الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 12:23 مـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب .. كورونا والإجراءات الاحترازية.. وسد النهضة والخيارات المتاحة

الأموال

رغم أن مصر التى تواجه مع العالم خطر فيروس كورونا تُعد فى مقدمة الدول

  • منخفضة الإصابة بحسب تأكيد وزيرة الصحة، ومع أهمية الإجراءات الاحترازية

    الوقائية التى أقرتها الحكومة، إلا أنه يبقى أن تستجيب لمطلب آلاف الأسر

    القلقة على أبنائها بتعطيل الدراسة مؤقتاً فى المدارس والجامعات لحين

    انحسار وانتهاء الخطر خاصة أنه مطلب يتفق مع توصية منظمة الصحة العالمية

    بوقف الدراسة فى أى دولة ظهر بها المرض.

    <<<

    إن استجابة الحكومة لهذا المطلب رغم تأكيدها بأن الحالة لا تستدعى ذلك فى

    الوقت الراهن.. من شأنه إشاعة أجواء الطمأنينة لدى ملايين الأمهات

    والآباء وعلى النحو الذى يسهم فى تقليل المخاوف وتحقيق الاستقرار والهدوء

    المجتمعى.

    ثم إن تعطيل الدراسة يأتى فى مقدمة الإجراءات الاحترازية بمنع التجمعات

    والحفلات والأفراح والموالد وتقليل مدة أداء صلاة الجمعة والجماعات فى

    المساجد والطقوس الدينية بالكنائس.

    <<<

    وإذا كانت الحكومة قد قررت يوم الثلاثاء الماضى تعطيل الدراسة يوم الخميس

    الماضى بسبب تنبؤات الأرصاد الجوية بسوء أحوال الطقس ثم أتبعت ذلك - وقت

    كتابة هذه السطور يوم الأربعاء - بتعطيل العمل فى المصالح الحكومية

    والقطاع العام والخاص لنفس السبب، فإن تعطيل الدراسة يبقى مطلباً مهماً

    بسبب خطر كورونا.

    .. وإذا كان خطر فيروس كورونا سوف لن يستمر كثيراً فى كل الأحوال وسوف

    ينتهى عاجلاً أو آجلاً.. شأنه شأن كل الأوبئة التى شهدها العالم فى

    العقود الأخيرة مثل جنون البقر وسارس وأنفلونزا الطيور والخنازير..

    <<<

    .. لكن يبقى أن الخطر الأكبر والأخطر الذى يتهدد مصر وحدها ولسنوات طويلة

    وهو سد النهضة فى ضوء تداعيات التعنت الأثيوبى بإصرارها على ملء وتشغيل

    السد دون التنسيق مع دولة المصب الكبرى بعد أن تنصلت من كل تعهداتها

    السابقة بعدم الإضرار بمصالح مصر وحقها القانونى والتاريخى فى حقها من

    مياه النيل.

    من المؤسف أن تمارس أثيوبيا الشقيقة الأفريقية خداع مصر طوال خمس سنوات

    جرت خلالها عشرات المفاوضات السياسية والقانونية والفنية حتى تأتى فى

    النهاية وتحاول فرض سياسة الأمر الواقع أو هكذا تتصور.. متجاهلة القانون

    الدولى فيما يتعلق بمياه الأنهار وحقوق دولة المصب.. بل متجاهلة أيضاً

    الاتفاقيات الخاصة بنهر النيل تحديداً.

    <<<<

    إن هذا الخداع الأثيوبى بلغ درجة الخيانة.. خيانة التعهدات وخيانة الصبر

    المصرى الطويل خاصة أن مصر لم تمانع فى بناء السد من حيث المبدأ.. حرصاً

    منها على التنمية فى أثيوبيا، ولكن يبدو أن النيات الحسنة لا تكفى وحدها

    فى العلاقات بين الدول.

    المؤسف أن أثيوبيا بعد أن تهربت من الحضور إلى واشنطن للتوقيع على

    الاتفاقية التى أعدها الوسيطان.. الولايات المتحدة والبنك الدولى

    والمتضمنة لما تم الاتفاق عليه فى مفاوضات سابقة فى واشنطن، فإنها تتبجح

    حسبما جاء على لسان وزير خارجيتها الذى صرح بأنها مالكة النيل! وأنها

    ترفض أن تملى أمريكا عليها اتفاقاً!

    <<<

    وفى استمرار لسياسة التبجح فإنها تعترض أيضاً على قرار مجلس الجامعة

    العربية الذى أكد دعم ومساندة مصر فى حقها وحصتها من مياه النيل، وهو

    اعتراض بالغ الصفاقة على قرار منظمة إقليمية تمارس حقها وواجبها فى دعم

    إحدى الدول الأعضاء فى مواجهة تهديد لأمنها القومى.

    <<<

    وهنا أتساءل عن موقف الاتحاد الأفريقى فى هذه القضية بوصفه منظمة إقليمية

    تعبر عن كل دول القارة، إذ لم يصدر عن الاتحاد أى قرار أو موقف إزاء

    عدوان دولة عضو على دولة أخرى وهى مصر التى أسست منظمة الوحدة الأفريقية

    فى ستينيات القرن الماضى قبل أن تتحول إلى الاتحاد الأفريقى، وحيث

    اختارت مصر وبكل الأريحية أن تكون أديس أبابا مقراً للمنظمة بدلاً من

    القاهرة، وهو موقف ودور ما كان يتعين أن يغيب عن الشقيقة أثيوبيا.

    وهذا الدور المصرى يتعين أيضاً ألا يغيب عن دول الاتحاد، وهو دور تاريخى

    فى دعم حركات التحرر حتى نالت كل دول القارة استقلالها، وهو الدعم

    المتواصل حتى الآن، مع ملاحظة أن ذلك ليس مناً من مصر على الشعوب

    الأفريقية ولكنه تذكرة ضرورية بما قدمته بكل إخلاص وانتماء لقارتها.

    <<<

    وفى نفس الوقت فإن الأكثر مدعاة للدهشة بل الاستياء هو موقف الحكم

    الانتقالى الحالى فى السودان والذى لقى كل دعم من جانب القاهرة، وهو

    الموقف الذى بدا وبكل وضوح منحازاً للعدوان الأثيوبى ضد مصر والذى تأكد

    بالتحفظ على قرار مجلس الجامعة العربية، وهو موقف لا يكفى لتبريره أن

    السودان لن يضار من نقص المياه حتى لو كان هذا النقص يسهم فى تعطيش مصر،

    وهو موقف يتناقض تماماً مع العلاقات شديدة الخصوصية بين شعبى وادى النيل.

    <<<

    لقد استخدمت وصف عدوان للموقف الأثيوبى باعتبار أنه الوصف الأكثر دقة، إذ

    إن حرمان مصر من حصتها القانونية والتاريخية من مياه النيل ثم حرمانها من

    أقل منها وفقاً لما رضيت به مصر مؤقتاً.. تحقيقاً للمصالح المشتركة

    وحسبما تتجه أثيوبيا، فإن ذلك يعد عدواناً على حق المصريين فى الحياة،

    وهو عدوان أخطر بكثير من العدوان العسكرى على جزء من الأرض.

    إذ إن العدوان العسكرى يمكن صده، أما العدوان الأثيوبى فإنه عدوان

    استراتيجى يستهدف إماتة الحياة على أرض مصر.. بداية من تبوير أراضيها

    الزراعية والقضاء على الصناعة وصولاً إلى تعطيش المصريين جميعاً ولأول

    مرة منذ آلاف السنين.

    لذا.. ليس أمام مصر.. حكومة وشعبًا سوى التصدى لهذا العدوان بكل الخيارات

    المتاحة وهى كثيرة.. أولها خوض معركة دبلوماسية وسياسية لدي القوى

    الدولية والإقليمية وهى ما تفعله حاليًا، وثانيها نقل القضية إلي الأمم

    المتحدة ومجلس الأمن باعتبار أن العدوان الأثيوبى يمثل تهديدًا للأمن

    والسلم الدوليين وفى الإقليم أيضًا.

    < < <

    ويبقي الخيار الأخير والحتمى والذى لا مفر من اللجوء إليه ــ ودون استباق

    لنتائج الخيارات الأخرى ـ وهو خيار القوى العسكرية وهو الخيار الذى يملكه

    الشعب المصرى أولا وأخيرًا باعتباره صاحب الحق الأصيل في الحفاظ علي

    حياته ووجوده في مواجهة عدوان غاشم يستهدف موته، وأحسبه خيارًا لن يلقي

    معارضة دولية بوصفه الخيار المشروع للدفاع عن حق المصريين التاريخى

    والقانونى في مياه النيل.. شريان الحياة منذ آلاف السنين.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE