الأموال
الأربعاء، 24 أبريل 2024 10:32 صـ
  • hdb
15 شوال 1445
24 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: إدانة ولى عهد بريطانيا لوعد بلفور!

الأموال

 

 

 

من المفارقات أنه في الوقت الذى أصرت فيه الحكومة البريطانية علي الاحتفال والاحتفاء بمرور مائة عام على وعد بلفور المشئوم الذى أصدره وزير الخارجية البريطانى في مثل هذا الشهر من عام 1917 لإقامة وطن قومى لليهود في أرض فلسطين.. من المفارقات أن يتم اكتشاف أن للأمير تشارلز ولى العهد البريطانى «أقدم ولي عهد في العالم» رأىا شجاعا يُذاع لأول مرة يعترف فيه بأن اليهود هم سبب المشاكل في الشرق الأوسط.

المثير أن هذا الرأى وما تضمنه من اعتراف مُنصف لم يصدر عنه في ذكرى ذلك الوعد المشئوم وإن تمت إذاعته في ذلك التوقيت، لكنه صدر عنه منذ أكثر من ثلاثين سنة وتحديدا في شهر نوفمبر أيضا من عام 1986، وظل طى الكتمان.

وفي نفس الوقت فإنه لم يعلن عن هذا الرأى رغم شجاعته، إذ إنه وبالضرورة بحكم موقعه كولى عهد بريطانيا لم يكن يمتلك قدرًا أكبر من الشجاعة يُتيح له الإفصاح عنه بشكل علنى.

لكن صحيفة «ديلى ميل» البريطانية فاجأت الرأى العام البريطانى والعالم انفردت بنشر هذا الاعتراف القديم لولي العهد بعد أن كشفت عن رسالة بعث بها إلي صديقه المقرب الباحث السياسى «لورنس فان ديربوست» في أعقاب زيارة قام بها مع زوجته الراحلة الأميرة ديانا لدول الخليج العربية في ذلك الوقت.. أكد له فيها أنه اتضح له «الآن» أن اليهود هم سبب المشاكل في الشرق الأوسط، ولذا فإنه تفهّم بقدر أكبر أسباب العداء العربي تجاه إسرائيل.

< < <

في هذه الرسالة والتى كتبها بعد أن اطّلع عن قرب علي أوضاع المنطقة وإقراره بأن العرب واليهود شعبان ساميان في الأساس.. أكد ولى العهد البريطانى أن تدفق اليهود «الأجانب» خاصة من أوروبا وتحديدا من بولندا تسبب في أكبر المشاكل في المنطقة، ولم يفت الأمير تشارلز أن تتضمن رسالته إلي صديقه الباحث السياسي التأكيد علي ضرورة حث الولايات المتحدة علي التصدى للوبى اليهودى لديها.

< < <

رغم أن الصحيفة البريطانية التى نشرت رسالة الأمير تشارلز القديمة في الذكرى المائة لوعد بلفور اعتبرت أنها «الرسالة» تكشف بشكل غير مسبوق عن رأى ولي العهد البريطانى في أحد أكبر وأكثر النزاعات الدموية فى العالم، وفي نفس الوقت فقد وضعت تقييمه للنزاع العربي الإسرائيلى بأنه مُذهل.

.. رغم تلك الإشادة من جانب «ديلى ميل» برأى الأمير تشارلز ووصفها لتقييمه للنزاع العربى الإسرائيلى بالمذهل، إلا أن ولي العهد تعرّض من جهة أخرى وفى نفس الوقت لحملات انتقادات واسعة في الأوساط السياسية البريطانية واليهودية أيضاً بعد الضجة الكبرى التي أثارها رأيه الذى تضمنته رسالته القديمة بعد نشرها..

< < <

ومع كل التقدير بأثر رجعى للأمير تشارلز لرأيه الشجاع والموضوعى وأيضًا لتقييمه للصراع العربي ــ الإسرائيلى الذى اعترفت «ديلى ميل» بأنه مذهل، إلا أن تأثير هذا الرأى الشجاع والذى تأخر إعلانه لأكثر من ثلاثين سنة ودون قصد منه.. يبقى تأثيرًا معنويًا فقط وإن بقي شهادة من بريطانيا ذاتها علي لسان ولي العهد.. حيث شهد شاهد من أهلها بما يوثّق الجريمة النكراء التي ارتكبتها هذه الدولة الاستعمارية قبل أن ترحل عن مستعمراتها في المنطقة في حق الشعب الفلسطينى والشعوب العربية.

< < <

ثم إن ثمة ملاحظة مهمة ودقيقة بشأن رأى الأمير تشارلز حسبما جاء في مضمون رسالته وهى أنه حين اتهم اليهود بأنهم سبب مشاكل الشرق الأوسط.. كان محددا ودقيقا، إذ لم يتعرّض لليهود الذين كانوا مقيمين في فلسطين أو فى بقية الأقطار العربية قبل النكبة عام 1948، وإنما حدّد سبب المشكلة في تدفق من وصفهم باليهود «الأجانب» خاصة من أوروبا وتحديدًا من بولندا، ثم إنه كان منصفًا حين وصف العرب واليهود بأنهما شعبان ساميان خلافا لما يروّج له اليهود بأنهم وحدهم الساميون.

< < <

هذا التقييم الذى توصّل إليه ولي العهد البريطانى في رسالته لصديقه المقرب قبل أكثر من ثلاثين سنة يتفق تماما مع موقف العرب والفلسطينيين الذين لا يعادون اليهود بوصفهم يهودًا وهم الذين ظلوا يعيشون بين العرب كمواطنين لهم كل حقوق المواطنة، ولكن العداء كان للصهيونية وللمشروع الصهيونى ولليهود الذين تم جلبهم من أوروبا وغيرها ليستوطنوا في فلسطين ويقيموا دولتهم بالقوة برعاية استعمارية بريطانية ثم أمريكية وعلى حساب الشعب الفلسطينى صاحب الأرض تاريخيا وواقعيا.

< < <

يبقى أن رأى ولى العهد البريطانى قبل ثلاثين سنة.. يتأكد علي أرض الواقع سواء من خلال ما شهدته المنطقة العربية من حروب مع إسرائيل قبل سنوات، أو ما تشهده حاليا من حروب واحتراب أهلى وعمليات إرهابية بعد ظهور جماعات وتنظيمات أدخلت المنطقة العربية في نفق مظلم ليس فى آخره ضوء حتى الآن،

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE