الأموال
الخميس، 18 أبريل 2024 08:59 مـ
  • hdb
9 شوال 1445
18 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : مصر.. الهدف الحقيقى للتدخل التركى فى ليبيا

الأموال




يتصاعد التدخل التركى فى ليبيا الشقيقة بصورة خطيرة هذه الأيام وإذا كان
معروفاً أن تركيا - بالتحالف مع قطر - قد نقلت إلى ليبيا آلافاً من
الإرهابيين بعد الهزائم التى نزلت «بداعش» فى العراق وسوريا و«البصرة» فى
عديد من المناطق السورية.. كما قامت أنقرة والدوحة بإمداد الفصائل
الإرهابية فى ليبيا بكميات هائلة من الأسلحة. فإن الانتصارات التى حققها
الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر خلال الشهور الأخيرة قد
أثارت حنق أردوغان فاتخذت التدخلات التركية طابعاً سافراً، وأصبح الحديث
عن «حق»!! أنقرة فى التدخل فى ليبيا، وخاصة حينما بدأت عملية الهجوم على
طرابلس، معقل ما يسمى حكومة الوفاق الوطنى بقيادة فايز السراج.
وشهدت الأسابيع الأخيرة عمليات واسعة لنقل الإرهابيين والأسلحة المتقدمة
والثقيلة من دبابات ومدرعات وصواريخ مضادة للدروع، وصولاً إلى الطائرات
بدون طيار (الدرون) لدعم الفصائل الإرهابية المسيطرة على طرابلس وأهمها
تلك المنتمية إلى تنظيم «القاعدة» وإرهابيى «الإخوان».. بالإضافة إلى
المرتزقة من المهاجرين الأفارقة والدول الإفريقية المجاورة، والذين تدفع
لهم قطر وتركية بسخاء.
وأدت هذه التدخلات التركية السافرة إلى ازدياد شراسة المعارك فى المناطق
المحيطة بطرابلس، وإلى إبطاء وتيرة تقدم قوات الجيش الوطنى الليبى، الذى
أعلنت قيادته أنها ستضرب أى سفينة أو طائرة تركية (أو غير تركية) تنقل
الأسلحة إلى الفصائل الإرهابية، فأعلنت أنقرة أنه إذا حدث شىء من هذا
فإنها سوف تستهدف قوات المشير حفتر ومراكز قيادته بضرباتها الانتقامية!!.
المعروف أن هدف تركيا الأول من دعم الإرهاب فى ليبيا هو خلق بؤرة إرهابية
على حدود مصر الغربية، يتحرك عبرها إرهابيو «داعش» و«النصرة» وغيرهما من
المنظمات الإجرامية لتوجيه الضربات إلى مصر وزعزعة الاستقرار والأمن
فيها.. وقد اتخذ هذا المخطط من شرق ليبيا - وخاصة مدينة درنة - قاعدة له.
ولكن سرعان ما تمكنت قواتنا المسلحة من إغلاق حدودنا الغربية بإحكام..
كما وجهت ضربات قاصمة للمعسكرات الإرهابية فى الشرق الليبى.. وكان
طبيعياً أن تهتم مصر بدعم قوات الجيش الوطنى الليبى، الذى تشكل بقيادة
المشير حفتر، وتحت قيادة وإشراف البرلمان الشرعى المنتخب وحكومة بنى غازى
المستندة إليه.. وسرعان ما اشتد عود ذلك الجيش، وتمكن من تحرير المناطق
الشرقية من ليبيا تماماً والقضاء على المنظمات الإرهابية فيها، الأمر
الذى مثل انتصاراً كبيراً لكل من شعبى مصر وليبيا فى المعركة ضد
الإرهاب.. ومن ثم توجهت قوات الجيش الوطنى لتحرير الجنوب الليبى، وهى
المهمة التى أنجزتها خلال أسابيع، لتتجه بعدها إلى العاصمة طرابلس.
وإذا كانت هذه الانتصارات الهامة قد ساعدت بدرجة كبيرة فى تأمين حدود مصر
الغربية، وهزيمة المخطط الإجرامى الذى أراد أصحابه تحويل ليبيا إلى عمق
استراتيجى للإرهاب ضد مصر، فإنها أثارت ثائرة أردوغان، الذى يتلمظ بالطبع
على ثروات ليبيا من البترول والغاز.. لكنه يعتبرها - قبل كل شىء- خطوة
نحو تحقيق حلمه الشرير (والمستحيل طبعاً) بإسقاط النظام وإقامة نظام موال
له، يسيطر عليه «الإخوان» وغيرهم من المنظمات الإرهابية (!!) باعتبار
ذلك خطوة ضرورية نحو استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية الغابرة.. وهى
الأحلام الجنونية التى تمثل مصر - بثقلها الكبير - أكبر عقبة فى طريقها..
وكانت ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم «الإخوان» أكبر ضربة قاصمة لتلك
الأحلام الخرافية.. ثم جاءت هزيمة الإرهاب فى سورية لتمثل ضربة قاصمة
ثانية.. والآن تجىء هزائم الإرهاب فى ليبيا تجهز على ما تبقى من أحلام
أردوغان الإمبراطورية الجنونية.
ولم يكتف الرئيس التركى بتسيير حملاته الإعلامية ضد مصر.. بل حاول أيضاً
التحرش ببلادنا بإعلانه معارضة اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين كل من
مصر واليونان وقبرص، وادعاء أن هذه الاتفاقيات تمثل افتئاتاً على حقوق
بلاده فى مناطق البحر المتوسط الغنية بالغاز الطبيعى وبدأ خلال الأسابيع
الأخيرة فى التنقيب عن الغاز فى المناطق البحرية المحيطة بقبرص تحت
حماية سفن عسكرية، معلناً أن أنقرة من حقها أن تقوم بالتنقيب فى المناطق
التى تحدداً - تحت حماية السلاح - ودون اتفاق مع بقية دول الحوض الشرقى
للبحر المتوسط وفى مقدمتها مصر.. وبديهى أن انتزاع مواقع فى ليبيا يفسح
مجالاً أوسع لتركيا للادعاء بحقوق مزعومة لها فى التنقيب عن الغاز تحت
مياه البحر المتوسط.
والحقيقة أن نظرة واحدة علي الخريطة تكن لكشف محاولات أردوغان المحمومة
للاقتراب من مصر وحصارها سواء من ناحية ليبيا في الغرب أو عبر مياه البحر
المتوسط، أو عبر حماس و«الإخوان» فى الشرق، أو قاعدة «سواكن» جنوبا على
السواحل السودانية على البحر الأحمر.. لكن مصر تقف بالمرصاد لكل خطط
التوسع الإمبراطورى «العثمانى».. وهى قادرة علي إفشالها..
أما عن معركة طرابلس وبقية مناطق الغرب الليبى، فإن الصورة العامة
لعلاقات القوى فى ليبيا والإقليم تشير إلى أن التدخل التركى محكوم عليه
بالهزيمة فى النهاية، لأن حقيقة حكومة فايز السراج واستنادها للمنظمات
الإرهابية تتضح للعالم أكثر فأكثر كل يوم.. ولأن تلك المنظمات الإرهابية
لا تحظى بدعم الشعب الليبى.. وهى تزداد ضعفًا يومًا بعد يوم.. ونهايتها محتومة مهما تأخرت.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE