الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 12:40 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : قراءة ضرورية فى أحدث إحصاء لمعدلات الأمية

الأموال

أحسب أنه من غير الممكن ومن غير الجائز.. وطنيًا ألا يلقى البيان الرسمى الذى أصدره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا عن معدلات الأمية فى مصر الاهتمام الكافى إزاء ما تضمنته من أرقام وعلى النحو الذى يستدعى الكثير من الملاحظات والدلالات التى يتعين ألا نمر عليها مرور الكرام.

بداية ورغم إعلان الجهاز فى بيانه عن تراجع نسبة الأمية خلال العام الماضى (2017) إلى 25.8٪.. معتبرًا فيما يبدو أن هذه النسبة دليل نجاح وبمثابة إنجاز يستحق الفخر، إلا أن الحقيقة الصادمة هى أن أكثر من ربع المصريين أميون، وهو الأمر الذى يؤكد أن كل جهود وبرامج محو الأمية طوال عقود من الزمن كانت عبثية وغير مجدية أو بالأحرى غير مخلصة.. جرى خلالها إهدار المال العام فى الإنفاق على هيئات ومجالس وجهات دون عائد حقيقى.

ثم إنه من المثير أن يصدر بيان الجهاز بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى لمحو الأمية الذى يوافق يوم 8 سبتمبر من كل عام والذى أقرته منظمة اليونسكو عام 1965.

< <<

قراءة الأرقام التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن معدلات الأمية فى مصر خلال أكثر من عشرين عاما تؤكد التباطؤ الشديد فى خفض نسبة الأمية وبما يتعارض تماما مع كل ما كان يُقال ويُنشر عن الجهود الحثيثة لمحو الأمية طوال عقود من الزمن وعلى النحو الذى يؤكد فشل كل البرامج الموجهة لمحو الأمية فشلا ذريعا وفاضحا.

<<< 

من دلائل ذلك الفشل أنه فى عام 1996 أى فى نهايات القرن العشرين وعلى أعتاب القرن الحادى والعشرين والألفية الثالثة.. كانت نسبة الأمية 39.4٪، ثم مرت عشر سنوات كاملة انخفضت النسبة إلى 29.7٪ فى عام 2006، أى بمعدل 1٪ فقط تراجعا فى النسبة سنويا!

الأكثر دليلا على الفشل بل مدعاة للأسف والدهشة أن يزداد ذلك التباطؤ وبدرجة خطيرة، حيث تراجعت نسبة الأمية إلى 25.8٪ فى العام الماضى (2017) مقارنة بـ29.7٪ فى عام 2006، أى أنها انخفضت بأقل من 4٪ فقط فى 11 سنة! أى بمعدل سنوى 0.35٪ تقريبا، وهو الأمر الذى يؤكد بكل الوضوح التراجع الكبير والتدنى الخطير فى برامج محو الأمية وعلى هذا النحو الفاضح.

< < <

ثمة ملاحظة أخرى لا تخفى دلالتها المجتمعية فى هذا الشأن وهى استمرار ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث، إذ بينما بلغت النسبة 62٪ من إجمالى عدد الأميين فى تعداد عام 1996، فإنها استمرت كما هى فى تعداد عام 2006، ثم إنها وبعد 11 سنة وفى تعداد عام 2017 لم تحقق تراجعا ملموسًا إذ بلغت 57.8٪ محققة انخفاضا لم يزد على 4.2٪ فقط!

دلالة هذه الأرقام تعكس بوضوح استمرار التدنى النسبى لأوضاع الإناث فى مصر خاصة فى الريف مقارنة بالحضر، إذ إن معدل الأمية بين الإناث وفقا لتعداد العام الماضى (2017) بلغ 30.8٪ مقارنة بـ21.1٪ بين الذكور.

< < <

من الملاحظ أيضًا فى سياق قراءة الأرقام الواردة فى بيان جهاز التعبئة والإحصاء أن معدل الأمية فى الريف وفقا لتعداد عام 2017 بلغ 32.2٪ مقابل 17.7٪ فى الحضر، ومن الواضح أن هذا التفاوت الكبير وبما يعنيه من دلالة مجتمعية واجتماعية وجغرافية، إنما يعكس استمرار اتساع الفجوة التعليمية بين الريف والحضر بوجه عام وعلى هذا النحو من التمييز البغيض وغير العادل.

< < <

أما الملاحظة الأهم والأخطر فهى أن محافظات الصعيد وفقا لبيان جهاز التعبئة والإحصاء هى الأعلى فى معدلات الأمية مقارنة ببقية محافظات مصر.

أرقام معدلات الأمية فى الصعيد تشير إلى أن معدل الأمية فى محافظة المنيا بلغ 37.2٪ وفى محافظة بنى سويف 35.6٪ وفى أسيوط 34.6٪ وفى الفيوم 34٪ بينما سجلت محافظة سوهاج 33.6٪، فى الوقت الذى سجلت فيه محافظة أسوان فى أقصى جنوب الصعيد أقل معدل أمية من تلك المحافظات بحسب بيان جهاز التعبئة والإحصاء.

رغم الفروق الضئيلة بين محافظات الصعيد فى معدلات الأمية، إلا أن مجىء محافظة سوهاج وهى الأكثر فقرًا فى مرتبة متقدمة ولو بفارق ضئيل فى معدلات الأمية مقارنة بمحافظات الصعيد الأخرى.. يبقى مدعاة للتساؤل عن السبب، ولعل الإجابة وحسبما تواتر عن هذه المحافظة هى اهتمام أبناء سوهاج بالتعليم خاصة التعليم الدينى الأزهرى.

< < <

وفى كل الأحوال يبقى واضحًا أن ارتفاع معدلات الأمية فى الصعيد مرتبط ارتباطًا وثيقًا بارتفاع معدلات الفقر هناك، وهو الأمر الذى يؤكد مجددًا ضرورة الاهتمام بتنمية الصعيد خاصة التنمية الاقتصادية سبيلا إلى خفض معدلات الأمية هناك!

< < <

يبقى أخيرًا أن مصر.. بلد الأزهر وعشرات الجامعات والأكاديميات.. بلد العلم والثقافة والفنون والآداب.. بلد طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ العالمى الحائز على جائزة نوبل.. بلد مصطفى مشرفة ومجدى يعقوب.. لا يليق بها وبعراقتها أن يكون ربع سكانها أميين، فذلك عار وطنى يأباه بالضرورة المصريون، وجميعهم مدعوون لإزالة هذا العار فى أقرب وقت.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE