الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 10:06 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : مستوطنة أمريكية ومجزرة إسرائيلية.. واستسلام عربى

الأموال

بينما كانت الولايات المتحدة تدشن سفارتها فى القدس تنفيذا لقرارات دونالد ترامب بالاعتراف الأحادى بالمدينة الفلسطينية المقدسة عاصمة للكيان الصهيونى.. كانت قوات الاحتلال ترتكب مجزرة ضد الفلسطينيين العُزل الذين يتظاهرون على الحدود في غزة.. راح ضحيتها نحو 60 شهيدًا بينهم 8 أطفال وطفلة رضيعة إضافة إلي أكثر من 2500 مصاب برصاص القناصة والغازات الخانقة.

هذا التحدي الأمريكى للمشاعر العربية والإسلامية بقدر التحدى لقرارات ومرجعيات الشرعية الدولية والقانون الدولي وفرض الأمر الواقع على الأرض ومسار التسوية السلمية إنما يعنى استبعاد القدس من مفاوضات الحل النهائى للتسوية ثم إنه يعنى أيضا توجهًا أمريكيًا صهيونيًا مريبًا لتصفية القضية الفلسطينية..

ولعل مقاطعة دول العالم وخاصة الاتحاد الأوروبى وروسيا والصين لحفل تدشين السفارة يعكس في واقع الأمر عزلة واشنطن وإسرائيل داخل المجتمع الدولى مثلما حدث مع انسحاب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى فى الوقت الذى تتمسك فيه هذه الدول بالاتفاق.

< < <

إن أبلغ تعبير لوصف بلطجة ترامب وغطرسته بخطوة نقل السفارة الأمريكيةإلي القدس هو ما جاء علي لسان الرئيس محمود عباس «أبومازن» بأن هذه السفارة بؤرة استيطانية أمريكية فى القدس تضاف إلي المستوطنات الإسرائيلية التى تحيط بالمدينة المقدسة لعزلها عن بقية مناطق الضفة بهدف تهويدها.

< < <

إن ذلك اليوم المشئوم الذى يمثل نكبة فلسطينية ثانية في الذكرى السبعين للنكبة الأولى عام 1948 سيكون يومًا فارقًا في تاريخ القضية الفلسطينية بل فى تاريخ المنطقة العربية كلها، باعتبار أن نقل السفارة الأمريكية إلي القدس أعاد مسار التسوية إلى المربع رقم (1) مرة أخرى وعلى النحو الذى يجعل منظمة التحرير الفلسطينية تسحب اعترافها بدولة إسرائيل ومن ثم الخروج من اتفاقية أوسلو، والأهم من ذلك وحسبما أكد أبومازن مجددًا أن واشنطن وإدارة ترامب عزلت نفسها عن رعاية المفاوضات ولم تعد وسيطا مقبولا ولن يتم الاستماع إليها مرة أخرى.

وفى نفس الوقت فإن تلك المجزرة الإسرائيلية التى جرت ضد فلسطينىى غزة هى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس ووفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، وهى الجرائم التي يتعين على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى التعاطى معها فى هذا الإطار ومن ثم يتعين محاسبة ومعاقبة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

< < <

أكتب هذه السطور بينما مجلس الأمن فشل في إصدار مشروع البيان الصحفى الذى أعدته الكويت لإدانة المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين فى غزة وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطينى، وبينما لم يعقد مجلس الأمن جلسته التالية للتصويت على قرار بإدانة إسرائيل حتى كتابة هذه السطور، لذا فإنه إذا فشل المجلس بسبب الفيتو الأمريكى في هذه الإدانة فإن على الكتلة العربية في المنظمة الدولية عرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة.

< < <

إن أمر القضية الفلسطينية وبعد التوجه الأمريكى السافر بات جد خطير، لذا فإن القضية في هذه اللحظة التاريخية الفارقة باتت مهددة بالتصفية والتراجع لفترة طويلة قادمة، خاصة أن إسرائيل تخطط حاليا لضم أراضى الضفة وبما يعنى أن الفلسطينيين سوف يعيشون لاجئين فوق ما تبقى من أراضيهم والتى تقلصت إلى نحو 15٪ فقط من فلسطين التاريخية وأقل من 50٪ من أراضي الضفة وغزة التى احتلتها إسرائيل عام 1967 والتى توسعت فى إقامة المستوطنات عليها.

< < <

أما ما يُعد مدعاة للأسى والإحساس بالهوان هو ذلك الصمت العربي المخزى إزاء تلك المجازر التي جرت الأسبوع الماضي بقدر الصمت الأكثر هوانًا إزاء نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بينما يشعر الفلسطينيون أنهم وحدهم يواجهون همجية وبربرية الاحتلال الإسرائيلى وغطرسة وبلطجة أمريكا وترامب دون مساندة عربية أو دولية، فى وقت تتزايد فيه هواجسهم بشأن صفقة القرن المريبة، والتى بدا وفقًا لما جرى تسريبه من داخل الكواليس السياسية من أنها تلقى موافقة بل ترحيب بعض العرب وبما يعنى توفير غطاء عربى لتمريرها!

< < <

ومن المؤسف أن استصراخ الرئيس أبومازن للعرب للوقوف مع الشعب الفلسطينى في هذه اللحظة الحرجة سوف يذهب أدراج الرياح سواء في ظل التشرذم العربى الراهن وانهيار بعض الدول العربية، أو بعد أن قرر البعض أن ينفضوا أيديهم من القضية..

إن هذه اللحظة التاريخية الفارقة تؤرّخ لاستسلام عربي مهين سوف تدفع الأمة العربية  قبل الشعب الفلسطينى ثمنه الفادح، ثم إنه استسلام أكثر هوانًا وخزيًا من كل الهزائم والانكسارات السابقة، باعتبار أن العرب كانوا ينهزمون وينكسرون وهم يقاتلون ويقاومون بينما قرروا الآن الاستسلام والانبطاح دون قتال أو مقاومة!

< < <

وإذا كانت دولة جنوب أفريقيا قد بادرت منذ لحظة افتتاح السفارة الأمريكية إلى سحب سفيرها من واشنطن وتل أبيب ثم لحقت بها دول أخرى، فإنها ليست مبالغة ولا طلبا للمستحيل أن تقطع الدول العربية.. جميعها علاقاتها الدبلوماسية مع واشنطن، وذلك تنفيذا لقرار القمة العربية عام 1980 بقطع العلاقات مع أى دولة تنقل سفارتها إلى القدس، وإذا كان ترامب ينتهك القانون الدولى ومرجعيات الشرعية الدولية، فإن العرب بهذه الخطوة يلتزمون بقرارات القمة العربية التى أقرها الملوك والرؤساء وفى نفس الوقت لا ينتهكون القانون الدولى.

< < <

حين تتعاطى الأنظمة والحكومات العربية حبوب الشجاعة وتخطو هذه الخطوة الاحتجاجية والمنطقية، فإن حكومات الدول الإسلامية من المؤكد سوف تحذو حذوها، إذ إن القدس لا تخص العرب والفلسطينيين وحدهم بل إنها تخص المسلمين جميعا في العالم والذين يمثلون أكثر من مليار ونصف المليار من سكان هذا الكوكب، ولاشك أن القدس حيث المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين يستحق، ويستوجب دينيا وتاريخيا وأخلاقيا أن يهب العرب والمسلمون للدفاع عن عروبته وقدسيته وحسبما طالب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الحكومات العربية والإسلامية بالقيام بواجبها تجاه فلسطين والقدس.

مصر للطيران
الولايات المتحدة القدس المدينة الفلسطينية المقدسة

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE