الأموال
الأربعاء، 24 أبريل 2024 12:52 مـ
  • hdb
15 شوال 1445
24 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب ”الريس حربى”.. وواقعة تهريب الآثار إلى إيطاليا

الأموال

المصادفة وحدها هى التى ربطت بين واقعة تهريب الآثار من ميناء الإسكندرية إلى إيطاليا داخل حقيبة دبلوماسية وبين مسلسل تليفزيونى يذاع حاليا على شاشات الفضائيات ضمن سيل الدراما الرمضانية بعنوان "طايع" والذى تدور أحداثه فى إحدى قرى الصعيد حول إحدى عصابات الحفر والتنقيب على الآثار وتهريبها إلى الخارج.

والمصادفة وحدها أيضا هى التى قادتنى إلى مشاهدة بعض مقاطع من هذا المسلسل (الضعيف فنيًا.. تأليفًا وتمثيلا وإخراجًا) رغم مقاطعتى للدراما الرمضانية التى تنهال وتنهمر على عقول ووجدان المصريين فى الشهر الفضيل..

< < <

بل لقد تجلت هذه المصادفة عندما تزامن الإعلان عن كشف السلطات الإيطالية لواقعة التهريب مع إذاعة إحدي حلقات المسلسل التليفزيونى والتى كشفت لجوء عصابة التهريب إلى استئجار حقيبة دبلوماسية لإحدى السفارات الإفريقية لشحن الآثار المهربة داخلها.

ولذا فقد بدا هذا المسلسل وبدت هذه الحلقة تحديدًا كاشفة لكيفية تهريب الآثار المصرية إلى الخارج باللجوء إلى تلك الحيلة الخبيثة باستخدام الحقائب الدبلوماسية التى تحظى بحصانة قوية تفرضها قواعد القانون الدولى، ومع ذلك فإنها تبقي حصانة غير مقدسة ومن حق سلطات الدولة المصرية أو أى دولة أن ترفع هذه الحصانة فى حالات التلبس بأى مخالفة ومن بينها التلبس بالتهريب سواء للآثار أو لغيرها، بل إن هذه الحصانة تسقط مؤقتًا فى حالات الاشتباه.

< < <

المثير فى واقعة التهريب هو تباين الأنباء حول موعد اكتشافها من جانب السلطات الإيطالية ما بين حديث عن اكتشافها في شهر مارس الماضى وما بين اكتشافها قبل عشرة أشهر حسبما جاء فى الخبر المنشور فى »أخبار اليوم« السبت قبل الماضى والذى تضمن أن الخارجية المصرية استدعت القائم بالأعمال الإيطالى وإبلاغه بأن تأخر إيطاليا في إبلاغ مصر بالواقعة طوال هذه المدة أمر يثير التساؤل.

لكن يبقى فى كل الأحوال أن تباين تواريخ الإعلان عن اكتشاف الواقعة وكذلك تأخر إيطاليا فى إبلاغ مصر أمر مثير للتساؤل بالفعل بقدر ما تبدو الواقعة ذاتها بالغة الإثارة وربما الريبة وعلى النحو الذى يقتضى سرعة التحقيق في ملابساتها ثم الإعلان عن نتائج التحقيق بكل وضوح وشفافية.

< < <

الشفافية المطلوبة بعد التحقيق هى الإعلان عن صاحب الحقيبة الدبلوماسية التى تمت واقعة التهريب داخلها.. سواء كان شخصًا.. مصريًا أو أجنبيًا، أو سفارة دولة، ومن ثم يتم الإعلان عن تقديم ذلك الشخص إن كان مصريًا للمحاكمة القضائية أو التعامل الدبلوماسى مع السفارة صاحبة الحقيبة وفقًا لقواعد القانون الدولى في مثل هذه الحالة.

وفى نفس الوقت فإن التحقيق يتعيّن أن يتوصل إلى العناصر الفاسدة فى ميناء الإسكندرية التى تواطأت مع المهربين وتقديمها إلى المحاكمة، حتى فى حالة توصل التحقيق إلى انتفاء التواطؤ، فإن ذلك يعنى أن ثمة فوضي فى الميناء تعكس تقصيرًا أمنيًا فادحًا في إجراءات الإفراج عن الشحنات التى يجرى تصديرها للخارج سواء كانت آثارًا مهربة أو غيرها من المحظورات، وهو الأمر الذى يستدعى ضرورة إجراء مراجعة شاملة ودقيقة بل صارمة للإجراءات الأمنية فى موانئ مصر ومطاراتها حتى لا تتكرر هذه الواقعة وعلى هذا النحو الفاضح.

< < <

الأخطر فى هذه الواقعة هو أن الآثار المصرية التى تم تهريبها لم تزد على 118 قطعة أثرية ضمن عشرات الآلاف من القطع الأثرية غير المصرية وأغلب الظن إن لم يكن من المؤكد أنها قادمة ومهربة من سوريا والعراق.

مكمن الخطورة هو أن مصر ومن خلال ميناء الإسكندرية جرى استخدامها كمعبر لتهريب الآثار غير المصرية، والأكثر خطورة هو أن تكون هذه الأعداد الضخمة من القطع الأثرية السورية والعراقية مسروقة بمعرفة تنظيم »داعش« لبيعها فى الخارج بهدف توفير تمويل مالى ضخم لعملياتها الإرهابية فى المنطقة.

< < <

ورغم ما جاء فى بيان وزارة الآثار من أن القطع الأثرية المهربة غير مسجلة فى الوزارة ولم تخرج من متاحف ومخازن الوزارة، وأنها من الآثار التي يجرى استخراجها فى عمليات التنقيب التي تقوم بها عصابات الآثار، وقد يترتب على هذا البيان أن مصر ربما لن يكون لها الحق فى المطالبة رسميا باستعادتها.

لكن يبقى أن هذه القطع الأثرية المهربة مصرية فى كل الأحوال وما كان يتعين خروجها من مصر، مثلما يبقى أيضًا أن هذه الواقعة تستلزم التصدى الأمنى القومى لحماية الآثار بداية من المنبع.. أى بإحكام القبضة الأمنية وتكثيف الرقابة على أعمال الحفر والتنقيب غير القانونية من جانب عصابات الآثار، وهى رقابة لن تمنع كل أعمال الحفر والتنقيب، لكن تبقى الرقابة ممكنة لمنع التهريب.

< < <

خلاصة القول هى أن الرقابة الأمنية الصارمة باتت بالغة الضرورة لحماية الآثار المصرية.. سواء من المنبع على أعمال الحفر والتنقيب غير المشروعة، أو على عمليات التهريب للخارج أو على استخدام مصر كمعبر لتهريب آثار الدول الأخرى إلى الخارج.

< < <

وبهذه الرقابة الأمنية الصارمة فإن أمثال عصابة »الريس حربى« فى المسلسل التليفزيونى لن يمكنها تهريب آثار البلاد حسبما جرى في واقعة التهريب الأخيرة إلى إيطاليا والتى لايزال الرأى العام فى مصر فى انتظار الكشف عن ملابساتها مثلما ينتظر متابعو مسلسل »طايع« سقوط »الريس حربى« وعصابته.

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE