الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 12:02 صـ
  • hdb
9 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: إجازات العاملين بالخارج.. الحائرة بين جُزر الحكومة المنعزلة

الأموال

 

كانت مفاجأة عجيبة من العيار الثقيل.. تلك التى فجرها البرلمان قبل انتهاء شهر رمضان الماضى بأيام قليلة وقبيل استقالة حكومة المهندس شريف إسماعيل وتكليف الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفي مدبولى.

المفاجأة العجيبة كشفت عنها الانتقادات الحادة التى وجهتها لجنة القوى العاملة بمجلس النواب برئاسة النائب جبالى المراغى للقرار القاضى بعدم تجديد إجازات العاملين بالخارج لمن أمضوا أربع سنوات، حيث طالب النواب أعضاء اللجنة البرلمانية بضرورة إلغاء هذا القرار باعتبار أنه وحسبما أجمعوا الرأى لا يصب فى مصلحة الدولة.

< < <

المناقشات الساخنة التى شهدها اجتماع تلك اللجنة البرلمانية بدأت بطلب الإحاطة «وهو أحد الآليات البرلمانية فى مراقبة أعمال الحكومة» الذى تقدم به النائب ثروت سليم وتضّمن مطالبة الحكومة بإلغاء هذا القرار والسماح بتجديد إجازات العاملين بالخارج دون تحديد مدة زمنية باعتبار أن فتح مدد إجازات المصريين العاملين بالخارج من شأنه توفير تدفقات العملة الصعبة التي يقومون بتحويلها إلى داخل  البلاد، ومن شأنه أيضًا تخفيف الضغط على الجهاز الإدارى للدولة والذى يعانى من حالة تكدس.

< < <

ثمة مفاجأة أخرى فجرتها السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج عندما أعلنت أمام اللجنة البرلمانية تضامنها مع النواب ومع طلب الإحاطة ومن ثم مع مطلب إلغاء القرار إذ قالت إنها بحكم مسئوليتها الوزارية تعتبر نفسها ممثلة عن المصريين بالخارج.

المفاجأة الثالثة التى تفجرت خلال اجتماع اللجنة البرلمانية وأثناء مناقشة طلب الإحاطة جاءت أيضًا على لسان الوزيرة نبيلة مكرم التى ألقت مسئولية إصدار القرار علي زميلها فى الحكومة «قبل استقالتها» اللواء أبوبكر الجندى وزير التنمية المحلية فى الحكومة السابقة، بل إنها طالبت أعضاء اللجنة البرلمانية بالتواصل معه لمعرفة أسباب وتفاصيل هذا القرار.

< < <

ومما يُعد مدعاة للإشادة بالوزيرة نبيلة مكرم وبشجاعتها الأدبية وبأدائها لمهامها الحكومية.. أنها لم تكتف بتضامنها مع المطالب البرلمانية وتحميلها مسئولية القرار لزميلها في الحكومة، بل إنها أكدت أنها تحاول حل هذه المشكلة «من أجل مصلحة البلد باعتبار أن المصريين العاملين في الخارج هم خط الدفاع الأول عن مصر ويوفرون لها العملة الصعبة» على حد تعبيرها.

ثم إن الوزيرة نبيلة مكرم وفى إشارة صريحة لرفضها لقرار عدم تجديد إجازات العاملين بالخارج ودهشتها التي لا تخفي دلالتها جاء تساؤلها أمام اللجنة البرلمانية عن «فلسفة هذا القرار»!

< < <

لقد جاء تساؤل الوزيرة فى الصميم، باعتبار أن القرار بيروقراطى تعسفى خال من أى فلسفة ولا يحقق أى مصلحة للدولة ولجهازها الإدارى المكدس بأى حال من الأحوال، بل إنه يحرم ملايين المصريين العاملين في الخارج من فرصة تحسين أحوالهم الاقتصادية ويحرم أيضًا الدولة من تدفقات العملة الصعبة عبر تحويلات هؤلاء المصريين بالخارج.

< < <

ثم إن المفارقة فى هذا القرار وتوقيت إصداره أنه يأتى فى الوقت الذى تتجه فيه دول الخليج على وجه الخصوص والتي تستوعب أكبر عدد من المصريين إلى تقليل الاعتماد على نسبة كبيرة منهم، إما بسبب سياسات التقشف التى تنتهجها هذه الدول وإما بسبب اتجاهها إلي إحلال عمالة محلية محل العمالة المصرية، وهو الأمر الذى من شأنه حرمان العاملين هناك والذين مازالوا مستمرين فى العمل من فرصة البقاء لأطول مدة ممكنة.

< < <

المفاجأة الكبيرة والخطيرة التى كشفتها مناقشات اللجنة البرلمانية.. هى أن الحكومة «السابقة» كانت تعمل دون تنسيق ضرورى ولازم وفي جزر منعزلة، وهو الأمر الذى كشفه حديث وزيرة شئون المصريين بالخارج أمام اللجنة، إذ كيف يصدر قرار بهذه الحساسية والأهمية ويمس ملايين المصريين العاملين بالخارج دون علم أو تنسيق مع الوزيرة المسئولة عن شئونهم حسبما اتضح من حديث الوزيرة ورفضها للقرار وتضامنها مع النواب في المطالبة بإلغائه!

< < <

وإذا كانت الوزيرة نبيلة مكرم تحمّل زميلها في الحكومة «السابقة» وقبل إعلان استقالتها مسئولية إصدار هذا القرار، فإن السؤال هو هل إصدار مثل هذا القرار من سلطة وزير التنمية المحلية وحده وبعيدًا عن مجلس الوزراء، ثم بأى صفة قانونية ينفرد الوزير بإصدار القرار، والذى كان يتعين صدوره بموافقة الحكومة مجتمعة وبقرار منها أو بقرار من رئيسها على أقل تقدير؟!

السؤال بصياغة أخرى: هل كانت الحكومة السابقة تعلم بهذا القرار المنفرد ووافقت عليه ووافق عليه رئيس الحكومة، خاصة أنه قرار يتعلق بمصالح ملايين المصريين العاملين في الخارج، بل يتعلق أيضًا بالمصالح الاقتصادية العليا للدولة.

أما إذا كانت الحكومة السابقة ورئيسها تعلم ووافقت فإنها مصيبة، وإن كانت لا تعلم وانفرد الوزير بإصدار القرار فإن المصيبة أعظم وأكبر، وفي الحالتين فإنه من المؤكد أن الحكومة السابقة كانت تعمل فى غيبة استراتيجية أو بما يتعارض مع الاستراتيجية الاقتصادية للدولة، ومن ثم فإنها كانت تعمل فى جزر منعزلة.

< <<

والآن وبعد رحيل الحكومة السابقة ومجىء حكومة جديدة، ولأن القرار لايزال ساريًا ولم يتم إلغاؤه بعد، فإن الأمر معلق في رقبة الحكومة الحالية وأيضا فى رقبة البرلمان وفي رقبة الوزيرة نبيلة مكرم لإلغاء القرار الخالى من أى فلسفة والذى يتعارض مع مصالح ملايين المصريين بالخارج ومع مصلحة الدولة.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE