الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 02:16 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

  أسامة أيوب يكتب : الوزيرة هالة زايد.. والدكتور جمال شعبان

الأموال

 

قصدت كتابة اسم السيدة هالة زايد وزيرة الصحة فى عنوان هذه السطور مقترنًا بلقب الوزيرة وإغفال وصفها بالدكتورة أو الطبيبة، لعل فى ذلك ترضية واجبة لها، باعتبار أنها تتنصل من مهنتها كطبيبة ومن درجتها العلمية (الدكتوراه) في إدارة الأعمال، بينما تعتز بمنصب الوزيرة الزائل والذى لن يدوم طويلاً بالضرورة.

لعل استعلاء «الوزيرة» هالة على مهنة الطب والأطباء خاصة الكبار والنابغين منهم.. سببه الحقيقى هو أنها منذ حصولها على بكالوريوس الطب من جامعة الزقازيق.. لم تمارس المهنة سوى عام واحد كممارس عام، ثم تدرجت في الوظائف والأعمال الإدارية البعيدة كل البُعد عن الطب طوال مسيرتها الوظيفية فى وزارة الصحة.

المفارقة هى أن السيدة هالة زايد لم تتجه للدراسات العليا فى الطب الذى لم تمارسه، بينما اتجهت للحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه فى إدارة الأعمال، ورغم ذلك فإنها استعلت على هذه الدرجة العلمية الأكاديمية باعتزازها بلقب الوزيرة بأكثر وبأكبر من اعتزازها بلقب الدكتورة!

<<  <

ولأنها لم تعش حياة الطب والأطباء، إذ لا هى محسوبة على الطب ولا الطب يحسبها عليه رغم تخرجها فى كلية الطب، فقد اعتبرت منصب وزير الصحة الذى هبط عليها بالمصادفة وهبطت عليه تعويضًا لنقطة الضعف التى تؤرقها، فكان من الطبيعى أن تتيه فخرًا وأن تستقوى بالمنصب.

أما غير الطبيعى فى حقيقة الأمر أن تكون وزيرة للصحة، إذ كان مكانها أن تكون وزيرة للقوى العاملة أو التموين أو غيرها من الوزارات طبقًا لمؤهلاتها الدراسية الأكاديمية فى إدارة الأعمال، حتى تكون في المكان الصحيح إذا كان ضروريًا أن تكون وزيرة فى الحكومة.

< < <

ومع ملاحظة أنه ليس من الضرورى أن يكون من يشغل منصب وزير الصحة طبيبًا، إذا كنا في مصر نأخذ بنظام الوزير السياسى لا «التكنوقراط»، ونظرًا لأن الحكومات المصرية ومنذ عقود طويلة يجرى تشكيلها من شخصيات «تكنوقراط»، فإن الدكتورة هالة زايد الحاصلة على دكتوراه إدارة الأعمال وبهذا المعيار ليست فى مكانها الصحيح وفقًا لما سبق ذكره من سيرتها الذاتية العلمية.

< < <

حتى مبدأ الوزير السياسى لا ينطبق على السيدة هالة زايد، لأنها بممارستها غير السياسية فى وزارة الصحة بدت فى غير مكانها الصحيح كوزيرة تدير الوزارة وتطبّق سياسة الدولة فى مجال الطب والصحة، ومع كل التقدير للدكتوراه فى إدارة الأعمال فإنها لم تثبت أى نجاح فى الإدارة في وزارة الصحة حسبما اتضح جليًا منذ توليها المنصب.

< < <

لقد ارتبط اسم الدكتورة هالة زايد بالأزمات منذ اليوم الأول لتعيينها وزيرة للصحة، والتى بدأت بقرارها «الهمايونى» بإلزام المستشفيات بعزف السلام الجمهورى صباح كل يوم وإلزام الأطباء بترديد قسم «أبوقراط»، وهو القرار الذى بدا «تقليعة» سخيفة وغير مسبوقة وغير مبررة ولا تفسير لها سوى أنها تزّيد سياسى فى غير موضعه، وهو القرار الذى نال سخرية الجميع ولم يلتزم أحد بتنفيذه حتى تراجعت عنه!

< <<

أما ذروة الأزمات التى فجرتها، فكانت القرار التعسفى غير المهنى وغير الإدارى وغير السياسى بإقالة الدكتور جمال شعبان مدير معهد القلب من منصبه الأسبوع الماضى، وهو السبب الحقيقى الذى دفعنى لكتابة هذه السطور.

الدكتور جمال شعبان يشهد له الجميع.. الأطباء وطاقم التمريض بالمعهد بل المرضى أيضًا بالكفاءة والهِمة والنشاط والإخلاص والنزاهة، حيث أحدث نقلة نوعية هائلة فى أداء هذا الصرح الطبى والذى كان حين تسلم إدارته «خرابة» على حد تعبيره وجعله منارة طبية تستحق الفخر.

< < <

الدكتور جمال شعبان أجرى 3600 عملية قسطرة وقلب مفتوح منذ يناير الماضى وحتى تاريخ إقالته قبل أيام، بينما كان المستهدف 1900 عملية فقط (بحسب جريدة الأخبار).. منهيًا بذلك كل قوائم الانتظار، وعلى العكس تمامًا مما جاء فى بيان الوزارة من وجود قوائم انتظار بسبب التقصير، وهو البيان الذى استهدف التغطية على قرار الوزيرة المتعسف.

هذا الإنجاز الطبى غير المسبوق فى تاريخ معهد القلب وهذه الأعداد الكبيرة من العمليات التي أجريت تحت إدارة الدكتور جمال وأنهت كل قوائم الانتظار فى زمن قياسى.. استحق بسببها أن يوصف بـ«طيب الغلابة»، إذ يحسب له أنه تجاوز الإجراءات البيروقراطية وكان يجرى العمليات على مسئوليته دون انتظار لاستكمال قرارات العلاج.. رافعًا شعار «علاج المريض أولاً لحين استكمال الأوراق لإنقاذ حياة المريض».

< < <

وإذا كان السبب المعلن حتى الآن لقرار الوزيرة بإقالة الدكتور جمال من منصبه هو أنه خاطبها «يا دكتورة» ولم يخاطبها باللقب المفضل لديها «يا معالى الوزيرة» وهو ما دفعها لأن تنهره وتقول له «أنت بتكلم الوزيرة»، فإن السبب الحقيقى والخفى والذى تتناوله الأوساط الطبية (والعهدة عليها) هو الغيرة المهنية من كفاءة وشُهرة وشعبية الدكتور جمال شعبان وتوجس الوزيرة من أن يكون بديلاً لها في وقت قريب، وهو توجس قد لا يكون صحيحًا، باعتبار أن منصب الوزير له مواصفات وحسابات أخرى قد لا تنطبق على الرجل.

< < <

لقد خسرت الوزيرة هالة باستعلائها على مهنة الطب وخسرت باستعلائها على اللقب العلمى الحائزة له (الدكتوراه) في إدارة الأعمال، ثم إنها خصمت كثيرًا من منصبها كوزيرة وأساءت إليه باستعلائها واستقوائها بالمنصب علي مدير معهد القلب، وخسر معهد القلب كثيرًا جدًا بإقالة مديره الناجح، وخسر المرضى «الغلابة» جرّاحًا ماهرًا ونابغة طبية.

الرابح الأول من قرار الوزيرة هالة هو الدكتور جمال شعبان ذاته والذي زادت شعبيته حسبما اتضح من وقفة الأطباء والممرضات الاحتجاجية، والذى تبدى نجاحه وذاع صيته فى مصر كلها، وفى نفس الوقت فقد ربح طب القلب بتفرغ الدكتور جمال لأبحاثه ومرضاه بعيدًا عن منصب المدير ليبقى طبيبًا وجراحًا يعتز بمهنته ورسالته الإنسانية بأكثر من اعتزازه بمنصب المدير، وعلى العكس تمامًا من الوزيرة هالة التي تستعلى على مهنة الطب والأطباء وعلى لقب «الدكتورة».

< < <

آجلاً أو عاجلاً سوف تغادر السيدة هالة زايد الوزارة لتبحث عن وظيفة إدارية تتناسب مع مؤهلاتها الأكاديمية فى إدارة الأعمال وبعيدًا عن أى تخصص طبى، ووقتها ستكون وزيرة سابقة وفى كل الأحوال لن تكون طبيبة، بينما سيظل الدكتور جمال شعبان طبيبًا وجراحًا نابغة فى طب القلوب وسيبقى أيضًا فى قلوب المرضى «الغلابة» الذين تحقق لهم الشفاء على يديه.. بل فى قلوب الأصحاء الذين عرفوا سيرته الطبية والإنسانية..

> > >

.. ذلك هو الدرس الذى قد تتعلمه وتستوعبه الوزيرة هالة بعد فوات الأوان.

 

 

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE