الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 06:09 صـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب :الذين أفسدوا صلاة العيد فى «الأقصى» وبعض مساجد مصر

الأموال

 

عندما يقتحم المستوطنون الصهاينة باحات المسجد الأقصى صباح عيد الأضحى المبارك يوم الأحد الماضى في حماية قوات الاحتلال لإفساد هذه المناسبة الإسلامية المقدسة والتضييق على المصلين الفلسطينيين المقدسيين وإفساد فرحتهم بالعيد، فإن إسرائيل تؤكد بذلك عنصريتها الصهيونية، بقدر ما تؤكد أنها دولة احتلال بغيض تنتهك قواعد القانون الدولي بشأن حق الشعب المحتلة أراضيه.

ثم إنها حين لا تكتفي بذلك الاقتحام للمسجد الأقصي فى عيد إسلامى وتقوم بالاعتداء على المصلين لإجبارهم علي الخروج من المسجد، فإنها بتلك الممارسات الإجرامية تؤكد أنها غير قابلة للتعايش مع الشعب الفلسطينى الرازح تحت الاحتلال قبل أن تكون راغبة في التوصل إلي سلام عادل ينهى الصراع العربى ـ الإسرائيلى والذى تمثل القضية الفلسطينية أساس إنهائه وإحلال السلام.

< <<

وفي وسط هذا الصمت الدولى والعربي أيضًا إزاء جريمة اقتحام المسجد الأقصى في صلاة عيد الأضحى، أجدنى أتوقف بكل إجلال واحترام لموقف مرزوق الغانم رئيس البرلمان الكويتى الذى أدان واستنكر تلك الجريمة الإسرائيلية.. مطالبًا المجتمع الدولى بالتصدى لتلك الجريمة وغيرها من جرائم الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية وضد الشعب الفلسطينى.

< < <

وإذا كان من المتواتر في الأدبيات السياسية وصف القضية الفلسطينية بأنها قضية الفرص الضائعة فى اتهام للعرب والفلسطينيين بأنهم أضاعوا فرصًا فى الماضي لحل القضية حتى لو كان حلا وسطا، وهو اتهام يبدو منطقيًا ولكن بأثر رجعى، لكنه لا يجوز أن يظل اتهامًا مطلقًا معلقًا في رقبة العرب والفلسطينيين، إذ يتعين النظر إلى مراحل هذا الصراع فى إطار الظروف التاريخية والسياسية والأوضاع الإقليمية العربية والدولية قبل عقود طويلة ومنذ إعلان دولة إسرائيل عام 1948.

< < <

غير أنه وفي المقابل فإن ضمان إسرائيل لبقائها فى المحيط العربي في قادم الأيام والسنين سيكون فرصة ضائعة، حيث غابت عن إسرائيل حقائق التاريخ وتجارب احتلال أراضى الغير والشعوب بالقوة، ومن ثم فقد غاب عنها أن احتلالها لن يدوم ولن يطول وأنها لن تستطيع تحدى التاريخ والجغرافيا ولا صمود الشعب الفلسطينى وإصراره.. جيلا بعد جيل على إقامة دولته.. طال الزمن أو قصر..

وإذا كانت إسرائيل بفعل غطرسة القوة والحماية الأمريكية والانحياز الأوروبى لا تدرك حقائق التاريخ، فإنها سوف تدركها جيدًا عندما تكتشف يومًا ما هو قادم لا محالة أنها أضاعت فرصتها الوحيدة للعيش الآمن في سلام في المنطقة العربية بل فرصتها الذهبية والاستثنائية في بقائها في فلسطين المحتلة، وذلك هو الرهان التاريخى والسياسى والجغرافى بل الدينى أيضًا على زوالها.

< < <

وفي سياق آخر ومع الفارق الكبير والشاسع في تشبيه ما فعلته إسرائيل لإفساد صلاة العيد فى المسجد الأقصى مع الذين أفسدوا ويفسدون صلاة العيد وتكبيراته في كثير من مساجد مصر، أجدنى مدفوعًا مضطرًا لفتح هذه القضية بشأن صلاة العيد والتى قد يراها البعض هامشية والتوقف أمام تلك الظاهرة التي تفشت فى كثير من مساجدنا منذ سنوات بعيدة ولاتزال مستمرة، وهى ظاهرة اختصار تكبيرات العيد المطولة المتعارف عليها في مصر والتى تُعرف بـ«تكبيرات النصر».

ظاهرة تكبيرات العيد المختصرة الوافدة على مصر والقادمة من البلدان الصحراوية تفشت في بلادنا مع تفشى الأفكار والسلوكيات البدوية الوهابية مع عودة المصريين العاملين في بلدان النفط منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى، ثم تسربت إلي العقول المصرية حتى صارت معتقدًا دينيًا وسلوكيات لم يألفها المصريون عبر التاريخ الإسلامى في مصر.

< < <

تفشى ظاهرة تكبيرات العيد المختصرة فى كثير من مساجدنا.. أفسد بالفعل صلاة العيد وتكبيراته المعتادة التي كانت السِمة الروحانية المميزة للعيد والتى تهفو إليها القلوب وتتفق والوجدان المصرى، وهى التكبيرات التى يرددها المصلون في مساجد مصر الكبرى وهى أيضًا التى تردد حتى فى مشاهد وأحداث العيد في الأفلام السينمائية المصرية القديمة والحديثة وعلي النحو الذى يعد توثيقًا لتلك التكبيرات.

< < <

أما تلك التكبيرات المختزلة المختصرة دون أى مبرر شرعى التى تتردد في كثير من المساجد في رتابة وملل وبأصوات منفرة وبإيقاعات غير منتظمة، فإنها أفسدت وبحق جلال التكبير والمناسبة وجمال العيد حتى أضاعت فرحة العيد وصلاته التى اعتاد عليها المصريون ويتشوقون إليها مع قدوم العيد سواء في المساجد أو فى البيوت عندما تستمع إليها السيدات فى الراديو والتليفزيون عند إذاعة شعائر الصلاة بحضور رؤساء وحكام مصر.. وهو ما يؤكد أن تلك التكبيرات المطولة معترف بها من جانب الدولة التي دينها الإسلام ومن جانب الأزهر كعبة المسلمين الثانية وحصن الإسلام وعلومه.

< < <

ولذا يبقي السؤال لوزارة الأوقاف التي تخضع لها الغالبية العظمى إن لم يكن كلها من المساجد.. لماذا تسمح لأئمة مساجد التكبيرات المختصرة من المتسلفين وذوى الأفكار الوهابية بالخروج علي ما أجمع عليه المصريون ويقره الأزهر والادعاء بأن التكبيرات المطولة بدعة وضلال، مع أنه من المتواتر في السيرة أن المسلمين في المدينة المنورة رددوها في عيد الأضحى الذى أعقب انتصارهم في غزوة الخندق وبإقراره صلي الله عليه وسلم باعتبارها تعبيرًا عن النصر في تلك المعركة التي هزم فيها الله الأحزاب من بعض القبائل التي تحالفت ضد المسلمين ونصر عبده وأعز جنده.

< < <

على وزارة الأوقاف التصدى لأئمة المساجد ذوى الأفكار الوهابية للعودة إلي تكبيرات النصر المطولة المحببة إلي المصريين والتي تجعل للعيد فرحته ومذاقه الإسلامى الوسطى المصرى الذى أفسده هؤلاء الأئمة وتلك المساجد التى تفسّد فرحة العيد في مصر.

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE