شريف عبدالفهيم يكتب  أكتوبر والسينما

45 عاما مرت على حرب أكتوبر وفي كل عام تتكشف أسرار وبطولات جديدة سطرها جنودنا البواسل بدمائهم، 45 عاما مرت ولم نستطع أن نسجل كل البطولات التي حدثت في هذه الحرب والتي كان كل جندي خاضها له بطولة منفصلة ومواقف سيظل يحكي عنها لأولاده وأحفاده حتى وفاته، ومن استشهد منهم سيظل زملاؤه وأصدقاؤه يحكون عن بطولاته.

ورغم هذا الكم من البطولات في تلك الحرب التي مازال العالم يدرس الخطط العسكرية التي نفذت فيها مازلنا حتى الآن لم نعطها حقها ولم نعط أي بطل من أبطالها حقه أو حتى جزءاً من هذا الحق، ولأن السينما هي مرآة وذاكرة أي أمة من الأمم في العصر الحديث فإن السينما المصرية عجزت تماما أن تسجل تلك الأحداث وأن تجعل من الأفلام التي تتحدث عن بطولات الجنود المصريين في حرب أكتوبر أرشيفاً مصورا يستطيع أي باحث أن يعتمد عليه بشكل جدي في توثيق الأحداث التي جرت في تلك الفترة.

وربما كان من سوء حظ حرب أكتوبر أنها حدثت في توقيت كانت السينما فيه تعاني من ظهور آفة سينما المقاولات ومنتجي اللحوم والاستثمار العقاري فكانت الخلطة السحرية التي ظهرت في تلك الفترة هي السمة الغالبة والمسيطرة على أذهان المنتجين لأنها تتكلف أموالاً قليلة وتدر أرباحاً كبيرة على عكس أفلام الحرب التي تتكلف أموالا طائلة لكن أرباحها في الغالب تكون قليلة وهو ما لا يجد سوقاً رائجة لدى منتجي المقاولات، فكان هذا سببا لعدم الاتجاه إلى إنتاج أفلام تتحدث عن بطولات أكتوبر.

حتى عندما بدأت الدولة تتجه إلى الإنتاج السينمائي كان التركيز منصباً على الروايات العاطفية بعيداً عن الأفلام التي تتكلف باهظاً، وطوال 45 عاما أنتجت السينما المصرية عددا من الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر ضمن أحداثها يعد على أصابع اليد وكلها بلا استثناء تناولت الحرب بشكل عام ضمن قصة حب بين البطل الذي كان لابد أن يكون مجنداً في القوات المسلحة أو ضابطا فيها وبين بطلة الفيلم لتظهر أحداث الحرب في نهاية الفيلم كما لو كانت حشرت حشراً.

جحرب أكتوبر مليئة بالأحداث التي لابد أن يبحث فيها المؤلفون ليسجلوا بطولات الجيش المصري بدلا من أن نجد من يسجلها فنندم على ذلك.