الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 04:31 صـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب :عن الأزمة السياسية في تونس

الأموال

في أسوأ وأخطر أزمة سياسية تتعرض لها منذ الاستقلال بحسب تعبير الرئيس قيس سعيد.. تدخل تونس في نفق مظلم ما لم يتمكن الرئيس من احتواء هذه الأزمة وإيقاف الفوضى في البرلمان التي تسببت فى تعطيله عن العمل طوال الأيام الفائتة، في نفس الوقت فإن الأمر يتطلب تعاونا من كافة الكتل السياسية لإعلاء المصلحة الوطنية للدولة التونسية فوق الصراعات والمصالح الحزبية.

واقع الأمر فإن الأزمة السياسية التى تعيشها تونس حاليا لها شقان.. حكومى وبرلمانى، ولذا فلا سبيل للخروج منها إلا بالإسراع بالتوافق على اختيار رئيس جديد للحكومة وتشكيلها خلفًا لحكومة إلياس الفخفاخ المستقيل في أعقاب الأزمة مع حركة النهضة صاحبة الأكثرية فى البرلمان.

وفي نفس الوقت فإن إنهاء هذه الأزمة السياسية يتطلب أيضا إيقاف الفوضى فى البرلمان والتى تهدد بتعطيل مؤسسات أو «دواليب» الدولة بحسب التعبير السياسى التونسى.

<‫< ‫<

وإذا كانت الأزمة السياسية التونسية قد بدأت باتهام نواب حركة النهضة التي يتزعمها راشد الغنوشى ورئيس مجلس نواب الشعب في نفس الوقت لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ بشبهة الفساد ومن ثم فإن بقاءه في منصبه يمثل تعارض مصالح، وحيث طالبت الحركة بإقالته من منصبه وإجراء مشاورات حزبية مع رئيس الجمهورية لاختيار رئيس حكومة آخر، وهو المطلب الذى رفضه قيس سعيد.

جاء رفض الرئيس قيس لإقالة رئيس الحكومة الفخفاخ وإجراء مشاورات لاختيار رئيس آخر وتشكيل حكومة جديدة استنادا إلى أن هذا الإجراء يتعارض مع الدستور باعتبار أنه لم تتم إدانة الفخفاخ ولم تثبت بعد شبهة تعارض المصالح، غير أن إقدام الفخفاخ على تقديم استقالته جاء بمثابة حل سياسى من جانبه للأزمة الحكومية، ولعله استشعر قرب صدور قرار من هيئة مكافحة الفساد يؤكد فساده ومن ثم يؤكد مسألة تعارض المصالح وهو القرار الذى صدر لاحقًا بحق مقربين منه وإن لم يذكره بالاسم.

غير أن إقدام إلياس الفخفاخ على إقالة أعضاء حكومته من المنتمين لحركة النهضة قبل أن يقدم استقالته تسبب في تصعيد الصراع مع حركة النهضة التى وضعت هذا الإجراء بالكيدية وتصفية الحسابات معها.

< ‫< ‫<

الشق الثانى فى الأزمة السياسية المشتعلة فى تونس ولعله الأخطر باعتبار أنه الأساس فى الصراع الجارى يتمثل فى الأزمة التي أشعلتها عبير موسى رئيس الحزب الدستورى الحر الذى يشغل ١٧ مقعدًا فقط من مقاعد مجلس نواب الشعب، منذ أن بدأت تطالب بسحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي ورئيس حركة النهضة.

ونظرًا لفشلها فى جمع توقيعات من بقية نواب البرلمان من الكتل والأحزاب السياسية الأخرى لتمرير مطلب سحب الثقة، فإنها أقدمت على إثارة الفوضى داخل البرلمان بداية من تعطيل انعقاد المجلس واحتلال منصة الرئاسة ثم وصولا إلى اعتصامها ونواب حزبها داخل القاعة الرئيسية للمجلس ثم احتلالها للمكاتب الإدارية ومن بينها مكتب الأمين العام، وهو الأمر الذى تسبب فى بعض الاشتباكات والتراشق بالألفاظ بين نواب حزبها وموظفى المجلس وبعض النواب الآخرين خاصة النواب من حركة النهضة.

< ‫< ‫<

ومما زاد أزمة البرلمان تعقيدا هو دخول قوات من الشرطة ورجال النيابة العامة إلى البرلمان لمعاينة وإثبات ما يشهده من فوضي وتعطيل لأعماله، وهو الإجراء الذى يُعد مساسًا باستقلالية وحصانة البرلمان.

< ‫< ‫<

هذه الفوضى التى يشهدها البرلمان ومن ثم تعطيله عن ممارسة دوره التشريعى والرقابى كان يستدعى بالضرورة تدخلا رئاسيا بحكم الدستور، وهو التدخل الذى جاء متأخرًا فى حقيقة الأمر باللقاء الذى عقده الرئيس قيس سعيد مع رئيس البرلمان راشد الغنوشى ونائبيه والذى حرص على أن يكون حديثه معهم مذاعًا على الهواء ليكون رسالة للشعب التونسى وقبل ذلك للأحزاب والكتل السياسية جميعها ومن بينها بالضرورة الحزب الدستورى الحر برئاسة النائبة عبير موسى.

<‫< ‫<

رسالة الرئيس قيس سعيد خلال هذا اللقاء المذاع على الهواء تضمنت عددا من الإشارات المهمة والتحذيرات القوية بالغة الدلالة والتى تعكس عزمه على إنهاء الأزمة.. كان أولها حرصه على تأكيد أنه لن يقف مكتوف الأيدى أمام هذه الفوضى فى البرلمان والتى تعطل أحد مؤسسات الدولة، وإن أغفل تسمية المتسبب فيها وهو الحزب الدستورى الحر ورئيسته عبير موسى، في نفس الوقت جاءت إشارته إلى أنه ليس في صدام مع أى جهة ولا يسعى إلى الصدام، ولكنه يعمل في إطار القانون والدستور باعتبار أن مهمته المنوطة به هو تسيير «دواليب» مؤسسات الدولة، وهي الإشارة التى أراد بها تأكيد وقوفه على مسافة واحدة من جميع القوى والأحزاب السياسية.

< ‫< ‫<

أما أهم وأقوى تحذير لمواجهة الفوضي فكان تأكيده علي أن وسائله لمواجهة الفوضى متاحة والتى وصفها بأنها كالصواريخ علي منصات إطلاقها ولكنه لا يريد استخدامها، وهو بذلك يقصد استخدام صلاحياته الدستورية إذا اقتضي الأمر لإنهاء الأزمة السياسية ووقف الفوضي في البرلمان.

< ‫< ‫<

اللافت فى حديث الرئيس قيس سعيد خلال لقائه مع رئيس البرلمان راشد الغنوشى ونائبيه هو حرصه على توضيح لا تخفى دلالته أيضا وهو أن اللقاء ليس جزء من مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة واختيار رئيسها وهو توضيح له أهميته حتى لا يتم تفسيره بأن الرئيس اختص الغنوشى وحركة النهضة ببدء المشاورات.

بل إن قيس سعيد ذهب إلي أبعد من ذلك حين أشار إلى إجراء مشاورات كتابية متبادلة بينه وبين الكتل الحزبية مفسرًا ذلك بأنها لا تتعارض مع الدستور الذى لم ينص علي وجوب إجرائها من خلال المقابلات.

< ‫< ‫<

ويبقى السؤال بل الرهان على قدرة الرئيس قيس سعيد على احتواء الأزمة السياسية بما يملكه من أدوات وآليات وصلاحيات دستورية.. سواء فى شقها البرلمانى لوقف ما يشهده من فوضي وتمكينه من ممارسة أعماله، أو فى شقها الحكومى بالتوصل إلى توافق على اختيار رئيس حكومة جديدة وتشكيلها في أسرع وقت.

< ‫< ‫<

إن إنهاء الأزمة السياسية سوف يحتسب تونس التوجه نحو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.. وهو ما يدخلها فى دوامة سياسية جديدة وعلى النحو الذى يمثل تهديدًا للتجربة الديمقراطية وللدولة التونسية، ويبقي الرهان على نجاح تونس فى الخروج من هذه الأزمة فى أسرع وقت.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE