الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 02:45 مـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : فن الإنشاد الدينى الفرعونى والقبطى والإسلامى (9)

الأموال

منشدون أقباط في ساحة المديح النبوي

ثمة معلومة جديدة وربما غريبة اختتمت بها الكاتبة الصحفية مروة البشير

كتابها »فن الإنشاد الدينى«، حيث خصصت فصلا كاملا عن ظاهرة المنشدين

الأقباط الذين تخصصوا في مدح النبي صلي الله عليه وسلم، والتي وصفتها

بأنها من الظواهر المهمة فى عالم الإنشاد الدينى في مصر، بينما بدت

مفاجأة لى بقدر ما أحسبها مفاجأة للكثيرين من متابعى الإنشاد والمديح.

اختارت المؤلفة من بين هؤلاء المنشدين اثنين منهم، هما الأشهر باعتبارهما

أهم نموذجين للحديث عن هذه الظاهرة في هذا المجال وهما المنشد مكرم

جبرائيل غالي وشهرته »مكرم المنياوى« وجميل عبدالكريم عبدالله ميخائيل

وشهرته »الشيخ جميل الأسيوطى«.

وفي تقديمها للأول »مكرم المنياوى« المولود عام 1947 بقرية بنى أحمد

الشرقية بمحافظة المنيا تصفه المؤلفة بأنه أشعل ليالي وقرى صعيد مصر

بالطرب والقصص التاريخية والمديح منذ منتصف ستينيات القرن الماضي وحتى

الآن.

ورغم أنه بدأ مشواره فى عام 1964 مع الفن الشعبى ومع الريس متقال بعد أن

أتقن فن »الربابة«، إلا أنه وكما تنقل عنه المؤلفة اتجه لفن المديح

النبوى فى عام 1966، ومنذ ذلك الوقت وطوال تلك السنوات لايزال ينشد في

مدح الرسول دون توقف باستثناء راحة مدتها أربعة أيام شهريًا، إذ إن وعلى

حد تعبيره »اليوم الذى لا أمدح فيه الرسول أشعر إنى مش عايش«.

لم أمدح الرسول من أجل المال.. بهذه العبارة أكد جميل المنياوى للمؤلفة

اتجاهه للمديح بسبب حبه لهذا اللون، كما أن مدح الرسول شيء مختلف.. مشيرا

إلى أن الناس فى الصعيد لديها حيرة وتتساءل: كيف لقبطى أن يمدح رسول

الإسلام.

وعن موقف الكنيسة من اشتغاله بالمديح النبوى، فإنها وكما أكد للمؤلفة لم

تمانع ولم تعارض، لكن بعض المتشددين الأقباط يرون أن الغناء حرام وكل ما

أقوم به حرام، وفي نفس الوقت تعرضت لتهديدات من جانب الجماعات الإرهابية

خلال حقبة التسعينيات، بل إنهم منعونى بالفعل أنا والشيخ ياسين التهامى

من إحياء إحدى الليالى بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط.

لم يقتصر إنشاد مكرم المنياوى في الصعيد فقط ولكنه كما يقول أحيا ليالي

في مصر كلها من الإسكندرية إلي أسوان، بل إنه وصل إلي الحدود الليبية وهو

ما يعكس حب الناس له، لأنه قبطى ينشد في مدح الرسول، ومن بين مديحه يقول:

»أنا أمدح النبى اللى خرج من بيت عماته.. أحمد محمد ركب براق الرسول من

عند بيت عماته«، ويقول في مديح آخر: »بغنى يا حبايب دا أنا حب النبى هو

اللي شغلنى«.

وفى إجابته عن سؤال المؤلفة عن كيفية كتابة قصائد المديح التى ينشدها ومن

ثم عن مصادر معلوماته عن الثقافة الإسلامية، يقول مكرم المنياوى إنه رغم

عدم حصولى إلا على الشهادة الإعدادية، إلا أنى أقرأ كثيرا في الكتب

الدينية الإسلامية وتعلمت الكثير عن الإسلام، ولذا فإن الكثير من مديحى

ارتجالى وأستطيع إحياء ليلة كاملة من الذكر والإنشاد والمديح، وإذا طلب

منى غناء قصيدة عن السيدة العذراء فإنى أنشدها ثم أعود مرة أخرى إلي مدح

الرسول.

< ?<? ?<?

بصوته العذب على أنغام الربابة والمزمار برع في مدح النبى وآل بيته

بقصائد ارتجالية، حيث ولعت به قلوب محبيه ومستمعيه حتى لقّبوه بـ»مداح

الرسول«.. بهذه الكلمات والأوصاف بدأت المؤلفة حديثها عن المنشد القبطى

جميل الأسيوطى المولود في قرية دشلوط بمركز ديروط بمحافظة أسيوط عام

1963.

وعن بدايته يقول: سمعنى بعض العارفين والمغنين ودعونى للمشاركة فى أحد

الأفراح ومنذ تلك الليلة في عام 1977 بدأت في اكتشاف موهبتي وقررت امتهان

الغناء والإنشاد فى الأفراح، ثم بدأ مشوارى مادحًا للرسول.

وتنقل عنه المؤلفة أنه اتخذ من موهبته مصدرًا للعيش له ولأسرته التى كانت

مقيمة فى منزل مبنى بالطب وسقفه من الخشب، حيث كان الغناء نهاية رحلة

طويلة من العمل فى العديد من المهن في الجبال والمحاجر حتى تفرغ في

النهاية لمدح النبى.

لا يمكننى القراءة والكتابة، لذا لم أستطع أن اقرأ الإنجيل وأرنمه وأغنى

أناشيد الكنيسة.. هكذا أوضح جميل الأسيوطى للمؤلفة الأسباب التى دفعته

معتمدًا على موهبته في الغناء نحو الفن الشعبى والإنشاد الدينى والمديح

ومنعته من المشاركة في غناء الأناشيد الكنسية وكسب قوته منها.

ومتحدثًا عن نفسه يقول إنه يؤلف مواويل في مدح الرسول.. مشيرا إلي أنه من

الأوائل على الساحة في المديح النبوى بعد مكرم المنياوى، وعن تقبُّل

الجمهور له كقبطى ينشد فى مدح الرسول يقول إنه عندما يبدأ فى الإنشاد يرى

المستمعين وقد بدا عليهم الاستغراب ثم سرعان ما يبدونى إعجابهم ويطلبون

المزيد.

وعن هذا القبول الذى يحظى به أوضح أنه عند إحياء مناسبة دينية خاصة

بالمسلمين يحضرها مسيحيون، فإنه يبدأ بغناء مواويل عن المسيح والسيدة

العذراء، وكذلك العكس عند إحياء حفل خاص بالمسيحية يحضرها مسلمون فإنه

يقوم بإنشاد موال في مدح الرسول.

«ودينى يا دليل ودينى»، «فاطمة يا فاطمة يا بنت النبى» من بين أشهر قصائد

المديح التي ينشدها ويطلبها جمهوره ومحبوه في الليالى والموالد

والمناسبات الدينية، إلى جانب قصائد المديح النبوي الأخرى، بينما يطلب

منه الكثيرون تأليف مواويل خاصة بمقابل مادى في مدح الرسول لإنشادها قبل

ذهابهم لأداء فريضة الحج.

< < <

ومما يُعد تأكيدًا للحمة النسيج الوطنى التي تختص بها مصر هو ما اختتمت

به المؤلفة حديثها عن المداحين الأقباط نقلا عن المنشد جميل الأسيوطى

الذى أكد لها أن المسيحيين يتقبلون مدحه للنبى محمد لأنهم يدركون أن

المدح والإنشاد الدينى جزء من التراث الفنى الشعبى المصرى، مشيرًا في نفس

الوقت إلى أن العديد من المنشدين المسلمين يمدحون السيد المسيح والسيدة

مريم.. مشيرًا أيضًا إلى أن المسلمين والمسيحيين يطلبون منه إحياء

حفلاتهم، «وإن كانت نسبة المسلمين أكبر فهم الأكثر حجزًا لمواعيدى وهم

أيضًا سبب شهرتي ونجاحى».

< < <

لعله لا تعليق ضروريًا علي ظاهرة المنشدين الأقباط التى تجلّت فى ساحة

المديح النبوى ومعها مديح المنشدين المسلمين للمسيح والسيدة مريم، سوى

أنها تعكس بكل وضوح الخصوصية المصرية بالغة التميُّز والتحضُر فى التعايش

والمحبة والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين في وطن واحد عبر

عشرات القرون..

ويبقى للحديث بقية أخيرة..

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE