الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 05:47 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : السودان يغرق ويستغيث

الأموال

هذه الكارثة المأساوية التى داهمت السودان والسودانيين منذ الأسبوع الماضى بفعل ضخامة الفيضانات غير المسبوقة منذ مائة عام، والتى تفاقمت أخطارها نتيجة سقوط الأمطار الغزيرة بمعدلات كبيرة تفوق معدلاتها الموسمية المعتادة سنويا.. هذه الكارثة التى ضربت أرجاء السودان (١٧ ولاية من بين ١٨ ولاية) سوف تمتد وتستمر تداعياتها الخطيرة.. بيئيًا وحياتيًا وصحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا لشهور طويلة قادمة وربما سنوات حتى تعود الحياة إلى طبيعتها فى هذا البلد الشقيق المنكوب.
< < <
وبحسب ما تنقله شاشات التليفزيون وحيث أغرقت مياه الفيضانات والأمطار والسيول المدن والقرى وخلّفت آثارًا مدمرة خاصة فىِ الخرطوم العاصمة ملتقى النيلين الأزرق والأبيض وكذلك فى «أم درمان» العاصمة الثانية.. فإن المشهد السودانى بدا وبحق كارثيًا ومأساويًا.
فداحة الكارثة تشهد بها أوضاع السودانيين الذين انهارت بيوتهم وباتوا بلا مأوى وسط بحيرات من المياه التى حولت مناطق المدينة الواحدة إلى جزر منعزلة بلا طعام أو مياه شرب ولا كهرباء.
<< <
ولأن الفيضانات عزلت مناطق السودان عن بعضها وأعاقت التنقل فيما بينها ومن ثم أعاقت توصيل مواد الإغاثة إلى السودانيين المحاصرين، فإن الكارثة كشفت بوضوح عن ضعف البنية التحتية وغيبة الاستعدادات والجاهزية للتعاطى مع تلك الأوضاع المباغتة بسبب عجز إمكانيات الدولة السودانية التى تعانى فى الأساس من أزمات اقتصادية وعدم القدرة على مواجهة أزمات أقل بكثير جدًا من كارثة الفيضان المدمر.
< < <
هذه الأوضاع الكارثية والمأساوية التى يعيشها السودان والسودانيون حاليًا تُنذر بمخاطر أخرى لا تقل عن خطر انهيار البيوت وتشريد مئات الآلاف متمثلة فى خطر تفشى الأوبئة والأمراض الخطيرة بحسب تحذيرات وزارة الصحة السودانية ذاتها من تفشي الكوليرا والأمراض المعوية الخطيرة، إضافة إلى كورونا المتفشى أصلا، وهو الأمر الذى يُنذر بعواقب وخيمة من شأنها أن السودان بات مهددًا بكارثة صحية غير مسبوقة أيضًا.
<<<
وفى نفس الوقت فإن تحذيرات الخبراء من ظهور وانتشار الأفاعى والثعابين والعقارب تكشف عن خطر آخر يهدد حياة السودانيين ويعرضهم لخطر الموت.
ومع ملاحظة ضعف المنظومة الصحية فى السودان الذى يواجه نقصًا كبيرًا جدًا فى الإمكانيات الطبية والدوائية لمواجهة الأوبئة والأفاعى، فإن الشعب السودانى بات فى حاجة مُلحة وعاجلة إلى تدفق مساعدات كبيرة جدًا.. دوليًا وأفريقيًا وعربيًا لإنقاذه من هذه الكارثة المفجعة.
< < <
غير أنه من المثير للأسى والأسف أن هذه المساعدات الإغاثية مازالت غائبة حتى الآن عن هذا البلد العربى الأفريقى سواء من جانب الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقى أو الدول العربية باستثناء بعض المساعدات العربية التى لا تكفى على الإطلاق مقارنة بحجم الكارثة رغم استغاثة الحكومة السودانية بالمجتمع الدولى طوال الأيام الأخيرة.
< < <
إن غياب المجتمع الدولى والعربى عن الحضور فى هذه الكارثة المأساوية يكشف عن استهانة فاضحة وغير إنسانية بالسودان والشعب السودانى مقارنة بحضوره اللافت فى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت مع هرولة الدول الأوروبية وفى مقدمتها فرنسا التي سارع رئيسها ماكرون إلى زيارتها بعد ٤٨ ساعة من الانفجار ثم توالت زيارات المسئولين الأوروبيين وآخرهم رئيس وزراء إيطاليا ثم مع مسارعة الدول العربية إلى إرسال الدعم ومواد الإغاثة فورًا.
< < <
ولذا فإن غياب الاهتمام الدولي والعربى عن إغاثة السودان فى مواجهة كارثة تفوق كارثة بيروت إنما يكشف عن ازدواجية المعايير الدولية والإنسانية بقدر ما يكشف فى نفس الوقت عن التمييز بين الشمال والجنوب خاصة فيما يتعلق بالدول العربية حسبما اتضح في الحالة السودانية مقارنة بالحالة اللبنانية.
هذه الازدواجية وهذا الخلل فى المعايير الدولية فى التعاطى مع الكوارث الإنسانية التى تواجهها الشعوب يعنى بكل وضوح أن المعيار السياسى المستند إلى المصالح السياسية وغيرها يعلو فى حقيقة الأمر على المعيار الإنسانى، مع ملاحظة أن مقارنة ما جرى مع لبنان مع ما جرى فى الحالة السودانية لا تعنى على الإطلاق التقليل من التعاطف مع لبنان أو انتقاد سرعة الدعم الذى تلقاه دوليًا وعربيًا.
< < <
يبقى أن هذا الفيضان المدمر الذى هاجم السودان مع معدلات حجم الأمطار التى هطلت يكشف عما حذر ويُحذر منه الخبراء من خطر تغير المناخ بفعل انبعاثات عوادم المصانع فى الدول الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة التى أخرجها الرئيس ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، باعتبار أن هذا التغير من شأنه إحداث خلل في معدلات الأمطار خاصة التى تتعرض لها القارة الأفريقية وتحديدًا فى دول حوض النيل، ولذا وبحسب نصائح الخبراء فإنه يتعين التنسيق الفنى والهندسى بين دول الحوض خاصة في مصر والسودان وإثيوبيا وأوغندا للتعامل مع الفيضانات والسيول والأمطار للتوصل إلى آليات هندسية وفنية لتجنب أى كوارث قادمة.
< < <
ويبقي أخيرًا.. أن السودان يغرق والسودانيون الذين تهدمت منازلهم يعيشون أسوأ كارثة إنسانية وصحية وبيئية.. إن السودان يستغيث بالمجتمع الدولي والعربي الذى مازال متقاعسًا عن الإغاثة والدعم والمساعدة!

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE