الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 11:41 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب :  سقوط محافظ المنوفية المرتشى..  دلالات وملاحظات

الأموال

فى واقعة القبض على هشام عبدالباسط محافظ المنوفية بعد ثبوت ارتكابه جرائم فساد وتلقى رشاوى مالية من رجال أعمال فاسدين، فإن ثمة ملاحظات ضرورية ودلالات مهمة يتعين  التوقف أمامها ملياً ليس فقط بشأن هذه الواقعة وحدها ولكن بشأن الفساد الذى بدا أنه مازال مستشرياً فى كثير  من المواقع والذى امتد ليصل إلى رؤوس كبيرة فى مناصب عليا.

 بداية لا تخفى دلالة القبض على محافظ المنوفية وتقديمه للمحاكمة باعتبار أنه لا أحد فى مصر فوق المحاسبة والعقاب مهما كان منصبه وموقعه والأهم أنه لا تستر على فساد ولا حماية لفاسد ومن ثم فإنه لن يفلت فاسد من العقاب.

ثمة دلالة أخرى وهى أن هيئة الرقابة الإدارية بيقظة ووطنية رجالها غير غافلة عن ملاحقة وكشف الفساد والفاسدين والتصدى   بكل همة لجرائم الفساد التى تمثل عدواناً على المال العام والصالح العام لعموم المصريين باعتبار أن خطر الفساد لا يقل عن خطر الإرهاب إذ إن كليهما يستهدف تعويق جهود البناء وخطط التنمية وبرامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى بل يهددان الاستقرار والسلم الاجتماعى.

 

فى مقدمة الملاحظات التى تستدعيها واقعة فساد هذا المحافظ.. كيف استطاع أن يمارس فساده وتربحه من منصبه وتلقى الرشاوى من رجال أعمال عدة مرات بلغت أكثر من عشر مرات حسب ما أكدته زوجته الثانية فى بلاغها ضده للرقابة الإدارية..  دون أن يتم اكتشاف أمره طوال أكثر  من ثلاث سنوات؟!.

 

الأهم من ذلك..  كيف وصل إلى  تولى منصب المحافظ الذى صعد إلىه من موقعه السابق كرئيس لمدينة السادات إحدى مدن المحافظة رغم كل ما تواتر عن فساده وتعاونه مع رجال أعمال فاسدين من جماعة الإخوان خلال فترة حكم الجماعة مقابل رشاوى مالية؟!.

 

لقد كان فساد هذا المحافظ وتربحه من منصبه كرئيس لمدينة السادات معلوماً  للجميع فى تلك المدينة، بل كان استمراره فى رئاسة مدينة السادات مجالاً للتندر، حتى كانت الصدمة الكبرى بتعيينه  محافظاً للمنوفية، وحتى بدا هذا التصعيد لرئىس مدينة تحيطه الشبهات والاتهامات المتواترة والمؤكدة مثيراً للدهشة بل الاستياء من جانب أبناء المنوفية والعاملين  بديوان المحافظة ذاتها والذين  يعلمون  حجم فساده.

 

ولذا..  هل كان صحيحاً  أن الأجهزة الرقابية اعترضت على تعيينه محافظاً للمنوفية وفقاً للتقارير السابقة التى تؤكد فساده منذ أن كان رئيساً لمدينة السادات؟ وإذا كان ذلك صحيحاً فلماذا ضربت الحكومة عرض الحائط بتقارير الرقابة الإدارية وأصرت على تصعيده لهذا المنصب الرفيع؟!.

 

ثمة ملاحظات مهمة وهى أن هذا المحافظ أوقعته هيئة الرقابة الإدارية بعد أن أكدت تحرياتها  صدق البلاغين   المقدمين ضده.. أولهما من زوجته الثانية والثانى من أحد الموظفين السابقين بالمحافظة، وهو الأمر الذى يعنى قدرة هذا المسئول على التخفى والتحصن بمنصبه لإخفاء ممارساته الفاسدة وتربحه وتلقيه الرشاوى المالية، ومن ثم فإنه لولا بلاغ زوجته الثانية ضده لما انفتح الباب أمام إجراء تحريات الرقابة وتسجيل مكالماته واتفاقاته مع رجلى الأعمال بالحصول على رشوة مالية قدرها مليونا جنيه والتى لم تكن  الرشوة الأولى بل كانت العاشرة التى يحصل عليها منذ توليه منصبه.

 

فساد هذا المحافظ لم يكن فساداً مالياً فقط،  بل امتد إلى التزوير أيضاً، إذ ارتكب جريمة تزوير علمية بادعاء  حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج بانجلترا، وهو التزوير الذى تأكد حين امتنع عن تقديم شهادة الدكتوراه المزعومة إلى المجلس الأعلى للجامعات حتى لا ينكشف تزويره.

 

ورغم أن أحد أساتذة جامعة المنوفية وهو الدكتور الشوادفى منصور كشف هذا التزوير، بل  إنه قاد حملة - على حد تعبيره - لدى كافة المسئولين بالدولة منذ تولى هشام عبدالباسط منصب المحافظ لكشف علاقاته المشبوهة برجال أعمال فاسدين فى مدينة السادات وحصوله على رشاوى مالية لإنهاء مصالحهم غير المشروعة.. رغم ذلك فإن لا أحد من المسئولين اهتم ببلاغات الأستاذ الجامعى وظل الرجل الفاسد المزور فى موقعه طوال ثلاث سنوات.

 

المفارقة المثيرة بل المضحكة المبكية فى آن واحد هى أن رسالة الدكتوراه المزعومة التى ادعى المحافظ حصوله عليها من انجلترا كانت بعنوان »مكافحة الفساد فى الإدارة المحلية«، وهى مفارقة تعكس  ذروة الفجور فى اختيار هذا العنوان تحديداً بقدر الفجور فى التزوير ذاته.

 

ليست هذه هى المفارقة المثيرة الوحيدة، بل إن هذا المحافظ أدلى بتصريحات صحفية لجريدة الأخبار قبل القبض عليه بيوم واحد ادعى فيها أنه يحارب الفساد بكل قوة وأنه بذل جهوداً جبارة خلال السنوات الثلاث  الأخيرة منذ توليه منصب المحافظ فى محاربة الفساد بل إنه استطرد بكل بجاحة وأكد أن مكافحة الفساد هى الخطوة الأولى لتحقيق التنمية فى المنوفية!!

 

بجاحة هذا المحافظ الفاسد المزور تبدت بكل  وقاحة حين نفى حصوله على الرشوة ثم حين  تمت مواجهته بالتسجيلات فإنه وبكل بجاحة قال إنه  كان »بيهزر« وأنه لم يوقع على تخصيص أراض لرجلى الأعمال المتورطين معه، غير أنه بعد فحص أوراق مكتبه تم العثور على توقيعه بالموافقة على تخصيص الأراضى لهما!

 

ثمة ملاحظة مهمة أخرى مسكوت  عنها فى هذه القضية تتعلق ببلاغ زوجته الثانية ضده والذى أوقعه فى أيدى هيئة الرقابة الإدارية، وهو البلاغ الذى تم تناوله إعلامياً تناولاً كوميدياً، وهزلياً رغم أن الأمر جد لا هزل فيه، ذلك أن زوجته الثانية كان دافعها الانتقام بعد علمها بزواجه بزوجة ثالثة،  أى أنها لم تكن لتبلغ عنه إذا لم  يتزوج عليها وظل يمارس فساده وهى ملاحظة تستحق التأمل والتساؤل بشأن مسئولية هذه الزوجة إزاء وقائع فساد زوجها المحافظ طوال ثلاث سنوات والتى ظلت تتستر  عليها وعليه.

 

تبقى الملاحظة الأهم والتى تتعلق بالتحريات الرقابية السابقة على تقييم كبار المسئولين فى مناصبهم، ولذا فإن السؤال المهم.. هل التحريات الرقابية السابقة تكون دائماً دقيقة وكافية،  ثم هل يؤخذ بها؟

 

يبقى أخيراً..  إذا كان من الممكن تفهم فساد بعض صغار الموظفين وإن  كان هذا التفهم لا يعنى تبرير فسادهم، فإن السؤال الأهم..  لماذا يفسد ويرتشى بعض الكبار؟!

 

 

مصر للطيران
هشام عبدالباسط محافظ المنوفية جرائم فساد

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE