الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 12:48 صـ
  • hdb
9 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : قمة الثلاث ساعات انعطافة جديدة في العلاقات المصرية الروسية

الأموال

زيارة الرئيس الروسي بوتين الأخيرة إلي القاهرة يوم الاثنين الماضى (10 ديسمبر) لم تستغرق أكثر من عدة ساعات، لكنها كانت بالغة الأهمية من حيث النتائج التي أسفرت عنها، والتي تشير إلي أن القضايا التى تناولتها المحادثات بين الرئيسين السيسي وبوتين تم الإعداد لها جيدًا قبل الزيارة بوقت طويل.. وهي قضايا سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية «مخابراتية» متصلة بالتعاون في مكافحة الإرهاب في مصر والمنطقة وخاصة في الصحراء الغربية علي الحدود المصرية ــ الليبية وفي ليبيا ذاتها ومنطقة الصحراء الإفريقية الكبري.

وقد تم أثناء الزيارة توقيع اتفاق البدء في إقامة المحطة النووية العتيدة في الضبعة، بعد محادثات تفصيلية استغرقت أكثر من سنتين بين المسئولين المختصين في البلدين، وتناولت مختلف الجوانب الفنية والتمويلية للمشروع، ونظرا لأهمية هذا الموضوع وتشعبه فسوف نفرد له مقالا مستقلا في العدد القادم من «الأموال» بإذن الله.

وفي الجانب الاقتصادى من العلاقات اتفق الطرفان أيضًا علي بدء العمل قريبا في إقامة المنطقةالصناعية الروسية شرق قناة السويس، وتقع المنطقة علي مساحة 5كم2 وتبلغ تكلفةتوصيل المرافق إليها 190 مليون دولار تتحملها الشركات الروسية، التي أعلن بوتين عن اهتمامها الكبير بالعمل في مصر، كما تبلغ الاستثمارات المقرر توظيفها في المنطقة الصناعية (7 مليارات دولار)، وتشمل إقامة مشروعات للصناعات الإلكترونية والهندسية، وصناعة السيارات ومعدات النقل الثقيل والرافعات وغيرها، مما يوفر 35 ألف فرصة عمل، كما يسمح بتوطين التكنولوجيا في هذه الصناعات الهامة والمتقدمة علي الأراضى المصرية. وقد أشار بوتين في كلمته عقب انتهاء المحادثات إلي أن روسيا تخطط لجعل هذه المنطقة وغيرها من المشروعات الروسية في مصر مدخلا للنفاذ إلى الأسواق الإفريقية والشرق أوسطية عبر البوابة المصرية، الأمر الذى يشير إلي مدى اهتمام موسكو الكبير بالمشروع.

كما أشار إلي اهتمام روسيا بتوسيع استثماراتها في مصر (3.1 مليار دولار) بدرجة كبيرة خلال السنوات القليلة القادمة، وخاصة في مجالات التنقيب عن البترول والغاز واستخراجهما ونقلهما، وإعطاء دفعة قوية للمحادثات الجارية حاليا بين البلدين حول تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة.

ومعروف أن المحادثات قد قطعت الشوط الأكبر لإقامة مشروعات لصناعة أنابيب نقل البترول والغاز، وتطوير خطوط السكك الحديدية وتوريد جرارات وعربات القطارات الروسية إلى مصر.

وأكد بوتين أن التبادل التجارى بين البلدين يتطور بصورة سريعة، وأن التبادل التجارى بين البلدين خلال الشهور التسعة الأولي من العام الجارى (2017) قد تخطى إجمالي التبادل التجارى بينهما في عام 2016 بأكمله.. وتجاوز الأربعة مليارات دولار.

كما أشاد الرئيس الروسى بالجهود الكبيرة التي بذلتها السلطات المصرية في تطوير إجراءات الأمن في المطارات، مؤكدا أن هذا سيساعد علي تقريب عودة السياحة الروسية، بعد التوقيع علي البروتوكول المشترك المتعلق  بهذا الأمر.

< < <

>> القضية بالغة الأهمية أيضا التي تناولتها المحادثات كانت تأكيد التفاهم العميق بين الطرفين على خطورة الإرهاب الدولي، والتأكيد علي أهمية الدور الذى تقوم به مصر في مكافحة الإرهاب، وتقدير روسيا الكبير لهذا الدور وعزمها علي تقديم كل أشكال الدعم الضرورى لمصر، وفي مقدمتها الإمداد بالأسلحة الفنية.. علاوة على تنفيذ الاتفاقات السابقة لإمداد القوات المسلحة المصرية بالأسلحة الضرورية.

ونشير في هذا الصدد إلي أن زيارة بوتين كانت قد سبقتها بأسبوعين زيارة هامة لوزير الدفاع الروسى سيرجي شويجو (الأربعاء 29نوفمبر) ناقش خلالها مع الرئيس السيسى وقيادات القوات المسلحة تنفيذ الصفقات المتفق عليها بين الطرفين لتعزيز قوة الجيش المصري الدفاعية العامة، ومتطلبات تعزيز الجهد العسكرى والأمنى في مجال مكافحة الإرهاب.

وقد تناولنا هذه الزيارة وأهميتها بالتفصيل في مقالنا بـ«الأموال» (الأحد ــ 3 ديسمبر 2017) وتحدثنا عن الصفقات لإمداد روسيا لمصر بـ«48» طائرة مقاتلة من طراز «ميج 29» وحوالي 50 طائرة هليكوبتر مقاتلة من طراز (كا ـ 52) الضرورية لتسليح حاملتي الهليكوبتر من طراز «ميستيرال» اللتين تسلمتهما مصر من فرنسا منذ عدة أشهر «الحاملة جمال عبدالناصر، والحاملة أنور السادات».. ومعروف أن فرنسا كانت قد قامت بتصنيعهما أساسًا لحساب روسيا، ثم امتنعت عن تسليمهما بسبب العقوبات الغربية ضد موسكو، فاختارت روسيا تسليمهما إلي مصر.. وكان ينقصهما التسلح بالطائرات المروحية المقاتلة، وهو ما تم الاتفاق عليه بين القاهرة وموسكو، لتمثل هذه الخطوة إضافة نوعية بالغة الأهمية للسلاح البحرى المصري.

كما تم الاتفاق علي تنفيذ صفقة من نظم الدفاع الجوي من صواريخ «أنتى ـ 2500» وأسلحة ومعدات أخرى متقدمة، لم تتطرق وسائل الإعلام إلي تفاصيلها، لكن حديث بوتين الحار عن إصرار موسكو علي دعم القوات المسلحة المصرية بكل ما يلزمها يشير إلي تصاعد مستمر في نوعيات وكميات الإمدادات العسكرية.

ومن الأمور بالغة الأهمية التي كانت قد تمت الإشارة إليها أثناء زيارة وزير الدفاع الروسي الأخيرة إلى مصر،الاتفاق على «الاستخدام المتبادل» للمطارات العسكرية المصرية والروسية في إطار مكافحة الإرهاب، وهو ما يشير إلى تقديم تسهيلات مصرية لمشاركة السلاح الجوى الروسي مع نظيره المصرى في ضرب التجمعات والقواعد والتحركات الإرهابية في ليبيا وغيرها من البلدان المجاورة «وربما علي الحدود الغربية لمصر» وهو ما يمثل إضافة نوعية بالغة الأهمية للقدرات العسكرية المصرية في مواجهة الإرهاب في هذه المنطقة مترامية الأطراف من ليبيا إلي تشاد والنيجر ومالي وصولا إلي نيجيريا، حيث يوجد فرع «داعش» الكبير.. علما بأن مساحة ليبيا وحدها تزيد علي مليون ونصف المليون كيلو مترمربع.. ومعروف أن أمريكا وتركيا وقطر تعمل بنشاط كبير في قتل عشرات الآلاف من فلول «داعش» فى سوريا والعراق إلى ليبيا، بعد الهزائم القاسية التي تلقاها التنظيم الإرهابي في البلدين الشقيقين.. وبإضافة هؤلاء إلى الإرهابيين الموجودين فعلا في ليبيا منذ عام 2014 وإلى تشكيلات داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، فإن الوجود الإرهابي علي الحدود الغربية لمصر وفي عمق الصحراء الافريقية يمثل جيشا إرهابيا يحتاج إلي إمكانات عسكرية وتسليحية ضخمة، لا تتوافر إلا للدول الكبرى، أو لتحالفات واسعة ومتينة من الدول الأصغر.. وهنا تبدو أهمية اتفاق «الاستخدام المتبادل للمطارات» الذى يفتح الباب واسعا لمشاركة روسيا في المعركة ضد الإرهاب الذى يتخذ من ضرب مصر هدفا أساسيا له، بالإضافة إلي الدول المجاورة طبعًا.

وقد كان وزير الدفاع سيرجى شويجو ضمن أعضاء الوفد المرافق لبوتين، ما يشير إلي أن المحادثات تضمنت تنفيذ الاتفاقات التي تم عقدها أثناء زيارة شويجو الأخيرة المشار إليها.

ويعزّز ذلك كله ما أعلنه بوتين من تقييم رفيع من جانب روسيا للدور المصرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحرصها علي دعم هذا الدور لما فيه مصلحة الأمن والسلام ومكافحة الإرهاب في المنطقة، ودعم وتعزيز التعاون بين البلدين من أجل تحقيق هذه الأهداف.

المقال القادم حول توقيع اتفاق المحطة النووية في الضبعة..

مصر للطيران
الدولار الجنيه السوق السوداء

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE