الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 09:28 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : ترامب.. بايدن.. فى معركة تكسير العظام

الأموال

مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها بعد شهرين.. في الثالث من شهر نوفمبر المقبل، فإن أحدًا من المراقبين والمحللين السياسيين في الولايات المتحدة وخارجها لا يستطيع التنبؤ بالنتيجة التي يترقبها العالم، ويبقي السؤال معلقًا في انتظار الإجابة النهائية من الناخب الأمريكى..

.. هل سيفوز الرئيس الحالى دونالد ترامب ويحتفظ بمقعده الرئاسى لأربع سنوات أخرى قادمة، أم يتمكن منافسه مرشح الحزب الديمقراطى من إحراز الفوز ويكون ترامب من الرؤساء الأمريكيين القلائل الذين لم يفلحوا في الفوز بولاية ثانية.

ورغم أن استطلاعات الرأى تُرجح فوز بايدن، حيث يتقدم على ترامب بعدة نقاط فى الولايات الأساسية، إلا أن هذا الفوز يظل معلقًا على تصويت ما تعرف بالولايات المتأرجحة والتي لا تحسم قرارها بالتصويت لصالح أى من المرشحين المتنافسين إلا في اللحظات الأخيرة، ومن ثم فإنها عادة ما تحسم نتيجة الانتخابات.

< < <

لذا.. ووفقًا لتجارب انتخابية رئاسية، فإنه من غير الممكن الرهان دائمًا على نتائج استطلاعات الرأى، إذ تأتى نتيجة الانتخابات فى بعض الأحيان على العكس تمامًا من الاستطلاعات.

ولقد كانت انتخابات الرئاسة السابقة في عام ٢٠١٦ خير شاهد على عدم التعويل على استطلاعات الرأى بعد أن فاز ترامب على نحو مفاجئ ومخالف ليس لاستطلاعات الرأى فقط ولكن أيضًا لكل التوقعات والمعطيات والتحليلات، رغم الإجماع على تأكيد فوز منافسته مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية فى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما والسياسية التى أمضت ثمانى سنوات فى المطبخ السياسى الأمريكى ومن ثم الدولى.

حقيقة الأمر أن هيلارى خسرت الانتخابات أمام ترامب القادم إلى المشهد السياسى من خارج المؤسسة في أمريكا.. رغم حصولها على عدد أصوات يفوق ترامب بالكثير وذلك بسبب النظام الانتخابى الأمريكى المعقد والعجيب أيضًا والذى يعتمد علي أصوات المندوبين في كل ولاية فيما يُعرف بالمجمع الانتخابى، وهو نظام قد يأتى برئيس لا يحظى بتأييد وموافقة غالبية الناخبين ومن ثم فإنه لا يعبّر عن إرادة جموع الشعب الأمريكى.

< < <

وفى هذه المرة وقبل شهرين من إجراء الانتخابات فإن كل المعطيات في المشهد الأمريكى تُرجح خسارة ترامب لأسباب كثيرة.. أولها وأهمها ما يواجهه من اتهام بالفشل الذريع في مواجهة جائحة كورونا، حيث حققت الولايات المتحدة رقمًا قياسيًا عالميًا في أعداد الإصابات التى تجاوزت ثلاثة ملايين حالة إصابة وكذلك فى الأعداد الكبيرة من حالات الوفاة.

وفى نفس الوقت فإن تردى الأوضاع الاقتصادية فى أكبر وأغنى دولة في العالم وعلى نحو غير مسبوق يمثل فشلا آخر وكبيرًا لترامب وإدارته يخصم بالضرورة كثيرًا من الأصوات المؤيدة تقليديًا له، وبإضافة العديد من السياسات والفضائح والخلافات مع كثير من أعضاء إدارته خلال السنوات الأربع من حكمه سواء الذين أقالهم أو استقالوا، فإن مجمل أداء ترامب الذى اتسم بالفشل والحماقة وسوء الإدارة يتيح الفرصة للحزب الديمقراطى لإحراز نقاط كثيرة ضده يسعى لتضخيمها لصالح مرشحه جو بايدن.

< < <

اللافت والجديد في المشهد الأمريكى الراهن وقبل الانتخابات أن العديد من الشخصيات البارزة فى الحزب الجمهورى لا يؤيدون ترامب ويرونه أسوأ رئيس فى تاريخ أمريكا والحزب.. في مقدمتهم مستشاره السابق للأمن القومى بولتون وكولن باول وزير الخارجية الأسبق وغيرهما كثيرون يعتبرون أن ترامب أساء إلى الحزب وخصم كثيرًا من شعبيته لدى مؤيديه، وهو الأمر الذى يعنى أن ترامب خسر كثيرًا من أصوات اليمين الذي يمثل قاعدته الشعبية الأهم والأكبر.

< < <

وتبقى حادثة مقتل الشاب الأسود علي يدي ضابط شرطة أبيض قبل عدة أسابيع والتى فجرت أكبر مظاهرات ضد الشرطة الأمريكية العنصرية وترامب وإدارته.. تبقي أحد أهم أسباب التراجع الكبير في شعبية ترامب بعد أن فشل في التعاطى بحِكمة كرئيس لكل الأمريكيين بتصريحاته العنصرية الاستفزازية وهو الأمر الذى أشعل الغضب وزاد من حدة التظاهرات، وبهذا الأداء فَقَدَ ترامب كل أصوات السود والملونين وأيضًا الكثير من أصوات البيض الذين تعاطفوا مع السود ضد عنصرية الشرطة بقدر استيائهم من أداء ترامب إزاء هذا الحادث.

< < <

من جانبه فإن الحزب الديمقراطى يتعاطى مع كل أخطاء وسياسات ترامب التي يصفها بالفاشلة لصالح مرشحه جو بايدن فى معركة تكسير العظام المشتعلة حاليًا بين الحزبين وحتى إجراء الانتخابات وفى مقدمتها الأداء الاقتصادى والفشل في مواجهة جائحة كورونا والتى بدا واضحًا أنها ستكون عاملا فارقًا فى نتيجة الانتخابات والتى يراهن بايدن أنها ستكون لصالحه باعتباره الأوفر حظًا حتى الآن فى الوصول إلى البيت الأبيض فى الثالث من نوفمبر المقبل.

< < <

وفي معركة تكسير العظام جاء اختيار بايدن للسيدة كامالا هاريس «ملونة» نائبة له بالغ الذكاء، إذ جاء متماهيًا مع تأييد السود والملونين تقليديًا لمرشح الحزب الديمقراطى، فى نفس الوقت الذى يجتذب فيه هذا الاختيار أصوات أعداد كثيرة من النساء من البيض للتصويت لصالحه، حيث ستكون هذه هى المرة الأولى فى التاريخ الأمريكى التى تشغل فيه امرأة أمريكية منصب نائب الرئيس فى حالة فوز بايدن.

< < <

فى أجواء القلق والخطر التى تخيّم على ترامب هذه الأيام حيث يصارع حتى النفس الأخير فى معركته لتكسير عظام منافسه الذى يتزايد خطره يومًا بعد يوم، يأتى تهديده للأمريكيين بأن فوز بايدن سيكون كابوسًا على أمريكا بمثابة المعول الأخير في ضرب منافسه، بينما لا يمثل تحذيره بأن فوز بايدن سيكون لصالح الصين وروسيا وضد مصالح أمريكا أى خطر على بايدن بقدر ما لا يعنى شيئا بالنسبة للناخب الأمريكى الذى لا يهتم بالسياسة الخارجية وما يجرى فى العالم خارج أمريكا، إذ إن كل اهتماماته تنصب على أوضاعه المعيشية والأجور والضرائب والخدمات الصحية والاجتماعية.

< < <

أما اتهام الحزب الجمهورى للمرشح الديمقراطى بأنه ذو عقلية متجمدة إضافة إلى تقدمه في السن (٧٨ عاما) وكذلك وصف ترامب له بـ«النعسان»، فإن بايدن أسقط الاتهام والوصف حين بدا في أحسن حالاته خلال المؤتمر القومى للحزب الديمقراطى بعد أن قبل ترشيح الحزب له رسميًا، حيث أجمع السياسيون ومنهم جمهوريون أن خطابه كان أفضل خطاب سياسى منذ ٤٠ سنة.

< < <

وفى أجواء القلق التى تحيط بترامب واستشعارًا مبكرًا منه بالسقوط فإنه لجأ إلى التشكيك المسبق فى نزاهة الانتخابات وفي آلية التصويت عبر البريد التي تستخدم لأول مرة بسبب «كورونا»، ومن ثم فإنه بادر باتهام الحزب الديمقراطى بتزوير الانتخابات لصالح مرشحه، وهو الأمر الذى قد يعنى عدم اعترافه بالنتيجة فى حالة سقوطه، وفي هذه الحالة فإنه سوف يتسبب فى حدوث معضلة سياسية ودستورية غير مسبوقة.

هذه المعضلة المفترض تناولها لبعض السياسيين وأحسب أن منهم إن أسعفتنى الذاكرة جو بايدن نفسه ردًا على سؤال: ماذا لو رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض وكان الجواب: سوف يأتى الجيش لإخراجه بالقوة!، ورغم غرابة السؤال والجواب فإن كليهما يبقى حتى الآن افتراضيًا وفي سياق الدعابة والسخرية!

< < <

ومن الآن وطوال الشهرين المقبلين.. سوف تزداد ضراوة معركة تكسير العظام بين ترامب وبايدن ولحين إعلان النتيجة ورغم أن بايدن هو الأوفر حظًا، فإنه وفقًا للتجارب السابقة من غير الممكن التنبؤ بفوز أيهما.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE