الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 05:41 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب :عن حكومة تونس الجديدة.. وحكومة لبنان المرتقبة.. تحت تهديدات وتحذيرات ماكرون

الأموال

بينما خرجت الحكومة التونسية الجديدة برئاسة هشام المشيشى إلى النور بعد أن منحها البرلمان الثقة فى جلسة امتدت إلى ما بعد منتصف ليلة الأربعاء الماضى بأغلبية ١٣٤ صوتًا مقابل معارضة ٦٧ صوتًا، فإن ثمة حكومة جديدة أخرى فى لبنان برئاسة الدبلوماسى مصطفى أديب من المقرر تشكيلها خلال مهلة ١٥ يومًا تبدأ من يوم الثلاثاء الماضى وذلك بحسب تعهدات القوى السياسية للرئيس الفرنسى ماكرون خلال زيارته الثانية لبيروت فى منتصف الأسبوع الماضى.

حصول حكومة المشيشى التى تضم ٢٥ وزيرًا و٣ وزراء دولة من المستقلين غير الحزبيين ذوى الخبرات والكفاءات أوقف تصعيد الأزمة السياسية في تونس إلى حين من الوقت بقدر ما أوقف المنازعات والمناوشات الحزبية التى شهدتها تونس خلال الأسابيع الماضية وتسببت في تعطيل عمل البرلمان.
ولذا فإن تشكيل الحكومة وحصولها على ثقة البرلمان يُعد فى حقيقة الأمر جولة من جولات الأزمة السياسية التونسية، حيث تتوافق كل التوقعات على أن عمرها سيكون قصيرًا مثل سابقاتها وربما لا يتجاوز بقاؤها ستة أشهر أو سنة واحدة على أقصى تقدير.
< < <
الملاحظ أن حصول حكومة المشيشى على ثقة البرلمان بتلك الأغلبية الكبيرة والمريحة جاء بعد اعتراضات الأحزاب على تشكيلها من مستقلين من غير الحزبيين والاعتراضات أيضًا على بعض أعضائها، إلا أن حزب حركة النهضة صاحب الأكثرية وافق على منحها الثقة، بينما وافق حزب قلب تونس صاحب التكتل الثانى على منحها الثقة فى اللحظات الأخيرة بعد تردد طويل.
واقع الأمر.. فإن رفض البرلمان لمنح الثقة للحكومة كان يعنى أحد أمرين.. الأول إقدام الرئيس قيس سعيد على حله وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، والأمر الثانى هو أنه فى هذه الحالة فإن الخيار هو بقاء استمرار حكومة الفخفاخ المستقيلة كحكومة تصريف أعمال لحين انعقاد البرلمان الجديد، وهو ما كان يعنى استمرار الأزمة السياسية، ولذا كان خيار أغلب الكتل البرلمانية والحزبية منح الثقة للمشيشى.. تجنبًا لانتخابات جديدة غير مستعدين لها حاليًا.
وفى نفس الوقت فإن نجاح حكومة المشيشى ورغم حصولها على ثقة البرلمان يبقي على المحك فى قادم الأشهر باعتبار أنها تواجه تحديات كبيرة وبالغة التعقيد فى ملفات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بل الأمنية أيضًا مع تفشى الجرائم فى الشارع التونسى.. مضافًا إلى ذلك تحدى مواجهة جائحة كورونا مع تزايد الإصابات، بينما يبقى التحدى الأهم هو حصول المشيشى على دعم الأطراف السياسية لإنجاح حكومته.
< < <
صعوبة التحديات أمام الحكومة تجعل الرهان على نجاحها واستمرارها لفترة طويلة غير مؤكد بل لعله الأرجح خاصة أن خطاب المشيشى أمام البرلمان قبل منحه الثقة لم يقدم رؤية واضحة ومحددة لمعالجة الأزمات المختلفة واقتصر على رصد الأزمات التى يعلمها السياسيون وكل التونسيين.
< < <
ولعل كلمة راشد الغنوشى رئيس البرلمان ورئيس حزب حركة النهضة صاحب الأكثرية في ختام جلسة منح الثقة وبعد أن هنأ الحكومة وتعهد بدعمها وعندما أتبع ذلك بقوله وسوف «نراقبها».. لعلها تؤكد كل التوقعات بأن تشكيل الحكومة يمثل جولة من جولات الصراع الحزبى ومن ثم فلن يكتب لها البقاء طويلا.
أما الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الدبلوماسى مصطفى أديب والمرتقب تشكيلها خلال أقل من أسبوعين من مستقلين غير حزبيين أو طائفيين وبعيدًا عن الطبقة السياسية الحاكمة.. فإن تشكيلها يمثل نقطة ارتكاز وانطلاقة نحو خروج لبنان من أزمته السياسية الراهنة فى ضوء تهديدات وتحذيرات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأولى فى السادس من أغسطس الماضى لبيروت عقب انفجار المرفأ والتى عجلت بتسمية وتكليف رئيسها صبيحة زيارته الثانية منتصف الأسبوع الماضى.
< < <
ماكرون بعد أن أمهل الطبقة السياسية ثمانية أسابيع أخرى لتنفيذ خارطة طريق للإصلاح السياسى والمالى والاقتصادى والقضاء على الفساد.. جاء تهديده الأكبر بأن المساعدات الدولية لن تكون متاحة دون إجراء الإصلاحات مقترنًا بتأكيده على أنه غير مستعد لإعطاء «شيك» على بياض.
أما الأخطر فكان تهديده بفرض عقوبات إذا فشل السياسيون فى إحداث الإصلاحات وفق خارطة الطريق التى بدا واضحًا أنه هو الذى أعدها وفرضها عليهم.
< < <
فى زيارة ماكرون الثانية لبيروت خلال أقل من شهر كثير من المشاهد والملاحظات التى من غير الممكن إغفالها، إذ بدا واضحًا كما أسلفنا أنه يتصرف كما لو كان رئيسًا للبنان وللطبقة السياسية الحاكمة بداية من رئيس الجمهورية ميشال عون.. يهددها ويأمرها ويتوعدها، وهو الأمر الذى يؤكد وبحسب المراقبين أنه يملك معلومات خطيرة وتفصيلية عن فضائح وفساد تلك الطبقة وعلى النحو الذى تبدّى فى هذا الخضوع التام لمطالبه وأوامره!
< < <
ثم كانت زيارته للمطربة فيروز فى بيتها ذات دلالة ثقافية وفنية خاصة حين صرح بأن أغنيتها «لبيروت» هى أغنيته المفضلة بقدر ما كانت رسالة للشعب اللبنانى الذى لا يختلف على اختلاف طوائفه على حبها وتقديرها بأن الغناء والموسيقى ممثلتين فى فيروز قادر على توحيد اللبنانيين سياسيًا.
< < <
مشهد آخر من المؤكد أنه مقصود وهو قيام ماكرون بغرس شجرة أرز بينما كانت الطائرات الحربية الفرنسية تحلق فى سماء بيروت فى يوم الاحتفال بمئوية لبنان وهو اليوم الذى أعلنت فيه فرنسا قيام لبنان الكبير عام ١٩٢٠.. هذا المشهد لا تخفي دلالته وانطوى على رسالة أخرى وهى أن فرنسا التى أقامت لبنان الكبير تأتى اليوم بعد مائة عام.. ممثلة في شخص الرئيس ماكرون لدعمه وإصلاحه سياسيًا واقتصاديًا وإنهاء أزمته، وهو الأمر الذى يعنى ويؤكد أن لبنان يمثل لفرنسا شأنًا داخليًا وليس شأنًا من شئون السياسة الخارجية.
< < <
خلاصة القول.. فإن ما جرى ويجرى فى لبنان وبعد زيارتى ماكرون لبيروت قد يعنى.. ضمنيًا وربما تصريحًا أن لبنان الذى كان تحت الانتداب الفرنسى صار تحت الإدارة الفرنسية!

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE