يغادر بعدها منصبه والبيت الأبيض ليبدأ جو بايدن رئاسته وتبدأ أمريكا مرحلة سياسية جديدة.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE