شريف عبدالفهيم يكتب: بأية حال عدت يا عيد

 

تمر الأيام وتعود مجدداً وأنت لست بين ظهرانينا، عيدان لك مرا دون أن تكوني بيننا، أحاول أن أضمد كل جراحي منذ رحيلك، ولكن تأتي الأيام والمناسبات لتنكأ الجراح مجدداً، وها نحن لا تفصلنا عن عيد الأم سوى ساعات قليلة، يتحدث الجميع عن الهدايا، وتنتشر الإعلانات وتصدح الأغنيات، وكل منها كأنه سكين يقطع قطعة من قلبي، وأنا أتذكر كيف كنت أسألك ماذا تريدين فتردي "اللي تجيبه كله حلو"، ها هي الأيام تمضي سراعاً، وبعد أن كنت أحرص على أن أكون أول من يتصل بك لتهنئتك بعيدك، أصبحت أرتب الأمر كي نأتي أنا وإخوتي لنزورك في مرقدك.

كم أشتاق إليك يا أمي، كم أشتاق إلى حضنك، كم أشتاق أن أقول كلمة أمي، كم أشتاق أن أمسك هاتفي لأسمعك في الناحية الأخرى وأنت تنطقين اسمي، كم أشتاق إلى سماع اسمي من بين شفتيك.

تمر الأيام وفي قلبي لهفة لأن أراك، رغم أن صورتك لا تفارق عينيَّ في أي لحظة، أحتاج أن ألقى بهمي بين يديك لتطبطبي عليَّ وتمسحي عني الهم، ها هو عيدك يا أمي يأتي مجدداً وأنت لست بيننا، أبناؤنا يشتاقون لك، تغير الزمان وتغير المكان وتغيرت الفرحة، أصبحنا لا نعرف للفرحة طعما بدونك، أعلم أنك في مكان أفضل بين رحمة رب كريم، فأنت لم تؤذي أحداً في حياتك، كنت تحرصين على أداء العبادات، تمسحين على رأس اليتيم، تقفين بجانب المسكين، لا تشعرين من حولك بآلامك، تحملت الكثير كي نسعد نحن، ورغم أن العمر قارب الخمسين، لكني أشعر باليتم من دونك.

هل حقاً ذهبت أم أنك بيننا تراقبيننا، هل شغلتك جنات ربك فنسيتنا، والله يا أمي ما نجد للحياة طعماً وأنت لست فيها.

أنا لا أعترض على قدر الله الذي قدره – حاشا لله – ولكني أبكي على فراقك يا أمي، فمهما قلت فلن أصف ما يتأجج داخل صدري من فراقك، فرحمة الله عليك يا أمي، وجمعك أنت وأبي في الجنة.

رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ولا يسعني إلى أن أقول بيت المتنبي:

عيد بأية حال عدت يا عيد ... بما مضى أم بأمر فيك تجديد.