محمد عبد المنصف يكتب : السودان ... بين الصراعات السياسية ... وعمق الأزمة  الاقتصادية!!

نجحت القمة الأفريقية المصغرة التى عقدت بالقاهرة برئاسة الرئيس

عبدالفتاح السيسي في منح الشعب السوداني مهلة ثلاثة شهور لتشكيل حكومة

مدنية تتولي إدارة البلاد، بعد ما تفاقمت الخلافات بين الرموز السياسية

والمجلس العسكري الانتقالي برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، وسواء

تكونت الحكومة الجديدة من الأحزاب السياسية القديمة وبخاصة حزبا الأمة

والاتحادي أو من التكنوقراط، فان مشاكل السودان أعمق من تغيير حكومة او

الثورة علي أخري.

وربما كان الخطر الحقيقي الذي يواجه السودان تأثر الشعب بفلسفة الاستعمار

بضرورة إشراك كل فئات المجتمع في العمل السياسي، والإدلاء برأيهم بصرف

النظر عن قدرتهم علي استيعاب التحديات التي تواجه بلادهم، الأمر الذي خلق

نوعا من الخلاف الدائم بين طوائف المجتمع علي، أولويات المشروعات القومية

.

فمن المؤكد أن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات ضخمة في مقدمتها كيفية

إيجاد توافق شعبي حول إمكانية رسم سياسة بعيدة المدي تسمح بإقامة مشروعات

جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وتساهم في القضاء علي البطالة والفقر، وتضع

خطة لإقامة شبكة طرق لربط أطراف البلاد  المتباعدة، وبرنامجاقوميالإعادة

هيكلة التركيبة السكانية الموزعة علي 1.88مليون كيلو متر مربع في أكثر من

40 ألف قرية، والأهم إقامة دولة هادئة قادرة علي استعادة مصداقيتها أمام

النظام العالمي..

كما سيواجهها  تراكم ضخم من  المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تكونت

علي مدي عقود، بصورة يصعب معها وضع رؤية لحلها، اذ يعاني السودان عجزا في

الميزان التجاري قدره 4.1مليار دولار حيث تبلغ حجم صادراته نحو 4.1 مليار

دولار، مقابل واردات قدرها 8.22 مليار دولار، يصاحب ذلك عجزا في الموازنة

العامة للدولة قدره 54 مليار جنيه سوداني، حيث يتوقع أن يصل إجمالي

الإيرادات عام 2019إلي 162 مليار جنيه فيما يتوقع أن تصل النفقات إلي 216

مليار جنيه سوداني. .

ومن المؤكدأن الحرب الأهلية في جنوب السودان التي اندلعت بين عامي 2013

و2018 قد أدت الي انخفاض حجم البترول  الذي يمر بأرض شمال السودان

للتصدير من موانئ البحر الأحمر ، مما أحدث عجزا في تدفقات العملة الصعبة

.

ومن الغريب حقا تعرض كل مشروعات البنية التي حاولت الحكومات المتعاقبة

إنشاءها للتدمير فقد تم تدمير خط السكة الحديد الذي حاولت إنشاءه لربط

الخرطوم بإقليم دارفور، لذلك تركزت  مقومات الحياة الحضارية في العاصمة

الخرطوم ومعها ام درمان، مما أدي إلي خلل في توزيع المشروعات القومية

وأعاق بقوة جذب استثمارات أجنبيةالي البلاد ،ولابد أن هناك أيادي خارجية

تعبث بمقدرات ذلك البلد الجريح الذي يمتلك ثروات هائلة، لكنه يعاني من

ضعف شديد في مستوي الخدمات الأساسية اللازمه لانطلاقه نحو الأمام.