الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 05:10 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : الاقتصاد المصرى.. يواجه تحديات الإرهاب

الأموال

تكرار محاولات التسلل عبر حدود مصر الغربية، والعمليات الإرهابية الإجرامية فى منطقة الصحراء الغربية ـ وآخرها عملية الكيلو 135 بطريق الواحات ــ يرتبط إلى حد كبير بالتطورات العسكرية المتوالية الجارية في سوريا والعراق، والهزائم القاسية التي تتعرض لها «داعش» في سوريا والعراق.. حيث تجرى عملية ضخمة لتهريب الإرهابيين من هذين البلدين الشقيقين إلي الأراضي الليبية بالدرجة الأولى..

ومعروف أن قطر وتركيا تقومان منذ فترة بحشد الإرهابيين في ليبيا منذ عدة سنوات وتمويلهم بسخاء، وإمدادهم بأكثر الأسلحة ومركبات النقل تقدمًا، علاوة علي ما تم نهبه من مخازن الجيش الليبى، لتوجيههم ضد مصر بالدرجة الأولي ـ فضلا عن بقية ساحات الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا، ومنطقة الصحراء الكبري وقد ازدادت التحركات كثافة فى هذا الاتجاه بعد انتصار ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم الإخوان.

لكن هذا التوجه اكتسب دفعة كبيرة خلال الشهور الأخيرة التى شهدت هزائم متتالية لـ«داعش» وغيره من الفصائل الإرهابية في سوريا والعراق كما ذكرنا.. فقد أشارت التقارير الإعلامية المتواترة إلى عمليات هبوط متكررة لطائرات الهيلكوبتر الأمريكية لإجلاء عناصر المنظمات الإرهابية إلي جهات غير معلومة في البداية.. لكنها تنتهى إلى ليبيا بصفة أساسية.. كما يتسلل آخرون عبر تركيا ودول مجاورة أخرى، ومنها إلى ليبيا أو السودان وتشاد.. أما الهدف الأخير فهو مصر، التى يحلمون بأن يجعلوا من ليبيا قاعدة للتآمر عليها بهدف إضعاف أو تدمير الدولة الوطنية، وبديهى أنه حلم عصى على التحقيق.. لكن المؤكد أنهم تمكنوا ـ إلى حين فقط ـ من جعل ليبيا عمقاً للإرهاب ضد مصر، وقاعدة لتسلل الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمخدرات والسلع، بما يستدعى تكريس جهد عسكرى وأمنى واقتصادى كبير لمواجهته، وبالتالي يؤثر على جهود التنمية.

وإذا كان الدم هو أغلى ما يهدره الإرهاب، فإن عدوانه على أرزاق الناس، وحقهم في بناء الرفاهية والحياة الكريمة يمثل بدوره خسارة كبيرة للبلاد، ويعطل مسيرتها نحو المستقبل.

وإذا كانت مصر قد نجحت في تفادى أوضاع مدمرة شديدة القسوة تعرضت لها بلدان شقيقة مجاورة (في مقدمتها سوريا والعراق وليبيا واليمن) فقد تم هذا بفضل وحدة وتلاحم شعبها ووطنية قواتها المسلحة واحترافيتها وصلابتها، التي حافظت علي كيان الدولة المصرية في مواجهة أكثر التحديات شراسة وأحلك الظروف.. كما حافظت على مؤسساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

إلاّ أن الإرهاب تسبب ــ ولايزال ــ في خسائر كبيرة للاقتصاد المصرى، سواء كانت هذه الخسائر مباشرة أو غير مباشرة.

وكان للإرهاب بالطبع أثره السلبى الكبير علي استقرار الأوضاع الأمنية في السنوات التالية مباشرة لثورتى 25 يناير ثم 30 يونيو، ومن ثم علي عمليات الإنتاج والنقل والتوزيع، حتى تم تنفيذ خارطة الطريق، وبدأت جهود القوات المسلحة والشرطة التى أعيد بناؤها في توجيه ضربات قاصمة للإرهاب. وخلق مناخ مستقر في المدن الكبرى والدلتا والوادى بصفة أساسية ليبدأ الاقتصاد في النمو من جديد، وبصورة تدريجية ليصل إلى 4.2٪ عام 2015/2016.

وأدت حالة عدم الاستقرار إلى تراجع لتدفق الاستثمارات الأجنبية فاقمتها المواقف السلبية لعدد من الدول الغربية الكبري في الفترة التالية مباشرة لثورة يونيو 2013.

فالحقيقة التي يعرفها الجميع أن «رأس المال جبان» ولذلك فإن الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة لا تجعله يحجم عن التدفق إلى هذا البلد أو ذاك فحسب، بل وتجعله يهرب من الأسواق التى يعمل فيها، بل إن رءوس الأموال المحلية نفسها يمكن أن تهرب إلى الخارج.

وبالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر فقد تناقص تدفقه إلى البلاد في السنوات التالية لثورة يناير، وخاصة 2012 ــ 2014 ثم أدت الضربات القاصمة التى وجهتها القوات المسلحة والشرطة إلى انتعاش تدفقه من جديد، وتراجع عملية هروبه.

وللتوضيح نذكر أن حجم الاستثمارات الأجنبية الداخلة إلي مصر بلغ 11 مليار دولار عام 2009/2010، بينما بلغ حجم الأموال الخارجة 4.2 مليار دولار، بصافي استثمار أجنبى مباشر قدره 6 مليارات و680 مليون دولار، بينما هبط صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بصورة حادة إلى 2.2 مليار دولار عام 2010/2011 ليرتفع إلى 3.75 مليار دولار عام 2012/2013 و4.2 مليار دولار عام 2013/2014.. لكن هذان العامان الماليان شهدا خروجا واسعا للاستثمار الأجنبي بلغ 7.8 مليار دولار.. وهى فترة حكم الإخوان ثم انفجار موجة الإرهاب بعد الإطاحة بهم.

ثم بدأت موجة هروب الاستثمارات تنحسر، مع تصاعد الضربات القوية للإرهاب، بدءا من 2014/2015.. وحتى الآن.. فحقق صافي الاستثمار الأجنبى المباشر قفزة إلى 6.38 مليار دولار عام 2014/2015 وزاد إلى 6.84 مليار دولار عام 2015/2016، ليرتفع إلى 7.9 مليار دولار عام 2016/2017 بزيادة قدرها 14.5٪ (رويترز: 12/9/2017ـ نقلا عن البنك المركزى).

أما السياحة.. فهي المجال الاقتصادى الذى تأثر بالإرهاب أكثر من أى مجال آخر، فقد حققت دخلا قدره 12.5 مليار دولار عام 2010.. انخفضت إلى 8.8 مليار دولار عام 2011، ثم إلى 5.9 مليار دولار عام 2013 الذى شهد الاندلاع الواسع لتحركات جماعة الإخوان الإرهابية ليرتفع إلى 7.5 مليار دولار مع تحسن المناخ السياسى والأمنى عام 2014.. ثم عادت للانخفاض مع حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء لتبلغ 6.1 مليار دولار عام 2016.. حيث قضى إسقاط الطائرة المذكورة فى 31 أكتوبر 2015 علي الموسم السياحى الشتوى وأضرّ بالسياحة كثيرا خلال العام التالى.. إلاّ أن استمرار  إلحاق الضربات بالإرهاب وتحسن المناخ الأمنى جعل السياحة تقفز في الشهور الأولى من عام 2017 بنسبة 170٪ قياساً بالفترة المناظرة من عام 2016.. ولتحقق عائدا قدره 3.5 مليار دولار خلال هذه الشهور السبعة.

وإذا كان الإرهاب قد ألحق الضرر بالسياحة فى كل البلدان السياحية الرئيسية في الشرق الأوسط، وفى مقدمتها تركيا ولبنان وإسرائيل وتونس، فإن النتيجة التى حققتها السياحة المصرية هذا العام تمثل إنجازًا لافتاً للنظر.

والأمر المؤكد أن مستوى نمو الاقتصاد المصرى ودرجة تقدمه، كان من شأنهما أن يكونا أفضل بكثير جدا مما هما عليه الآن لو لم يكن الإرهاب الأجنبى قد ألحق باقتصادنا كل الخسائر التي أشرنا إليها.

< < <

وعلاوة على ذلك كله فهناك الأعباء الاقتصادية الباهظة المترتبة على إعادة تسليح الجيش بصورة تجعله قادرا على المواجهة الكفؤة للإرهاب في الداخل، وعلى الحدود مع ليبيا التى تجذَّرَ فيها الإرهاب وأصبح يمثل عمقاً استراتيجياً لنظيره المصرى، والحدود مع السودان المنخرط فى مغامرات خطرة مع قطر و«الإخوان» والذى يتسلل الإرهابيون ويتم تهريب السلاح عبر حدوده أيضاً.. وكذلك التحديات التى يفرضها الإرهاب في الإقليم. وهناك التكلفة الكبيرة التي تفرضها إعادة تسليح وتجهيز قوات الأمن بأكفأ صورة لمواجهة الإرهاب بصورة فعالة.. وهناك تكلفة إبقاء أعداد كبيرة من القوات فى حالة استعداد قتالى طوال الوقت.. وتعويض الجرحى وأسر الشهداء.. وغير ذلك من الجهود الضرورية والتى تستنفد موارد طائلة في سياق مكافحة الإرهاب.. وهى موارد لو تم توجيهها للاستثمار لأعطت دفعة قوية للاقتصاد المصرى، ولرفعت مستوى الخدمات العامة في البلاد بصورة ملموسة.

ويؤدى بنا هذا كله إلي القول بأن الإرهاب يمثل عنصر استنزاف شديد الوطأة على الاقتصاد المصرى، لابد من القضاء عليه ليستطيع هذا الاقتصاد توجيه كل قواه نحو التنمية ورفاهية المواطن، ومواجهة التحديات الكبري التى تواجهه ليصبح اقتصادا قويا متقدما.

مصر للطيران
الدولار الجنيه السوق السوداء

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE