الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 12:37 مـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

عالم الرياضة

تعاونيات البناء : 90% من عقارات مصر مخالفة لشروط البناء

الأموال

وكيل وزارة الإسكان الأسبق: 10 محاور رئيسية للإصلاح
التصالح باب خلفي للفساد.. والحل في المعالجة التشريعية
أحمد فرحات: حصيلة العقارات المخالفة 375 مليار جنيه.. لا يتم تحصيلها لعدم وجود تشريعات
الجهاز المركزي: إهدار المال العام في الأجهزة والإدارات المحلية أكثر من 574.4 مليون جنيه



طفل عمره 3 سنوات و16 مصابا هم ضحايا انهيار عقار منشية ناصر حتى الآن!.. ومازال البحث جارياً عن المزيد.. هؤلاء الضحايا مجرد حلقة لن تكون الأخيرة في مسلسل انهيار العقارات المستمر، فكل يوم يفقد العشرات أرواحهم تحت انقاض عقارات مخالفة أو منازل صادر بشأنها قرار إزالة لم ينفذ!.. وكأننا أصبحنا جميعاً فريسة لمنازل آيلة للسقوط تطحن أجساد قاطنيها وتزهق أرواحهم في أي وقت ليلاً أو نهاراً.. لا ترحم طفلاً أو مسناً.. الكل هدف للفساد وإنعدام الضمير، الذي أصبح كالغول ينهش في أجساد الأبرياء.
أبداً.. لم يكن انهيار عقار منشية ناصر، صدفة، بل سبقته كوارث أخري لم يتحرك لها أحد، فهناك كارثة عقار روض الفرج الذي راح ضحيته شخصان من أسرة واحدة، ومنزل البحيرة الذي أسفر عن إصابة شخص.
ولأن »مخالفات البناء« تتزايد يوماً بعد الآخر، فعدد الضحايا مرشح للزيادة.. فلا يوجد شـــارع أو حي على امتداد محافظات مصر كافة، إلا ويســيطر عليه أباطرة العشــــوائيات، وكتل سكنية ترتفع وتشق عنان السماء في وضح النهار، في ظل غياب الأجهزة الرقابية بالدولة، وانعدام ضمائر ملاك العقارات، وبطء إجراءات تنفيذ قوانين البناء والتشييد في مواجهة العشوائيات الجديدة، إلى حد صارت شــــوارع مصر مستباحة دون سند ملكية، ويكفي أن نذكر أن نائب محافظ القاهرة اللواء أيمن عبد التواب صرح بأن عقار منشية ناصر مخالف وليس له بيانات في الحي، وتم بناؤه على أرض الدولة مثل معظم عقارات المنطقة، وهذا هو حال معظم المباني في مصر التي يتم إنشائها دون أي قواعد تنظيمية أو إشراف هندسي، لحساب مافيا »تجارة الأراضي«، إلى أن وصلت قيمة الاســتثمار العقاري »غير المرخص« في مصر، إلى حوالي 375 مليار جنيه. 
مئات الأبراج الشاهقة يصل ارتفاعها إلى 12 طابقاً، في حارات وشوارع ضيقة لا يتخطي عرضها 2.5 متر، وأخري بنيت بدون ترخيص، وثالثة أنشئت على أملاك الدولة أو بوضع اليد، وقرارات إزالة لا تنفذ، وربما الكثير من التجاوزات البشعة في طريقها للتسوية مع الجهات المختصة.. وكل ذلك يتم بحماية قوانين الإسكان العتيقة وعلم المسؤولين!
ليبقي السؤال: أين دور الأجهزة الرقابية والمحليات في الحد من تفشي الفساد وعشوائيات البناء المخالف.. ومتي ستتوقف؟!
وأين »قانون البناء الموحد« و»قانون اللائحة العقارية« و»دفع مستحقات المقاولين«.. تلك القوانين المعدلة من قبل وزارة الإسكان - والمثار حولها النقاش في البرلمان الآن.
«الأموال» رصدت البناء المخالف والمباني القديمة في مناطق عديدة بالقاهرة الكبري، وإن كانت منشية ناصر ليست وحدها ولكن هناك مناطق كثيرة معرضة لوقوع مثل هذه الكارثة.
في القاهرة
خلال جولتنا بمنطقة الشرابية، وتحديداً في شارع الكافوري التابع لحي الشرابية، شاهدنا الأبراج الشاهقة التي تصل إلى 12 طابقاً، والتهمت حرم الطريق بالمخالفة للقانون، وتجاورها المساكن القديمة الآيلة للسقوط وانتشار الشقوق في جدرانها.
في الجيزة
والمشهد السيئ ذاته، في شارع الـ20 بفيصل، الهرم، وجدنا إزالات لطابقين، ثم تركتها الأجهزة المحلية على حالها.
أحمد عطا، »49 عاماً«، ولديه »3 أبناء«، من سكان فيصل، يروي قصته، قائلاً: »مئات العقارات السكنية أقيمت في شارع العشرين بعد الثورة مباشرة، وتباع الشقة الواحدة بمبلغ 350 ألف جنيه، وتصل أقساطها إلى 1500 جنيه كل شهر، وبعدما قمت بشرائها علمت أنها مبانٍ مخالفة لكن »ما باليد حيلة«.
في منطقة وادي حوف بحلول، نجد مباني مخالفة للارتفاعات تمتد إلى 6 و7 طوابق، تجاورها مساكن قديمة لا يزيد ارتفاعها على 4 طوابق، وعرض الشارع لا يزيد على 2.5 متر، وهذا ظهر جلياً في 17 شارع وادي حوف عمارة رقم »15«.
أما »أرض سيجورت« الموجودة في شارع سيجورت على امتداد شارع ترعة الخشاب بحدائق حلوان، فهي تحت قبضة »حوت حدائق حلوان«، وهذه الأرض مساحتها ما يقرب من 3 أفدنة، وفي انتظار تحويلها إلى مئات الأبراج السكنية، في ظل غياب الأجهزة التنفيذية بالدولة.
كما شاهدنا آلافًا من المباني التي تطل على كورنيش المعصرة، دون أن تتخذ الأحياء والإدارات المحلية، الإجراءات اللازمة حيال تلك التجاوزات، حيث رصدنا العديد من العقارات المخالفة للارتفاعات المكونة من 12 طابقاً، وتفتقد مواصفات السلامة الإنشائية، وتمتد إليها المرافق والخدمات، وذلك في شارع العشرين البحري، وعلي امتداد أرض جمعية السلام، وأرض الصرف الصحي،وأرض العاملين بالخارج.. وجميعها يتبعون لحي المعصرة. 
التحايل على القانون
وبالتحدث مع أحد المقاولين بمنطقة المعصرة، ويدعي «محمد»، كشف عن أسلوب العمل في إنشاء العقارات بدون تراخيص وطرق التحايل على القانون، حيث قال: «إن صاحب الأرض يقوم بتوقيع عقد اتفاق مع المقاول لكي يتم البناء دون انتظار ترخيص بالبناء، ونقوم بإقامة الوحدات السكنية، وصاحب العقار يبيع المتر بحوالي 2000 جنيه».
ويضيف: «مدة العمل لا تستغرق 20 يوماً فقط لإقامة طابق واحد، وصولاً لأكثر من 12 طابقاً، وقد تحتاج إلى عدة شهور، ثم يأتي صاحب العقار لاستلامه، وعندما يأتي الحي يجد العقار قد أقيم بالكامل، فلا يجد أمامه سوي عمل مخالفة بسيطة دون قرارات إزالة، ويتراضي الموظفون بجزء من مبلغ بيع الشقق أو شقق سكنية، والدنيا بتمشي».
وبجوار «محمد» كان يقف أيضاً «عبدالمنعم»، البالغ من العمر «38 عاماً»، من أجل المطالبة بتيسير الإجراءات حتى وإن كانت غير قانونية -حسبما قال. 
وها هو الآن بعد معاناة شديدة لا يزال يأمل في تحسين الخدمات الإسكانية، وتسهيل الحصول على رخصة البناء.
ونفس الصورة السيئة تتكرر، في شارع السايس المقابل لشارع حسن حسني التابع لحي حدائق حلوان، نجد الأبراج السكنية الجديدة تصل إلى 12 طابقاً.
المهندس على مصطفى، وكيل وزارة الإسكان الأسبق يري أن التعديلات المطروحة على قوانين البناء رقم «59» لسنة 1979، و«106» لسنة 1967، و«119» لسنة 2008، تبدو غامضة، وتحتاج إلى دراسة وافية لكل مادة على حدة، وإعادة مناقشتها مرة أخري، حفاظاً على الثروة العقارية، والقضاء على العشوائيات، وفساد المحليات.
وأوضح وكيل وزارة الإسكان الأسبق أن التصالح مع مخالفات البناء، يزيد من مشكلة عشوائيات البناء المخالف وتداعياتها، مما يستلزم وضع خطة عاجلة للإصلاح من 10 محاور رئيسية.
أولاً: ضرورة نسف كافة التشريعات المنظمة للبناء والتشييد، حفاظاً على الثروة العقارية، والقضاء على مخالفات البناء، وتحسين الخدمات الإسكانية.
ثانياً: تشكيل لجنة هندسية مختصة تضم أساتذة من كليات الهندسة لمعاينة العقارات المخالفة على أرض الواقع، بشرط توافر الحيادية والشفافية في عملها، من خلال زيادة دوريات التفتيش لرصد وتسجيل المخالفات أولاً بأول، وإزالة كافة العراقيل الأمنية للإسراع في إزالة العقار غير الخاضع للمواصفات القياسية، وتحديد ارتفاعات المباني والمنشآت وعرضها بمختلف الأحياء والشوارع، لضمان توافر عامل الأمن الإنشائي حفاظاً على حياة المواطنين.
ثالثاً: تغليظ العقوبات على المخالفين، بحيث لا يسمح بحدوث تلاعب على نصوص القوانين، أو تفضيل دفع التعويض للإبقاء على البناء غير الآمن، ورابعاً: إلغاء المجالس المحلية.
خامساً: متابعة الأجهزة المختصة لخطط البناء والتنفيذ، وإنشاء صندوق للإقراض في أغراض الترميم والصيانة.
سادساً: ضرورة معاقبة المهندس المرتشي بالإقالة من نقابة المهندسين، إلى جانب عقوبة السجن المشدد، لكي يكون عبرة للجميع.
سابعاً: منح مزيد من التسهيلات عند استخراج التراخيص العقارية عن طريق نقل مسؤولية منح تراخيص البناء من المحليات، إلى مكاتب استشارية معتمدة، وزيادة مدة التراخيص لـ3 أعوام من تاريخ صدوره بدلاً من سنة واحدة تخفيفاً على المواطنين، وألا يتم القبول بالمصالحة مع أي صاحب عقار لمجرد أنه قادر على سداد 3 أضعاف قيمة المبني، بل هدم البناء غير المرخص فوراً، حتى لا يستمر الاعتداء على أملاك الدولة، وتتفاقم العشوائيات.
ثامناً: منع توصيل المرافق والخدمات للمباني المخالفة.
تاسعاً: إنشاء نظام إداري متكامل لصيانة جميع المباني والمجمعات السكنية السليمة.
عاشراً: تفعيل دور اتحاد الشاغلين للحفاظ على العقارات وسلامتها.. كل هذه النقاط «غائبة» عن قوانين رقم «59» لسنة 1979، و«106» لسنة 1967، و«119» لسنة 2008، المعدلة من قبل وزارة الاسكان ? والمثار حولها النقاش في البرلمان الآن. 
عبر سنوات طويلة كان يتم التغاضي عن مخالفات البناء،بعدما شكل «قانون التصالح» باباً خلفياً للفساد، وأسهل الطرق للثراء السريع- والآن- المطلوب هو المعالجة التشريعية، بما يهدف إلى الحد من فوضي البناء المتزايدة، وللقضاء على المشكلات التشريعية المتصلة بالقضايا ذات الطابع غير القانوني، وإحكام الرقابة على مخالفات البناء والتصدي لها في مهدها ومنع وقوع كوارث انهيارات العقارات، والقضاء على العشوائيات، ومنع التجاوزات.. ويبقي تغليظ العقوبات على المخالفين هو الأمل للخلاص نهائياً من هذه الأزمة.
وهنا يتطلب الأمر وضع آلية جديدة وواضحة تضمن التطبيق الصارم لشروط إنشاء العقارات على أسس علمية سليمة، في ظل أجهزة رقابية وأمنية تبسط يد الدولة، وتغليظ العقوبات على المخالفين- ضرورة ملحة- بما يحافظ على سلامة الأرواح والممتلكات، مع أهمية مراعاة البعد الاجتماعي الخاص بالعملية الإسكانية للشباب، فهي ليست مسألة تجارية أو فنية فقط، لكنها ذات بعد اجتماعي خطير.. فهذا التوجه من جانب الدولة في غاية الأهمية، بما يؤدي إلى توجيه صفعات متتالية على تؤكد الإحصائيات التي أعدتها الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، عن ارتفاع معدلات مخالفات البناء لحوالي 90% من عقارات مصر، والتي قدرتها إحصائيات وزارة الإسكان بـ4.9 مليون مبني، ووصل إجمالي العقارات المقامة بدون تراخيص 317 ألفاً و948 عقاراً، وصدر لها 356 ألفاً و507 قرارات إزالة من المحافظين، كما يوجد 2 مليون عقار آيل للسقوط في محافظات مصر كافة، صدر بشأنها 132 ألف قرار إزالة بمراكز إمبابة ومثلها في مناطق البساتين ودار السلام، ولم تنفذ حتى الآن.
وقيمة حصيلة العقارات المخالفة تقدر بمبلغ 375 مليار جنيه.. ولا يتم تحصيلها، بسبب عدم وجود تشريعات ملزمة- وفقاً للدكتور أحمد فرحات، رئيس الجهاز الفني للتفتيش على البناء بوزارة الإسكان.
أم الكوارث
 

مصر للطيران
وزير الاسكان

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE