الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 09:58 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : السوريون في مصر.. أهل وأصحاب بيت.. وليسوا لاجئين (3-3)

الأموال

بقرار أمريكى: العودة إلى الوطن ممنوعة

...لماذا لا يعود السوريون إلى وطنهم إذا كانت الحرب قد انتهت- أو أوشكت على الانتهاء- وبدأ الهدوء يعود إلى بلادهم؟

سؤال يطرحه الكثيرون بحسن نية في أغلب الأحوال.. وبما يكشف عن عدم كفاية معرفتهم بحقيقة الأوضاع في سوريا.

والإجابة.. مفاجأة..

أولا: اللاجئون السوريون ممنوعون من العودة إلى بلادهم بقرار أمريكى- غربى- إسرائيلى يربط هذه العودة بشروط سياسية عديدة وصعبة، خلاصتها الإطاحة بالنظام الحالى، وتسليم السلطة إلى «معارضة الخارج» من المرتزقة المقيمين فى فنادق الخمس نجوم في اسطنبول وأنقرة والدوحة ومختلف العواصم الغربية وغيرها، والموافقة على تقسيم البلاد، بحيث تبقي منطقة إدلب الكبرى وما حولها مرتعًا للإرهابيين العرب والأجانب، تحت سيطرة تركيا التى تريد الاستيلاء على كل منطقة شمال غرب سوريا كمرحلة أولى، وتتطلع إلى الاستيلاء على الشمال الشرقى (منطقة الجزيرة وشرق الفرات) فى مرحلة تالية بدعوى محاربة الإرهاب الكردى. بينما تريد الولايات المتحدة إقامة دولة كردية فى شمال وشمال شرق سوريا، بالرغم من أن الأكراد لا يحتلون أكثر من ربع سكان المنطقة على أقصى تقدير، بينما يمثل العرب وأبناء الأقليات القومية ثلاثة أرباع الأكراد فيما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية «قسد» بأحدث الأسلحة، وإمدادهم بمساعدات سخية لتحقيق هذا الغرض..

إطالة أمد الحرب.. هدف غربى

ثانيا: ليس صحيحاً أن الحرب في سوريا قد أوشكت على الانتهاء، بل إنها قد تستمر لسنوات، وخاصة في منطقة إدلب وما حولها، التى جعلت تركيا منها قلعة حصينة مليئة بالأنفاق والخنادق بها عشرات الآلاف من المقاتلين الإرهابيين بينهم 20 ألف إرهابي أجنبي مسلحين بأحدث الأسلحة، بما فيها الصواريخ أرض- أرض والطائرات المسيَّرة (الدرون) والدبابات والصواريخ المضادة للدروع.. وتبلغ مساحة إدلب الكبرى حوالى «عشرة آلاف كم2».. أى ما يعادل مساحة دولة كلبنان.. ويسكنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، ويشن الإرهابيون يومياً هجمات على المناطق المحيطة بالمنطقة من حلب شرقًا إلى اللاذقية غربا وحماة جنوبا، وعلى قوات الجيش السورى وحلفائه فى المناطق المحيطة بإدلب، وقاعدة «حميميم» الاستراتيجية الروسية فى اللاذقية.. وهم يتخذون من المدنيين في منطقة إدلب رهائن ودروعًا بشرية.

وحينما تقصف القوات السورية أو الروسية مواقع الإرهابيين أو تحصيناتهم برفع الإعلام التركى والغربي عقيرته بالصياح: «إنهم يقصفون المدنيين»!!

وبالرغم من أن أردوغان كان قد عقد مع بوتين اتفاقًا يقضي بنزع السلاح الثقيل من أيدي الإرهابيين (اتفاق سوتشى 2017) من جبهة النصرة وحلفائها وإقامة منطقة منزوعة السلاح بطول حدود منطقة إدلب، وبعمق يتراوح بين (15 – 20 كم) فإن ما حدث هو عكس ذلك تماماً.. ولذلك فإن انتزاع أى موقع من أيدى الإرهابيين يحتاج إلى معارك شديدة الضراوة.

وباختصار فإن (إطالة أمد الحرب) في سوريا هو هدف أمريكى- غربي- تركى- إسرائيلى أساسى، والمطلوب هو إطالة أمد استنزاف سوريا عسكريا واقتصاديا (ما تبقى من اقتصادها) ودفعها إلى الانهيار وهذا ما يتم تطبيقه في شمال شرق البلاد أيضا حيث توجد القوات الكردية بحماية عدد قليل من القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية في المنطقة نفسها.. ولكن بحماية قوات وقاذفات «التحالف الدولى» في العراق، والقوات الأمريكية المناسبة موجودة في البحر المتوسط والخليج، وجاهزة للتدخل عند اللزوم.

<< وفي الشرق السورى لا يكتفي الأكراد بنهب ثروات سوريا من النفط والغاز وحدها (أكثر من 60٪ من الاحتياطيات والإنتاج).. بل ويقومون أيضًا بالتضييق عليهم وسلب ممتلكاتهم، ومحاولة دفعهم لمغادرة المنطقة.. وشهد العام الجارى ظاهرة جديدة لا يمكن وصفها بغير الهمجية، هى قيام قوات «قسد» وخلايا «داعش» وفلولها في شرق سوريا بحرق حقول القمح المملوكة للفلاحين العرب!!

وهكذا.. يطيلون أمد الحرب.. ويستنزفون البلاد.. وينهبون الموارد.. ويحرقون ما يصعب نهبه!!

ثالثا: إعادة الإعمار.. ممنوعة!!

تشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن حجم الدمار الذى أصاب الاقتصاد السورى بسبب العدوان الإرهابى الاستعمارى يتراوح بين (380- 400 مليار دولار ) وإلى أن المدن والبلدات والقرى التي تم تداول السيطرة عليها بين الجيش السورى والإرهابيين، تبلغ نسبة الدمار فيها (70- 80٪)!! كما تشير البيانات الدولية إلي أن إعادة إعمار سوريا لن تتكلف أقل من 400 مليار دولار.

وبديهى أنه لكى يعود اللاجئون السوريون (أكثر من 7 ملايين لاجئ) إلى بلادهم.. ولكى يعود النازحون في الداخل إلي ديارهم (أكثر من 6 ملايين) فلابد أن يجدوا بيوتًا وشققًا للإقامة، ومرافق للإمداد بضرورات الحياة (كهرباء- مياه- طرق..الخ)، ولابد أن يجدوا أعمالا، ومدارس لتعليم أطفالهم، ومستشفيات للعلاج.. الخ (فضلا عن الطعام قبل كل شىء!!).

>> لكن اقتصاد البلاد في حالة من الدمار الواسع ويجرى استنزافه بضراوة.. وإطالة أمد الحرب مفروضة عليها. فكيف يمكن تحقيق تقدم في إعادة الإعمار يسمح بعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم في ظل هذه الظروف بالغة الصعوبة؟

الإجابة البديهية هى أنه لا غنى عن مساعدات أجنبية سخية، واستثمارات ضخمة لإعادة الإعمار.. وهنا تبرز الوحشية الأمريكية والغربية بكل بشاعتها.. ممنوع تقديم أى مساعدات لإعادة إعمار سوريا، بدون الخضوع للشروط التى تحدثنا عنها في بداية المقال!! ولا تكف الولايات المتحدة عن ممارسة الضغوط علي المستوى الدولى، والتهديد بفرض العقوبات علي أى بلد يساعد في إعادة الإعمار!! علمًا بأن سوريا نفسها خاضعة لعقوبات أمريكية مشددة.

فكيف يمكن إعادة الإعمار مثل هذه الظروف.. وكيف يمكن عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم في ظل هذا الخراب والدمار؟

والأبشع من ذلك أن الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى تمنع منظمات الإغاثة الدولية من تقديم المساعدات الغذائية والإغاثية إلى النازحين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية!! بينما تقدم هذه المساعدات بسخاء للمناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك والإرهابيين في إدلب ومناطق شمال غرب سوريا، وللمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد.. «قسد» في شرق الفرات!! ويتذرعون في ذلك بأنهم لا يعترفون بشرعية النظام السورى (العضو في الأمم المتحدة)!!

فكيف يعترفون بشرعية الإرهاب ولا يعترفون بشرعية عضو الأمم المتحدة؟

والأهم: ما هو ذنب البشر المحرومين من أبسط مقومات الحياة؟ وهل هذا من الإنسانية فى شىء؟

ومرة أخرى يبرز السؤال: كيف يمكن أن يعود اللاجئون والنازحون إلى ديارهم في ظل هذه الظروف شديدة القسوة؟!

العودة الممنوعة

رابعا: بالرغم من هذا كله فإن أعدادًا قليلة من اللاجئين السوريين تعد بعشرات الآلاف (من بين أكثر من 7 ملايين) قد عادوا إلى البلاد سواء من الذين تم تحرير مناطقهم من الإرهاب، ولديهم إمكانات مادية معقولة تمكنهم من العيش، أو من الذين واجهوا ظروفا أقسى في الغربة، فقرروا العودة.. غير أن أمريكا والدول الغربية الكبرى من خلال السيطرة على المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة تبذل كل جهد ممكن للحيلولة دون عودة اللاجئين السوريين.. فمرة يتحدثون عن غياب حرية التعبير!! (وكأن اللاجئين كلهم ناشطون سياسيون)!! ومرة يتحدثون عن ضرورة الانتظار حتي إجراء الانتخابات!! وفي جميع الأحوال يهددون اللاجئين بقطع المساعدات التي تقدمها لهم (المفوضية) إذا عادوا إلى سوريا.. ولأن الناس لا يضمنون شيئًا في بلادهم، فإن أغلبهم يفضلون البقاء حيث هم.

خلاصة القول إن نفس القوى التي صنعت مأساة سوريا منذ البداية، ودمرتها بحرب استعمارية- إرهابية غاشمة، تحاول الاستمرار في استنزافها بعد أن نجحت الدولة السورية في هزيمة الإرهاب على الجزء الأكبر من مساحتها.. ولا يبالى هؤلاء بالمأساة الضخمة التى تمثلها قضية اللاجئين والنازحين السوريين، بل يبذلون كل جهد شرير ممكن لاستمرارها.

وإذا كان الأمر كذلك.. فإن التضامن مع الشعب السورى الشقيق يظل واجبًا علي كل مصرى وعربى حر.. ويجب الانتباه للأغراض المشبوهة وراء الهجوم على إخوتنا وأهلنا السوريين في مصر.. والمؤكد أنهم يتطلعون للعودة إلى ديارهم.. وغدًا أو بعد غد سيعودون.. وسيعمرونها كما كانت وأفضل.. وسيكتمل انتصار الشعب السورى الشقيق.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE