أسامة أيوب يكتب : الوادى الجديد.. تنميته وتعميره واستثماره

كشفت زيارة الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط لمحافظة الوادى الجديد الأسبوع الماضى عن توجه حكومى تجاه هذه المحافظة النائية المنسية حسبما اتضح من تفقدها لعدة مشروعات تنموية برفقة المحافظ اللواء محمد الزملوط ثم إعلانها عن خطط مستقبلية للتنمية باستثمارات تقدر بأكثر من مليارى جنيه هذا العام.

هذا التوجه الحكومى الجديد والذى تأخر كثيرًا يُعد فى واقع الأمر استدراكًا ضروريًا لإهمال تلك المساحة الشاسعة من أرض مصر والتى ظلت متأخرة فى أولويات الدولة طوال العقود الماضية.

فى سياق هذا التوجه الحكومى الجديد يأتى مشروع الاستزراع السمكى والصوب الزراعية الذى بلغت تكلفته مليونا و760 ألف جنيه، باعتباره أحد المشروعات الرائدة فى الوادى الجديد بما يوفّره من منتجات سمكية لأهالى تلك المحافظة التى لا تتوفر لها مسطحات مائية لصيد الأسماك، وفى نفس الوقت فإن مشروع الصوب الزراعية والذى تفقدته الوزيرة خلال زيارتها من شأنه توفير منتجات زراعية صحية (أورجانيك) وبأقل تكلفة مائية للرى وبما يتناسب مع الطبيعة الجغرافية هناك.

الجديد أيضًا فى الوادى الجديد والذى كشفت عنه زيارة وزيرة التخطيط ويعكس جدية التوجه الحكومى لتطوير هذه المحافظة هو مشروع القرى النموذجية التى تجرى إقامة منازلها وفقًا لاشتراطات بيئية نموذجية، حيث تعمل بالطاقة الشمسية والبيوجاز.

< < <

وفى هذا السياق من التوجه الحكومى الجديد نحو تنمية وتطوير الوادى الجديد وبعد أن تفقدت الوزيرة هالة السعيد مشروع الطاقة الشمسية لتشغيل مبنى ديوان عام المحافظة جاء إعلانها عن خطة يجرى تنفيذها لتعميم منظومة الطاقة الشمسية بكافة مناطق ومراكز المحافظة بمثابة نقلة نوعية بالغة الأهمية فى مجال استخدامات الطاقة وتقليل الاعتماد على الطاقة الكهربائية باهظة التكاليف، خاصة أن الوادى الجديد من أكبر مناطق مصر من حيث شدة الاشعاع الشمسى وعدد ساعات سطوع الشمس، ولعله من الممكن تكرار هذه التجربة فى عدد آخر من المحافظات خاصة تلك التى تتشابه مع الوادى الجديد من حيث سطوع الشمس وشدة الاشعاع.

< < <

ولقد أكد افتتاح الوزيرة عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» لعدد من المراكز التكنولوجية فى كل من الداخلة وباريس والفرافرة عن جدية الحكومة فى تطوير الوادى الجديد بالفعل خاصة بعد إعلان الوزيرة عن أن التوسع فى المراكز التكنولوجية يهدف فى الأساس إلى التسهيل على المواطنين هناك للحصول على الخدمات بسهولة ويُسر مع فصل مقدم الخدمة عن طالبها باعتبار أن هذا التوجه والذى من شأنه تسهيل الإجراءات الحكومية والقضاء على الروتين من شأنه أيضًا أن يقضى على الفساد فى المحليات.

< < <

ثم جاء افتتاح الوزيرة خلال الزيارة لمشروع تطوير مستشفى الخارجة العام والذى يخدم قطاعًا كبيرًا من مواطنى المحافظة فى إطار خطة التطوير والاهتمام بالرعاية الصحية من خلال هذا المستشفى الكبير بعد تطويره لخدمة أهالى الوادى الجديد بدلا من اضطرارهم للسفر الشاق خارج المحافظة للعلاج مع ملاحظة البعد الجغرافى عن أسيوط التى تعد أقرب محافظة للوادى الجديد.

<< <

ويأتى مشروع فوسفات مصر الذى تفقدت الوزيرة خلال زيارتها الخطوات التنفيذية الجارية لبدء تشغيله ضمن أهم مخططات الحكومة لتطوير وتنمية الوادى الجديد، إذ إن هذا المشروع من شأنه توفير فرص عمل كثيرة لأبناء المحافظة وفى نفس الوقت فإنه يمكن تصدير إنتاجه للخارج، إضافة إلى قيام صناعات أخرى على منتجاته الثانوية.

ولأن محافظة الوادى الجديد لديها أصول كبيرة وكثيرة غير مستغلة وضعيفة الاستغلال، فإن الوزيرة بعد اطلاعها على نماذج لهذه الأصول أعلنت عن خطة لتعظيم الاستفادة منها واستثمارها وبما يُسهم فى استراتيجية تطوير وتنمية المحافظة.

< < <

وجاء إعلان الدكتورة هالة السعيد خلال زيارتها عن إنشاء عَشر قرى نموذجية جديدة على أرض الوادى الجديد الشاسعة تتوفر فيها جميع مقومات التنمية بهدف إعادة توزيع السكان وتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية.. جاء هذا الإعلان ليُؤكد أيضًا جدية التوجه الحكومى الجديد لتنمية وتطوير المحافظة وهو الأمر الذى يتطلب إنشاء تجمعات عمرانية جديدة لملء الفراغ الذى تتسم به هذه البقعة المصرية مترامية الأطراف.

< < <

ويبقى أن أهم ما كشفت عنه زيارة الوزيرة بشأن تنمية وتطوير الوادى الجديد هو خطة الحكومة لاستقدام 50ألف مواطن مصرى من المحافظات الأخرى سنويًا للإقامة فى المحافظة، وهو الأمر الذى يُعد فى حقيقة الأمر نقلة نوعية استراتيجية بالغة الأهمية لإعادة توزيع السكان فى أرجاء مصر.

ولاشك أن هذه النقلة النوعية الاستراتيجية والتى يتطلب نجاحها ــ حسبما أوضحت الوزيرة ــ توفير أنسب السبل لجذب المواطنين من المحافظات الأخرى للانتقال والإقامة فى الوادى الجديد.. لاشك أنها لو نجحت سوف تكون إنجازًا غير مسبوق سوف يُحسب للحكومة باعتباره حلا مناسبًا بل عبقريًا لمواجهة أزمة التكدس السكانى فى المحافظات المصرية خاصة تلك التى تتسم بكثافة سكانية مرتفعة، ثم إنه فى نفس الوقت حل لمشكلة الفراغ السكانى فى الوادى الجديد بمساحته الشاسعة التى تمثل سُدس مساحة مصر.

< < <

إن خطة استقدام المواطنين من المحافظات الأخرى تبقى الأهم فى توجه الحكومة الجديد نحو الوادى الجديد، إذ إن من شأنها أيضًا توفير فرص عمل واعدة فى تلك المحافظة البكر وعلى النحو الذى يُسهم بدرجة كبيرة فى مواجهة أزمة البطالة.

< < <

أفلحت الحكومة إن صدقت فى استمرار توجهها الجديد.. لتجديد وتطوير وتنمية واستثمار الوادى الجديد الذى يُعد كنزًا استراتيجيًا مصريًا لم يتم استغلاله على النحو الأمثل.