الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 05:17 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 د. محمد فراج يكتب :  ضربة جديدة لمؤامرات تركيا الإرهابية

الأموال

بينما تتواصل الجهود الإقليمية والدولية لإعادة بناء الدولة الإقليمية المنهارة، ويلوح بصيص أمل فى ترميم العلاقات بين مكوناتها المتنافرة والمتناحرة بفضل جهود دول الجوار الإقليمى (مصر والجزائر  وتونس) والمبعوث الدولى غسان سلامة، وأطراف دولية أخرى.. إذا ش اليونانية تضبط سفينة تركية محملة بالمتفجرات فى طريقها إلى مدينة مصراتة الليبية لتسليم شحنة الموت هذه إلى الجماعات الإرهابية فى مصراتة وحولها..  (مجلس النواب الليبى أدان العملية التركية باعتبارها دعماً مباشراً للإرهاب وانتهاكاً للأمن القومى الليبى.

وطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية بإجراء تحقيق دولى شامل وعاجل حول هذه الحادثة الخطيرة. وأكد البرلمان الليبى (برلمان طبرق الشرعى) أن كمية  المتفجرات التى كانت تحملها السفينة كفيلة بتدمير مدينة بأكملها.

كما أصدر الجيش الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر بياناً قال فيه إنه يتابع باهتمام بالغ مجريات التحقيق حول السفينة التركية (أندروميدا) مطالباً باعتبار الحادث (جريمة حرب) مؤكداً أنه يؤكد ماصدر عن الجيش من بيانات وتصريحات سابقة حول »الدور التركى المشبوه فى دعم الإرهاب ليس بليبيا وحدها بل فى كل دول المنطقة«.

البيانات الرسمية الليبية تؤكد ما سبق لنا ذكره حول الدور التركى الإجرامى فى دعم الإرهاب فى ليبيا.

(الأموال - 31/12/2017) وهو ما نضيف إليه اليوم أن تركيا لم  تتوقف إطلاقاً عن تزويد الجماعات الإرهابية فى ليبيا بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الثقيلة منذ أيام (الثورة) المزعومة على القذافى عام 2011 وذلك بالإضافة إلى الكميات الهائلة من الأسلحة التى استولت عليها عصابات المتمردين والإرهابيين من مخازن جيش  القذافى بعد انهيار النظام  (والدولة) صيف عام 2011 تحت وطأة ضربات  طيران »الناتو«.. وكأنما لم يكن هذا كله كافياً فأخذت تركيا تنقل إلى الإرهابيين فى ليبيا مزيداً من الأسلحة من الأسواق الدولية، عن طريق المطارات السودانية (حيث  يتحالف نظام البشير مع أنقرة فى دعم  الإرهاب المتسربل زوراً وبهتاناً باسم الإسلام!!).. ومن خلال التهريب عبر البحر المتوسط، حتى أصبحت الأراضى الليبية مكتظة بكميات هائلة من الأسلحة والمعدات العسكرية ومركبات النقل وفى مقدمتها سيارات (4 X 4) المطلوبة بشدة للانتقال فى الصحراء.

ولم يكن  الهدف النهائى لكل  هذه الحشود من الأسلحة (والمقاتلين فيما بعد ) هو  ليبيا،  بل كانت هى نقطة الانطلاق لتحركات الإرهاب فى عدة اتجاهات استراتيجية.

1 ــ كانت مصر هى أول وأهم هذه الاتجاهات عبر حدود مشتركة طويلة (1280كم) ووعرة التضاريس مع ليبيا،  وصحراوات شاسعة تبلغ مئات الآلاف من الكيلو مترات المربعة فى صحراء مصر الغربية وأكثر من (1،7 مليون كم2) فى ليبيا، وتحتاج مراقبتها والسيطرة عليها إلى إمكانات عسكرية وتكنولوجية ضخمة للغاية.

2 ــ اتجاه تونس والجزائر : حيث كانت تونس (ولا تزال) تعانى من  تخلخل الأجهزة الأمنية منذ الثورة ومن انتشار المنظمات الإرهابية التى مثلت حركة النهضة (الإخوانية) بقيادة الغنوشى أرضية أيديولوجية تراثية لهم.. ومعروف أن تونس كانت من  أكبر الدول العربية من حيث  عدد الإرهابيين الآتين منها إلى سوريا..  أما الجزائر فكانت قد شهدت فى تسعينيات القرن الماضى حركة إرهابية  واسعة النطاق، احتاج القضاء عليها إلى نحو عشر سنوات،  لكن جذورها لا تزال كامنة فى تراب الجزائر تحتاج لمن يحركها ويدعمها.

3 ــ اتجاه الجنوب والجنوب الغربى / الصحراء الإفريقية الكبرى (تشاد والنيجر ومالى وشمال نيجيريا / حيث حركة بوكو حرام.. وغيرها  من البلدان المطلة  على الصحراء الكبرى).

ونظراً لهشاشة الحدود  بين هذه الدول كلها، ولضعف أجهزة الأمن  فيها  عدداً وعدة، فإن  انتقال الإرهابيين فيها أمر ميسور - أما قواعد التدريب والتسليح الأساسية ففى ليبيا.

4  ــ ونظراً لأن  ليبيا هى أكبر مركز للهجرة الإفريقية غير الشرعية إلى أوروبا عبر البحر المتوسط،  فإن من السهل تسريب أعداد من الإرهابيين المدربين إلى أوروبا وسط هؤلاء المهاجرين.

المخططات الأمريكية لإثارة »الفوضى الخلاقة« في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. والتطلعات الإمبراطورية التركية تحت اسم »إحياء دولة الخلافة الإسلامية« كانت دافع البلدين للتعاون معاً فى سوريا والعراق (حيث كانت تركيا المعبر   الأساسى  للإرهاب).. وفى ليبيا التى تمثل موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية وسط البحر الأبيض المتوسط وإلى جوار الحدود المصرية بالذات  (والجزائر وتونس أيضاً).. وحيث تمثل مصر (الجائزة الكبرى) التى تحلم القوى الاستعمارية بالاستيلاء عليها.

وفى السنوات الأولى التالية لما يسمى بثورات الربيع العربى كان تركيز أمريكا وتركيا على نقل الإرهابيين  إلى سوريا والعراق، ثم إلى سيناء (خاصة فى عهد محمد مرسى) وبدرجة أقل إلى ليبيا.. ولنلاحظ أن هذا كان يتم دائماً بمساعدة دفتر الشيكات القطرى الباحث عن الأمان وعن الدور فى الحضن الأمريكى.

وبعد أن أطاحت ثورة 30 يونيو  بأحلام  تنظيم الإخوان الإرهابى الدولى و(دولة الخلافة العثمانية) فى السيطرة على مصر، بدأ التركيز على جلب المقاتلين الإرهابيين من شتى أنحاء العالم  إلى ليبيا لتكثيف الهجوم على مصر من  الشرق والغرب.. ثم حينما بدأت داعش والنصرة وغيرهما من المنظمات الإرهابية تواجه الهزيمة فى سوريا والعراق بدأت  تتزايد بدرجة كبيرة حركة نقل الإرهابيين إلى ليبيا.. ومعهم نقل المزيد من السلاح.. وفى هذا السياق جاء ضبط سفينة المتفجرات التركية المتجهة إلى ليبيا.

إنه سياق حصار مصر.. وفى نفس السياق جاء التقارب التركى مع السودان، وجاء الاتفاق على الوجود  التركى فى سواكن، واحتلال موطن قدم على ساحل البحر  الأحمر (كما شرحنا تفصيلاً فى مقالنا فى »الأموال« فى 31/12/2017« أى أنه إذا لم تكن السيطرة على مصر - عن طريق الإخوان المجرمين ممكنة،  فليكن الهدف هو  حصارها بواسطة الإرهاب وغيره من الوسائل،  وإنهاكها ومحاولة تدميرها .

لكن مصر قوة إقليمية محورية  وكبيرة تستعصى على الابتلاع من جانب تركيا أو أي قوة إقليمية أخرى. لأنها القوة الإقليمية الكبرى سواء رضى عن  هذه الحقيقة أى طرف آخر أم لم يرض..  وهى بحكم حقائق التاريخ والجغرافىا والسكان والقوة الشاملة مؤهلة لاستعادة دورها التاريخى الإقليمى.

وهى أيضاً مؤهلة ليس لاستئصال جذور الإرهاب على أرضها فحسب، بل وأيضاً على أرض ليبيا الشقيقة، برعاية عملية إعادة بناء الدولة فيها، وبناء  جيش وطنى  قادر على خوض كفاح فعال ضد الإرهاب هناك، وبالتحالف مع القوى الدولية المهتمة حقاً بمحاربة الإرهاب،  والتى تدرك مدى خطورته على أمن وسلام شعوب منطقتنا والقارة الأوروبية، والعالم أجمع.. أما الذين يحتضنون الإرهاب ويدعمونه فسوف يكتوون بناره..  وهو ما بدأ يحدث فعلاً.. ولنا فى دروس التاريخ عبرة.

 

مصر للطيران
تركيا ليبيا خليفة حفتر

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE