الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 04:14 صـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: إرهاب الكلاب الضالة.. وتكلفته البشرية والاقتصادية

الأموال


 

 

رغم أن انتشار جحافل الكلاب الضالة في شوارع القاهرة.. في مختلف أحيائها الهادئة والمزدحمة علي حد سواء لم يعد خافيًا في نفس الوقت الذى تفشت فيه الظاهرة بدرجة غير مسبوقة وعلى نحو مخيف وبالغ الخطورة وفقًا لما يتواتر من أخبار عدوان هذه الكلاب علي المواطنين صباحا ومساء.

.. إلا أن ما أعلنه النائب محمد الحسينى وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب مؤخرا من أعدادها يؤكد أننا أمام خطر داهم وحقيقي مسكوت عنه ومن ثمَ فقد بَاتَ ضروريًا التصدي له.. حماية لأمن وأرواح المواطنين..

أعداد هذه الجحافل من الكلاب الضالة المنتشرة في ربوع الوطن بلغت وفقا للتقديرات الحكومية الرسمية نحو 18 مليون كلب ضال، وهو الأمر الذى يعنى حسبما قال النائب إن في مصر كلبًا ضالا علي الأقل لكل سبعة مواطنين، ومن ثَمَ فإن هذه الأرقام والإحصائيات تعكس بكل وضوح حجم الخطر الداهم الذى يهدد أمن وسلامة وحياة المصريين.

ودون إغفال لهذا الخطر الذى يهدد البيئة ويتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة، فإن الخطر الأكبر والأهم هو تهديد حياة المصريين، وفي الحالتين فإن التصدى لهذا الخطر المزدوج بات ضروريًا وعاجلا.

< < <

تداعيات هذا الخطر تعكسها الأرقام الرسمية التى تشير إلى أن نحو 430 ألف مواطن يتعرضون سنويا للإصابة بـ«عضة» كلب ضال.. منهم «59» حالة على الأقل تتعرض للوفاة، مع ملاحظة أن هذه الأرقام الرسمية التي أعلنها النائب لا تمثل بالضرورة كل حالات الإصابة والموت.

ومع ذلك فإن هذه الأعداد وفقًا للتقديرات الرسمية تؤكد حقيقة وجسامة خطر هذه الظاهرة وعلى هذا النحو الكارثي وغير المسبوق، وهو خطر مرشح للاستفحال مع تزايد أعداد الكلاب الضالة والتي تتوالد وتتكاثر بمئات الآلاف في كل سنة.

إن استمرار الزيادة المطردة في أعداد الكلاب الضالة قد يُسفر عن مضاعفة أعدادها من 18 مليونا إلى 36 مليون كلب ضال وهى بذلك تتفوق علي معدلات الزيادة السكانية، ولذا فإن استمرار هذه الظاهرة دون التصدى لها إنما يعكس إهمالا جسيمًا بحق المواطنين الذين يتعرضون لهجوم الكلاب وخاصة الأطفال في الصباح الباكر عند ذهابهم للمدارس وهو المشهد الذى يتكرر يوميًا في الشوارع وأمام المدارس ذاتها.

< < <

ومن المثير للدهشة أن الحكومة ممثلة في وزارة الصحة وفي المحليات ليست لديها أى خطة أو تحرك فاعل للقضاء علي هذا الخطر، ولعل الأجيال من كبار السن يذكرون أنه في الزمن الماضي كانت هناك سيارات خاصة وعلى متنها رجال إدارة «شرطة الخيالة» تجوب الشوارع ليلا بحثًا عن الكلاب الضالة بينما يُصوب هؤلاء الرجال بنادق «الخرطوش» لاصطيادها والتخلص منها، وفي السنوات الأخيرة اختفت هذه السيارات تمامًا، فهل تم إلغاء «شرطة الخيالة» أم توقفت عن هذا الدور المنوط بها؟

ثم إنه وقبل سنوات قليلة كانت إدارات الطب البيطرى بالمحافظات  والأحياء تتصدي لهذه الظاهرة بوضع نوع خاص من السم القاتل سريع المفعول علي قطع اللحم لتتناولها الكلاب الضالة وتموت بهدوء، فلماذا اختفت هذه الخدمة أيضا؟

< < <

لقد بدا واضحًا أن الحكومة خضعت لإرهاب جمعيات الرفق بالحيوان التي شنت حملات مكثفة ضد قتل الكلاب الضالة وكأن الرفق بالحيوان المتوحش الذى يعقر ويقتل مُقدّم علي الرفق بالإنسان!

وأذكر أننى كنت قد تصديت لهذه الظاهرة الخطيرة بكتابة عدة مقالات قبل سنوات، ثم كتبت شاكرًا لمديرة إحدى مديرات الطب البيطرى بالقاهرة لإرسالها حملة قامت بتسميم قافلة من الكلاب الضالة في إحدى المناطق السكنية، فإذا بسيدة تتصل بي هاتفيا وتنهال علىّ بالهجوم واللوم، وكانت حجتها أن هذه الكلاب «أمم أمثالكم» ويجب تركها لتعيش، ولم أجد ما أقوله لها بكل هدوء سوى أن الثعابين والذئاب «أمم أمثالنا» أيضا فهل نتركها تعيش لتقتل الإنسان؟!

< < <

وإذا كانت الحكومة تنفق سنويا نحو 80 مليون جنيه علي الأمصال والعلاج، وهو رقم هزيل جدًا مقارنة بما يتعرض له المواطنون والأطفال من هلع وخوف وموت، إلا أنه يبقي أنه يمثل تكلفة اقتصادية تتحملها خزينة الدولة بينما يظل الخطر قاتمًا، ومن ثم فإنه كان من الأولى أن يتم إنفاق هذه الملايين في إجراءات وقائية استباقية للقضاء علي الظاهرة.. حماية للمواطنين بدلا من انتظار إصابتهم ثم علاجهم.

ثم إنى أجدنى أضم صوتى لصوت النائب الذى تساءل: «هل نعتبر ضحايا الكلاب الضالة شهداء»، ذلك أن خطرها بعد هذه الزيادة الهائلة في أعدادها لم يُعد يقل عن خطر الإرهاب الأسود الذى تواجهه مصر حاليا وتتصدى له بكل قوة وحسم، بينما لاتزال الحكومة غافلة أو متغافلة عن التصدى لإرهاب الكلاب الضالة.

< < <

إن على النائب المحترم الذى فجر هذه القضية الخطيرة أن يتقدم بصفته وكيلا للجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب باستجواب برلماني لكل من وزير الصحة ووزير الإدارة المحلية بسبب التقاعس عن التصدى لتفشى ظاهرة الكلاب الضالة التي تهدد الأمن والاستقرار وحياة المصريين.

< < <

إن الأمر جد خطير.. لا يجوز التهوين من جسامته.. ولا يجوز معه الصمت أو الإهمال، لأن وجود 18 مليون كلب ضال حتى الآن مع تزايد احتمالات مضاعفة هذه الأعداد بات خطرًا يمثل إرهابًا له تكلفته الاقتصادية والبيئية والأهم تكلفته البشرية الباهظة.

< < <

إن الحكومة مطالبة بالتصدي الحاسم والعاجل لإرهاب الكلاب الضالة بقدر تصدي الدولة كلها لإرهاب «كلاب أهل النار» من الخوارج والإرهابيين التكفيريين.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE