الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 07:54 صـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : تجفيف منابع تمويل العدوان والإرهاب التركى و«الإخوانى» واجب وطنى

الأموال

مطلوب.. حملة شعبية مصرية وعربية لمقاطعة البضائع التركية

كل دولار عربى لتركيا.. يرتد إلينا رصاصا وقنابل فى صدور أبنائنا

إذا كانت المواجهة السياسية والعسكرية للعدوان التركى المسلح على عدد من البلدان العربية (العراق وسوريا وليبيا).. واجبا حتميًا.. وإذا كانت المواجهة الشاملة للمؤامرات العثمانية على الأمن القومى المصري وغيرها من البلدان العربية إحدى أكثر المهام إلحاحًا أمام صانع القرار المصرى والعربى، فإن المواجهة الاقتصادية لهذا العدوان التركى.. والأمر المؤكد أن المقاطعة الشعبية الشاملة للبضائع التركية هى أحد الأشكال الأكثر فاعلية لهذه المواجهة الاقتصادية، وهى رد عملى مناسب ومتاح على العدوان، فليس مقبولا ولا معقولا أن تستمر فى دعم اقتصاد بلد تستفيد قيادته من هذا الدعم لتدبير المؤامرات ضدنا، وشن العدوان العسكرى ضد بلادنا.

ومعروف أن تركيا ــ وخاصة منذ مجىء «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة فيها ــ قد سعت إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية بالعالم العربى، رافعة شعارات الأخوة فى الدين، علاقات الجوار التاريخى، كستار تخفى وراءه أطماعها السياسية والاقتصادية والعسكرية فى العالم العربي، وأهدافها الحقيقية ـ وخاصة أهداف أردوغان وحزبه ـ في إحياء الإمبراطورية العثمانية الغابرة، بغض النظر عن تناقض هذه الأحلام الإمبراطورية مع حقائق العلاقات الدولية الراهنة.

وتشير دراسة أعدها موقع «العربية. نت: استنادا إلى بيانات دولية وحكومية عربية وتركية ـ ٢٠ مايو ٢٠٢٠» إلي أن الاستثمارات العربية فى تركيا قد بلغت ١٩ مليار دولار تتركز فى المجال العقارى وشراء المساكن، وأن حجم التبادل التجارى بين الطرفين قد بلغ نحو ٩٥ مليار دولار ـ عام ٢٠١٨ ــ بينما بلغ عدد السياح العرب ـ الخليجيين أساسًا نحو ١.٣ مليون سائح فى نفس العام (العربية. نت ـ ٢٠ مايو ٢٠٢٠)، بينما يشير موقع (TRT باللغة العربية) إلي أن حجم التبادل التجارى بين الدول العربية وتركيا قد بلغ نحو ٥٠ مليار دولار (TRT arabic.com - ١١ سبتمبر ٢٠١٩).

الاستثمارات العربية.. وأهميتها

وتزداد أهمية الاستثمارات العربية فى تركيا (١٩ مليار دولار) إذا وضعنا فى اعتبارنا أن إجمالى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى تركيا قد بلغ حوالى ١٦٥ مليار دولار حسب تقرير هيئة الأمم لمتحدة للتجارة والتنمية، ورئيسة الجمعية التركية للمستثمرين الأجانب (جريدة زمان التركية ـ ١٨ يونيو ٢٠٢٠ ـ ZamanArabic.com) أى أن الاستثمارات العربية - خليجية أساسًا ــ تبلغ نحو (ثُمن) الاستثمارات الأجنبية عمومًا فى تركيا.. ويجب أن تضاف إلى هذا الرقم (١٥ مليار دولار) تعهدت قطر بإيداعها في البنك المركزى التركى أو توظيفها في البلاد، وكذلك ٨ مليارات دولار سلمها المصرف المركزى الليبى إلى تركيا كوديعة في بنكها المركزى (راجع الأموال ـ ١٢ يوليو ٢٠٢٠).

وتزداد أهمية هذه الأرقام على ضوء ما هو معروف عن حركة نزوح رءوس الأموال الغربية ـ والتركية نفسها ـ فى السنوات التالية كمحاولة الانقلاب فى يوليو ٢٠١٦ بسبب سياسة أردوغان القمعية، ومغامراته الخارجية الرعناء، وكان من نتائج هذه السياسة أيضًا تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا بصورة واضحة فى السنوات التالية لعام ٢٠١٦.. وهو تراجع بلغت نسبته ٣٥٪ عام ٢٠١٩ مقارنة بالعام السابق مباشرة لتسجل ٨.٤ مليار دولار حسب تقرير الأمم المتحدة المشار إليه أو تصريح رئيسة الجمعية التركية للمستثمرين الأجانب (جريدة الزمان التركية ـ ١٨ يونيو ٢٠٢٠) فى ظل وضع كهذا، وفى ظل المصاعب الضخمة التى تسبب فيها وباء كورونا لاقتصادات جميع الدول بما فيها تركيا طبعًا، يمكننا تصور فاعلية الضغوط التى يمكن أن تمارسها الدول العربية، وخاصة الخليجية، إذا استخدمت ورقة الاستثمارات كورقة ضغط وعقاب واجب لأردوغان وحكومته، علمًا بأن تدفق الاستثمارات الخارجية فى العالم عمومًا من المتوقع أن ينخفض بنسبة ٤٠٪.. وبنسبة ١٠٪ حسب أكثر التقديرات تفاؤلا، وبالتالى فإن الاقتصاد التركى سيكون فى حاجة إلى كل دولار قادم من الخارج.

مشكلات تجارية متفاقمة

معروف أن رفع الرسوم الجمركية الأمريكية على الحديد التركى بنسبة ٢٠٪ وعلى الألومنيوم بنسبة ١٠٪، وكذلك العقوبات الاقتصادية التى فرضتها أمريكا على أردوغان بسبب صفقة الصواريخ الروسية (s-400) وأجواء التوتر فى علاقات تركيا بأوروبا بسبب التجاذب حول قضية اللاجئين، ورعاية أردوغان للإرهاب، ثم أخيرًا بسبب انتهاكه للشرعية الدولية فيما يتصل بالتنقيب عن الغاز فى شرق المتوسط كلها عناصر سببت مشكلات جدية للاقتصاد التركى، أثرت بالسلب على معدلات نموه، وعلي سعر صرف الليرة (فقدت حوالى ثلث قيمتها مقابل الدولار والعملات الدولية) وكذلك على الصادرات التركية.

وفى ظل مثل هذه الأوضاع فإن حجم التبادل التجارى التركى الكبير مع الدول العربية، وخاصة الخليجية (٥٠ مليار دولار.. أغلبها صادرات تركية) يمكن أن يمثل عنصر ضغط بالغ الأهمية على نظام أردوغان، وكذلك عنصر عقاب له، وحرمان بدرجة أو بأخرى من أسواق قريبة وكبيرة، تتسم المنافسة فيها بسهولة نسبية قياسًا إلى المنافسة فى الأسواق الأوروبية والآسيوية، وهى ورقة يجب على المسئولين والخبراء الاقتصاديين العرب أن يفكروا فيها جيدًا كإحدى أدوات الضغط (والعقاب) فى مواجهة العدوان التركى على البلدان العربية.

مصر.. والمقاطعة الشعبية

بالرغم من التدهور الواضح فى العلاقات السياسية المصرية ـ التركية، منذ ثورة ٣٠ يونيو بسبب رعاية أردوغان لجماعة «الإخوان» وغيرها من المنظمات الإرهابية، وعدائه السافر لمصر وتآمره المستمر عليها.. إلاّ أن الملاحظ أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين تستمر فى النمو، بمعزل عن الجوانب الأخرى للعلاقات!! ومعروف أن هناك اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين تم توقيعها فى ديسمبر ٢٠٠٥، ودخلت حيز التنفيذ منذ أول مارس ٢٠٠٧، واستفادت منها تركيا فى إغراق السوق المصرية بشتى أنواع السلع الاستهلاكية والصناعية، حتى بلغ حجم التبادل عام ٢٠١٨٥ حوالى ٥.٢٤ مليار دولار منها نحو (١.٣ مليار دولار صادرات تركية لمصر، وأكثر من ٢ مليار ـ مليارى ـ دولار صادرات مصرية لتركيا).. علمًا بأن معدلات نمو التبادل التجارى كانت مرتفعة خلال السنوات الماضية بغض النظر عن تدهور العلاقات السياسية، كما سبقت الإشارة، وقد استفادت تركيا من تدهور سعر صرف الليرة لزيادة صادراتها إلى مصر.

غير أن الأرقام الرسمية لا تغطى كمية هائلة من السلع التركية تدخل إلى مصر عن طريق التهريب.. وتتسم هذه السلع المهربة بانخفاض جودتها، قياسًا إلي السلع الداخلة عبر المنافذ الرسمية، وكذلك برخص أسعارها مقارنة بالسلع المصرية البديلة (بنحو ٢٥٪) مما يؤدى إلي إغراق السوق المصرية بالسلع التركية المهربة، وخاصة من الملابس الجاهزة والأقمشة والمفروشات والأدوات المنزلية، والأجهزة الكهربائية الصغيرة وغيرها.

>> وإذا كان إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا يبدو أمرًا محفوفًا بمصاعب قانونية، فضلا عن تهديده لصادراتنا، فإن مقاطعة البضائع التركية من خلال حملة شعبية واسعة ونشيطة، تبدو ضرورة ملحة لحماية بضائعنا المصرية من ناحية، ولحرمان أردوغان من تدفق الدولارات من مصر من ناحية أخرى، ولتجفيف منابع تمويل جماعة «الإخوان» من ناحية ثالثة، حيث إن كثيرًا من المستوردين والتجار المتعاملين فى السلع التركية هم من المنتمين إلى الجماعة بصورة تقليدية.. ومعروف مثلاً أن حسن مالك عضو مكتب إرشاد «الإخوان» كان وكيلا لعدد من أكبر الشركات التركية.. ولا نريد أن نذكر أسماء أخرى نشيطة تجاريًا حتى الآن حتى لا تقع فى شبهة الاتهام بغير دليل.. وعمومًا فإن هذا ليس عملنا، وإنما هو عمل أجهزة الأمن.

وفى ظل الغضب الشعبى والرسمى المنتشر فى أغلب البلاد العربية ضد أردوغان وحكومته، بسبب العدوان على ليبيا (ومن قبلها على العراق وسوريا) والإدراك المتزايد لخطورة السياسة الاستعمارية التركية، فإننا نعتقد أن تنظيم حملة شعبية واسعة فى مصر لمقاطعة البضائع التركية يمكن أن يمثل بداية لحركة شعبية تنتشر فى عدد من البلدان العربية لمقاطعة السلع التركية، وكذلك مقاطعة السياحة فى تركيا (١.٣ مليون من دول الخليج و٦٠ ألفا من مصر).

أثناء حملات جمع التبرعات لصالح الدولة الصهيونية في أمريكا، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، كان هناك شعار عنصرى كريه رائج: «ادفع دولارا.. تقتل عربيًا»!! وبقدر ما كان هذا الشعار كريهًا وعنصريًا فإنه كان يعبّر عن حقيقة ما يجرى فى الواقع.. أى أن تمويل العدوان مطلوب لكى يتمكن المعتدون من تحقيق أهدافهم الإجرامية.

وعلينا نحن أن ندرك أن كل دولار ندفعه لتمويل حكومة أردوغان والاقتصاد التركى، يمكن أن يرتد إلينا رصاصة فى صدور أبنائنا على الحدود الليبية، أو فى صورة متفجرات تنفجر في وجود أبنائنا فى سيناء.

لذلك نقول: لا تدفع الدولار ثمنا للبضائع التركية.. لكى نحمى أبناءنا من رصاص ومتفجرات أردوغان وعملائه..

حفظ الله مصر من كل سوء..

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE