الأموال
الأربعاء، 24 أبريل 2024 12:10 مـ
  • hdb
15 شوال 1445
24 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أســـامــة أيـــــوب يكتب : عن الأزمة السياسية فى تونس (2)

الأموال

لحين انتهاء المهلة المحددة بثلاثين يوما والتي لم يتبق منها سوى نحو عشرين يوما.. لرئيس الحكومة المكلف هشام المشيشى للانتهاء من تشكيلها، فسوف تظل أجواء الأزمة السياسية تخيّم على تونس، بل ربما قابلة للتصعيد وسط سيناريوهات متعددة متوقع حدوثها فى المشهد السياسى الملتبس والمرتبك، حيث يبدو من غير الممكن المراهنة على أى من تلك السيناريوهات سواء للخروج من الأزمة أو استمرارها أو تصعيدها.

< <<

حقيقة الأمر.. أن جوهر الأزمة يكمن فى الصراعات السياسية بين الأحزاب والتي كان مسرحها داخل البرلمان خاصة بين حركة النهضة صاحبة الأكثرية برئاسة راشد الغنوشى رئيس البرلمان ومعه ائتلاف الكرامة المتحالفة معه وبين الحزب الدستورى الحر برئاسة عبير موسى وبعض الكتل البرلمانية الصغيرة، والتى تزعمت المعارضة ضد حركة النهضة ورئيسها لإسقاطه من رئاسة البرلمان وسحب الثقة منه باعتباره أنه ونواب النهضة يمثلون جماعة الإخوان والذين تصفهم بالإرهابيين، حتى وصل الأمر إلى اعتصامها ونواب حزبها في البرلمان لمنعه من الانعقاد.

< < <

ورغم نجاة الغنوشى من عزله من رئاسة البرلمان في الجلسة التى عُقدت يوم الخميس قبل الماضى (يوم وقفة عرفات) والتى وافقت هيئة مكتب مجلس نواب الشعب (البرلمان) على عقدها رغم انطواء لائحة سحب الثقة على خلل فنى وقانونى من شأنه إسقاطها وذلك تكريسًا للديمقراطية واحترامًا لمطلب ٧٣ نائباً محترماً على حد تعبير الغنوشى بعد انتهاء جلسة سحب الثقة.

.. رغم ذلك إلا أن المعركة داخل البرلمان لم تنته ولم تتوقف عبير موسى عن تأجيجها خاصة بعد إصرارها على معاودة المحاولة لعقد جلسة أخرى للتصويت علي سحب الثقة من الغنوشى للمرة الثانية.

< < <

ثم إن الأزمة الحكومية في سياق الأزمة السياسية التى تشهدها تونس والتى بدأت برفض نواب حركة النهضة فى البرلمان لاستمرار إلياس الفخفاخ في رئاسة الحكومة على خلفية اتهامه بشبهة الفساد ومن ثم تعارض المصالح.. هذه الأزمة الحكومية لم تنته باستقالة الفخفاخ ولاتزال مرشحة للتصعيد خاصة بعد تكليف الرئيس قيس سعيد لوزير الداخلية فى الحكومة المستقيلة (حكومة تصريف الأعمال) هشام المشيشى لتشكيل الحكومة الجديدة.

تكليف المشيشى لتشكيل الحكومة الجديدة أثار اعتراضات حزبية باعتبار أن الرئيس قيس سعيد تجاهل ترشيحات الأحزاب لعدة أسماء لرئاسة الحكومة ولم يأخذ بأى منها مستندًا فى ذلك إلى صلاحيات يتيحها له الدستور ولا تلزمه باختيار رئيس الحكومة من خلال المشاورات الحزبية.

ثم إن تكليف المشيشى المقرب من قيس سعيد والذى يعد شخصيتة مستقلة غير حزبية جاء مخالفًا لكل التوقعات باعتباره رجل قانون، بينما كانت الأحزاب وخاصة حزب حركة النهضة صاحبة الأكثرية البرلمانية تطالب برئيس حكومة من الشخصيات والكفاءات الاقتصادية وهو ما تتطلبه الأوضاع الصعبة التى تعيشها تونس.

< < <

ولعله ليس سرًا أن مهمة المشيشى لتشكيل حكومته تبدو بالغة الصعوبة والحساسية وسط خيارات صعبة ما بين تمثيل الأحزاب والكتل البرلمانية فى الحكومة الجديدة وفقًا للوزن النسبى لكل منها في البرلمان، وما بين اختيار أعضاء فريقه الحكومى من الكفاءات الوطنية المستقلة عن الأحزاب، فى الوقت الذى تصر فيه حركة النهضة على عدم إغفالها فى التشكيل الوزارى الجديد مع ملاحظة أنها رحبت بتكليف المشيشى، بينما تعترض عبير موسى على ضم أى وزير من حركة النهضة فى الحكومة، وإن كانت قد أكدت أنها لا تسعى لتمثيل حزبها فى هذه الحكومة.

اللافت فى المشهد التونسى أن الشارع مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن الأحزاب التي باتت لا تحظى بثقة غالبية التونسيين في ضوء الصراعات بينها على السلطة دون اهتمام بمصالح الشعب وأوضاعه الاقتصادية والمعيشية المتردية.

< < <

وفى نفس الوقت فإن فشل هشام المشيشى فى الحصول على ثقة البرلمان في حكومته الجديدة المرتقبة من شأنه لجوء الرئيس قيس سعيد ـ خاصة فى غيبة المحكمة الدستورية التى لم يتم تشكيلها بعد بسبب تعطل البرلمان فى الفترة الماضية ــ إلى إصدار قرار بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، وفى هذه الحالة فإن تونس تكون عُرضة للدخول فى دوامة سياسية تهدد استقرارها بل تهدد تجربتها الديمقراطية فى الأساس.

< < <

غير أن هذا السيناريو قد لا يتحقق إذ إن التوقعات تشير إلى أن كافة الأحزاب والكتل البرلمانية ومن بينها حركة النهضة سوف تكون مضطرة إلى منح الثقة لحكومة المشيشى بصرف النظر عن تشكيلتها، حيث إنها غير جاهزة لخوض انتخابات جديدة.

< < <

اللافت أيضًا في أجواء هذه الأزمة السياسية هو خروج الرئيس قيس سعيد بين الحين والآخر للحديث عن أجندات خارجية تعبث فى تونس.. منها من أسماهم «البعض» بتهديد الدولة التونسية والعبث باستقرارها، غير أنه لم يُسم من يتهمهم، وهو ما جعل البعض يصف تصريحاته بالغموض وعدم الوضوح، بينما يرى آخرون أنه يتصرف بشكل منفرد واستبدادى بمعزل عن الأحزاب بالمخالفة للتقاليد والأعراف والمواءمات السياسية فى دولة تخوض تجربة ديمقراطية وليدة.

< < <

المؤكد فى هذه الأجواء السياسية أن تونس باتت في مفترق طرق.. انتظارًا لما تُسفر عنه التطورات في قادم الأيام مع انتهاء رئيس الحكومة من تشكيل فريقه الوزارى ومع اتضاح موقف البرلمان منها.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE