الأموال
الثلاثاء، 23 أبريل 2024 08:39 مـ
  • hdb
14 شوال 1445
23 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : معاشات الحكومة.. ومعاشات الأهالي

الأموال

في واحدة من أعجب عجائب هذه الأيام.. جاءت موافقة مجلس النواب السريعة علي مشروع القانون الذى قدمته الحكومة بزيادة مرتبات الوزراء إلى 42 ألف جنيه شهريا وبأثر رجعى لثلاث سنوات سابقة ثم زيادة معاشاتهم بعد خروجهم من المنصب إلى 33 ألف جنيه شهريا بنسبة 80% من المرتب!

العجيب في هذه العجيبة هو تبرير البرلمان والحكومة ذاتها لهذه الزيادة في المرتب بادعاء أن هذه الزيادة لن تضيف أعباء مالية علي الموازنة العامة، إذ إنها مجرد تقنين لوضع قائم بالفعل لأن الـ42 ألف جنيه هى ما يتقاضاها الوزير بالفعل بعد إضافة »الحوافز«!

هذا التبرير المتهافت والذى بدا استخفافًا بالعقول لا يعنى ولا ينفي أن يتقاضي الوزراء مبالغ أخرى إضافية في المستقبل تحت أى بند وإلا ما كانت الحكومة طلبت زيادة المرتب.

< < <

أما الأهم من زيادة مرتب الوزراء والسر الحقيقي لإصدار هذا القانون هو إقرار قيمة المعاش ليصل إلى 33 ألف جنيه.. مسجلا بذلك رقما خرافيا غير مسبوق، وذلك هو بيت القصيد..

< < <

المفارقة المؤسفة والمشينة في آن واحد هو أن الحكومة التي طلبت زيادة مرتبات ومعاشات أعضائها هى ذاتها التي امتنعت قبل أيام عن تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى النهائى والتي قضت المحكمة بتنفيذه بالمسودة ودون إعلان بضم 80% من آخر خمس علاوات للموظفين المحالين للمعاش، بل إنها تحايلت علي الحكم القضائى البات بالطعن عليه أمام محكمة الأمور المستعجلة غير المختصة بقبول الطعن في مخالفة قانونية، إذ إن الطعن لا يجوز إلا أمام محكمة القضاء الإدارى العليا وبعد تنفيذ الحكم الأول.

المؤسف أيضًا أن الحكومة ترفض صرف الزيادة المستحقة قانونا وقضائيا لأصحاب المعاشات والذين يعانون من ضآلة معاشاتهم حتي لو تم إضافة العلاوات المحكوم بها مع ملاحظة أن أموال المعاشات والتي كانت تزيد علي 700 مليار دولار قبل عام 2011 بدون حساب الفائدة المتراكمة تم الاستيلاء عليها من جانب حكومة نظام مبارك، بينما تأتى حكومة ثورة 30 يونيو لتقرر معاشا لوزرائها بقيمة بالغة الاستفزاز ودون وجه حق، باعتبار أن الوزير لن يتحمل أى أعباء تأمينية تكفل له الحصول علي 80% من الـ42 ألف جنيه!

وبصرف النظر عن مرتبات الوزراء المقررة والمرتفعة كغيرها بين دخول أخرى مرتفعة ومستفزة وبما يتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية، فإن الأكثر استفزازا وتحديًا لمشاعر المصريين وأحوالهم وخاصة أصحاب المعاشات التي لا تكفي لتلبية احتياجاتهم الضرورية.. هذا المعاش الذى تقرر للوزراء وبهذا الرقم الضخم.

< < <

أما المثير للدهشة إضافة إلي الاستفزاز فهو تلك الحملة التي قادها إعلاميو الفضائيات والذين أبدوا مشاعر الخجل لتبرير هذه الزيادات الضخمة معتبرين أن معاشات الوزراء (الغلابة) هزيلة ولذا فإن الكثيرين يرفضون تقلد المنصب!

< < <

وأجدنى أكرر مع الكاتبة الصحفية ماجدة الجندى ما كتبته في مقالها بالأهرام الأربعاء الماضي.. متسائلا: لماذا لا يشعر هؤلاء الإعلاميون بقدر من ذات الخجل وهم يعلمون أن كوادر مهنية صحفية لم يزد معاشهم بعد 35 سنة من العمل الصحفي علي 1500 جنيه، بل لماذا لم تعل أصواتهم وأحد شيوخ مهنة البحث العلمي ــ تجاوز الثمانين من عمره ــ يضطر للعمل بالقطعة لدي تلاميذه لأن معاشه الضئيل لا يتجاوز ألفي جنيه!

وأجدنى أكرر السؤال مع الكاتبة الصحفية وأوجهه إلي السادة الإعلاميين في الفضائيات من أصحاب المشاعر الرهفة تجاه الوزراء (الغلابة) وإلي السادة النواب والذين علي وشك احتكار حب الوطن علي حد قولها والذين يقولون للشعب »هانجيب لكم منين؟!«.

< < <

لقد أخطأت الحكومة مرتين.. الأولي بهذا التحدى السافر لأكثر من تسعة ملايين من أصحاب المعاشات والذين رفضت صرف مستحقاتهم التي حكمت بها المحكمة، بينما تصرف لنفسها هذه الزيادة ليس في المرتب فحسب وإنما بهذا المعاش الخرافي، والذي يعنى أن الوزير بعد خروجه من المنصب سيظل يتقاضي 33 ألف جنيه معاشا شهريا طوال حياته، بينما يموت أصحاب المعاشات ومنهم من كانوا من كبار الموظفين والعاملين في مهن خاصة ولا يصل إجمالي ما يتقاضونه بعد سنوات عديدة إلي قيمة معاش الوزير في سنة واحدة، وهنا يتعين الإشارة إلى ملاحظة مهمة وهى أن معالي الوزير سوف يكون أسعد حالا بخروجه علي المعاش لأن ذلك يتيح له الحصول علي 33 ألف جنيه دون أى معاناة وهو جالس فى بيته أو ملتحق بعمل آخر مستفيدًا من لقب الوزير السابق!

أما الخطأ الثانى للحكومة فهو أن هذا القانون الذى تقدمت به ووافق عليه مجلس النواب والمفترض أنه مجلس نواب الشعب وليس مجلس نواب الحكومة، بدا وكأنه مكايدة حكومية لعموم المصريين الذين يعانون أوضاعا اقتصادية مأساوية، وبدت الحكومة في واد والشعب في واد آخر!

لقد كان حريًا بالحكومة خاصة أن »الدفاتر دفاترها والأوراق أوراقها« أن ترفع مرتبات أعضائها دون هذا الإعلان المستفز، وفي نفس الوقت كان عليها أن تترفع عن إقرار هذا المبلغ الضخم لمعاش الوزير.

< < <

كان علي الحكومة أن تتصرف وفقًآ لمقتضيات المواءمة السياسية وهي المواءمة الغائبة عن هذه الحكومة لأنها ببساطة شديدة حكومة غير سياسية، ولذا فقد تصرفت مثل عبدالفتاح القصري مدير المطبعة في فيلم »لو كنت غني« والذي نسى هل صرف لنفسه مرتبه أم لا فقرر أن »يقبض مرة تانية«!!، مع ملاحظة أن مصر كما تقول الحكومة ذاتها ليست دولة غنية بل »فقيرة أوى«!

و،لعله لا يخفي أن الغالبية العظمى من وزراء الحكومة من كبار الأثرياء بحكم أعمالهم وشركاتهم الخاصة السابقة على تقلدهم المنصب والمملوكة لهم ولأزواج وزوجات بعضهم، ومن ثم فإن المنصب الوزارى يمثل لهم وجاهة وحصانة سياسية فضلا عن المنافع الأخرى بعد خروجهم من الحكومة حاملين لقب »وزير سابق«.

> > >

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى وزراء ما قبل يوليو عام 1952 والذين كانوا أغلبهم من الأثرياء وكبار الملاك والذين اعتبروا المنصب الوزارى منصبا سياسيًا وطنيًا لخدمة الشعب ومن ثم فإنهم كانوا يترفعون عن تقاضى أى مخصصات مالية، وهو المسلك الذي كان يتعين علي وزراء هذه الحكومة أن يسلكوه خاصة وهم أول من يعلم أوضاع البلد الاقتصادية والتي كانت تقتضى ترفُعهم عن الحصول علي هذا المعاش الضخم والمستفز ولا نقول ترفُعهم عن زيادة رواتبهم.. وذلك خدمة للوطن ودعمًا لمصر واحترامًا للشعب وتقديرًا واستشعارًا لمعاناة المصريين التى لم تقتصر علي الفقراء ومحدودى الدخل بل طالت الطبقة المتوسطة علي اختلاف شرائحها وأهانت كبرياءها وكرامتها الإنسانية والاجتماعية.

< < <

لقد ضبط الشعب هذه الحكومة متلبسة علنًا بافتقادها للمسئولية وباستفزازها البالغ للمصريين بينما ضُبط مجلس النواب متلبسًا بنيابته عن الحكومة لا الشعب.. متقاعسًا عن إلزام الحكومة برد حقوق أصحاب المعاشات وإجبارها علي احترام أحكام القضاء.. ولا عزاء لدولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية.. المطلب الشعبى الأول لثورة 25 يناير.

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE