بين الدين والعادات .. شم النسيم تجسيد حي للوحدة الوطنية في مصر
لا يوجد مصري مسلما كان أو مسيحياً لا يحتفل بشم النسيم، أو عيد الحصاد (النيروز) كما أطلق عليه المصريون القدماء، وكان من العادات القديمة لدى المصريين القدماء أنهم في بدء موسم الحصاد يحتفلون بهذا اليوم، وقد كان ذلك اليوم سابقاً للموعد الذي نحتفل به وكان مرتبطا أكثر بجفاف ميا النيل مما يساعدهم على صيد الأسماك بسهولة ويتم تمليح وحفظ تلك الأسماك حتى يأتي موعد الاحتفال بموسم الحصاد الذي تنتشر في البهجة ويحتفل المصريون فيه بأكل الأسماك التي تم تمليحها وحفظها.
ومع دخول المسيحية في مصر بدأ كثير من المصريين يدخلون فيها ولأن الصيام الأكبر لدى المسيحيين يأتي متزامنا مع موعد الاحتفالات بموسم الحصاد امتنع الكثير منهم عن الاحتفال وأكل السمك المملح احتراماً للصيام الكبير فلما رأى المصريون أن الاحتفالات بعيد الحصاد قد أصابها الركود وأن كثيرا من جيرانهم وأقربائهم أصبحوا لا يحتفلون معهم فما كان منم إلا أن اجتمعوا ليقرروا تأجيل الاحتفالات بعيد الحصاد إلى اليوم التالي لإفطار إخوانهم المسيحيين حتى يتسنى لهم أن يحتفلوا معهم وهو ما يدل على تمسك المصريين بوحدتهم مهما كلفم الأمر حتى لو اضطروا لتغيير عادات ظلت راسخة مئات وآلاف السنين.
وعندما دخل الإسلام مصر بعد الفتح الإسلامي لم يعترض المسلمون على احتفالات المصريين بعيد الحصاد بل وجدوا فيه حالة يختص بها المصريون فقط، وبعد أن انتشر الإسلام في ربوع مصر استمر المصريون في الاحتفال بعيد الحصاد في الموعد الذي سبق أن اتفقوا عليه.
شم النسيم عيد مصري أصيل لا يرتبط بأي دين فهو من العادات الفرعونية القديمة التي درج المصريون على الاحتفال به سنوياً وهو في نفس الوقت أقوى دليل وتجسيد حي على ترابط المصريين بغض النظر عن ديانتهم، فالمصريون أثبتوا أنهم في رباط إلى يوم القيامة كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
