الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 06:04 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : في عيد الأم.. كل الأمهات مثاليات

الأموال

 

يأتى عيد الأم فى 21 مارس من كل عام والذى احتفلت به الأسر المصرية يوم الخميس الماضى.. تتويجاً لاحتفالين سنويين في نفس الشهر.. الأول يوم المرأة العالمى فى 8 مارس والثانى يوم المرأة المصرية والذى يوافق يوم 16 من ذات الشهر، وهكذا صار مارس شهر المرأة في مصر والعالم..

اجتماع تلك الاحتفالات الثلاثة فى هذا الشهر بدا كما لو أن المصادفات شاءت أن تجتمع معًا لتكون تكريمًا للمرأة واعترافًا وتقديرًا لدورها المحورى.. زوجة وابنة وأختا وأمًا فى المشاركة الفاعلة في حركة المجتمعات وبناء الأوطان، وفى مقدمة هذه المشاركة.. دورها الإنسانى العظيم كأم فى بناء واستقرار الأسرة وتربية وتنشئة ورعاية الأبناء في أهم وأنبل مظهر من مظاهر العطاء اللامحدود والذى لا يدانيه أى عطاء إنسانى آخر.

ذلك العطاء.. عطاء الأمومة تتشارك فيه كل الأمهات فى العالم لا تختلف فيه أم عن أخرى مع اختلاف وتنوع الأوطان والمجتمعات والبيئات أو مع تباين الثقافات والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فكل الأمهات سواء بسواء فى العطاء.

< < <

وإذا كان الاحتفال بيوم المرأة المصرية.. أول الاحتفالات الثلاثة.. تكريما وتخليدًا لكفاحها فى مقاومة الاحتلال البريطانى مع بداية ثورة 1919 قبل مائة عام.. ينطوى على بُعد وطنى فى الأساس، فإنه بذلك يتسم وكما أسلفنا فى مقال سابق بخصوصية مصرية وطنية تميّزه عن مثيله على الصعيد العالمى، والذى يُحيى ذكرى كفاح المرأة ضد التمييز في العمل والحقوق السياسية والذى بدأته المرأة الأمريكية وتحديدًا فى مدينة نيويورك عندما خرجت النساء العاملات فى صناعة النسيج احتجاجًا علي أوضاع المرأة العاملة، وإن ظل لهذا الاحتفال العالمى أهميته والذى أقرته كل دول العالم وتشارك فيه مصر.. احتفالا مضافا إلى اليوم المصرى للمرأة وعيد الأم.

< < <

ومع أن الاحتفال بيوم المرأة العالمى يختلط فى بعض المجتمعات خارج مصر بالاحتفال بالأم، فإن الاحتفال بالأم فى مصر يتسم أيضا بخصوصية منذ تخصيص يوم 21 من شهر مارس ليكون عيدًا خاصًا بها مضافًا إلى اليوم المصري للمرأة إنما يعكس تقديرًا آخر للمرأة بوصفها أمًا أيضًا.

< < <

ولعل دواعى الإنصاف تقتضى الإشارة إلي صاحبى فكرة عيد الأم في مصر وهما شيخا الصحافة الأستاذان على أمين ومصطفى أمين، وهى الفكرة التى دعا إليها على أمين فى عموده الصحفى فكرة فى أوائل ستينيات القرن الماضى وتبنى التوأمان أمين الترويج لها حتى ترسّخ هذا الاحتفال فى الوجدان المصرى وصار عيدًا سنويًا.

ومنذ ذلك الوقت صار عيد الأم تقليدًا راسخًا بعد أن لقى استحسانًا وترحيبًا من جموع المصريين، حيث تحتشد الأسر المصرية يوم 21 من مارس كل عام للاحتفال بالأم، ورغم محاولات جرت عدة مرات لاستبداله بعيد للأسرة، إلا أن جميعها فشلت وظلت فكرة عيد الأم صامدة حتى الآن.

< < <

كانت حجة الذين أرادوا إلغاء عيد الأم وتحويله إلى عيد للأسرة هى أن هذا العيد يثير أحزان ودموع الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم، إلا أن هذه الحجة بدت متهافتة وتراجعت أمام فكرة تكريم الأمهات باعتبار أن هذه المناسبة فرصة لتذكر الأم التى رحلت والدعاء لها وهو أمر فيه وصل لأعمالها فى الدنيا بحسب الحديث الشريف «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، ومن بينها.. ولد صالح يدعو له».

< < <

ثمة حجة أخرى للهجوم على احتفال عيد الأم روج لها أصحاب الفكر المتخلف المتطرف والفقه الشاذ لتحريم هذا العيد باعتبار أنه لا أعياد فى الإسلام سوى عيد الفطر وعيد الأضحى، وهى الحجة التي بدت متهافتة أيضًا ولا تمت للدين والشرع بأى صلة، باعتبار أن هؤلاء لم يفرقوا بين الأعياء الدينية والأعياد الاجتماعية، ثم إن هذه الحجة بدت أيضًا متعارضة مع الدين ذاته والأمر الإلهى بتكريم الأم والإحسان إليها، ولا تتفق مع تكريم الأم والذى تحدث عنها صلى الله عليه وسلم بقوله «الجنة تحت أقدام الأمهات»، وهى التى أوصى الرسول الكريم بأنها فى الترتيب الأول والثانى والثالث بحسن الصحابة في قوله «أمك ثم أمك ثم أمك» وجاء الأب في الترتيب الرابع فى قوله «ثم أبوك».

حقيقة الأمر.. ليس الإسلام فقط الذى أمر بتكريم الأم وحث على الإحسان إليها، بل لقد أجمعت كل الأديان السماوية والوضعية أيضا على مكانة الأم والتأكيد على ضرورة احترامها وحبها وتكريمها والإحسان إليها.

< < <

ثم إن ثمة ملاحظات مهمة وضرورية فى هذا السياق وهى أن الأم التى يتوجب تكريمها والإحسان إليها ليست الأم التى ولدت الأبناء فقط، ولكنها أيضًا التي رعت وربت غير أبنائها، وتلك الملاحظة المهمة استشرفها وأشار إليها الإمام الشعراوى مستشهدًا بقوله تعالى فى الآية الكريمة «وقل ربي ارحمهما كما ربيانى صغيراً» وفي ذلك إشارة مقصودة وتنبيه إلهى إلى الأم والأب اللذين ربّيا غير أبنائهما.

< < <

فى الاحتفال بعيد الأم أجدنى أتحفظ بشدة علي فكرة تكريم الأمهات المثاليات باختصاص بعض الأمهات بالمثالية، حتى إن بدا مثل هذا التكريم رمزيًا بمعنى أنه يأتى فى سياق تكريم الأمهات جميعهن فى شخوص البعض اللاتى عانين أوضاعًا وظروفًا اجتماعية واقتصادية خاصة فى تربية وتنشئة الأبناء..

< < <

.. ذلك أن كل الأمهات مثاليات فى تقدير كل الأبناء، ومن ثم يتعين أن يكون ذلك التوجه فى تقدير الجميع، خاصة أن الأمر الإلهى حسبما ورد في القرآن الكريم تحدث عن فضل الأم بوجه عام ولم يختص أمًا أو بعض الأمهات بالمثالية.

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE