الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 11:49 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : الإنشاد الدينى.. الفرعونى والمسيحى والإسلامى (1)

الأموال

المصادفة وحدها وأحسبها من فيض نفحات ذكرى المولد النبوى الشريف.. هى
التى أوقعت بين يديَّ كتابا جديدا ومهما هو الأول من نوعه فى العصر
الحديث بعنوان «فن الإنشاد الدينى» لمؤلفته الكاتبة الصحفية مروة البشير
المتخصصة فى شئون الأزهر والحوار بين الشرق والغرب بجريدة الأهرام.
المفاجأة فى هذا الكتاب هى أن مصر عرفت الإنشاد الدينى منذ عصر الفراعنة
قبل آلاف السنين وهى بذلك تكون- وحسبما وثقت المؤلفة- أول دولة فى العالم
عرفت هذا الفن المرتبط بالدين على اختلاف الأديان وتعاقب الأزمان.
>>>
وبحسب ما ذكرته الكاتبة الصحفية مروة البشير فإن تأليف هذا الكتاب لم يكن
أمرا سهلا، إذ لم تجد كتابا أو مرجعا حديثا يتناول تاريخ هذا الفن
المتأصل فى الجذور المصرية وفى وجدان المصريين وباستثناء مراجع قديمة
جداً - ذكرتها فى نهاية فصول الكتاب- فإن المكتبة العربية والمصرية تفتقر
إلى مؤلفات حديثة موجهة للقارئ غير المتخصص.. توثق تاريخ وحاضر الإنشاد
الدينى.
ومن ثم تأتى أهمية هذا الكتاب فى تقديرى باعتبار أنه يعد إضافة مهمة
ومحمودة للمكتبة العربية والمصرية وللقراء المسلمين والمسيحين على حد
سواء، بقدر ما يملأ فراغا معرفيا وثقافيا.
>>>
يتضمن الكتاب عرضا لنماذج متعددة من الإنشاد الدينى.. الفرعونى والمسيحى
والإسلامى، حيث أوضحت المؤلفة أن المضمون واحد فى كل الأديان، إذ إن الكل
يناجى ربه على طريقته، ويلجأ إلى خالق الكون يستمد منه القوة و«المدد»،
ومن جانبى أرى أن استخدام المؤلفة لتعبير «المدد» وهو تعبير صوفى إنما
يعكس ثقافتها بحكم انتمائها إلى عائلة صوفية عريقة ومعايشتها لهذه البيئة
الصوفية حسبما يتضح لاحقا من حديثها مع عرض بقية أجزاء الكتاب.
>>>
وفقا للترتيب التاريخى.. استهلت المؤلفة فصول كتابها بالحديث عن الإنشاد
الدينى عند الفراعنة والذى وصفته بأنه الإنشاد المصاحب للطقوس والعبادات
وإقامة الصلوات داخل المعابد من خلال مجموعة من الترانيم ذات النصوص
الدينية والتى عادة ما تكون غامضة المعانى وتؤدى بمصاحبة آلة موسيقية
ودفوف أو بطريقة الترتيل والتلاوة أو الإلقاء.
وتشير المؤلفة فى هذا الفصل إلى أن جدران المعابد الفرعونية وثقت هذا
الإنشاد الدينى المصرى القديم فى احتفالات «آمون» و«رع» و«إيزيس»، حيث
ظهر فيها حاملو الأعلام والعازفون والمنشدون الذين يرددون الأناشيد
الدينية.
من بين تلك الأناشيد، توقفت المؤلفة عند أشهرها على الإطلاق وهو نشيد
الملك الفرعون «إخناتون»، والذى ترك أناشيد كثيرة منقوشة على جدران
معابده فى «تل العمارنة» إضافة إلى رموز مخطوطة بالهيروغليفية القديمة
محفوظة على أوراق البردى.
>>>
بقراءة نشيد «إخناتون» وبقية أناشيده الدينية بعد ترجمتها يتضح أنها
تتحدث عن التأمل فى الكون وحياة البشر، خاصة أنشودته بعنوان «فى حب آتون»
والتى تعد علامة فارقة فى تلك الفلسفة الفرعونية التى تحمل معانى النزعة
الدينية المتأصلة لدى المصريين القدماء الذين سكنوا ضفاف النيل منذ آلاف
السنين.
ولم يفت مؤلفة الكتاب فى ختام فصل الإنشاد الدينى عند الفراعنة أن تنشر
النص الكامل لنشيد «إخناتون» عن ترجمة للدكتور أحمد فخرى وهو نشيد طويل
جدا، يقول مطلعه: أنت تطلع ببهاء فى أفق السماء يا آتون الحى يا بداية
الحياة.
>>>
وإذا كان بعض الباحثين قد ربط بين نشيد «إخناتون» هذا والمزمور (104) من
مزامير النبى داوود من حيث تماثل المضمون بوجه عام وبعض العبارات بوجه
خاص، إلا أن البعض الآخر يرى - وهو الرأى الذى ترجحه بل تؤكده المؤلفة-
أن التشابه بين الاثنين لا يعدو أن يكون مجرد توارد خواطر، باعتبار أن كل
منهما يناجى ربه.
>>>
وفى استعراض مختصر فى مقدمة الكتاب لتطور الإنشاد الدينى تقول المؤلفة
أنه مع انتشار الديانة المسيحية فى مصر ظهرت فى الكنيسة الأرثوذكسية
الموسيقى الكنسية والتى تعد الأقدم على الإطلاق والتى وصفها عالم
الموسيقى الإنجليزى «ايرنست سميث» بأنها إحدى عجائب العالم السبع.
وعن الترانيم القبطية تقول المؤلفة إنها جزء مهم فى العبادة المسيحية فى
مصر وهى مأخوذة من الكتاب المقدس مثل ترانيم «النُصرة»، و«التوبة»، بينما
شهدت السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً فى الترانيم والألحان الكنسية حيث
ظهر جيل جديد من المرنمين يؤدون ترانيم أقرب إلى الغناء باللهجة العامية.
>>>
وفى استعراضها لتاريخ وتطور الإنشاد الدينى الإسلامى تقول المؤلفة أنه
بدأ فعليا فى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كانت قصائد المديح
النبوى هى العمود الفقرى للإنشاد ثم تطور المديح والإنشاد لاحقا حتى أصبح
فى عهد الدولة الأموية فنا له أصوله وضوابطه وقوالبه وإيقاعاته.
وفى عهد الدولة الفاطمية ازدهر الإنشاد ازدهارا كبيرا، ثم مع انتشار
الطرق الصوفية دخل مرحلة جديدة من خلال ما تعرف بـ«الحضرة»، حيث ارتبط
بآل البيت وموالد أولياء الله الصالحين، ومع ظهور الإذاعة ثم التليفزيون
لاحقا ذاع صيت فن الإنشاد الدينى والمديح النبوى، إلى أن ظهرت مؤخرا
فضائيات خاصة بهذا الفن.
>>>
عن المزيد من تاريخ وتطور الإنشاد الدينى المسيحى والإسلامى كما جاء فى
بقية فصول الكتاب يبقى للحديث بقية.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE